مدير القسم الثانوي بمدرسة القديس يوسف المارونية
أليست السعادة هي أهم ما يبحث عنه الإنسان في تلك الدنيا، هو يعيش من أجل أن يشعر بالسعادة بكل تعقيداتها وتنوعاتها..
قد تكون الصحة سبب كاف للسعادة والبعض يرى ان المال هو سر السعادة ،بينما يجدها البعض في النجاح أو المناصب، وتختلف أسباب السعادة بين معطيات عديدة مثل، الستر، العلاقات ، المجتمع، والحب .. بينما يرى الكثيرين ان سعادتهم فقط في الاقتراب من الله وكفى …
ولكن السعادة في الواقع هي خليط من كل ما سبق
أما المرض، الفقر، الفقدان، الفشل، الكراهية، كلها مضادات سعادة ويختلف ايضا الناس في درجة تقبلهم لكل منها، ويظل القليل من هذه وتلك، ليحفظ ميزان الحياة عند البشر، مع وجود الامل في المستقبل ،،،
لذلك وبمنتهى البساطة فإنهم عندما أرادوا تعريف الجنة ،، فأسموها، السعادة الأبدية
ولكن، ماذا إن اختفت السعادة تماما … يحدث هذا فقط وحصريا مع … (الاكتئاب).. فهو عملية سلب منظمة للسعادة ، هو الجريمة الكاملة للقضاء على البهجة .
فيتساءل المكتئب ، من اطفأ انوار الفرحة؟ من أغلق نوافذ الأمل؟
من ذاك العدو الذي يسعى لغرس الزوان في حقلي؟ و من الذي دفع قلبي داخل أتون نار؟
وشتان بين الشخص العابس والشخص المكتئب، فالعابس هو شخص متجهم الوجه مكفهر الملامح ، منفّر للمحيطين به حيث يبث بداخلهم الكآبة دون أن يعاني هو منها ، و متعته في تصدير مشاعر الاستياء للآخرين …
أما المكتئب فهو صاحب مشاعر رقيقة، حساس، ربما اكثر من اللازم ، بل ان مشاعر الاكتئاب تصيب مرهفي الاحساس اكثر من متبلدي المشاعر، و تتجلى مع المعرفة أكثر من الجهل، والمكتئب يحمل أحزانه وحيدًا، حتى أن أشهر انواع الاكتئاب يسمى ( بالاكتئاب الباسم ) حيث يرسم المكتئب على ملامحه ابتسامة وهمية ليداري بها مشاعر ضيقاته عن المحيطين به ، يعاني هو وحده أحزانا رهيبة يخفيها بضحكة مصطنعة على الشفاه ليس لها عمق استراتيجي في القلب .
وحين تتدفق مشاعر الاكتئاب تلك، يشعر الانسان أن قلبه عبارة عن كتلة نابضة بالألم، ويجد أن عقله قد أحاطته الأسلاك الشائكة، فتمتنع زيارات الذكريات السعيدة عن وجدانه، و لا يزور عقله سوى الألم ، بل وتتهافت الذكريات المؤلمة كالنمل حول قطعة حلوى.
بل تهاجمه الافكار السوداوية كوحوش الاساطير، فيشعر كأنه في الجحيم ويجد أن طاقته تتبخر تماما، فيصبح ضعيفا وهشّا إلى أقصى درجة، فما أصعب ان يكون عدوك هو جزء منك، حين يصبح عقلك هو أشرس اعداءك …
وحينها، تصبح السعادة هي اللحظات التي يغيب فيها الألم لبعض الوقت ..
بل حين يختفي الألم قليلا، تتوقع انه يعيد حشد قواته استعدادا لهجمة أشرس،
فيصبح حتى الحيز الذي يشغله جسدك سجنا ، حتى يأتي وقت تصبح الحياة نفسها عبئا ثقيلا تتمنى الخلاص منه .
و بعض المتألمين يختارون ان يعيشوا في الخيال ، فحين يختفي الامل ، يغيب الرجاء ، و حين تتجلى المعاناة من رياء البشر وخذلان الاحباء ، تجد انه من الأفضل أن تعيش أسير الخيال ، فتخترع عالم مثالي لن تراه إلا في الأحلام