كل ما يتداول من حديث عن ” العدل الدولية ” و” مجلس الأمن ” مجرد ” شو سياسى ” .. و تظل الحقيقة على الأرض
– خسارة كبيرة ستلحق باسرائيل حال ادانتها من ” العدل الدولية ” و الأمر يتطلب فرض عقوبات من خلال مجلس الأمن
– ” جنوب افريقيا ” رفعت الدعوى القضائية لمحاكمة اسرائيل نيابة عن الانسانية كلها .. و الفلسطنيون محظوظون بهذه المبادرة
– من اولويات مصر ان تبقى خطوط الاتصال مفتوحة مع اسرائيل حتى لا تغلق الأبواب بحثا عن حلول
– اتهام اسرائيل لمصر بمسئولياتها الكاملة عن معبر رفح .. جزء من الحرب الدعائية
– اسرائيل تعى ان وقف اطلاق النار معناه اجراء انتخابات و لجنة تحقيق .. و هو ما لا ترغبه اسرائيل
– الفلسطينون المتواجدون داخل اسرائيل و يمثلون 22% يمكن التعويل عليهم و الاستثمار معهم فى ايجاد حل للأزمة
– فى ميدان المعركة لا يوجد تمييز فى الأهداف .. و قناة السويس خسرت فى اول العام 40% بما يعادل 4 مليار دولار
– حماس ترفض ان تكون شريكا لمنظمة التحرير لرغبتها فى الاستقلال بحكم غزة كدولة فلسطينية
أكثر من 100 يوم ولاتزال الحرب الإسرائلية على قطاع غزة مستمرة، مارست خلالها دولة الاحتلال كافة فنون الانتهاكات عبر استهداف مدارس فلم ترحم أطفالها .. ضرب وتدمير مستشفيات فلم تشفق على مرضاها .. قتل شيوخ ونساء وزهق آلاف الأرواح ليسطر بدمائهم أروع ملحمة للصمود والمقاومة ضد العدوان الصهيوني ومخططه منذ عام 1948 بتهجير الفلسطنيين من اراضيهم قسرا و محاولة الدفع بهم في اتجاه الأراضي المصرية و من ثم تصفية القضية الفلسطينية .
جرائم جسيمة أرتكبت في حق الشعب الفلسطيني على مدى عقود، أعتبرت إسرائيل نفسها أنها دولة فوق القانون في المقابل لم يراعي العالم المتشدق بحقوق الإنسان مآسيهم في ظل إنحياز صارخ لكيان عنصري و قادته، لتتجه أنظار الفلسطينيين المكلومين لفقدان فلذات أكبادهم إلى القضاء لعله يكون منصفا في عالم أفتقد أدنى معايير العدالة، وذلك بعدما أخذت “جنوب إفريقيا” المبادرة ورفعت دعوى قضائية في سابقة أولى من نوعها لمحاكمة إسرائيل لأول مرة أمام محكمة العدل الدولية بتهمة إرتكاب جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين داخل قطاع غزة حيث دفعهم إلى حافة المجاعة بفرض حصار على القطاع و تعمد منع وصول المساعدات الانسانية لاعاشتهم و إغاثتهم من تقديم أغذية ومياه و أدوية ووقود وتوفير ملاجىء و مساعدات لأهالي غزة، أيضا لم تتورع عن استخدام أسلحة الدمار الشامل ضد المدنيين وقنص النساء و الأطفال داخل القطاع، متهمة الاحتلال الإسرائيلي بتمزيق الشعب الفلسطيني وإهدار حقهم في تقرير المصير من خلال تكثيف انتهاكاته داخل غزة وبقية الأراضي الفلسطينية , مطالبة المحكمة باتخاذ إجراءات وتدابير عاجلة لحماية الشعب الفلسطيني والوقف الفورى لإطلاق النار لإنهاء معاناتهم مما يلقونه خلال الحرب الوحشية التي يخوضها الاحتلال ضد القطاع منذ السابع من أكتوبر الماضي .
