خقلنا الله مختلفين فى السمات و الطبائع و الاذواق و القدرات و المواهب .. و فى اختلافنا حكمة و قيمة و معنى باننا رغم كوننا مختلفين الا اننا مميزين و فى اختلافنا بامكاننا ان نكمل بعض , لكن للاسف كثيرا منا قد يفهم الاختلاف بشكل خاطىء ربما قد يصل به الامر الى الخلاف و الصدام مع الآخرين فمثلا يعتقد بعض منا أن كل ما يؤمن به من قيم ومعتقدات ومبادئ وافكار لابد أن تكون صورة طبق الأصل مما يؤمن به الآخرون، فى حين انه من الطبيعى والمنطقى أن ما قد يعجبك ليس بالضرورة سيعجب الآخرين وأن ما قد تراه انت صحيحا قد يراه غيرك خاطئا، و هنا تأتى اهمية تنشئة الاطفال على ثقافة الاختلاف و قبول الآخر و التأكيد على قيمة التميز فى الاختلاف و ان القيمة الحقيقية تتضح بالاكثر حينما نتحد و نتكاتف معا لتكوين الصورة كاملة دون تشويه .
نظم ” مركز كوكب مارمرقس للتدريب و البحث ” بكنيسة مارمرقس بشبرا ورش عمل للاطفال تحت عنوان ” الاختلاف ” لترسيخ المعنى الحقيقى لقيمة الاختلاف و نقاط التميز لدى الطفل و من ثم قبوله للآخر بدء بشكله و بمواهبه و قدراته و افكاره و آرائه باحترام و تقدير دون الاستهانة أو الاستخفاف بما حولنا , و من ثم تنوير الاسر بمفهوم التنشئة الصحيحة لاطفالها و لاى مدى تعى باهمية غرس تلك القيمة فى نفوس اطفالها ضمن عملية التنشئة الاجتماعية دون اختزال دورها فى اتجاه اشباع الاحتياجات الجسدية .
استهدفت ورشة العمل فئات عمرية مختلفة تتراوح اعمارهم من 4 سنوات و حتى 19 سنة مقسمة ل اربعة مراحل , بدء من عمر 4 الى 6 سنوات مرورا بعمر 6 سنوات و حتى 9 سنوات و من عمر 10 سنوات حتى 13 سنة و اخيرا ورشة معنية بالسن من عمر 14 الى 19 سنة , كل يقدم له المعلومة بحسب مرحلته العمرية و بصورة علمية مقدسة من باب نشر الوعى و بناء جيل قادر على مواجهة التحديات , ” وطنى ” تابعت ورشة العمل , و اليكم تلك المتابعة …
بدأت ريموندا رؤوف و مادونا ميلاد و ليديا وجدى خادمات بكنيسة مارمرقس بشبرا و معنيين بكورسات تنمية المهارات الحياتية ورشة العمل بفقرة ال ” “first hero متناولين شخصية ” الأم تريزا ” باعتبارها شخصية قبلت كافة المختلفين دون تمييز من خلال وضع صورة لها و تم طرح سؤال على الاطفال المشاركين , ” لمن تكون صاحبة الصورة ؟ ” و كانت الاجابات بسيطة فى وصف الشخصية على قدر مرحلتهم العمرية فمنهم من استشف انها راهبة من ملابسها و منهم من قال انها عجوزة و طيبة الى ان تم التوصل لاسم ” الأم تريزا ” و هنا بدأ الحديث عن نقاط من حياة الأم تريزا و كيف كانت ترعى اطفال بلا مأوى ايضا رعايتها لمرضى الجزام و من ثم توفير سبل الراحة لهم دون التأفف من شكلهم أو حالتهم , و عليه كيفية تطبيق ما تمارسه الأم تريزا على انفسنا و كيف يمكننا ان نتعلم منها و من سيرتها و منها اننا نتعلم الا نأخذ موقف من احد لمجرد انه مثلا على كرسى و غير قادر على الحركة و انما نبادر بمساعدته دون ان يطلب و هكذا .
