بادرة أمل جديدة تلوح في الأفق بالنسبة لمرضي الإيدز الذين يتجاوز عددهم 35 مليون فرد في العالم, حيث استطاع علماء في جامعة ##نورث كارولينا## الأمريكية فك الشفرة الجينية لفيروس الإيدز## HIV ## بالكامل لأول مرة.
ورغم خلو ##الخريطة الكبري## – الجينوم – التي رسمها العلماء للتركيب الجيني الكامل لفيروس الإيدز من التفاصيل الدقيقة لتلك الجينات, إلا أن الإنجاز العلمي الجديد يفتح المجال لمعرفة الطريقة التي يتصرف بها فيروس الإيدز داخل الجسم البشري, والتي مكنته حتي الآن من خداع الأدوية التي صنعت للقضاء عليه, وينطبق الأمر ذاته علي الفيروسات الوبائية التي تسبب شلل الأطفال وأمراض الكبد – خاصة الالتهاب الكبدي الوبائي ##c ## – والإنفلونزا, حيث تتشارك هذه الأنواع من الفيروسات الوبائية بأن تركيبها الوراثي يرتكز علي الحمض النووي الريبوزي المسمي ## R.N.A##.
ومن وجهة نظر د. هاشم هاشمي, خبير الفيروسات في جامعة ميتشيجان أن الخريطة التي رسمت لجينوم فيروس الإيدز تشبه صورة أخذت من الجو لمنطقة ما, ثم كبرت, فظهرت الحدود والمحتويات العامة, لكن التفاصيل الدقيقة لا تزال غائبة.
ويقول البروفيسور كيفن ويكس, الذي قاد فريق ##نورث كارولينا## البحثي, أنه يوجد الكثير من التراكيب في الخريطة الجينية للحامض النووي RNA الخاصة بفيروس الإيدز بما يجعلها تلعب بصورة شبه مؤكدة دورا لم يكن موضع تقدير في السابق في رسم الشفرة الوراثية, مشيرا إلي أنهم استخدموا أسلوبا جديدا في التعرف علي الشفرة الجينية للفيروس , حمل اسم ##شيب##, مما مكنهم من رسم الإطار العام لذلك التركيب أيضا.
والمعروف أن فيروس الإيدز ينتمي لفيروسات الحامض النووي الريبوكسي RNA وكما هو الحال بالنسبة لفيروسات الانفلونزا وشلل الأطفال وكثير من الفيروسات التي تسبب نزلات البرد فإنه يستخدم الحامض النووي الريبوكسي بدلا من الحامض النووي الديوكسي DNA كخريطة له لتحليل أداء وظائفه. ويعتمد الـ DNA علي لبنات بناء تسمي نوكليوتيدات لنقل المعلومات علي شريطين لبناء الشفرة الجينية. أما الـ RNA فله شريط واحد ويعتمد علي أنماط التواء معقدة لنقل المعلومات وأيضا علي النوكليوتيدات.
وطريقة ##شيب## التي ابتكرها علماء ##نورث كارلوينا## مكنتهم من رسم صورة نوكليوتيدات حامض الـ RNA وأيضا أشكال وطيات شرائط RNA .
وربما يفتح الإنجاز العلمي الأمريكي طرقا جديدة لفهم وباء فيروس H1N1 – المعروف إعلاميا بإنفلونزا الخنازير – الذي يتوقع أن يصيب مئات الملايين خلال الشهور المقبلة. ويعطي الإنجاز نفسه دفعة قوية لجهود مقاومة التهاب الكبد الوبائي, خصوصا فيروس c , الذي يسببه فيروس من نوع RNA
وفي النهاية يمكن اعتبار فك الشفرة الجينية للإيدز خطوة في طريق طويل أمام العلماء للتوصل إلي معرفة تكفي لصنع أدوية للقضاء علي الإيدز أو إيجاد لقاحات لمكافحة انتشاره. ووصف البروفسور رون ساونستورم, من ##المركز الشامل للسرطان## في جامعة ##نورث كارولينا## الأمر قائلا: ##الاكتشاف الجديد فتح الباب لمعرفة الطريقة التي يغير فيها الفيروس تركيبته, لأن خريطة جيناته مليئة بالمعلومات, حتي أنه يمكن التلاعب بتركيب هذا الفيروس, ثم مراقبة ردود أفعاله وتحليلها… إنها طريقة لفهم الطفرات التي تحدث في التركيب الوراثي للفيروس, والتي تعطيه قوة الانتشار, وكذلك تجعله مقاوما لنحو 20 دواء تستعمل في علاجه راهنا##.
الجدير بالذكر أن أدوية الإيدز تتشارك مع العقاقير المستخدمة في علاج الإنفلونزا الطيور والخنازير, مثل ##تاميفلو##, في أنها تعمل علي ضرب دورة حياة الفيروس وتكاثره. ولذا, قد تساهم بحوث الإيدز في صنع أدوية أكثر فاعلية في مكافحة وباء إنفلونزا الخنازير أيضا.
جورج رياض