للوقوف على طبيعة ما الذي تنتظره غزة، ولأي مدى يمكن التعويل على خظوة اللجوء لمحكمة العدل الدولية وهل حانت لحظة القصاص العادل من دولة الاحتلال ؟ كان ل ” وطنى ” لقاء مع الدكتور عبد المنعم سعيد – عضو مجلس الشيوخ ورئيس المركز المصري للفكر و الدراسات الاستراتيجية، فكان هذا الحوار …
+ لأول مرة إسرائيل تحاكم أمام محكمة العدل الدولية ومقاضاتها بتهمة الإبادة الجماعية، هل تنجح جنوب أفريقيا في محاكمة إسرائيل ؟
++ جميعنا ننتظر نتيجة المحاكمة بعد إبداء جنوب إفريقيا إدعائها في المقابل قامت إسرائيل بدفاعها وإلى الآن لايزال الأمر منظور أمام المحكمة، ولكن ما أتذكره هو أن محكمة العدل الدولية لم تنظر مثل هذه القضية من قبل على الرغم من كونها قامت على أكتاف محاكمات النازية في الحرب العالمية الثانية التي عرفت بمحاكمات “نورمبرغ” و من ثم حينما أجريت عملية إنشاء الأمم المتحدة وجد أنه لابد وأن يكون هناك ذراع قضائي للمحاكمات مثلما جرى خلال الحرب العالمية الثانية .
ما حدث فعليا أن المحكمة مارست أعمال كثيرة منها لها علاقة بتحديد الحدود بين الدول و منها العلاقة بين قطر و البحرين، أيضا النظر في قضايا لها علاقة بقانون البحار وغيرها لكن في مجملها لا يوجد فيها مثل هذه الحالة المتعلقة بتاريخ طويل من القضية الفلسطينية منذ عام 1948 وحتى الآن، ففي الواقع يوجد قضية قائمة لكن أي من الطرفين ولا حتى الطرف الفلسطيني لجأ إلى ” العدل الدولية”، فقد جرى اللجوء للمحكمة الجنائية الدولية للنظر في جرائم الحرب بخلاف الوضع مع محكمة العدل الدولية التي تستند إلى القانون الخاص بقضية معينة تكون قد سكته المحكمة من قبل أو يوجد له جذور بميثاق الأمم المتحدة على اعتبار أن “العدل الدولية” جزء من هيكل الأمم المتحدة و عليه ننتظر حكم المحكمة وإلى أي مدى سيكون، فحتى الآن الموضوع لايزال رهن التداول بالمحكمة وليس مستبعدا إطلاقا أن المحكمة تحكم بإدانة إسرائيل خاصة و ان الشواهد كثيرة تؤكد بالفعل ما تم من عمليات إبادة جماعية من خلال القصف حيث فرض الجوع وأخذ أسرى ومنع الأكسجين من المستشفيات ومن ثم عرقلة الأطباء عن القيام بدورهم أيضا ضرب مربعات سكنية كاملة و مستشفيات دون تمييز بحجة مقاومة حركة إرهابية “حماس”، اعتقد أنه سيصبح هناك خسارة كبيرة لإسرائيل إذا ما تم إدانتها من قبل “العدل الدولية” و لكن يظل السؤال هل ستفرض عقوبات ؟
+ هل توقف العدل الدولية الحرب على غزة، و لأي مدى يمكن التعويل على خطوة اللجوء لمحكمة العدل الدولية في إنهاء الحرب؟
++ بالتأكيد بإمكانها الحكم بالوقف الفوري لكن المعضلة أن إسرائيل في النهاية ستفعل ما ترتضاه خاصة وأن النخبة الحاكمة داخل إسرائيل ترغب في تحدي الولايات المتحدة رغم كونها المعين الأساسي لها، و عليه لم تطلق إسرائيل تصريحاتها هباء بكونها دولة نووية و من ثم سيصبح هناك اختبار للإرادة المستقلة لإسرائيل في مواجهة مواطنيها والعالم، لذا سيصبح لدينا معركة سياسية ودبلوماسية كبيرة بمواجهة ما يحدث بعد صدور الحكم خاصة وأنه من الملاحظ إسرائيل في دفاعها تحاول اختلاق مجال باعتبارها مضطهدة من العالم وأن هناك تآلف إسلامي عربي وأن الأمم المتحدة دائما تقف ضدها، وهذه النقطة ستعتمد عليها إسرائيل كثيرا في المرحلة المقبلة لكون جزء منها راجع لطبيعة الحكومة الحالية داخل إسرائيل وحتى النخبة المهيمنة وبعض الناس المعتدلين مثل “هرتصوغ “رئيس الدولة الذي ينتمي لتراث عمالي كبير بكونه أخذ موقف متطرف للغاية مما حدث في 7 أكتوبر، كما أن هناك في جزء يحاول الدفع بالمواطنين الإسرائيليين في اتجاه العودة لموضوع الهولوكوست مرة أخرى على اعتبار أن بعض مشاهد 7 أكتوبر كانت تتضمن ذلك، وعليه ستصبح المعركة القادمة في الجانب الإعلامي و الدعائي مع استمرارها على الأرض .
