في الفصول الثلاثة التي ترجمها حسن المودن من كتابمن قتل روجر أكرويديقدم المؤلف بييربياررؤية جديدة في نقد الرواية البوليسية وعلاقته بالتحليل النفسي, وهو يتأمل تاريخ هذه العلاقة الجامعة بين التحليل النفسي والمحكي البوليسي,لافتا النظر إلي التأثير الباطني الذي مارسه الثاني علي الأول,مشيرا إلي ثلاثة أعمال أدبية أثرت كثيرا علي نظرية التحليل النفسي: الملك أوديب,هاملت,الرسالة المسروقة, وهي في نظره أعمال أدبية بوليسية, وهو يذلك يقدم نوعا أدبيا يمكن تسميته بالمحكي البوليسي النظري,لأن المؤلف في انشغاله هذا يقدم رواية بوليسية داخل الرواية البوليسية,وقاتلا وراءه قاتل آخر,وتحقيقا وراءه تحقيق آخر.
تأسيسا علي هذا ينطلق بيير بيار في الدراسات الثلاث المترجمة,من أسئلة أساسية:ماذا لو كانت هناك حقيقة أخري داخل العمل الأدبي البوليسي غير التي اقتنع بها القراء والنقاد لزمن قد يصل إلي قرون,كما في حالة هاملت لشكسبير؟ماذا لو كانت الرواية البوليسية هي الأخري مسرحا للأخطاء القضائية والتحقيقات الخاطئة؟ألم يسبق لفولتير أن قام بهذا النوع من التحقيق معبرا عن تحفظاته عن المسئولية الجنائية للملك أوديب؟ماذا لو كان المحققون في الروايات البوليسية مخطئين في استدلالاتهم ومنطقتهم وخلاصاتهم,كما هو الشأن بالنسبة إلي المحققهرقل بواروفي رواية:مقتل روجر أكرويد,أو كما هو الأمر بالنسبة إلي المحققشرلوك هولمزفي كلب باسكير فيل؟
هكذا تحرص مجلة النقد الأدبيفصولوالتي تصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب علي أن تطرق موضوعات لم تسبق معالجتها,حيث خصصت ملف العدد71لأدب الخيال العلمي,وها هي تخصص ملف عددها الأخير للرواية البوليسية التي تعد- كما تقول الدكتورة هدي وصفي رئيسة تحرير المجلة- أنواعا مستفيدة من الأشكال الأدبية الراسخة,وكان ينظر لها بوصفها كتابات علي هامش الأدب,وبرغم ذلك يعتبرها الأدب أحد روافده,وهي تتمتع برواج شديد وانتشار واسع بين جمهور عريض من القراء,ولم تكن تنال الاعتراف-فضلا عن الاهتمام-النقدي الواجب.
تطرح المجلة العديد من الدراسات النظرية والتطبيقية التي تتناول الرواية البوليسية منها:حرب قلم, من فعلها؟الإثارة في الرواية البوليسية,الحوت الأعميبين صيغ الحكي ومكوناته في الرواية البوليسية ورواية بوليسية نموذجية,القصة البوليسية في الأدب المغربي الحديث,مولد أدب الجريمة الروائي في بولندا,التوظيف الدلالي للجريمة… دراسة مقارنة بينموسم الهجرة إلي الشمالللطيب صالح والغريبلألبير كامو,الرواية البوليسية في إيطاليا,القصة البوليسية في الصين,فضلا عن الدراسات المترجمة عن الرواية المكسيكية.أيضا تناولت المجلة أدب الجاسوسية:روايةالحفارنموذجا, حيث تم تخصيص باب شخصية العدد للروائي صالح مرسي رائد أدب الجاسوسية الذي استطاع أن يجعل من بعض الأوراق في ملفات المخابرات المصرية أعمالا روائية, تحولت بعد ذلك إلي أفلام سينمائية ومسلسلات تليفزيونية لاقت نجاحا جماهيريا منقطع النظير.