تبدأ رحلة البحث عن اسم للمولود بمجرد أن يعلم الزوجان بنبأ قدومه, ويختار البعض اسما مشتركا بين الجنسين مثل رضا وعصمت وعفت وغيرها. غير مبالين بمدلول ذلك الاسم وتأثيره علي شخصية وحياة الابن, معرضينه لمشاكل وضغوط هو في غني عنها, إذا ما توخي الزوجان الدقة في الاختيار. ولا نعلم هل هذا نتاج جهل أم أسباب أخري. الآن سنتعرف سويا علي هذه الأسباب والدوافع.
هناك صفات يعتمدها العرب لإضفاء سمات تميز أبناءهم عن غيرهم, وذلك التقليد العربي ركيزته الصفات والسير الحميدة. وبالطبع تنفرد لغتنا العربية بهذه الميزة التي تسمح باستخدام صفات مشتركة بين الجنسين وهي غير قابلة للتأنيث مثل جهاد, بشري, إحسان,….
الدكتور غريب عبدالسميع أستاذ علم الاجتماع بجامعة حلوان أشار إلي أن ثقافة العائلة تلعب دورا مهما في اختيار الأسماء إذ تبتعد العائلة المثقفة عن الأسماء القديمة أو الكلاسيكية الخالية من أي معني أو الدينية التي تعكس مباشرة هوية الشخص وانتماءه الطائفي, لذا تكثر في هذه الأوساط الأسماء المشتركة بين الذكور والإناث التي تحمل في معظمها معاني وصفات حميدة. إضافة إلي ذلك هناك تقليد تلجأ إليه بعض العائلات التي تطلق أسماء مشتركة علي أطفالها, وهي أن يرزقوا بطفل أو بطفلة كي تكتمل صورة العائلة المثالية التي تشمل بين ثناياها الجنسين, فإذا لم يكن الواقع علي قدر الأماني ورزقوا عكس ما تمنوا لجأوا إلي هذه الحيلة واختاروا أسماء مشتركة بين الذكور والإناث علها تروي غليلهم. أيضا الخوف من الحسد وربط موت الأطفال بنوع الجنين, ويظهر ذلك حينما ترزق أسرة بولد فيعملون علي تسميته باسم مشترك مع الإناث من باب خزي العين – من وجهة نظرهم – وهكذا, إلي جانب جهل الأهل بالأسماء والخلط بينهم دون وعي فيلجأون لتسمية الولد باسم صفاء والبنت ضياء والمفروض العكس وغيرها وغيرها من الأسباب والدوافع التي تسفر عن هذه النتيجة, والتي بموجبها تختلط الأسماء بين مسميها إلي أن يبقي الاسم خالدا مع صاحبه حتي موته. ومع أن الاسم لا يختاره صاحبه إلا أنه يبقي علي الأقل يتذوق أسماء الآخرين ويتمني لو كان اسمه مثل اسم صاحبه, وهذا ما يجعلني أتساءل كيف يمكن أن يتقبل هؤلاء أسماءهم في المستقبل؟! وهل يتقبل الجميع هذه الأسماء؟! وما مدي إمكانية التعامل معها في الكبر؟!.
يجيب علي ذلك التساؤل الدكتور سمير عبدالفتاح أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس: يتباهي البعض باسمه ويشكل عامل فخر لما يحمله من معني راق, وقد يتحول البعض الآخر إلي عبء يلازمه ويتذكره في كل مرة يناديه أحد خاصة إن كانت هذه المناداة تترافق مع تساؤلات متعلقة بسبب الخلط الحاصل بين جنس المسمي وسبب التسمية.
ولاشك أن هذه الأسماء تترك حالة نفسية صعبة يصاب بها الشخص الذي يشترك فيها مع الجنس الآخر في ظل وجود مجتمع لا يرحم ولا يساعد هؤلاء علي التكييف مع الواقع بل يضايقهم بمفاهيمه العقيمة. فما أكثر المواقف الحرجة التي يقع فيها الأبناء نتيجة خلط الأسماء وعدم التفرقة بين الجنسين, أو تحديد نوع الجنس فمثلا قد تفقد المرأة أنوثتها وتجعلها أكثر حياء حين ينادي عليها بأسماء قد تتمثل بالرجال والعكس أيضا, وهذا ما يدفع بعض الأبناء إلي تغيير أسمائهم بعد بلوغ سن الرشد وتغيير أوراقهم الرسمية.
ويلقي الدكتور عبدالفتاح الضوء علي نقطة في غاية الأهمية وهي أن الخلط ليس له أي مدلول عند الأطفال الصغار وإنما يتغير الوضع في سن المراهقة, فالشباب يبدأون في التأثر بالميلاد النفسي والبيولوجي الجنسي في مرحلة البلوغ, حيث عادة ما يميل الشاب إلي الأنثي والفتاة إلي الشاب, وهذا الأمر يعرضهم لمشاكل وعوامل نفسية شديدة الخطورة كالاكتئاب مما يجعلهم ينسحبون من المجتمع وينعزلون عن الواقع.
لذا ننصح الأهل بضرورة التروي في اختيار الأسماء المناسبة لأبنائهم والملائمة لنوع الجنس لتجنب حدوث مشاكل مستقبلية, أيضا علي كل من يحمل اسما قد يشعره بالخجل داخل المجتمع, علي الأسرة أن تسانده وتتفهم طبيعة بنائه النفسي وأن تعمل علي تغيير اسمه لحماية الابن أو الابنة من حدوث أي مشاكل نفسية.