أرى أن إسرائيل داخلة في نقطة متهورة للغاية قائمة على كونها ستقرر مصير غزة وفقا لما أدلى به مؤخرا “نتنياهو” بأنه لابد أنه تكون المساحة ما بين نهر الأردن و البحر المتوسط تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية، و هو ما يعني احتلال المنطقة بالكامل وتقرير السيادة الأمنية من خلال السلطة الإسرائيلية .
+ حضرت جنوب أفريقيا المحاكمة وسجل العرب شبه غياب في أخطر ملاحقة لإسرائيل أمام ” العدل الدولية ” .. بما تفسر ذلك وما تداعياته ؟
++ كان هناك دول عربية ممثلة مثل مصر و الجزائر ودولتين عربيتين آخريتين، و كان بامكان مصر رفع القضية لكنها ارتأت أن تأخذ موقف المساند للفلسطينيين ولعل وجوده من جنوب أفريقيا مكسب كبير، وفي رأيي كان سيصبح صعبا للغاية على مصر أو السعودية أو أي دولة أن تقوم بمجهود في المحكمة وفي الوقت نفسه تسعى لإيقاف وقف إطلاق النار لكونه أمر يستدعي الحديث مع الإسرائيليين باعتبارهم طرف في مثل هذه المسألة و من ثم المفاوضات الدقيقة تحتاج لدرجة كبيرة من التواصل و التفاوض والوساطة في أمور مهمة .
مصر واضعة هدفها الأساسي هو مساندة الشعب الفلسطيني وتزويدهم بالاحتياجات الإنسانية من مأكل ومشرب وغيرها من المساعدات الإغاثة التي يحتاجها أي مجتمع معاصر أكثر عنه حضور محاكمات وصدور حكم، وعليه ترى مصر أن من أولوياتها ضرورة إبقاء خطوط الاتصال مفتوحة مع اسرائيل حتى لا تغلق الابواب أمام البحث عن حلول وتتم تصفية القضية الفلسطينية .
+ لأي مدى إجراء جنوب أفريقيا له أساس قانوني وما مصلحتها في رفع القضية نيابة عن فلسطين ؟
++ جنوب أفريقيا لم ترفع القضية نيابة عن فلسطين إنما رفعتها نيابة عن الإنسانية كلها، غير أن لجنوب أفريقيا مكانة خاصة في المجتمع الدولي بسبب تعرضها لعمليات التمييز العنصري الفجة لسنوات طويلة ربما لقرن بأكمله أو أكثر لحين ما تم الاتفاق في التسعينيات على انتهاء التفرقة العنصرية، فكانت حكومة الأقلية البيضاء لا تختلف كثيرا عن الحكومة الإسرائيلية حاليا تجاه الفلسطينيين بوجود تمييز عنصري واضح و صريح بحكم القانون ومنها على سبيل المثال وضع الفلسطينيين داخل إسرائيل تجدهم اعلى دخلا ولديهم بعض الحقوق لا يحصل عليها الفلسطينيين داخل بلدان أخرى لنجد في الأساس تمييز عنصري فيما يتعلق بقضايا الملكية و التعيينات و تولى المناصب العامة، فضلًا عن مجرد إعلان إسرائيل دولة يهودية يخلق حالة من حالات التمييز العنصرى لكل مواطنيها سواء كانوا هندوس أو عرب وغيرهم .. فهنا الحالة في جنوب أفريقيا و موقفها كانت بتمس شغف كثيرين في العالم لذا قيامها بهذه المهمة لا يمكن اتهامه بأن يشوبه تحيز عربي أو عنصري تجاه القضية الفلسطينية ضد اليهود .
أعتقد أن الفلسطينيين محظوظين هذه المرة أن دولة بحجم جنوب أفريقيا أخذت هذا الأمر على عاتقها، و بالفعل هناك دول أخرى الآن بتشرع في المساعدة مثل المكسيك وبعض دول أمريكا الجنوبية بما يعني أن العالم بأكمله لديه إدراك و ووعى بقضية الاستعمار المتبقية في القضية الفلسطينية و من ثم ضرورة التضامن بشأنها بهدف زوالها .
