أكد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء أن الدولة كانت تحتاج إلى تدبير سيولة مالية كبيرة كي تتعامل مع التراكُم والمتأخرات التي كانت موجودة، إلى جانب ضمان توحيد سعر الصرف من خلال السيولة المتاحة، مضيفا أن أي اقتصاد في العالم ينبغي ألا يعمل على سعرين للصرف، أو سعرين للعملة، لأنه مع الأسف مع طول مدة المشكلة، بدأت تتكون قناعة لدى المواطنين والتجار والصانع أن الدولار ليس وسيلة فقط لتدبير العملة، وإنما أصبح الدولار في حد ذاته سلعة، ويتم المتاجرة بها، واصفا هذا الأمر بأنه كان مشكلة كبيرة للغاية، وكنا نعمل على حلها.
عبر رئيس الوزراء عن ارتياحه لأن الحكومة لديها اليوم الاطمئنان والثقة، لتدبير العملات المطلوبة لدفع عجلة الاقتصاد المصري خلال الفترة القادمة، وذلك بفضل الإجراءات الأخيرة التى تمت لتوفير سيولة كبيرة جدًا للدولة المصرية، سواء من خلال الإجراءات التي أعلنت عنها الحكومة والبنك المركزي أمس، أو بفضل الاستثمارات الضخمة التي تم الاتفاق بشأنها، بالإضافة إلى الاتفاق الذي تم الإعلان عنه مع صندوق النقد الدولي، بمبلغ 8 مليارات دولار بالإضافة إلى 1.2 مليار دولار أخرى، أي بإجمالي مبلغ 9.2 مليار دولار، إلى جانب صفقة “رأس الحكمة” التي تم إبرامها بقيمة 35 مليار دولار.
أضاف رئيس الوزراء أن تلك الإجراءات تضمنت أيضاً قيام عدد آخر من شركاء التنمية مثل: البنك الدولي، والمؤسسات الدولية الأخرى، والاتحاد الأوروبي، بضخ مبالغ لدعم تنفيذ المشروعات في مصر، خلال الفترة القليلة المقبلة، وسيتم الإعلان عنها، مؤكدا أن تعظيم الاستفادة من أصول الدولة مستمر، والدولة منفتحة، وتُخطط لصفقات كبيرة أخرى، خلال الفترة القادمة، كل هذا بهدف تدبير السيولة النقدية، التي تضمن بصورة نهائية القضاء على الأزمة الخانقة للعملة الصعبة والتي كُنا نُعاني منها، وبما يضمن توافر هذه العملات، من خلال الاستثمار، ومن خلال أيضاً حُسن استغلال الأصول المملوكة للدولة.
وفي هذا السياق، أوضح الدكتور مصطفى مدبولي أن هدفنا ـ كما تحدثنا بالأمس ـ في المؤتمر الخاص بصندوق النقد الدولي، تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، والإصلاح الهيكلي للاقتصاد المصري، وتشجيع القطاعات الرئيسية، الداعمة للاقتصاد، وهي: الصناعة، والزراعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والسياحة، والقطاعات التي من شأنها أن تخلق فرص عمل حقيقية، وأيضاً تُسهم في تدبير العملة الصعبة، فالدولة المصرية حتى تدفع هذه القطاعات المهمة جدا، كان ينبغي أن تقوم بإنشاء بنية أساسية، حتى تُمكن هذه القطاعات المهمة من الانطلاق بقوة، وهذا هو الذي بدأنا نجني ثماره، في هذه المرحلة.
كما أكد رئيس الوزراء على بعض الرسائل المهمة، ومنها أنه لكي نصل إلى القرارات التي تم اتخاذها أمس كان هناك جهد كبير يتم بذله مع جميع الجهات والأجهزة بالدولة المعنية بمتابعة الأسواق، وهي وزارات: التموين، والداخلية، والتجارة والصناعة، متحدثا عن سبب أزمة الدولار وقال: في كل الأحوال كنا ندرك تماما أن سبب أزمة الدولار والعملة الصعبة بدأت تتشكل من شبكات معقدة من السوق السوداء أو السوق الموازية، وهذه المنظومة من الشبكات التي كانت تتعامل مع تحويلات المصريين بالخارج، وكان هناك تعامل مباشر مع المصريين بالخارج وقيامهم بتحويل العملات الأجنبية التي بحوزتهم إلى عملة مصرية بسعر السوق الموازية، ثم توصيلها لذويهم في مصر.
قال الدكتور مصطفى مدبولي: بسبب هذه المنظومة التي تشكلت كان لدينا سعران للعملات الأجنبية، لكنه وفقا للإجراءات التي تم اتخاذها مؤخرا يكون لدينا حاليا سعر واحد، ولذا فقد تم التوجيه لوزارة الداخلية بالضرب بيد من حديد لكل تجار السوق السوداء، ومنظومة الشبكات التي كانت تسيطر على تحويلات المصريين بالخارج، فلا يوجد دولة تسمح بهذا الأمر، مؤكدا أن هدفنا خلال الفترة المقبلة أن يكون لدينا سوق واحدة وهي البنوك المصرية والآليات والقنوات الشرعية الرسمية في الدولة هي المنوط بها تدبير العملة الأجنبية، والتعامل مع تحويلات المصريين بالخارج.
