أسست أسرة محمد علي في مصر سلاح الفرسان, وكان من حظ النبلاء وأبناء الأمراء ثم انضم إليه نخبة من صفوة الضباط وتم تغيير الاسم بعد ثورة يوليو 1952 إلي سلاح المدرعات وقد اشتهر سلاح الفرسان بعد أزمة فبراير 1954 حين قدم محمد نجيب استقالته وأذاعها صلاح سالم وقبلها مجلس قيادة الثورة ورفضها سلاح الفرسان من خلال ممثلهم في المجلس خالد محيي الدين ورفضها رهط من الجماهير خرجوا إلي الشوارع فيما عرف بأزمة مارس 1954.. ليظل اسم الفرسان رمزا للنبل والإنسانية ويكفي أن تعرف أن الممثل القدير الوسيم أحمد مظهر كان أحد رجاله والكاتب الرومانسي وأحد فرسان القلم والذي أصبح وزيرا للثقافة يوسف السباعي صاحب رد قلبي وبين الأطلال.. وقد توارثت الأسر المالكة وحتي الجمهوريات التي كانت ملكية في أوروبا لقب فارس في صورة وسام ملكي تمنحه إلي من يتوسمون أنه يستحق هذا الشرف الرفيع.. من الذين سجلوا في تاريخ أوطانهم نقشا علي جدران الإنسانية وسطروا بفعلهم صفحات من النبل البشري.. فاغترفوا من الحياة فيض من المشاعر الرقيقة وصهروها في بوتقة الحب اللانهائي وطرحوا أريجها علي الطرقات لمن يستحق ومن لا يستحق دون استثناء فلا فرق عندهم بين البشر فالكل في حب الحياة سواء وما دون ذلك خواء.. هكذا يبذرون بذور الود في كل أرض لتنبت أشجارا وارفة من النقاء والصفاء.. هم وقود قنديل يضيء طريق الآخرين بزيت لا ينضب وكأنه أتي من شجرة مباركة.. هم نبع يتدفق ماؤه فيفتح خلجان تنبت نخلا صنوان وغير صنوان تسقي العطشي في كل زمان ومكان.. هم الفرسان الذين يحملون مشاعل النور ليضيؤوا طريق الحق بلا صولجان.. من بين هؤلاء يختارون إنسانا ليمنحوه هذا الوسام.. من بين العاملين الصامتين المحبين للبشر والحجر والورود والجمال والقلوب وكل بني الإنسان.. تعلون وجوههم السماحة وشفاههم الابتسامة وجبينهم واحة أمان لمن خفق قلبه واجفا فاستكان.. صديقي يسري الكاشف ابن مدينتي البسيطة الحزينة العريش تركها منذ أكثر من أربعة عقود حالما بعالم آخر بعد أن طحنته الحياة والغربة في زمن الاحتلال فعاش وحيدا في معسكرات الشباب بلا أهل ولا وطن تضربه ليالي القاهرة وتسحقه آلة الزمن فالأسرة في الأرض المحتلة في سيناء الحبيبة ويرفع رأسه ليجد والده سجينا في غياهب سجون الاحتلال الإسرائيلي بعد حرب أكتوبر 1973 هو وثلة من الرفاق حيث كانوا أبطال خلية اللاسلكي التي جعلت سيناء كتابا مفتوحا أمام القوات المسلحة قبل عصر الأقمار الصناعية.. ثم تشاء الأقدار أن يستقبل أباه بعد الانتصار والإفراج عنه في صفقة تبادل الأسري وبعدها بسنوات تعود سيناء بعد معاهدة السلام ليراها من جديد ولكن لم يمض فيها عهدا بل فقط حضن اللقاء ثم سفر طويل إلي الوطن الثاني الجديد.. هولندا والذي منحه اليوم أرفع وسام ملكي بدرجة فارس ليتوج به رحلة طويلة امتزج فيها العمل بالألم والأمل ودموع الفراق بفرحة اللقاء وعقبات كئود ونجاحات سجلتها صحائف.. استحق عنها هذه الجائزة الكبري.. فهنيئا لنا بهذا التتويج.. وما أجمل أن يكون لك صديق علي الجانب الآخر من ذلك البحر المتوسط الكبير ويطل برأسه علي المحيط يلوح بكلتا يديه أقبل ههنا نحن يا صديق العمر نرفع رايات الشرف والنبل والخلق القويم, ههنا الفرسان.. يضحك لهم الزمان.. فلم يفت يا صديقي الأوان.. نعم في بلد الفرنجة يعرفون قيمة الإنسان.