+ كيف ترى محاولة إسرائيل تبرير هجومها ، و لأي مدى ينقذها من نية إرتكاب الإبادة بحق جميع الفلسطينيين في غزة ؟
++ لا أرغب التطرق في أمور تتعلق بالشق القانوني، لكن الملاحظ أن دفاع إسرائيل كان قائما على فكرة أن بداية العدوان جاءت من جانب حماس في يوم 7 أكتوبر وأن إسرائيل لم تكن لديها النية في الدخول في حرب بما ينفي شبهة الإصرار والترصد تجاه ما تم وإنما هو جزء من عملية مطاردة “حماس”، ضاربة بعرض الحائط كم المجازر والجرائم التي إرتكبت في حق مدنيين بحجة مقاومة حركة إرهابية تعلم جيدا أنها متداخلة ومتشعبة ضمن الشعب الفلسطيني لتضرب وتدمر وتخرب دون تمييز .
أما عن الأكاذيب التي حاولت إسرائيل ترويجها و إشاعة ادعاءات مغلوطة في دفاعها، فهي جزء من الحرب الدعائية، و لا أحد ينكر كم ما فعلته إسرائيل بحق الشعب الغزاوي بما خالف القانون الدولي و الإنساني و محاولة الدفع بالفلسطينيين في اتجاه الحدود المصرية، ومن ثم فالمسألة مجرد تسجيل نقاط وليس أكثر ولكوني خبير و من مدرسة العلوم السياسية أرى أن القضية تحتاج للتعامل معها بشكل يتجاوز فيه اللوم و الآدانة للتفكير والتضامن في كيفية العبور من الأزمة خاصة وأنها الحرب الخامسة لغزة .
لعل ما يميز هذه الحرب ارتباطها بخصم خارجي ممثلا في إيران، و كثير من المحللين يرون أن الأسلحة التي تستخدمها “حماس” و “الحوثيين” و “حزب الله” و “الحشد الشعبي” و “الحرس الثوري ” جميعها إيرانية أو مصنعة في إيران أو ممولة من إيران , فهنا المسألة لها علاقة بالتوازن الإقليمى برغبة إسرائيل في أن تكون الدولة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط فى المقابل نجد إيران تزاحمها و بتزعم أنها ستكون و تقوم بعمليات تخصيب و مفاعلات و فى طريقها فى هذا الاتجاه مرة تقبل التفاوض ومرة توقف نشاطها إلا أن لاتزال القضية قائمة و تظل خصم مثل إسرائيل باستهدافها مواقع كما حدث في باكستان وحلب بسوريا ضد داعش، وعليه تظل إسرائيل مهددة دائما للموضوع الإيراني .
+ كيف ترى موقف مصر وردها على اتهامات إسرائيل في محكمة العدل الدولية بمسئولياتها الكاملة عن معبر رفح ؟
++ أجده موقف على حق كامل واعتقد أنه لا يوجد أحد في العالم يأخذ هذا الكلام على محمل الجدية بما فيهم الأمريكان والفرنسيين و الأوروبين وغيرهم لكون الشواهد واضحة أمام العالم بمدى اهتمام مصر للقيام بواجبها الإنساني تجاه الفلسطينيين وواجبها السياسي أيضا حيث المحافظة على معاهدة السلام و العمل الجاد لوقف إطلاق النار وإقامة حكومة فلسطينية رشيدة أو ما نسميها حكومة “تكنوقراط ” إلى جانب محادثات سلام من أجل تطبيق حل الدولتين .. لعل مصر كانت رائدة وسباقة في موقفها منذ اللحظة الأولى لاندلاع الحرب قبل أن تتحرك أمريكا لتطالب بتلك الأمور، وأن كان هناك إضافات لبعض التفاصيل جاءت في تصريحات وزير الخارجية الأمريكي “بلينكن” بشأن التطبيع و مشاركة الدول الخليجبة في اعمار غزة بما يعني لغة جديدة بالحديث عن البناء و التنمية و العدالة و السلام في المنطقة بخلاف ما هو قائم على التدمير و الصراع والحرب الدعائية والحرب الدبلوماسية .
