“أميرة سالم” ينطبق عليها المثل الشعبي “سيدة بمائة رجل”، فهي أول سيدة تمتهن “التنجيد” التي تعلمتها على يد أحد الفنيين في دمياط، وذاع صيتها بمركز كفرالدوار لتحفر اسماً وسط كبار الصنايعية والحرفيين بمحافظة البحيرة.
فحين تطأ قدماك منطقة سيدي شحاتة بكفرالدوار ستعرف بنفسك موقعها حين ترى الأنتريهات والركنات وأكوام الخشب والإسفنج وبقايا القماش وبعض المعروضات من قطع فنيه اختارت لها ألوان وخامات ذات جودة ومتانة عالية.
بدأت “أميرة” حياتها العملية مع والدها وهي في سن العاشرة، وتعلمت الخياطة داخل مصنعه الخاص بالملابس، وبعد 15 سنة مرت بتجربة شخصية داخل منزلها، فكان لديها كرسي صغير متهالك عزيز عليها، فحاولت أن تنجده وتجدده باستخدام مسمار صغير وبعد أن انتهت من شد القماش وتشطيبه وجدت إشادة بما قامت به من والدها، لتقرر بعدها الانفصال عنه للعمل بمهنة تنجيد الصالونات والأنتريهات، واستعانت بأحد المنجدين في دمياط وخلال سنة واحدة تعلمت أصول الصنعة وأسرارها حتى أتقنت المهنة.
وقالت “أميرة سالم”، قررت تنفيذ مشروع خاص بي، وساعدني علي ذالك والدي وزوجي، وكان رأس مالي وقتها لا يتجاوز 5 آلاف جنيه، واشترت عدة منجد أفرنجي عبارة عن كمبروسر، ماكينة خياطة جديدة، مقص خشب، عدد من الأركيت والدباسات، وبدأت المشروع بمنشور على فيس بوك، حتى بدأت الزبائن تأتي وتصور إنتاجي وتنشره أكثر وأكثر، ثم اشتركت لمدة عامان في معرض لبيع الأثاث وقمت بالتوقيع على عقد بعدم التعامل مع الزبائن سوى لهذا المعرض مقابل هامش ربح وصبرت عليهم حتى انتهاء مدة العقد.
وعن حياتها الاجتماعية ومشاكلها المجتمعية، أوضحت “أميرة” قائله: تخرجت من دبلوم فني ملابس حبا في مهنة التطريز التي تعلمتها من والدي، وأنا متزوجة وعندي 3 أطفال وست بيت شاطرة وبقدر أوفق بين الشغل والبيت وده سبب نجاحي، وعقب ذلك وجدت هجوما غير عاديا من أشخاص لا أعرفهم، لأن وقتها كل العيون عليا وكل خطوة محسوبة عليا، ولكن والدي وزوجي وقفوا بجانبي حتى استطعت أن أقف علي رجلي في هذا المجال، وأصبحت أسافر بنفسي وأدخل مخازن الخشب وأختار الأنواع والخامات الجيدة التي تناسب شغلي، وكان التجار الكبار سنا يقولوا لي أنتي البنت الوحيدة اللي بنشوفك تدخل مخازن الخشب، لذا لا يجب أن نفرق بين الرجل والست، فكل اللي بيتقال عليا برميه ورا ضهري وعندي هدف وعايزة أحققه.
وعن خطوات تصنيع الأثاث، أكملت “أميرة سالم” قائله: تبدأ عملية التصنيع من النجارة، فيقوم الزبون باختيار التصميم الذي يريد أن ينفذه سواء للصالون أو الركنة، وكذلك نوع خامة وألوان القماش المناسب لذوقه، وأقوم بعد ذلك برفع المقاسات التي تناسب المكان للركنة أو إذا كان الاختيار صالون أو أنتريه فيتكون من كنبة وأربع كراسي أو كنبتين ومثلهما من الكراسي.
وأضافت “أميرة” قائله: أول شئ أقوم به في التنجيد هو شد الأستك للقواعد ثم تغليف الإسفنج علي جميع الشغل ثم شد القماش بالطريقة التي تتناسب مع شكل الركنة أو الأنترية أو الصالون، فالصالون له لمسات معينة مثل دهان الخشب باللون الذهبي سواء بالرش أو بورق اللزق الفينو، ثم رسم البوكيهات بمقاسات دقيقة وعمل غرز الكابتونيه والتي يدخل القماش بها، فأنا أفضل عمل الغرز لتعطي شكلا وتشطيب أجود من شغل الدباسة العادية التي يتم تركيب زرار فوقها، وأقوم بعد ذلك برفع مقاسات الشلته وقص الإسفنج المناسب لها، وفي النهاية أقوم بتركيب شريط لاصق ما بين أحرف القماش والخشب.
وعن أسعار الخامات، قالت “أميرة” أن هناك أسعار كثيرة ولكن بحسب اختيار الزبون يتم الشراء، فهناك عدد من كثافات وخامات الإسفنج وبالتالي تختلف الأسعار، ولكني أفضل نوع إسفنج زيتي الإسكندرية لجودته وتحمله في الشغل، وكذلك القماش فهناك العديد من الأشكال والأنواع بحسب اختيار الزبون.
وأكدت “أميرة” أنها تحب أن تكون مختلفة عن المنافسين في مجالها، قائله: الأسعار عندي أقل من الورش كلها فيتراوح سعر متر الركنة ما بين 1200 جنية إلي 1500 جنية وهذا أعلي سعر عندي في حين أن نفس الخامات يصنعها المنافسين بسعر 1800 جنية للمتر الواحد، وعن سعر الصالون فيبدأ سعره من 15 ألف جنية بحسب نوعية النجارة فهناك نوعيات خشب خفيفة وثقيلة، أما الأنترية يبدأ سعره من 10 ألاف جنية، والحمد لله شغلنا بقى معروف والناس بتجيلنا من محافظات كتير.
واختتم سالم محمود محمد، والد “أميرة” الحديث، قائلا: وافقت في البداية بمهنتها بالتنجيد ولكن كنت متخوف بعض الشئ عندما استقلت بنفسها وتركت مهنة خياطة الملابس، وذلك لكثرة المضايقات والمنافسين في هذه المهنة الشاقة، ولكن الآن أصبح لها اسم لامع وسط منافسيها، وأتمنى أن تعلو أكثر وأكثر وتزيد من خبرتها في هذا المجال.