تواجه دول حوض النيل أزمة تمويل حادة خلال الفترة المقبلة تهدد مشروعات التطوير والتعاون بين دول المصب ودول المنبع- المتوترة أصلا – بمزيد من الارتباك والجمود وتعد السودان ومصر اللاعبان الرئيسيان في وجه أزمة
تواجه دول حوض النيل أزمة تمويل حادة خلال الفترة المقبلة تهدد مشروعات التطوير والتعاون بين دول المصب ودول المنبع- المتوترة أصلا – بمزيد من الارتباك والجمود وتعد السودان ومصر اللاعبان الرئيسيان في وجه أزمة مياه النيل منذ توقيع اتفاقية عنتيبي من جانب واحد من قبل بقية دول الحوض في 10 مايو 2010 والتي تنهي الحصص التاريخية للدولتين 55.5 مليار متر مكعب لمصر و18.5 مليار متر مكعب للسودان. كما تضع الاتفاقية جملة من التحديات القانونية في مواجهة مشاركة مصر والسودان في مبادرة حوض النيل فبراير 1999 أو في المشروعات والمكاتب التابعة لها بسبب وجود نص فيها يقضي بحل المبادرة وتشكيل مفوضية دولية لشئون النيل وهو ما تعارضه الدولتان وتخوضان جدلا قانونيا وسياسيا بشأنه.
وكبادرة على حسن النوايا تجاه حلحلة ما أسفرت عنه اتفاقية عنتيبي من وضع استثنائي لمصر والسودان فقد استضافت الخرطوم اجتماعات لجنة الانترو وهي لجنة فنية تتكون من اثيوبيا والسودان ومصر ومقرها العاصمة الاثيوبية أديس أبابا ومهمتها بلورة المشروعات المشتركة بين دول اللجنة وشاركت مصر بالحضور كنوع من التأكيد على أهمية وحتمية التعاون واستمراره والحفاظ عليه ونوقشت التحديات التي تواجه اللجنة وكيفية الوصول بمقترحات محددة لاستمرار عملها.
لكن تقارير إعلامية تحدثت عن فشل اجتماع الخرطوم بعد انتهاء التمويل الدولى للمكتب باعتباره ضمن هياكل مبادرة حوض النيل التي قارب العمل بها على الانتهاء دون وصول إلى حل حول عودة العمل مرة أخرى واستئناف نشاط التعاون والتطوير واتفق المجتمعون على استمرار الحالة الراهنة للانترو وإدارته لحين عقد اجتماع آخر بين الدول الثلاث . ومن بين القضايا العالقة بين دول المصب ودول المنبع تلك التقارير التي تخرج بين وقت وآخر تتأرجح فيها الحقائق بين التهويل والتهوين حول ما يسمى بسد الألفية الاثيوبي وأعلنت الحكومة الاثيوبية رسميا عن عزمها إنشاء سد الألفية بالقرب من الحدود الاثيوبية السودانية في منطقة بني شنقول قوموز على “النيل الأزرق” وقالت إنه سيرفع إنتاج الطاقة الكهرومائية في البلاد إلى 10 آلاف ميجاوات خلال السنوات الخمس المقبلة.
وقام رئيس الوزراء الاثيوبي ملس زيناوي بوضع حجر الأساس لسد الألفية والذي يستغرق إنشاؤه أربع سنوات بتكلفة 8ر4 مليار دولار ويحجز خلفه 63 مليار متر مكعب من المياه تمثل أكبر بحيرة من صنع الإنسان.
ويرى خبراء في مصر والسودان أن السد في حال الانتهاء منه سيخزن 62 مليار متر مكعب من المياه الواردة لمصر والسودان وبالتالي تخفيض حصة مصر وما يترتب عليه من انخفاض طاقة توليد الكهرباء من السد العالي وتهديد ما يقرب من مليون فدان في الدلتا والوادي الجديد بالبوار وأن تنفيذ السد على النيل الأزرق يعني نقل المخزون المائي من أمام بحيرة ناصر إلى الهضبة الأثيوبية ما يعني تحكم دول المنبع في كل قطرة مياه عن طريق إنشاء السدود .
وفي الوقت الذي تؤكد فيه دول المنبع أهمية “سد الألفية” وفائدته بالنسبة لكل من الخرطوم والقاهرة وأثيوبيا فالسد – من وجهة النظر المقابلة – من شأنه أن يمنع الفيضانات وتبخر المياه وتراكم الطمي وهو ما سيجعل السودان يستفيد من عملية جريان المياه طوال العام بدون توقف ومصر ستستفيد أيضا من ذلك وعند اكتمال بناء السد سينخفض الطمي في خزان الروصيرص من 3.4 مليون متر مكعب إلى 1.9 مليون متر مكعب وفي خزان سنار من 900 إلى 300 مليون متر وكانت زيادة الطمي تقلل من كمية المياه الواردة إلى الخزانين وتعطل عملية إنتاج الكهرباء كما أن كميات المياه التي كانت تضيع على السودان بفعل التبخر ستقل.
ويشار إلى أن مبادرة حوض النيل هي اتفاقية تضم مصر السودان أوغندا إثيوبيا الكونغو الديمقراطية بوروندي تنزانيا رواندا كينيا اريتريا وقد وقعت في فبراير 1999 في تنزانيا بين دول حوض النيل العشر بهدف تدعيم أواصر التعاون الإقليمي وتنص على الوصول إلى تنمية مستدامة في المجال السياسي-الاجتماعي من خلال الاستغلال المتساوي للإمكانيات المشتركة التي يوفرها حوض نهر النيل.
يذكر أن العاصمة الرواندية كيجالي استضافت في شهر يونيو الماضي اجتماع مجلس وزراء مياه النيل لمناقشة السيناريوهات المستقبلية لمبادرة حوض النيل وأنشطتها وبرامجها وكيفية مواجهة توقف الدعم المؤسسي المقدم لها من المانحين بحلول ديسمبر 2012 والذي يقدر بخمسة ملايين دولار سنويا.
وشهد اجتماع كيجالي تقديم رؤية من قبل الخبراء الدوليين حول مستقبل المبادرة عبر سيناريوهات متعددة للتعرف على مدى إمكانية قيام المانحين من مؤسسات دولية أو دول لتقديم التمويل المطلوب لاستكمال مشروعات حوض النيل المتوقفة. ويعتبر اجتماع كيجالي حدثا هاما لكافة دول حوض النيل وليس لدولتي المصب فقط حيث قام الوزراء خلاله باستعراض وجهات النظر بشأن مستقبل استمرار مشروعات المبادرة وأيضا مدى استعداد الدول المانحة برئاسة البنك الدولي لاستمرار الدعم الفني والتمويل اللازم لأنشطة مبادرة حوض النيل خاصة وأن الدعم المؤسسي سينتهي نهاية العام الحالي. قنا