أول ساعة أمتلكها في حياتي كانت كاسيو هدية من عمي أنسي وأنا في ثانية ابتدائي..الموديل الأشهر في تاريخ جيلي ذو البلاستيك الأسود والأزرق وبتنور وفيها منبه..
أرتديتها وأنا فخور وأمشي في السارع ولونها الأزرق وصوت المنبه يجعلني أشعر بأنني رئيس (مراجيح مولد النبي)
ويا سلام لما شخص يسألني الساعة كام؟
وأجيبه كمذيع نشرة الأخبار المشهور (خيري حسن)
الساعة خمسة علي الشمال وعشرين علي اليمين حتي شوف الساعة بنفسك..!!
طالبا لنظرات الإعجاب من الكبار زي أي طفل رخم أذهب إلي والدي.. وأسأله الساعة كام..؟ وأرد (لا ساعتك مش مظبوطة.. مقدمة دقيقتين.. ابقي هات ساعة كويسة فضحتنا!!)
.. شهرين والشاشة أصبحت سوداء ولا حس ولا خبر.. ولأني الفضولي من يومي قررت أفتح الساعة وأصلحها بنفسي وأعيد الترس المفكوك لمكانه زي الساعاتي الشاطر.. فتحتها ولم أجد فيها أي ترس.. كلها قطعة واحدة علي بعض مش فاهم فيها حاجة..
معتذرا ذهبت للسيد الوالد.. وبعدها (ااي).. سلم كفه سلام حار علي قفاي وقال لي: البطارية فرغت وكانت هتتغير لو انت بلغتني من الأول بدل ماتدمرها..
وعقابا لي فضلت أحوش خمس شهور من مصروفي ثمنا للساعة الجديدة..
…. عزيزي القاريء
كل حياتك عبارة عن موضوعات مثل الساعة. تبدأ جميلة وفيها فرحة (دراستك.. شغلك… حبك.. جوازك..) وعند أول مشكلة.. تقرر أن تصلحها بنفسك.. وتظن أنك ستجد الترس الخارج من مكانه وستضغط عليه فستعود الحياة لوضعها الطبيعي السعيد..
لكن.. تكتشف أن الموضوع ليس مجرد ترس طلع من مكانه.. الموضوع أكبر من هذا بكثير وأن الحياة معقدة كلها أسلاك وبطاريات وأشياء أكبر من فهمك بمراحل.. أتمني تكون فهمت الدرس.. أن تسأل من هم أكثر خبرة منك.. أن تقرأ لكي تفهم الحياة.. أن لا تعتمد علي ذكائك الخارق لأن الحياة قصيرة وبجري منك وأنت لا تشر.. ولأنه هناك أخطاء قد تدفع ثمنها عمرك كله..
وللأسف لا يوجد للحياة كتالوج. ولا شرح لطريق السعادة ولا كيف تكون أبا ولا كيف تكون شخصا ناجحا. لكن لا قاعدة واحدة.. لكي تنجح كنت تلميذا متواضعا وإسأل إقرأ حتي لو معاك دكتوراه وشعرك شاب من الزمن.
واتمني أنك لاتخسر ساعتك مثلي.. لأن كف الحياة أصعب بكتير أوي من كف السيد الوالد..
صموئيل نبيل أديب
عضو هيئة المكتب السياسي لحزب مصر القومي
[email protected]