“كتب” القس بيشوي القمص بيشوي، كاهن كنيسة ماربولس العبور، تأمل في معنى الحب الحقيقي الذي فعله السيد المسيح لأجلنا
مستشهدًا بآيات الكتاب المقدس:”لأنَّهُ هكذا أحَبَّ اللهُ العالَمَ حتَّى بَذَلَ ابنَهُ الوَحيدَ، لكَيْ لا يَهلِكَ كُلُّ مَنْ يؤمِنُ بهِ، بل تكونُ لهُ الحياةُ الأبديَّةُ.”
يوحَنا 3:16
كأن المسيح يقول: لا تتعجب إنني سأُرفع على الصليب لتخلصوا أنتم، فإن هذا الرأي رأي الآب الذي قد أحبكم هذا الحب حتى بذل ابنه عن عبيده، على أنه ما كان أحدكم يعمل هذا العمل من أجل صديقه، ولا من أجل إنسانٍ بارٍ. وهذا المعنى قد أوضحه بولس فقال: “فإنه بالجهد يموت أحد لأجل بارٍ، ربما لأجل الصالح يجسر أحد أيضًا أن يموت، ولكن الله بيَّن محبته لنا، لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا” (رو ٥: ٧، ٨).
بتعبير”هكذا أحب” والتعبير الآخر “الله العالم” يظهر عظمة قوة حبه. الفاصل بين الاثنين عظيم وغير محدود. هو الخالد ذاك الذي بلا بداية، صاحب الجلالة غير المحدود. وأما هم فتراب ورماد، إنهم مشحونون بربوات الخطايا، جاحدون، عاصون له على الدوام، هؤلاء قد أحبهم! مرة أخرى الكلمات التي أضافها بعد ذلك تحمل معنى متشابهًا، إذ يقول: “بذل ابنه الوحيد”، وليس خادمًا، ولا ملاكًا ولا رئيس ملائكة. لا يظهر أحد اهتمامًا بابنه كما يظهر الله نحو عبيده الجاحدين.
القديس يوحنا الذهبي الفم
يختلف مفهوم الحب العالمي عن مفهوم الحب الإلهي: فالحب العالمي يعتمد على تبادل المنفعة تأخذ مشاعر، تأخذ منفعة، تأخذ كرامة، …. لتعطي حب حتى مع أولادنا نعطيهم حب حتى نأخذ مقابله احترام او مساعدة أو خلافه.
أما الحب الإلهي يختلف تماما. هو حب باذل يعطي بدون مقابل، يعطي دون أن ينتظر مقابل حتى يعطي أكثر، يعطي حتى وإن كنا لا نستحق فيقول: إذ ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا.
هل تستطيع أن تحب كما يريدك الله!؟
هل تستطيع عدوك وليس أخوك!؟
هل تستطيع أن تحب فتبذل ذاتك لأجل الآخرين!؟
أم أنك تحب ذاتك!؟
فيقول: “بكُلِّ تواضُعٍ ووداعَةٍ وبطول أناةٍ، مُحتَمِلينَ بَعضُكُمْ بَعضًا في المَحَبَّةِ.”
ويقول: “مياهٌ كثيرَةٌ لا تستَطيعُ أنْ تُطفِئَ المَحَبَّةَ، والسُّيولُ لا تغمُرُها. إنْ أعطَى الإنسانُ كُلَّ ثَروَةِ بَيتِهِ بَدَلَ المَحَبَّةِ، تُحتَقَرُ احتِقارًا.”
وأخيرا: “والرَّبُّ يُنميكُمْ ويَزيدُكُمْ في المَحَبَّةِ بَعضَكُمْ لبَعضٍ ولِلجميعِ، كما نَحنُ أيضًا لكُمْ،”
أيها الحبيب: إن كان العالم يحتفل بعيد الحب، فلنحتفل به لكن بفهم كيف نحب كما يليق بالمسيح، نحب ببذل وتضحية، محبة لا تغمرها مياه خطية هذا العالم، محبة لا تنتظر فعل من الآخر، محبة تستمد قوتها من المحبة التي داخل الثالوث، محبة هادئة رقيقة كالروح.
يوحَنّا الأولَى 4
أيُّها الأحِبّاءُ، لنُحِبَّ بَعضُنا بَعضًا، لأنَّ المَحَبَّةَ هي مِنَ اللهِ، وكُلُّ مَنْ يُحِبُّ فقد وُلِدَ مِنَ اللهِ ويَعرِفُ اللهَ. ومَنْ لا يُحِبُّ لم يَعرِفِ اللهَ، لأنَّ اللهَ مَحَبَّةٌ. بهذا أُظهِرَتْ مَحَبَّةُ اللهِ فينا: أنَّ اللهَ قد أرسَلَ ابنَهُ الوَحيدَ إلَى العالَمِ لكَيْ نَحيا بهِ.