كثرت الأحداث الطائفية أو التي تلبس الأردية الطائفية خلال الشهرين الماضيين, ولا تزال استجابة المجتمع لها محدودة, والأدهي أن تصدر تصريحات عن شخصيات مسئولة تنفي وجود المشكلات والاحتقانات الطائفية من الأساس. هل إنكار المشكلة سيؤدي إلي حلها أم سيقود إلي تفاقمها؟.
الظاهر أن هناك حالة من تفشي التعصب في الأوساط الشعبية بفعل الخطابات الدينية والإعلامية المؤججة لمشاعر العوام تجاه المختلفين في الدين, وأحيانا المذهب. يضاف إلي ذلك إستمرار وجود مشكلات طائفية, وغياب الحسم السياسي لها, أبرزها القانون الموحد لبناء دور العبادة الذي أعده المجلس القومي لحقوق الإنسان. وفي ظل أزمة اقتصادية قاسية, تشيع أنماطا من المساجلات الدينية, غير المتعارف عليها في الخبرة التاريخية المصرية, بين المختلفين في الدين, تنطوي علي أحاديث المفاضلة والتفاخر والإستعلاء في مواجهة المختلفين في الدين, ساعد علي ذلك القنوات الفضائية, وفضائيات الإنترنت.
كل ذلك ولا تزال هناك حالة من الفقر الفكري في التعامل مع ##الشأن الطائفي## الذي يتمثل في تكرار الخطابات ذاتها, وعدم القدرة علي ابتكار هندسات سياسية واجتماعية للحفاظ علي الاندماج الوطني.
هذه بعض سمات الشأن الطائفي في السنوات الأخيرة, فقد تحولت الطائفية إلي قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أية لحظة نتيجة خلاف أو عراك بين مختلفين في الدين لأسباب لا علاقة لها بالدين لا من بعيد أو قريب. هناك من يقول إن الوحدة الوطنية بخير. قد تكون بخير لأن الناس في مجموعهم لا يزالون عقلاء, ولم يستجيبوا بالقدر الكافي إلي أعواد الثقاب التي تنهمر عليهم كل لحظة من وسائل الإعلام, وخطباء التعصب, ووكلاء الكراهية. ولكن لا يعني ذلك أن نظل نراهن علي ##طيبة## و##سماحة## الجمهور, لأنهم في النهاية يتأثرون بنداء من ميكروفون, أو حديث لموتور, أو بيان تحريضي, أو برنامج فضائي لا يهمه سوي الشحن والصوت العالي.
المطلوب دراسة عميقة لمسببات الطائفية بحثا عن حل لأزمة تنمو وتتكاثر وتكاد تلتهم المتبقي من مشاعر التسامح بين أبناء مصر المختلفين في الدين.