انتقلت ورشة العمل لنشاط الفواكة لتقريب معنى الاختلاف للاطفال المشاركين , فكان من القائمين على ورشة العمل بسؤال الاطفال ما وجه الاختلاف فى كل فاكهة موجودة معنا , فكان التجاوب مختلفة فى الشكل و اللون و الطعم , و كان الهدف من النشاط بان رغم اختلافهم الا انهم مهمين جدا لبناء جسمنا , و دارت مناقشة حون لون البشرة و العين و الشعر لدى كل واحد منا , و كان السؤال مين خلقنا ؟ فجاء رد بقوة ” ربنا ” , و هل ربنا خلقنا ” وحشين ” ؟ بالتأكيد لا لان ربنا خلقنا مميزين , و كانت الرسالة الموجهة للاطفال من قبل الخادمات بان ” ان كل واحد فينا مهما كان مختلف فهو مميز ”
تأكيدا على الهدف و ترسيخ المعنى للاطفال المشاركين , خصصت ورشة العمل شعار صغير يؤكد عل هدف اليوم , فجاءت كلماته ” اختلافنا بيكملنا بيخلينا مميزين , شخصية منفردة لكن مع بعض متكملين .. كل شىء فى الدنيا unique دور على المختلف فيك , هتلاقى فيك حاجة فريدة , اصلك مخلوق حلو و شيك ” ,
كما قدمت ورشة العمل للاطفال قطع موازيك , لكل طفل من نصيبه قطعة واحدة فقط و من خلال الفقرة علينا ان نتشارك معا لتجميع قطع الموازيك و تكوين الصورة , و الهدف الى استخلص من هذا النشاط هو ان كل شكل منفصل أو قطعة واحدة ليس لها قيمة بمفردها و انما قيمتها وسط المجموعة , و هو ما نطبقه على انفسنا اننا ” مع بعض متكملين ” , كلنا مع بعض بنكمل الصورة , كل واحد فينا مثل قطعة الموازيك و وجودنا بجانب بعض بييكون شكلنا حلو . ايضا تناولت ورشة العمل نشاط آخر و هو توزيع ورقة لكل طفل مشارك مدون فيها نصف رسمة فقط و على الطفل تكملة نصف الرسمة المتبقى من واقع خياله و كانت بحق فرصة لاعطاء كل طفل ان يبدع و ان يتخيل و يبتكر فيما هو امامه من نصف رسمه و ما عليه ان يقدم للجزء المتبقى , و بالفعل كانت المشاركة ايجابية و قدم كل طفل ابداعه و تم رصد ما قدم هل ما اذا كانت الرسمة المقدمة مطابقة للنصف الموجود اولا فى الورقة من عدمه .. و هنا كان الهدف ان مهما حاولت اقلد حاجة موجودة لابد من وجود بصمة متمثل فى ابداعى الخاص و ان مهما هاقدم من رسم و ابداع فهو مختلف حتى لو حاولت ارسم بالضط لكنه فى النهاية هو ” مميز ”
اتاحت ريموندا و مادونا و ليديا الفرصة امام الاطفال للتعبير عن انفسهم من خلال نشاط ” بنكمل بعضنا ” من خلال اعطاء كل طفل ورقة للتعبير عن نفسه و فى النهاية تم وضع تلك الورق بجانب بعضه لنكون معا كما يسمى ب ” خلية نحل ” متكاملة لنخرج بقيمة ” ان كلنا مع بعض يد واحدة و ما بينا فيه تكامل ” .
لعل ما يميز ورشة العمل ان تقدم الهدف متضمنة افكار و اساليب متنوعة و مبتكرة مبنية على اسس و مناهج علمية من ” المونتيسورى ” و هو منهج حديث لتعليم الاطفال يعتمد على الفكر وتطوير المهارات و تنشيط الوعى دون التلقين لتوصيل الهدف وراء مسمى ” انا اختلف اذن انا مميز ” من خلال اسلوب شيق و متنوع .
هذا و قدم للاطفال قصة ” الفيل و ذوى القدرات البصرية ” و القصة تحاكى واقع مجموعة من ذوى القدرات البصرية دخلوا مكان ما و لمسوا فيل من اتجاهات متعددة و لم يعلموا ما لمسوه و بدأ كل واحد بمفرده يتكهن ما هو الشىء و لكن لم يصلوا للهدف , و السبب ان كل منه تعامل مع الحال بمفردة دون المشاركة رغم ان وجودهم بجانب بعض و تشاركهم معا فى الكلام كان بامكانهم مساعدة بعض بالافكار و الآراء و من ثم الوصول للهدف .
اهتم القائمين على ورشة العمل باعطاء مثال قوى لقبول الاختلاف و التعامل مع الجميع دون تفرقة أو تمييز من خلال فقرة ال ” bible hero ” و هو شخص السيد المسيح بقبوله الآخرين مهما اختلف لون بشرتهم أو نوعهم أو شكلهم و العمل على احتوائهم و الحديث معهم بطريقة لا تجرح مشاعرهم أو تدينهم أو ترفضهم , و امثلة كثيرة من الكتاب المقدس توضح ذلك فى لقائه مع المرأة السامرية و الكتبة و الفريسين و غيرهم فى المقابل لا نجده يكتسب طباع أو تصرفات غير لائقة .. فكان مختلف زعم كل ما يدور حوله .
فى نهاية اليوم , حرصت ورشة العمل على ارسال تقرير مفصل عن اليوم للاسر بما قدم للطفل من باب مساعدة الاسر على التواصل مع ابنائها بشكل ايجابى و التأكيد على المفاهيم التى تناولتها الورشة على مدار اليوم مع توصيتها ببعض الملاحظات منها التأكيد على قيمة الاختلاف و من ثم الامتناع عن قول عبارات سلبية ربما اعتادنا ذكرها فى تعاملاتنا مع ابنائنا و منها ” منقولش انتم طالعين مش شبهنا .. منقولش انت تخين أو تخينة .. منسمحش لحد يتريق على اولادنا .. مفيش حد شكله وحش .. نبدأ بنفسنا لاننا مرآة لهم ” .