أكد المهندس حسن عبدالعزيز رئيس الاتحاد الأفريقي للمقاولين أن العالم شهد عدة أزمات اقتصادية متتابعة أثرت سلباً علي القارة الأفريقية، وشكلت تحديات كبرى لقطاع المقاولات المنوط به صياغة مستقبل القارة تنموياً، واقتصادياً، واجتماعياً، ما يتطلب التعاون والتنسيق بين الدول الأفريقية للتغلب علي تداعيات هذه الأزمات.
جاء ذلك خلال اجتماع الجمعية العمومية للاتحاد الأفريقي لمنظمات المقاولين الذي انعقد صباح يوم السبت 25 مايو بالقاهرة بحضور ومشاركة رؤساء ووفود ثمانية عشر دولة إفريقية وهم؛ الجزائر، وبنين، وتشاد، وجزر القمر، والكونغو، وكوت ديفوار، ومصر، وغانا، وغينيا، وليبيا، والمغرب، والسنغال، والكاميرون، والسودان، وتونس، وأوغندا، ورواندا، وزيمبابوي.
وجرى خلال الاجتماع مناقشة العديد من الموضوعات والقضايا الهامة التى تستهدف تطوير وتنمية قطاع المقاولات الافريقي، وتمكين الشركات الافريقية من تنفيذ المشروعات الأفريقية بدلا من استحواذ الشركات الاجنبية علي النسبة الأكبر من هذه المشروعات، ما يعني استنزاف موارد الدول الافريقية من العملات الحرة، حيث تم الاشادة بجهود الاتحاد في هذا الشأن، والتي أسفرت بالتنسيق مع مفوضية الطاقة والنقل عن منح الأولوية للشركات الأفريقية في تنفيذ المشروعات الممولة، وإلزام الشركات الأجنبية التي يرسو عليها العطاء بالمشاركة مع مقاولين أفارقة في المشروعات المنفذة بالقارة، واستخدام العمالة الأفريقية، ومواد البناء المحلية الصنع وذلك لتوفير فرص العمل الحقيقية أمام الآفارقة، لمواجهة تزايد معدلات البطالة.
كما طالب المجتمعون بالاهتمام بالتدريب والتطوير للارتقاء بصناعة البناء الأفريقية وزيادة القدرات التنافسية للشركات الوطنية حتى تستطيع ممارسة دورها المنشود في تحقيق النمو المستدام ، والتنمية الشاملة لكافة الدول الأفريقية.
وأشار المهندس حسن عبدالعزيز إلى أهم خمسة تحديات؛ أولها ظاهرة التغير المناخي، والاحتباس الحراري، وما حملته من آثار اقتصادية مدمرة، عانت منها أكثر القارة الأفريقية، حيث تسببت في جفاف الأنهار والبحار، وتهديدات للبنية التحتية، وانتشار المجاعات والكوارث، مع نقص المياه والغذاء، كما أن التقارير تؤكد أن 75% من المنشآت والبنى التحتية في الدول الأفريقية والعربية معرضة لتداعيات تغير المناخ الأمر الذي يعرض بدوره نظم النقل، وشبكات المياه، والصرف الصحي، ومحطات توليد الطاقة لخطر شديد، وثاني التحديات، تداعيات فيروس كورونا الذي تسبب في خسائر اقتصادية ضخمة لا نزال نعاني من تداعياتها، وثالث التحديات نشوب الحرب الروسية الأوكرانية، لتزداد معها حدة التضخم العالمية، والارتفاع الفادح في أسعار الطاقة والغذاء ما فرض ضغوطاً رهيبة على ميزانيات الدول الأفريقية، ورابعها العدوان الإسرائيلي الهمجي علي قطاع غزة، وما أنتجه من توقف حركة السفن التجارية مع ازدياد حالة التوتر والترقب، وهو ما أدي بدوره إلى ارتفاع أسعار النقل، والسلع، والطاقة، وخامس التحديات، استمرار السياسات الخبيثة للدول الكبرى في إثارة القلاقل الداخلية، و نزاعات الحدود بين الدول الأفريقية ليسهل لهم السيطرة علي موارد القارة، واستغلال ثرواتها.