+ هناك تحديات تمنع إسرائيل من مبادرة وقف إطلاق النار رغم كل الضغوط التي تتعرض لها، فما هي ؟
++ التحدي هو ما تعيه الحكومة الإسرائيلية جيدا أن أى وقف إطلاق نار معناه إجراء انتخابات و لجنة تحقيق، و هو ما لا ترغبه إسرائيل لاعتقادها إنها لم تأخذ حقها بشأن ما حدث في 7 أكتوبر و أن عمليات الممانعة أو المقاومة بيرجع لتهاون السلطة الإسرائيلية القائمة ومن ثم ينبغي عليها أن تكون أكثر عنفا، وهذا المعتقد راسخ في أذهان كتلة ليست بقليل من الشعب الإسرائيلي و هو ما تستند إليه الحكومة الإسرائيلية والمتداخل فيها الآن جزء ذو طبيعة دينية توراتية وعليه أي قبول لوقف إطلاق النار يقابله ملآمات كبيرة للحكومة الإسرائيلية نتيجة إعطاء معينة في التعامل مع 7 أكتوبر وما تلاه .
والأمر الآخر يتمثل في تزايد الدعوات الدولية لحل الدولتين والإعتراف بدولة فلسطينية لذا لابد من مخاطبة الشعب الإسرائيلي واقناعهم بفكرة حل الدولتين ومن ثم على إسرائيل أن تكون جزء من المنطقة إذا أرادت أن تكون جزء من المنطقة لا مهيمنة عليها .. هذا الطرح للأسف لم يصدر سواء من زعيم عربي أو اعلامي أو غيره لينحصر الحديث حول التطبيع و تحقيق معاهدة سلام مع إسرائيل .
و في رأيي أن الأمر يعود لادارة الأزمة الراهنة، و منها عدم مخاطبة الفلسطينيين المتواجدين داخل إسرائيل البالغ عددهم حوالي 22% من سكان الدولة وهي نسبة ليست قليلة ولديهم المواطنة الإسرائيلية وربما يعول عليهم كثيرا و الاستثمار معهم في إيجاد حل، إذا كنا نرغب في النجاح و الضغط بقوة على العالم وتحقيق مكسب كبير في الرأى العام العالمي و محكمة العدل الدولية لابد من حل الدولتين لإنهاء المشكلة الفلسطينية و الإسرائيلية في العالم .
+ لأي مدى تنجح دعوى جنوب أفريقيا في مطالبتها بالحصانة للمدنيين في غزة ووقف فوري لاطلاق النار ؟
++ أي كان الحكم الذي ستصدره محكمة العدل الدولية سواء كان إدانة أو مطالبة إسرائيل بالوقف الفوري لاطلاق النار أو غيرها من الأمور المتعلقة بهذا الشأن , فان “العدل الدولية ” لا تملك أدوات للتنفيذ ومن ثم أي حكم يستدعي إجراءات معينة ترجع فيه لمجلس الأمن باعتباره جزء من الأمم المتحدة المنوط بفرض عقوبات لمن هدد السلم و الأمن الدولي، ولعلها الخطوة الأهم وفي هذا لا نقلل من دور “العدل الدولية” فمجرد إصدار المحكمة حكما حتى لو لم تحيله إلى مجلس الأمن لفرض عقوبات والاكتفاء بالإدانة، فهو مكسب للرأي العام العالمي يعنيه خسارة كبيرة ستلحق بإسرائيل ونقطة داخل المجتمع الإسرائيلي و الجماعة اليهودية الدولية .
+ بالفعل يعرف أن أحكام محكمة العدل الدولية ملزمة لكنها لا تملك التنفيذ بما يجعلنا نحتاج لقرار من مجلس الأمن الدولي؟
++ لا مفر من الفيتو الأمريكي مع العلم أن أمريكا سبق لها إجراء فيتو مرتين ونحن في احتياج لأمريكا خاصة وأن كل الأمور ذات طبيعة مزدوجة بما يعني أن كل ما يتعلق بالسلام كانت متداخلة فيها أمريكا وتمت معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عبر سلسلة من الاتفاقيات بدأتها بفض الاشتباك الأول والثاني اعقبها اجتماع كامب ديفيد ثم معاهدة السلام المصرية وتطبيق معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية ثم حدوث الخلاف المصري الشديد الذي بامكانه تهديد الاتفاقية بأكمله “طابا” كل ذلك تم بتدخل ورعاية أمريكية، أيضا الاتفاقيات الإبراهيمية تمت برعاية أمريكية وأحيانا كانت أمريكا تقدم الثمن مثلا تم الاتفاق السوداني الإسرائيلي بمقايضة على أساسه ترفع السودان من كشف الإرهاب في العالم مقابل السلام . أيضا المغرب كانت بحاجة للاعتراف الدولي بضم الصحراء .
