باحث في موسيقى الألحان القبـطية
مـــدرس مــــادة اللــــحن الكنـــسي
بمعــــهـــد الرعـــــاية والتـــــربيــة
نَستَكمل أعزائي القراء الدِّراسةَ في لَحن “أبيكران”
الفكرة الثانية (B) (من الدقيقة 5:24 إلى 8:45) :
وهي مُقَسَّمَة إلى ثلاثة أجزاء، وبصورة عامة فهي مبنية على خَلِيَّة لَحنِيَّة صغيرة تُكَرَّر العديد من المرات تنتهي بتذييل (أي نهاية أو ختام)، مع إضافة جُمَل لَحنيَّة كمُقَدِّمات لها،ونُلاحظ أن هذه الفِكرة مَوضوعة بنفس أسلوب تَلحين “الأواشي” في “الليتورجيا” ومَرَدَّات الشماس، مُصاغةً ما بين أسلوب (الدَمج) السريع وأسلوب “الميليسما” البسيط،وهذا ربما يُعطينا فِكرة سريعة عن اعتبار هذه الكلمات بِمثابة صلوات مَحمولة بروح الشفاعة والتَوَسُّل لهذا القديس العظيم؛ حتى يُرسِل صلواتِنا إلى عَرش المَجد من خلال أيقونته ولَمس رِفاته المقدسة؛ فيُنعِم لنا الله بالشفاء من أمراضنا النفسية والجسدية ومغفرة خطايانا، حيث أننا ضعفاء لا نستحق الوقوف أمام الحضرة الإلهية بنفس القوة والدالَّة التي لهذا القديس، حيث أنه ساكن في مَوطِن النورأمام عَرش الله وملائكته بصورةٍ دائمة في فرحٍ ومجدٍ عظيم.
الجزء الأول من الفكرة الثانية (من الدقيقة 5:24 إلى 5:58):
وكلماتُها: (القدِّيس المُكَرَّم في جميع القديسين)، وهو عِبارة عن خَلِيَّة لَحنِيَّة مُكَوَّنة من “مازورتين” صغيرتين، مُكَرَّرة خمس مرات، وفي آخر مرة تنتهي بتذييل لحني يَختتم هذا الجزء، ونلاحظ هنا التطويل الذي جاء مناسباً في آخر الخَلِيَّة اللَّحنية الخامسة والأخيرة الذي هو بمثابة النهاية لهذا الجزء، والذي جاء مع كلمة “تيرو” ومعناها (كُل أو جميع) التي تُعَبِّر عن كرامة القديس وَسَط العديد من القديسين.
الجزء الثاني من الفكرة الثانية (من الدقيقة 5:59 إلى 7:06):
وكلماتُها: (أبونا القِدِّيس الصِدِّيق أنبا (….) حَبيب المسيح)، يبدأ بمقدمة عبارة عن جُملة لَحنِيَّة “بنيوت إثؤواب” (أبونا القديس) مُكَرَّرة مرتَين مُتَطابِقَتَين، فيها النَغمات تَمتدّ وتَعلو في صِيغة النداء والمُخاطبة وإعطاء الكرامة له، ثم تُكَرَّر هذه العبارة لثالث مرة، وفيها يستكمل المُلَحِّن بنفس الخَلِيَّة اللَحنِيَّة المُكَرَّرة كما جاء في الجزء السابق والمَبنى عليها الفكرة الثانية بصورة عامة؛ ولكن التكرار هنا غير مُحَدَّد ولكنه يطول أو يقصر حسب الكلمات التي تتوافق مع ألقاب القديس – وهنا في هذا المقال والذي يُصاحِبهُ “الفيديو” نتكلم عن القديس العظيم الأنبا أنطونيوس أبي جميع الرهبان – وتُختَتَم الخلايا اللَحنِيَّة المُتَكَرِّرة بنفس النهاية السابقة كالمُعتاد، ونُلاحظ هنا أن الكنيسة دائماً تَستَغِل الفِكرة الثُلاثية في التِكرار، والتي تُعطينا فكرة أن كل شيء بالثالوث يَكمُل ويتَبَارك بالله المثلث الأقانيم.
الجزء الثالث من الفكرة الثانية (من الدقيقة 7:07إلى 8:09):
وكلماتُهُ: (السلام لقبِركَ المُمتلىء نِعمة، السلامُ لجسدِك الطاهر الذي نَبَع منهُ شفاء لكلِ الأمراض)، يبدأ بمقدمة مُختلفة في إحساسها، والتي تُوحي بالمَهابة والجَلال عندما نقترِب من قَبر القِدِّيس ونَلمس الرِفات المُقَدَّس الذي لهُ، هذا الجسد الذي تَلامَس مع مَجد السماويات وانطبعَت صورةُ المسيح عليهِ، وعَمِلَ الروح القدس من خلالِهِ للشفاء والبَرَكة، فنُحِس في هذه الحالة بالرَّهبة والقداسة؛ ولذلك نَجِد أن اللحن بنغماتِه الهادئة الوَقورة ووقفاتِهِ وأسلوبِهِالمُتَحَرِّر من الإيقاع “أدليب”، وميلِهِ إلى الهبوط النَغمي كل هذا يُساعدنا على الاستعداد لهذه الحالة المُباركة، ثم يُستَكمَل هذا الجزء كالعادة بنفس الخلايا اللَّحنية المُتكررة، ولكنها هنا بعدد ثابت حيث أن الجملة الكلامية لا تتغير، “فيئتاف فيفي نان إيفول إنخيتف إنجى أو تالتشو إن شوني نيفين” (الذي نبع منه لنا شفاء لكل الأمراض)، وربما تكرار الخلية اللحنية هنا يُعَبِّر عن كثرة الأمراض التي تمَّالشِّفاء منها بشفاعة هذا القديس المُكَرَّم.
خاتمة الفكرة الثانية (من الدقيقة 8:10إلى 8:45):
وكلماتُها (إسأل المسيح عمانوئيل لكي يغفر لنا خطايانا أنا المسكين الحقير)، وهي مأخوذه موسيقياً من روح النغمات السابقة، فتبدأ بنفس بداية الجزء السابق وبنفس الإحساس والوقفات الموسيقية، ولكن مع كلمات أخرى مُتناسِبة أيضاً مع هذه النغمات، وفيها توسُّل للقديس حتى يَشفع من أجلنا وهو في السماء أمام عرش المسيح، لأن طلباتِهِ مُستجابة بسبب الدالَّة العظيمة التى لهُ لدى ربنا يسوع المسيح، ونجد هنا التبطيء والتطويل الذي جاء في كلمة “إيمانوئيل” التي تعني الله معنا، فنحن نتمسك بهذا التعبير الجميل الذي من أجله نطلب شفاعة القديس، حيث أن الله ارتضى أن يكون معنا يرعانا ويخلصنا ويحمينا فنحن نتشبث بهذا الوعد الخالد الذي ربنا الحبيب، ثم تَ
…