نحن نستمتع عادة بأن نرى أبناءنا ينتقلون من مرحلة عمرية لأخرى، بداية من النطق بأول كلمة إلى أول عيد ميلاد، ثم أول يوم في المدرسة… إلخ. ودخول أبنائنا إلى مرحلة البلوغ لا يختلف عن تلك المناسبات، فلماذا لا يكون استقبال ابنتك لأول دورة شهرية (حيض)حدثًا يستحق الاحتفال، بدلاً من أن تكون موسمًا تشعر الابنة أثناءه بالقلق، والصراع الداخلي، دون أن تجد مَنْ يساندها؟
ولأنه لا يوجد تشابه تام بين أي شخصين، يجب ألا نقارن بين ما يمكن أن تختبره ابنتك بما يحدث مع الأخريات، سواء في المظاهر الجسدية أو الانفعالية التي تصاحب هذه الفترة، أو في توقيت ظهورها. تبدأ التغيرات الداخلية في جسم الفتاة عادة من عمر ٨ سنوات، بينما تبدأ علامات البلوغ في الظهور في الفترة ما بين ١٠- ١٢ سنة، عندما تلاحظ الفتاة نزول إفرازات مهبلية.. وهذا الأمر سيُزعجها ما لم تشرحي لها أن هذه هي الطريقة التي يُنظف بها الجسم نفسه. وبقدر ما نبدأ مبكرًا بإخبار ابنتنا عن هذه الظواهر، وما يمكن أن تتوقعه، بقدر ما تكون مفاجأتها بالأمر أقل حدة، وتوقعها لحدوثه أمرًاإيجابيًا.
وأكثر ما تحتاج الأم أن تهتم به عند إعداد ابنتها لاستقبال أول حيضهو التعامل مع الخوف والتوتر الداخلي لديها.. فمع أن هذه المشاعر تكون طبيعية بسبب بدء تدفق الهرمونات داخل الجسم، إلا أنها تزداد حدة مع الجهل بالحقائق والمفاهيم الصحيحة عن الأمر. لذلك من الطبيعي أن تسأل الأم ابنتها عما تعرفه عن الدورة الشهرية، وعن مصدر هذه المعرفة؛ ومن هنا يمكن إزالة المخاوف وتصحيح المعلومات. وبمجرد أن تعرف الابنة الحقائق البسيطة والمباشرة ستشعر بالارتياحوالثقة بالنفس بينما تستكشف هذه المرحلة المثيرة من عمرها.
ولأن الحيض ظاهرة بيولوجية ستتكرر، وستبقى لسنين طويلة، فلابد أن يكون الحديث عنها واقعيًا بينما يؤكد لابنتنا أن الدخول إلى عالم المرأة شيء رائع، ولا يوجد ما يجعلها تشعر بعدم الراحة أو الخجل بسبب ما يحدث لها. كما يجب أن تناقش الأم مع ابنتها اختيارات ما تحتاج أن تستعمله قبل وأثناء أيام الدورة. ومن الجيد أيضًا أن تحددي معها التاريخ المتوقع لكل دورة، حتى لا تفاجأ بها أثناء تواجدها خارج المنزل، ولكي يؤخذ هذا التوقيت في الحسبان عند التخطيط لجدول الأنشطة الخاصة بها.
ولأن الدورة الشهرية تعني أيضًا إمكانية حدوث الحمل، فلابد للأم أن تناقش مع ابنتها كيفية الحفاظ على نفسها بالامتناع عن أي سلوك يمكن أن يدمر حياتها، وتضيع معه أحلامها، مع ربط ذلك بما تتمسك به الأسرة من مبادئ إيمانية وأخلاقية، والتأكيد على أن العفة اختيار ينتج عن شخصية سوية، ويضمن مستقبلًا أفضل.. فالامتناع ينجح دائما!
وقد تحتاج الأسرة أن تراجع الطبيب المختص في كل ما يتعلق بالجانب الفسيولوجي لهذه المرحلة، وأي أعراض أخرى قد تظهر أثناءها.. وإلى اللقاء في المرة القادمة، لنكمل حديثنا مع ما يخص أبناءنا الصبيان.