في حدث تاريخي في أواخر القرن العشرين إلتحم فيه الشعب مع الجيش عام 1973 في حرب أكتوبر.. وعبور الجنود المصريين قناة السويس والذي زلزل جيش إسرائيل.. بعد قرار الزعيم والرئيس أنور السادات الشجاع.
وفي إطار إحتفال الدولة بذكرى إنتصارات أكتوبر 1973، والإهتمام بالإنتماء وعودة الشخصية المصرية هذا يذكرنا بدور الفنان في مجتمعنا المعاصر.. ويعيد لأذهاننا دور الرواد الأوائل.. وقد عبر عن إنتصار أكتوبر العديد من الفنانين المعاصرين للحدث الضخم في تاريخ مصر من أجل السلام والحرية.
سجل الفنانون منحوتات وأعمالاً جدارية.. ولوحات للعبور العظيم.. فنجد بينهم الراحل جمال السجيني ومنحوتاته الرائعة .. فأبدع “تمثال العبور” من خامة الحجر الصناعي يحكي بداية لمصر الحديثة وقد إحتضنت أبناءها الجنود وهي متطلعة نحو المستقبل على هيئة السفينة التي فردت ذراعيها للأمام، وبين طيات ثيابها الجنود البواسل يعبرون الهزيمة إلى النصر. والتمثال تمتزج فيه الواقعية بالرمزية. وقد أقيم هذا التمثال بالحجم الكبير في مدخل محافظة بني سويف عام 1975.
تمثال العبور – السجيني.
كما وضع الفنان أيضا تصميم تمثال “إرادة مصر” كما تتجسد في تمثال النصب التذكاري الذي نحته السجيني لكي يقام على مدخل قناة السويس من ناحية بورسعيد. والتمثال لنصر أكتوبر يمثل مصر رابضة بقوة على الأرض وبجانبها جندي يدافع من أجل السلام. ولم ينفذ، حيث إنطفأت شمعة السجيني الفنية عام 1977 برحيله.
كما عبر الرائد الراحل حسين بيكار عن أكتوبر فرسم بألوانه الزيتية لوحة عن مصر تفتح نافذة الحرية.. بعد سنوات من نكسة 1967 والنظرة لمستقبل أفضل.
حسين بيكار– تمثال مصر تفتح نافذة الحرية
وكذا الرائد محمد صبري ولوحته “ملحمة الجندي المصري” في عبور قناة السويس بحراً وبراً وجواً في تناسق الألوان وتمكن وأستاذية في التكوين، وتلك التحفة موجودة حالياً ضمن لوحات معروضة على جدران مجلس الشعب.
محمد صبري ولوحته “ملحمة الجندي المصري”
كما نجد أعمالا جدارية للنحت البارز والفسيفساء والموجودة في بانوراما حرب أكتوبر بمدينة نصر، فنجد في إحداها قادة الجيش المصري مع الرئيس أنور السادات أثناء متابعة أحداث الحرب على أماكن المعركة الحربية، والتي أبدعها الفنانون ممدوح عمار وأحمد نبيل وزكريا الزيني.
السادات أثناء متابعة أحداث الحرب
والنحت البارز والذي يحكي بسالة الجنود المصريين لعبور قناة السويس للفنانين صبحي جرجس وصبري ناشد، والغول أحمد، وعبد المجيد الفقي وعبد المنعم الحيوان. كما نجد عمل نحتي لقارب العبور وبه الجنود الشجعان .. والذي نفذه الفنانون عادل شعبان وطارق الكومي.. والموجود في الفناء الخارجي المحيط بمبنى بانوراما أكتوبر.
وعبر الفنان الراحل محمود شكري عن نصر أكتوبر بتمثال عن مصر تحمل غصن الزيتون يتقدمها الجندي رمزاً لجيشها العظيم ليحمي هذا الإنتصار لشعبها الكريم.
وعبر الفنان وجدي حبشي عن نصر أكتوبر والعبور العظيم في لوحة بألوان الزيت عن “مصر المبتهجة” رسم فيها مصر تعبر من أحداث النكسة المظلمة إلى نور الإنتصار وهي تحمل وردة المحبة والتفاؤل بالسلام والأمل في المستقبل.
وجدي حبشي-“مصر المبتهجة”
وعن الشهيد في حرب أكتوبر عبر الفنان الراحل صبري ناشد في تمثاله المنفذ بالخشب “الشهيد” وهو يمد يد الإنتصار إلى أعلى محاط بنبت أخضر ينبثق من حوله رمز النماء والخلود.. النماء للأجيال القادمة مع خلود نصر العبور.
كما عبر الفنان سيد سعد الدين في لوحة بألوانه الزيتية رسم فيها خوذة الشهيد رمزا ً له. وضعها على شاهد المقبرة تحتضنه إبنة الشهيد بإبتسامة الفخر والأمل.
ونفس رمز الشهيد نجده في العمل النحتي المجسم للفنان محمد العلاوي .. والذي أبدع فيه “تحية للشهداء” يرفعه زملاؤه إلى أعلى نحو السماء في رمزية تعبر عن قيمة الشهادة عند الله .. وتقديراً لعلو مكانة الشهيد .. وكتابة تاريخ النصر بدمه.
تحية للشهيد – محمد العلاوي
كما نجد الكثير من الأعمال الفنية بالغة الأثر .. نجدها في الفنون التشكيلية أو الشعرية والغنائية .. وكذلك فنون المسرح والسينما .. وبينها كتابات وقصص كلها حول إنتصارات أكتوبر التي غيرت وجه الحياة الإجتماعية في مصر .. فالفن هو بصمات الحضارة يحفظ معالم الحياة .. ويعبر عن روحها منذ بداية الزمان .. فالفن موجود في أعماق وجداننا .. يقدم للإنسانية الجمال والحب .. وكانت حرب من أجل السلام.
واليوم في عام 2015 من بدايات القرن الواحد والعشرين .. تنطلق مصر نحو التنمية الشاملة في ربوع الوطن .. بعد الإنجاز التاريخي لقناة السويس الجديدة .. بالرغم من أنها تواجه حرباً شرسة ضد الإرهاب.
ومازالت قوات الجيش والشرطة تحارب في سيناء مرة أخرى أعداء الوطن من المتطرفين الإرهابيين من أجل الحق والخير والجمال .. ويجعل للحياة معنى يتمثل في ذلك الجمال الذي يغذي العقل الذي يريح النفس .. ويتقبل الآخر.
وبالرغم من سقوط شهداء من الشعب والجيش والشرطة .. فإن مصر تسبق دول أخرى في هزيمة الإرهاب .. والحفاظ على السلام لكي تنطلق نحو مستقبل باهر بإذن الله .. بالبركة والخير والجمال لشعبها العظيم.