في أحد شوارع القاهره القديمة وأمام احد المحلات تجلس سيده على باب المحل تبدو أنها متقدمة في العمر ترتدي معطف -بالطو- يخفي معظم ملامح جسدها , فهو واسع وطويل وذو لون رمادي باهت وله ياقه عريضة تخفي معظم ملامح الوجه .
بمجرد أن تشرق الشمس وتدب الحياة في الشارع تظهر هذه السيدة ولا ترحل إلا مع رحيل اخر مظهر من مظاهر الحياة في الشارع .
تساءلت كثيرا لماذا تجلس هذه السيدة هكذا ولماذا لا تتحدث إلى احد ، ولا يحاول احد ان يتحدث إليها يلقون عليها النظرات في صمت ويكملون مسيرهم في هدوء !!.
هل لا تستطيع التحدث ؟ هل هي شخص عدواني لا يريد احد الدخول معها في جدال او مشاكل ؟ اين اهلها ؟ولماذا ترتدي هذه الملابس كل يوم ؟.
اخذني الفضول إلي ان اراقبها وألاحظ تصرفاتها ، جلست علي احد المقاهي المقابلة للمحل الذي تجلس امامه ومر الوقت ولكن لاجديد ،تجلس في مكانها تلاحظ الماره ومختفيه وراء معطفها الرمادي
اصابني الملل فسألت عامل القهوة فحكي لي الحكايه، وكانت المفاجأة !!!
هذه السيدة ليست بعجوز ولكنها شابه في منتصف العمر ! وجميلة ! ، لماذا اذا هذا التخفي ؟؟!!!!
هذه الشابه وحيده فقدت في حياتها كل مظاهر الونس وزهدت في هذه الدنيا لا تريد شئ سوي الوجود وسط اناس اخرين
لا تتحمل الوحده ولا تريد من الدنيا ولا من الناس سوي ان يرونها وأن يلاحظوا اختفاءها إذا حدث لها مكروه
على الرغم من غرابة القصة لكنها حال أناس كثيرة في هذه الايام ، يريدون ان يلاحظ الناس غيابهم أو اذا شعروا بمكروه ، لا يطلبوا من الدنيا سوي الونس ،مجرد ونس !
الحياة السريعة والمحمومة بالمشغولية جعلتنا لانري من حولنا، جعلت كل منا يعيش في جزيرته وحيدا بالرغم من وجوده مع أخرين .
وحينما تهدأ الحياة وتقل المشغولية نكتشف أننا بحاجه لصوت حولنا يعطينا إحساس أننا لسنا وحيدين … مجرد صوت … مجرد ونس .