سجل كيليان مبابي خمسة أهداف في البطولة، يقترب الفرنسي مباراة تلو الأخرى من أساطير كأس العالم، يطمح الفتى الأسمر وهو في سن الثالثة والعشرين أن يرفع الكأس الغالية يوم ١٨ ديسمبر.
تزخر نسخة قطر بالعديد من القصص والحكاوى ومازالت تحمل في جعبتها الشيء الكثير للمتابعين وعشاق الساحرة المستديرة؛ غير أن بصمة كيليان مبابي في هذه النسخة ستظل محفورة في الذاكرة مهما حصل؛ فقد ذكّر المهاجم الفرنسي الجميع في أمسية يوم الأحد لماذا يحظى بكل الاهتمام ولماذا سيبقى اسمه حاضرا في جميع النقاشات التي تدور.
بتسجيله لهدفين في مرمى المنتخب البولندي في دور الستة عشر، يكون لاعب باريس سان جيرمان قد وقع هدفيه الرابع والخامس في البطولة، ليتربع على قائمة الهدافين.
ولعلها المرة الأولى التي يسجل خلالها لاعب ثنائية في دور الستة عشر ضمن نسختين متتاليتين من كأس العالم؛ ففي روسيا ٢٠١٨، سجل هذا اللاعب المنحدر من بوندي مرتين خلال مباراة لا تنسى أمام المنتخب الأرجنتيني (٤-٣).
وفي حقه، قال المدافع جيل كوندي في تصريح للفيفا عقب المباراة أمام بولندا:
“إنه لاعب استثنائي. لقد قدم مباراة رائعة مرة أخرى هذا المساء حيث وقع هدفين ومرر كرة حاسمة. إلا أن الأمر الأهم أنه يلعب بأسلوب جماعي، وهو ما تقدمه المجموعة. بالفعل، ليس مبابي بلاعب فردي، علما أن الهدف ال٥٢ التاريخي لأوليفي جيرو أمام المنتخب البولندي جاء من خلال تمريرة حاسمة نفذها الفتى الأسمر، نجم كتيبة الديوك.
ويعيش مبابي وهو ابن الثالثة والعشرين في أوج عطائه، بل وحجب أساطير فرنسية مثل تيري هنري وميشيل بلاتيني وزين الدين زيدان بتسجيله لتسعة أهداف في كأس العالم (٤ في ٢٠١٨، و٥ في النسخة الحالية).
أن يسجل هذا الكم من الأهداف وهو لم يكمل بعد ربيعه الرابع والعشرين هو أمر يدعو للدهشة، وهو ما لم يستطع لا الملك بيليه ولا الكبير رونالدو ولا حتى الهداف التاريخي للمونديال ميروسلاف كلوزه من تحقيقه في مثل هذا السن.
وعلى سبيل المقارنة، يملك مبابي نفس عدد الأهداف التي سجلها ليونيل ميسي في البطولة ويفوق كريستيانو رونالدو بهدف واحد؛ غير أن الاختلاف الحاصل هو أن الأسطورتين الأرجنتينية والبرتغالية تجاوزتا الخامسة والثلاثين من العمر وخاضا كأس العالم في خمس مناسبات بينما اللاعب الفرنسي يخوض في قطر المونديال الثاني في مسيرته بعد روسيا. وعلى خلاف ميسي ورونالدو، يملك الفتى الباريسي كأسا عالمية في رصيده خلال مشاركته الأولى.
إلى أي مدى إذن يمكن أن يصل هذا اللاعب الشاب الذي يبدو له كل شيء سهل التحقيق؟ ويبدو أن تجاوز الأهداف الستة عشر التي سجلها ميروسلاف كلوزه يعد أمرا ممكنا نظرا لصغر سن الديك الفرنسي, ويصبو مبابي أيضا أن يلتحق بركب الأساطير العديدة التي فازت بالكأس العالمية مرتين، بالنظر للمستوى العام للكتيبة الفرنسية وجاهزيتها.
ويبدو من المبكر أن نتخيل مبابي يلحق بالأسطورة بيليه، الذي يظل اللاعب الوحيد والأوحد المُتوّج بالكأس العالمية ثلاث مرات. إذا ما استطاعت فرنسا الفوز باللقب في ١٨ ديسمبر، سيبدأ الملاحظون في التفكير في إمكانية أن يحذو هذا اللاعب الموهوب حذو الجوهرة البرازيلية.
وللذين كانوا يعتقدون أن كيليان مبابي لن يكون مُتحمسا في ٢٠٢٢ بنفس درجة ٢٠١٨ بعد أن تُوج باللقب العالمي، حمل الفتى الموهبة بعض الإجابات خلال ندوة صحفية، حيث قال: “إنها مسابقة أحلامي. الهدف الوحيد هو الفوز بكأس العالم، وهو حلمي الوحيد والهدف الذي جئت من أجله إلى هنا.”
ما من أحد باستطاعته أن يتنبأ بالمدى الذي سيتوقف عنده كيليان مبابي وما إذا كان سيصير في يوم من الايام أفضل لاعب في تاريخ كاس العالم. إذا كان من الممكن حقًا منح مثل هذا اللقب الفخري؛ غير أن الأكيد أنه مثلما أصبحت أسماء بيليه ومارادونا ورونالدو وكلوزه وزيدان مرتبطة ارتباطا وثيقا بأم البطولات، فإن الأمر نفسه ينطبق بالفعل على مبابي؛ هذا الفتى الذي لم يطفئ بعد شمعته الرابعة والعشرين.