وبنفس الوضع أيضا إسرائيل في حاجة للضغط الأمريكي والشعب الإسرائيلي يعلم جيدا أن أمريكا تمدهم بالمال والمساعدات والأسلحة و عليه حال رغبة أمريكا في وقف إطلاق النار سيصبح هناك مرونة أكثر بالنسبة للحكومة الإسرائيلية في أن تأخذ موقف معين في مواجهة الشعب الإسرائيلي .
+ في رأيك هل في طريقنا للجوء لمجلس الأمن, و لأي مدى يمكن التعويل على هذه الخطوة في ظل الدعم الأمريكي لإسرائيل ؟
++ كل ما نشاهده ويتداول من حديث عن “العدل الدولية” و “الأمم المتحدة” و “مجلس الأمن” مجرد “شو سياسي” يكون مجالا خصبا للسياسين و القانونين و المعلقين للحديث عنه و التفسير في القانون الدولي لكن تظل الحقيقة والكلام الجاد متواجدة فعليا على الأرض باتساع نطاق الحرب كما هو الحال بوصوله إلى باكستان وتدخل إيران وضربها أربيل بما يضع الحكومة العراقية في حرج وعليه هناك حالة تصعيد قائمة في المنطقة. .
و لا نغفل ضرب أمريكا لليمن وضرب الحوثيين و غيرها من الأحداث المحتقنة التي تمس بالمصالح المصرية من منطلق أنه في ميدان المعركة لا يوجد تمييز في الأهداف في أغلب الأحوال، و السؤال هنا في إدارتنا للصراع من أجل المكسب أم الخسارة ؟ بالتأكيد للمكسب في أن يكون لدينا دولة فلسطينية وكل الخير للشعب الفلسطيني دون التضحية بقناة السويس مثلا فمن المؤسف بعد مرور 270 سفينة يوميا في البحر الأحمر، تمر اليوم 114 سفينة مؤكد هناك خسارة وفقا لتصريحات الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس أنه بداية أول العام خسرنا 40% من القناة بما يعادل 4 مليار دولار .. لذا على الأقل صدور قرار من “العدل الدولية” أمر لا بأس به بزيادة الضغط على الحكومة الإسرائيلية، وربما هناك شرائح داخل الشعب الإسرائيلي ترى احترام للقانون وبعضهم بيتظاهر ضد استمرار الحرب و عليه ربما يؤثر حكم المحكمة عليهم و بالتالي نكسبهم أكثر ليكونوا بارقة في إنهاء الأزمة .
+ قرأتك للمشهد ما مصير إسرائيل، و هل ستكون هناك عدالة دولية أم لا تكون ؟
++ العدالة دائما من السماء، و لا استبعد صدور حكم يكون أحد أدوات ضغط معنا على إسرائيل لكن هل سيكون حاسما؟ اعتقد أن المسألة يحكمها أمرين، أولهما الموقف على الأرض باستطاعة الفلسطينيين الصمود وإحداث خسائر ملموسة أيضا للجانب الإسرائيلي، الأمر الثاني أنه كان هناك حالة تأييد مطلق لكل القادة الغربيين من أمريكان وأوروبين وألمان وإعلان تضامنهم مع إسرائيل بنسبة 100% لكنه تغير الحال ليطالبوا بحل و أن يعم السلام ليتوافقوا مع المشروع المصري و ما ينادي به .
+ محامون من جمهورية جنوب أفريقيا يعتزمون مقاضاة الإدارة الأمريكية والحكومة البريطانية على خلفية دعمها لجرائم الاحتلال الإسرائيلي فى الأراضي الفلسطينية، ما تعليقك ؟
++ أجده أمر لا يضيف للحملة الموجهه لإسرائيل بل على العكس سيعمل على صرف الانظار عن القضية الأصلية ممثلة في عملية الإبادة الجماعية , وعليه أميل للاتجاه نحو الالتفاف حول القضية الأساسية وحلها باعتبارها أكبر جريمة في القانون الدولي الإنساني والدفع بها لإحداث دعاية بشأنها حتى صدور حكم ومن ثم استخدامه بذكاء مع المجتمع الإسرائيلي .
