ان الصوم هو أحد الوسائل لتقديم الجسد لله كذبيحة حية و التى نادى بها القديس بولس “فأطلب اليكم ايها الاخوة برأفة الله ان تقدموا اجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله عبادتكم العقلية” ( رو١:١٢). قدم القديس بولس من هذه الذبائح مرارا كثيرة فى حياته و قال “فى كل شيء نظهر انفسنا كخدام الله فى صبر كثير فى شدائد فى ضرورات فى ضيقات فى ضربات فى سجون فى إضطرابات فى أتعاب فى أسهار فى أصوم ” (٢كو٤:٦ )، أى أنه اعتبر الصوم على نفس درجة سائر آلامه و بذله لأجل الخدمة ، و بنفس المعنى يقول مرة أخرىعن خدمته انها كانت “فى جوع و عطش. فى أصوام مرارا كثيرة” ( ٢كو٢٧:١١).
تأمل القديس باسيليوس و قال : لقد كان الحرمان الجبرى الذى عاشه لعازر الفقير سببا فى استمطار مراحم الرب له “فقال ابراهيم يا ابنى اذكر انك استوفيت خيراتك فى حياتك و كذلك لعازر البلايا و الآن هو يتعزى و انت تتعذب” (لو ٢٥:١٦ ) فبالأولى يكون الفقر الإختيارى و التخلص من سائر الشهوات بما فيها شهوة البطن هو تقدمة يهتف فيها القلب: الله و كفى “من لى فى السماء. و معك لا أريد شيئا فى الأرض” (مز٢٥:٧٣ ).
أيضا الصوم هو شكل من اشكال التقدمات التى تقدم على مذبح الحب الالهى لاعلى قبيل أنه عمل بطولى من أجل الله و لكن على اعتبار ان الانغماس فى الملذاتو المأكل و اهتمام الجسد و ارتباك النفس بالمادة تغشى و تظلم البصيرة الروحية”لأن اهتمام الجسد هو موت و لكن اهتمام الروح هو حياة و سلام” ( رو٦:٨).
لذلك لم يكن غريبا من القديس بولس و لا حسب تطفلا منه حين علم بالصوم عنالعلاقات الزوجية بشكل مؤقت اثناء فترة الصوم حين قال “لكى تتفرغوا للصوم و الصلاة ثم تجتمعوا ايضا معا لكى لا يجربكم الشيطان لسبب عدم نزاهتكم” ( ١كو ٥:٧ )
و إن كان الصوم هو تقدمة الجسد لله فتختلف قيمة هذه التقدمة من شخص إلىآخر لا فقط على أساس عدد ساعات صومه إنما على قدر عمق و صدق الشركةمع الله فيصبح الصوم عند الله تقدمة لها مكافأة و مجازاة “لا تظهر للناس صائمابل لأبيك الذى فى الخفاء فأبوك الذى يرى فى الخفاء يجازيك علانية” (مت١٨:٦).