بدات اليوم الأحد ، أعمال المؤتمر العربي الأول (الإصلاح الإداري والتنمية) ،وذلك تحت رعاية وبحضور المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء ، وتعقده المنظمة العربية للتنمية الإدارية بالتعاون مع وزارة الاصلاح الإداري والتخطيط والوكالة الالمانية للتعاون الفني خلال الفترة من 22- 23 فبراير الحالي.
بدأ المؤتمر بكلمة الدكتور رفعت الفاعوري قال فيها: إن إصلاح الجهاز الحكومي يكتسب توجهاً استراتيجياً أكبر في ظل التركيز على الأهداف والسياسات التنموية وحينئذ، يؤدي إصلاح الجهاز الحكومي دوراً هاماً في دعم التحول في السياسات الاقتصادية والتنموية، وفي تعزيز قدرة الجهاز الحكومي على إدارة هذه السياسات إدارة فعالة تقود إلى تحقيق غاياتها.
وأضاف الفاعورى:لضمان نجاح خطط الإصلاح الإداري في الدول العربية، فإنه يتعين أن ترتكز تلك الخطط على مجموعة متكاملة من المنطلقات تتركز في الإصلاح التشريعي والإصلاح المؤسسي بما يتضمنه من إصلاح وتطوير للهياكل التنظيمية وهياكل الأجور وتنمية الموارد البشرية ،قائلا:من هذا المنطلق تناقش أعمال المؤتمر منطلقات خطط الإصلاح الإداري في الدول العربية المدلول التنموي للإصلاح الإداري وتهيئة مناخ الأعمال في الدول العربية، وأثر إصلاح الأجهزة الرقابية والهيئات المستقلة في دعم سياسات الإصلاح الإداري (تطوير نظم الرقابة المالية والإدارية ) ودور استراتيجيات مكافحة الفساد في تحقيق الإصلاح الإداري، مع عرض تجارب ناجحة للإصلاح الإداري بالدول العربية والدول المتقدمة لتعميمها والاستفادة منها.
من جانبه قال الدكتور أشرف العربي وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري:
لقد عكفت وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري على وضع الإطار العام لخطة الإصلاح الإداري، وطرحها للحوار المجتمعي للحصول على الملاحظات والمقترحات بشأنها والتي بالفعل قد ساهمت في إثراء مقترح محاور خطة الإصلاح الإداري، كما تم تشكيل اللجنة العليا للإصلاح الإداري برئاستي وبعضوية رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة نائبا لرئيس اللجنة، وممثلين عن الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، ووزارة المالية، وعدد من أساتذة الإدارة بالجامعات المصرية، والمستشارين القانونين، وممثلي المجتمع المدني.
وبدأالمهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء حديثه: بأهمية قضية القضايا الاصلاح الادارى مصر، و الدول العربية، والذي يعد ركناً هاماً ورئيسياً من أركان التنمية الشاملة لأي دولة ،مؤكدا إن كانت التنمية هي رؤية واستراتيجية لا يمكنها أن تتحول إلى حقيقة ملموسة فى واقع ملئ بالتحديات، إلا بإدارة واعية وقادرة وطموحة… إدارة تتبنى مواجهة كل ما يعوقها لتحقيق الهدف.. إدارة تتبنى إصلاحاً حقيقياً وتسابق الزمن لتحقيق أهدافها التنموية … فإنه بدون وجود هذه الإدارة … تتحول الرؤية إلى حلم أو خيال وفى بعض الاحيان الى وهم ،لذا فإننا نؤمن جميعاً بأن الهدف كبير، وليس باليسير،ولا بديل أمامنا سوى الإسراع في اجراء الإصلاحالإداري، وتهذيب البيروقراطية.
وقال:اننا فى مصر أوشكنا على الانتهاء من خارطة الطريق السياسية، لتكتمل مؤسسات الدولة، وإن مؤتمركم هذا يأتي متزامناً مع خارطة طريق أخرى، قد بدأناها في مصر لتحقيق إصلاح إداري حقيقي في الجهاز الإداري للدولة، والقطاع الحكومي ككل… إصلاح كان لابد منه لإحداث التنمية التي نصبو إليها. وقد أكد دستور 2014 على حُسن أداء الوظيفة العامة، والحفاظ على المال العام، وتعزيز قِيَم النزاهة والشفافية، ووضع ومتابعة تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.
وأوضح إن خطة الإصلاح الإداري الشاملة التي بدأناها ترتكز على الاستفادة من الخبرات المُتراكمة، وما تم إعداده من دراسات قيمة، وأفكار وطنية للإصلاح الإدارى، والبناء عليها، بحيث يتم وضع نظام مُحكَم، مُحدَد الأهداف، وقابل للتنفيذ والتقييم، وبأسلوب علمي وعملى، يتبنى التُكنولوجيات الحديثة، وينهض بكل قطاعات الدولة، في إطار زمني محدد.