+ لأي مدى الولايات المتحدة وفرت الغطاء السياسي لجرائم الإبادة الجماعية وشاركت في وضع المخطط العسكري؟
++ لا أعتقد أن أمريكا دخلت في المخطط العسكري ومن البداية تعلن انحيازها للقانون الدولي ولم يمضي وقت طويل لتكشف عن تجاوز إسرائيل واعتداءاته للقانون الإنساني الدولي بما يعد اتهام في استخدام القوة أكثر مما يجب، و لا ننكر تقديمها مساعدات للإسرائيلين داخل ميدان المعركة لايمانها بأحقية الإسرائيليين وحقنا في مطاردة “حماس” إلا أن الاشكالية تكمن في تداخلها واختلاطها بالشعب الفلسطيني واختفائها وراء مدنيين .
و في رأيى مخطىء من يدعي أن أمريكا و إسرائيل واحد، فهناك فرق بين الاثنين وهذا الفرق يمكن اتساعه في حالة ما تعاملنا مع الموضوع بذكاء ونجحنا في كسب جزء كبير من اليهود الأمريكان المتضامنين مع موقفنا الثابت والواضح تجاه القضية الفلسطينية ومنهم على سبيل المثال “بيرني ساندرز” عضو مجلس الشيوخ الأمريكي أي من داخل الكونجرس نجده يطالب بفرض عقوبات على إسرائيل ووقف تصدير السلاح لها و غيرها من المواقف رغم كونه يهودي أمريكي من ولاية فيرمونت .. لذا ينبغي أن تكون استراتيجيتنا منفتحة على كسب الآخر .
+ في رأيك ما الأدانة التي يمكنها أن تضع الولايات المتحدة في قفص اتهام واحد مع إسرائيل ؟
++ لا توجد إدانة واحدة تضعها في بوتقة واحدة مع إسرائيل، فأمريكا دولة عظمى دائمة العضوية بالأمم المتحدة الذي بموجبه أخذ موقف ضد روسيا في العدوان على أوكرانيا و تدمير باخموت و خيرسون وخاركيف .. وفي رأيي لم يكن في الصالح غلط الأمور و وضع أمريكا بمكانة واحدة مع إسرائيل بكونها الإدارة الأساسية للضغط على إسرائيل في وقفها الحرب على غزة، وأن ادفع بأكبر قوى عالمية إلى أحضان إسرائيل و ساوى بينهم، لعلى أرى أن الفكرة استراتيجيا يشوبها عوار وحماس وإندفاع .
+ صدر تصريح لرئيس الوزراء الفلسطيني يقول أن “حماس” قد تصبح شريكا لمنظمة التحرير فى إدارة غزة .. هل هذا التوجه يدعم أزمة إدارة قطاع غزة بعد الحرب ؟
++ هذا الحديث سابق لأوانه، أما اذا كنا نتحدث عن حكومة تكنوقراطية لا فارق هنا أن يكون المسئول منتمي لأي حركة أو جبهة و بالتالي لا يفرق كونه من “حماس” أم “فتح” أم “جبهة شعبية” أم غيرها، فمثلا الحكومة تتطلب وجود وزير صحة ذو كفاءة لا يهم انتمائه السياسي و لعله هذا هو التفكير المصري في تشكيل أي حكومة تكنوقراط لم تختار المسئولين وفقا لاهوائهم السياسية .
لكني اعتقد أن حماس سترفض لرغبتها في الاستقلال بحكم قطاع غزة كدولة فلسطينية، و لم يكن لدى أدنى شك قيامهم بما فعلته كوسوفو بإعلان استقلالها في عام 2008 ، ولعل ” نتنياهو ” نفسه كان متحمسا لحماس و رغبتها في الاستقلال بغزة لتصبح الدولة الفلسطينية .
+ كنا نتوقع حدوث إنفراجة بعد صفقة تبادل الأسرى ولم يحدث، ما الذي أنجح الأزمة بهذا الشكل ليستمر تفجرها حتى اليوم ؟
++ كانت تمنيات أن تهدأ الأزمة بالاتفاق على تبادل أسرى مع رهائن و من ثم محاولات للحديث عن هدن لالتقاط الأنفاس ومن ثم الإمداد بمساعدات لكنه كان متوقعا استمرار الحرب بإعلان إسرائيل مواصلاتها القتال بعدم التوصل لحل .. كل ما كانت تسعى إليه مصر أن تكسب وقت ومد فترة الهدن لوقت أكبر لدخول كميات هائلة من المساعدات مرة واحدة للإعاشة و الإغاثة وإتاحة الفرصة أمامهم لبناء مدن خيام أو بعض المباني البسيطة لحمايتهم من الشتاء .