وأوضح أنه يمكن احتواء تأثير هذه الأزمات العالمية علي قطاع البناء الأفريقي من خلال اتخاذ ست سياسات؛ أولها منح شركات المقاولات الوطنية كافة الفرص لتنفيذ المشروعات الكبري، حيث يرتبط بها حل مشاكل البطالة، وتنشيط كافة القطاعات الاقتصادية الأخري، بجانب تشجيع قيام تحالفات وشراكات كبري بين شركات المقاولات الأفريقية لتكون قادرة علي تنفيذ المشاريع الأفريقية العملاقة، بدلا من الشركات الأجنبية، ما يوفر العملات الحرة لبلداننا، وثانيا التنسيق بين الدول الأفريقية في إنتاج مواد البناء، وتحقيق التكامل في صناعاتها، وفقاً للمعطيات المحلية التي تتمتع بها كل دولة، وهو ما يؤدي إلى إنخفاض تكاليف الإنتاج، ما يعني سد احتياجات الدول الأفريقية بأسعار مناسبة بدلا من الاستيراد من العالم الخارجي بمبالغ باهظة، بجانب التعاون في إقامة صناعات مشتركة لمعدات وآلات الانشاءات الثقيلة، وثالثها، الاستفادة من التقارب الجغرافي في فتح الأسواق الأفريقية أمام بعضها البعض، وتحسين وسائل النقل، وتيسير تنقل العمالة، والمعدات، ورؤوس الأمـوال الخاصة بقطاع البناء، ورابعها تعزيز دور شركات المقاولات قطاع خاص، ورفع نسب مشاركتها في تنفيذ المشروعات لتؤدي دورها في توفير فرص العمل، وامتصاص ما سببته الأزمات العالمية من تضخم، وللخروج من حالة الركود، والكساد، وخامساً، توفير قاعدة بيانات أفريقية متخصصة في قطاع البناء والتشييد تتضمن معلومات تفصيلية عن كافة المشروعات المطروحة، والمستقبلية، ومصادر تمويلها، والقوانين والتشريعات، وشبكات النقل، ومواد البناء وأسعارها، وأجور العمالة، في كل دولة، وسادسها، الاهتمام بتطوير قطاع المقاولات الأفريقية، ورفع مستوي الكفاءات والقدرات البشرية، وتطوير مناهج وأساليب التعليم، والبحث العلمي، ودعم الابتكار، والاستفادة من التقنيات وأساليب البناء الحديثة في تنفيذ المشروعات الإنشائية.
من جهته أشار المهندس عبدالحق العرايشي رئيس اتحاد المقاولين المغربي إلى أهمية التدريب والتطوير لشركات المقاولات الإفريقية حتى تستطيع المنافسة علي المستوى الاقليمي والدولي منوها الي تقديم مبادرة من الاتحاد المغربي بتدريب شركات المقاولات والمهندسين والكوادر الافريقية علي نفقة الاتحاد المغربي كمساهمة في رفع مستوى العاملين في صناعة البناء والتشييد الأفارقة.
من جهته أشاد وفود الدول الأفريقية بالتجربة المصرية في التنمية العمرانية، خلال زيارتهم المتعددة لمواقع المشروعات القومية والتنموية الكبري، وما شاهدوه من طفرة الكبرى في مشروعات البنية التحتية، والطاقة الجديدة والمتجددة، والكهرباء، والطرق، والمحاور، والأنفاق، والسكك الحديدية، والموانئ الجوية والبحرية، وإنشاء مدن الجيل الرابع، والمدن الجديدة المستدامة، ومشروعات تطوير العشوائيات، والمناطق السياحية والأثرية، و المناطق الصناعية الكبرى في كل ربوع مصر، والتي التي ساهمت في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ورفع معدلات النمو، وحدت من نسب البطالة.
لذا أعلن عدد من رؤساء الوفود الأفريقية عن رغبتهم في الاستعانة بالخبرات والإمكانيات الفنية والبشرية الهائلة لشركات المقاولات المصرية لنقل التجربة المصرية الي بلادهم مؤكدين إن ما شهدته مصر من نهضة عملاقة في السنوات الأخيرة لهو أكبر دليل على قدرة هذه الشركات علي القيام بدور فعال وسريع في تطوير ونهضة بلدانهم.
هذا وقد تم علي هامش الاجتماع توقيع بروتوكول تعاون في مجال الإنشاءات والمقاولات بين الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، والنقابة العامة للبناء والتشييد والإنشاءات بدولة ليبيا، تستهدف تنفيذ مشروعات إعادة الإعمار بليبيا، خاصة المناطق التي تضررت من إعصار درنة، وتكوين شراكات وتحالفات بين شركات البلدين لتنفيذ المشروعات المشتركة ، حيث وقع عن الجانب المصري المهندس محمد سامي سعد، رئيس الاتحاد المصري، وعن الجانب الليبي الأستاذ أحمد كوشير، رئيس نقابة البناء بدولة ليبيا.
وفي نهاية الاجتماع عبر المجتمعون عن إدانتهم للعدوان الإسرائيلي الوحشي علي قطاع غزة معلنين عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني مطالبين المجتمع الدولي بالعمل علي وقف الحرب حيث تم إصدار البيان التالي:
الاتحاد الافريقي لمنظمات مقاولي التشييد رئيساً ونواباً وأعضاءاً إذ يتابعون بقلق شديد العدوان الإسرائيلي علي قطاع غزة، والذي أودى بحياة عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال والشيوخ، ودمر المساكن، والمباني العامة، والمستشفيات، والمدارس، والبنى التحتية، إنما يعلنون إدانتهم الشديدة لهذه الممارسات المخلة بالقواعد الإنسانية، و المنتهكة لأحكام القوانين الدولية، و يناشدون المجتمع الدولي وكافة الهيئات والمنظمات المعنية سرعة التدخل من أجل الوقف الفوري للاعتداءات، وإيجاد حلول جذرية للأوضاع الإنسانية المتفاقمة في القطاع، و يدعون الأمم المتحدة ومجلس الأمن للعمل الفوري علي إقامة دولة فلسطين المستقلة لتحقيق العدل والأمن الدولي، وإرساء السلام الدائم، وإنهاء معاناة الشعب