شدد رئيس الوزراء مجددا على أنه تم التوجيه لوزارة الداخلية وجميع الجهات الأمنية بالضرب بيد من حديد والتعامل بكل حسم مع منظومة السوق السوداء والمنظومة غير الرسمية، وبقية المعاملات غير الرسمية الأخرى، وقال: نحن نعمل حالياً على هذا الأمر، لأنها بكل المقاييس حرب، حتى نضمن أن نُعيد التوازن مرة أخرى للاقتصاد المصري ولسوق العملة، الذي كان للأسف يُؤثر بصورة سلبية على الاقتصاد، وخلق حالة من اليأس والإحباط لدى المواطنين، في ظل المتاجرة بالأسعار والسلع، على النحو الذي شهدناه.
قال رئيس الوزراء: لقد تحدثت مع التجار والمصنعين بشأن ضبط الأسواق، وكانوا يتحدثون عن معاناتهم من عدم توافر الدولار، وإضطرارهم للجوء إلى السوق السوداء لتدبيره بأسعار مرتفعة، وكذلك اضطرارهم لتسعير السلع والمنتجات، وفقاً للسعر السائد بالسوق السوداء، لعدم مقدرتهم على الحصول على الدولار بالسعر الرسمي، ولذلك قمنا باتخاذ خطوات جادة، حتى نوحد سعر الصرف، وكما رأينا أن الأرقام أقل بكثير جدًا من الأرقام التي كانت سائدة بالسوق السوداء.
أكد رئيس الوزراء أيضا أنه سيتم التواصل مع مختلف التجار خلال المرحلة القادمة، وذلك بما يمكن من ضبط الأسعار، بحيث تعكس السعر الحقيقي والواقعي للسلع، موجهاً رسالة لكافة التجار، قائلا: “في إطار جهود الدولة لتدبير العملة الأجنبية وما يتم اتخاذه في هذا الإطار من إجراءات، والتزامها بتوفير العملة”، مؤكداً في هذا الصدد أن الأولوية للدولة المصرية في توفير العملة الأجنبية، تتمثل في العمل على اتاحة السلع الغذائية بمختلف مشتقاتها، والأدوية، والأعلاف، والمنتجات البترولية، والمواد الخام ومستلزمات الإنتاج الخاصة بالصناعة.
وفي الوقت نفسه، لفت رئيس الوزراء إلى أن المنتجات تامة الصنع، أو السلع الاستهلاكية، تأتي في ذيل القائمة بالنسبة لأولويات الدولة لتوفير العملة الأجنبية، مؤكداً أهمية الرسالة التي كان يتم مراراً تكرارها للمصنعين، وذلك سواء من جانب الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، أو من جانب الحكومة، وتؤكد هذه الرسالة على: “ضرورة تعميق التصنيع المحلي، وأهمية استبدال المنتجات المستوردة بمنتجات مصنعة محلياً”.
تطرق رئيس الوزراء إلى الإجراءات التي تتخذها الدولة لتحقيق إصلاح هيكيلى للاقتصاد المصري، وما يتضمن ذلك من توحيد سعر الصرف، وإقرار العديد من الحوافز للمستثمرين، من تيسير للإجراءات، وإصدار الرخصة الذهبية، وكذا اتاحة الأراضي، ودعم الصادرات، لافتا في هذا الصدد إلى أن مجلس الوزراء وافق أمس على إتاحة 8 مليارات جنيه أخرى لرد أعباء التصدير، كمرحلة جديدة للمصدرين، قائلا:” هذه المرحلة للمصدرين الذين يقومون بتحويل العملة الأجنبية داخل الدولة المصرية”، مضيفاً: مع توحيد سعر الصرف من المفترض أن يتم التنازل عن العملة للبنك المركزي، الذي يلتزم بإتاحة العملة الأجنبية في أي وقت للعملاء الذين سيقومون بتوفير مجموعة الأولويات التي تم الإشارة إليها.
جاء ذلك خلال ما ادلاه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، من تصريحات صحفية حول متابعة تنفيذ التوجيهات الرئاسية بسرعة الإفراج الفوري عن السلع والبضائع بمختلف الموانئ، بحضور كل من الدكتور على المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، والفريق مهندس كامل الوزير، وزير النقل، والسيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، واللواء بحري نهاد شاهين، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لميناء الإسكندرية، واللواء عبد القادر درويش، رئيس شركة المجموعة المصرية للمحطات متعددة الأغراض، والسيد الشحات الغتورى، رئيس مصلحة الجمارك.