المشكلة الأساسية عدم استغلالنا للوقت، معتبرين أن أي أقتراب من إسرائيل فيه نوع من النجاسة التي بإمكانها نقض الوضوء الوطني لتكون النتيجة والمحصلة من أرصدة الحل غير مجدية برفض حل الدولتين و تشبث إسرائيل بموقفها في الابقاء على دولتها باعتبارها دولة نووية و الأقوى و لديها إمكانيات ويهود العالم يساعدها ولديها علاقات قوية مع روسيا والصين .
+ هل إسرائيل قدمت تنازلات في صفقة تبادل الأسرى ؟
++ بالتأكيد قدمت تنازلات بتسليمها 3 أمثال الأسرى الذين سلمتهم “حماس” لها مع العلم بأن إسرائيل تعى جيدا أن خطفهم من الأصل كان جريمة ومع ذلك تغاضت عن تكييفها للوضع بأن هناك جريمة حدثت أدت إلى خطف إناس مدنيين كان يفترض على حماس إرجاعهم بالكامل، ففي حالة الحرب يعد خطف أسرى من العسكريين أمر طبيعي و مشروع طالما في حالة حرب إنما ماذا عن المدنيين؟ وبالتالي عملية الإفراج عنهم بدون قيد أو شرط فهو بلا شك تنازل قدمته إسرائيل .. لكن إسرائيل لا تقبل استمرار التنازلات رغم مقايضة حماس وتصعيب الموقف والمطالبة بعمليات تسليم جديدة تقدم فيها حماس كل ما لديها من أسرى في المقابل الإفراج عن 8000 معتقل في السجون الإسرائيلية، و هنا إسرائيل تعلمت من تجربة ” السنوار” زعيم حماس في قطاع غزة الذي قضى من عمره 22 عاما داخل السجون الإسرائيلية وخرج منها ليقود أكبر معركة عسكرية ضد إسرائيل، فما بالك من عدد 8000 ماذا بامكانهم أن يفعلوه حال الإفراج عنهم ؟ لعلها تصبح كارثة لإسرائيل إذا ما انتهجوا ما نهجه “السنوار” .
+ توقعات الخبراء اتجهت لاستمرار الحرب على غزة لشهر على الأكثر، هل استمرارها يعطي مجالا أن تكون مفتوحة كما هو الحال مع الأزمة الروسية الأوكرانية ؟
++ أعترف أننى كنت من هؤلاء و بمراجعتي للأربعة حروب السابقة على غزة ذكرت أنها لم تستمر كثيرا لتتراوح مدتها ما بين 4 الى 6 أسابيع وربما تزيد بعض الشىء لتمتد ل 7 أو 8 أسابيع على الأكثر، و لعل جاء اعتقادي هذا من المنطلق الخبرات السابقة مع الحروب بكون تقاليد الخرب لم تعد طويلة الأمد ومنها على سبيل المثال حروب 1948 كانت أشهر قليلة أيضا أيام بالنسبة لحرب 1967 أيام، كما أن حرب 1973 كانت 21 يوم بما يعني أن معظم الحروب كانت لا تتجاوز الأسابيع و ليس كما هو الحال مع الحرب الروسية الأوكرانية التي طالت لعامين و لاتزال قائمة الحرب بينهما أيضا فيتنام ظلت 6 سنوات و الحال نفسه مع الحرب العالمية الثانية .
صحيح الحرب تجاوزت ال 100 يوم أو 3 أشهر و ربما الوضع يمكن أن يطول على حسب اتساع المعركة وتعميقها ودخول أطراف أخرى في المعركة ليتسع نطاقه، و على أيه حال على حسب التوازن ما بين التصعيد والتجميد سيتحدد المصير ، فبالفعل هناك محاولات و مبادرات لوقف إطلاق النار وإقامة هدن إلا أن التوازن حتى الآن لصالح التصعيد بعدم اتخاذ المبادرات السلمية بجدية كافية .