وأشار الى تبنى خطة عملية وعلمية للارتقاء بالنظم الإدارية، وترسيخ ثقافة مُؤسسية إيجابية … تُعلي قيمتي العمل والإنتاج، وتضمن سيادة القانون، وتحقيق العدل، وتقديم الخدمات لجميع فئات المجتمع دون تحييد أو تهميش ،مؤكدا أنه لا يمكن الحديث عن خطة شاملة للإصلاح الإداري دون أن يدعمها تشريع جديد يتواكب مع المتغيرات الإدارية والاجتماعية الحديثة، أملاً في إحداث نقلة نوعية في أداء الموظف العام، ومن ثم أداء الجهاز الإداري، ومن ثم أداء الدولة ككل.
وقال:إننا على وشك إصدار قانون الخدمة المدنية الجديد، الذى طالما انتظرته مصر لتوحيد التشريعات التي تحكم العاملين المدنيين بالدولة، وترسيخ مبدأ الرقابة الذاتية بالمؤسسات الحكومية، واختيار الكوادر، بِناء على معيار الكفاءة، والقضاء على الواسطة والمحسوبية، وإثابة المجتهد، ومُعاقبة المُخطئ بعدالة وموضوعية .. وطبقاً لمعايير واضحة تعتمد على الأداء وتبتعد عن المحاباة.
وأوضح إن الإصلاح الإداري هو قاطرة التنمية ووقودها، وإن كانت التنمية هي جهد جماعى … فإن ذلك يتطلب بالضرورة قيادة جماعية…. وإذا أحسنَت الإدارة اختيار القيادات، ستسير قاطرة التنمية فى الطريق الصحيح وتصل إلى اهدافها، وبالتالى فإن اختيار القيادات بناء على معايير واضحة، والتقييم المستمر لأدائهم هو حجر الزاوية في التنمية.
وأضاف:إن الإصلاح الإداري الحقيقى … يضع على كتف كل مسئول عبء رفع كفاءة العنصر البشرى الذي يتبعه، وقد أصبح هذا أحد مؤشرات نجاح أو فشل المسئولين … فإن تعلل أحدهم في بعض الأحيان بعدم وجود العنصر الكفء لتحمل المسئولية … فإنما يجب هنا أن نضع اللوم على الرئيس وليس المرؤوس، ولا تلومن الا انفسكم … هذه هي الثقافة الجديدة التي نتبناها، ونعمل بها ،ليس ذلك فحسب، وإنما على كل مسئول أن يعد صفاً ثانياً من أفضل الكوادر الموجودة بالمؤسسة او القطاع او الإدارة التي يديرها حتى لا يحدث ما نراه اليوم من خلخلة في المستويات والقيادات الإدارية، فإن وجود قاعدة بيانات لأفضل الكوادر الإدارية بجميع أجهزة الدولة يعد أحد أهم أهداف الإصلاح الإداري الذي ننشده، كما يؤسس لمنظومة فعالة لاختيار القيادات بناء على عنصري الكفاءة والإنجاز.
وأشار الى قرار الحكومة ولأول مرة بقيام كل رئيس جهة في مكانه، سواء كان وزيراً أو محافظاً أو رئيس هيئة أو مصلحة باختيار أربعة من شباب الموظفين ليكونوا معاونين له، وليتم تأهليهم بشكل عملي ليكونوا من الكوادر الشابة والقيادات المستقبلية بالجهة، وجدير بالذكر أنني كرئيس للوزراء اتخذت لنفسي عددا من المعاونين الشباب الأكفاء ،مشيرا الى إن إيقاع التطور والإصلاح الإداري يجب أن يتناغم مع معدلات التنمية … بل عليه أن يسبقها لضمان تطورها واستدامتها .. مما يتطلب تبنى سياسات للتدريب والتعليم المستمر بناءً على احتياجات حقيقية، وقياس أثر التدريب على أداء الموظف والمؤسسة لضمان فعاليته. وأوضح إن الإصلاح الإداري يجب أن يشمل جميع المفاهيم الإدارية التي تعمل على تحسين مستوى الأداء الإداري ورفع الإنتاجية، منها: أولا- ترشيد الإنفاق العام، وإعلاء روح الحفاظ على المال العام. ثانيا- تبني معايير ومؤشرات واضحة لاقتصاديات التشغيل، وربط الاجر بالانتاج.
ثالثا-التوجه للامركزية وسرعة اتخاذ القرار، فسرعة اتخاذ القرار هي الطريق للنجاح … والتلكؤ والتباطؤ وكثرة اللجان هو الفشل بعينه.
رابعا-التواصل مع المجتمع ومشاركته في صنع القرار وتبنى تنفيذه.
خامسا- تهذيب البيروقراطية، وتحجيم الروتين.
سادسا- ترسيخ مفهوم الخدمة العامة، فالموظف العام هو من يقدم الخدمة للمواطن – دافع الضريبة – الذي جاء للحصول على مطالبه المشروعة وللمحافظة على حقوقه – وإن تقديم الخدمة العامة للمواطن هو مبرر وجود الأجهزة الإدارية.
قائلا:لا يسعنا الحديث عن السعي نحو الإصلاح الإداري، دون التأكيد على الالتزام بالمبادئ الأساسية للحوكمة، والتي تستوجب ضرورة عمل المؤسسات بكفاءة، وفعالية، لتحقيق احتياجات المجتمع، من خلال الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة، وإرساء مبدأي المساءلة والمحاسبة، اللذين طالما افتقدهما بشدة الجهاز الإدارى للدولة، وكذلك مبدأ الشفافية، من حيث التزام جميع مؤسسات الدولة بالإفصاح عن قراراتها وسياساتها، وتشجيع المواطنين على المشاركة الفعالة في اتخاذ القرار،موضحا أن إن الإدارة الواعية حقاً هى التى يمكنها أن تتأقلم وسريعاً مع المتغيرات المتلاحقة التى قد لا تصب في مصلحة المؤسسة، بل وتضع السياسات والخطط والإجراءات اللازمة لمواجهتها، وتتبنى حلولاً مختلفة منخفضة التكلفة، وتُحفز المرءوسين وخاصةً الشباب على التفكير والابداع واقتراح حلول خلاقة وإبداعية لمواجهة الظروف المحيطة أو للارتقاء بالأداء، ومن ثم فإن الترسيخ لثقافة الإبداع والإيمان بالأفكار الجديدة هو أحد مرتكزات خطتنا الشاملة للإصلاح الإداري.
ودلل على ذلك من منظومة اختيار وتعيين 30 ألف معلم، والتي تم الاعتماد فيها كليةً على تطبيقات إلكترونية، فقد قام الراغبون في الحصول على وظيفة معلم باستيفاء بياناتهم من خلال تطبيق تم إعداده لهذا الغرض على موقع وزارة التربية والتعليم، وعلى مواقع مديريات التعليم بالمحافظات، كما تم اخطار المتقدمين بموعد الامتحانات، والتي بدورها تم عقدها من خلال تطبيقات إلكترونية، واستخراج النتائج بسرعة ودون تدخل، بما يضمن الشفافية فى النتائج والعدالة والمساواة فى الفرص بين المتقدمين ،بالأضافة الى نموذج آخر اعتز بالنجاح الذي حققه، وهو منظومة الخبز، فجميعنا يعلم كم كان يأكل دعم الخبز من الموازنة العامة للدولة، والتي تعانى عجزاً كبيراً، ومن ثم فإن إضافة الخبز إلى بطاقة الأسرة الالكترونية، وتبني فكرة جديدة ومختلفة لاحتساب نقاط لكل أسرة تأخذ حاجاتها فقط من الخبز، يمكنها من استبدالها بسلع تحتاجها الأسرة فعلياً، قد أدى بالفعل إلى انخفاض دعم الخبز في الموازنة، والأهم من ذلك انه أدى إلى شعور المواطنين بأن الحكومة لا تألو جهداً لخدمتهم.
وأضاف: على الحكومات أن تعي أن هدفها الأول هو خدمة شعوبها وتبنى قضاياه … وواجبها الأول هو تبنى رؤية واضحة من أجل تنمية شاملة ومستدامة للوصول إلى النمو الاقتصادي الذي ينعكس على جميع أفراد المجتمع في مستوى أرقى من التعليم والصحة والأمن، كما أن على الحكومة أن تتواصل مع المجتمع ليتبنى سياستها التنموية… فالمواطن شريك أصيل لإنجاح مسيرة التنمية.
قائلا:إن هذا المؤتمر فرصة رائعة لتبادل الخبرات والاستفادة من النجاحات التي تحققت في الدول والمؤسسات والهيئات المختلفة من خلال ما قاموا به فى مجال الإصلاح الإدارى للاستفادة منه والبناء عليه ولنتذكر دائما ان القيادة الحقيقية هى الاحساس بمطالب الشعب والتعبير عنها وايجاد الوسائل لتحقيقها.
وفى النهاية اسمحوا لي بأن أتوجه بالشكر إلى المنظمة العربية للتنمية الإدارية على تنظيمهم للمؤتمر العربى الأول للإصلاح الإدارى والتنمية في القاهرة هذا العام، متمنياً لكم جميعاً دوام التوفيق والنجاح.