في أكثر مناطق القاهرة الكبرى شهرة وازدحاما بمنطقة وسط البلد حيث الطابع التاريخي الكلاسيكي ،وفي يوم السبت من كل أسبوع يتجه هواة جمع الانتيكات ومحبي اقتناء كل ما هو نادر وتاريخي إلى ” سوق ديانا” هذا السوق الذي أطلق عليه “سوق ديانا” نسبة إلى سينما ديانا لأن السوق يمتد في محيط دار السينما حتى شارع عماد الدين وما حوله من شوارع وقد بدأ السوق في الظهور منذ سنوات ليجمع عدد كبير من تجار التحف والانتيكات والمقتنيات التاريخية والتراثية كما يجمع عددا من بائعي الكتب النادرة والمجلدات التاريخية , وعلى الرغم من أن هذا السوق يعتبر سوقا شعبيا ، إلا أنه بمجرد الوصول إليه يشعر زائره بأن الزمن عاد به للماضي حيث التفاصيل والمقتنيات المعروضة من التحف والانتيكات وغيرها من الأشياء التي اختفت بمرور الزمن ، ولم يقتصر الأمر داخل سوق ديانا على التحف والانتيكات والقطع التذكارية التراثية فقط، بل انشغل جزء من السوق بعرض وبيع المجلدات التاريخية والكتب النادرة في كافة فروع العلوم والمعرفة، سواء كانت تاريخا أو لغات أو أدبا أو روايات مترجمة نادرة لا يعرف قيمة هذا الجزء من السوق إلا المترددين عليه، فنجد أغلب المترددين عليه من المثقفين والباحثين في مختلف المجالات.
ومن تجار هذا الجزء من السوق “عبد الرحمن” بائع الكتب الذي عرض مجموعة كبيرة من الكتب المجلدات القديمة النادرة فوق سيارته ويتحدث عن وجوده في السوق ويقول : أنا وغيري من تجار الكتب النادرة المجلدات التاريخية نأتي للسوق يوم السبت لعرض ما لدينا من كتب ومجلدات وقواميس، وأغلب الكتب الموجودة بسوق ديانا هي كتب نادرة يبحث عنها الباحثون ولا يجدونها بسهولة، لذلك نتعامل مع فئة معينة من الزبائن هم المثقفون وطلاب الدراسات العليا بالكليات المختلفة، وعلى الرغم من أهمية وندرة الكتب المعروضة في سوق ديانا إلا أننا لا نبيعها بأسعار مرتفعة بل تكون أسعارها مناسبة جدا وهذا ما يشجع زوار سوق الكتب بمنطقة ديانا.
الحديث ذاته تؤكده “ولاء محمد” إحدى زائرات سوق الكتب حيث بدأت البحث والتدقيق في مجموعات الكتب المختلفة وقد جمعت عدد منهم لشرائهم وتقول ولاء: أقوم بإعداد رسالة ماجستير عن تاريخ المسرح في العالم، وأحتاج إلى العديد من الكتب والمراجع العربية والأجنبية الأمر الذي يحتم تواجدي في المكتبات العامة بشكل مستمر، وعندما عرفت سوق الكتب بمنطقة ديانا أصبحت أجد بعض المراجع النادرة واشتريها للاطلاع عليها في أي وقت، خاصة وأن أسعار الكتب التي احتاجها في تخصصي تتراوح ما بين 20 إلى 100 جنيه فقط.
بينما يقول محمود مهدي – باحث التاريخ :- أقوم الأن بتحضير رسالة الدكتوراه في التاريخ، لذا اعتدت التردد على السوق بين حين وآخر حتى أبحث عن الكتب والمجلدات التي تخص مجال دراستي تساعدني في مجال دراستي، وبالفعل كثيرا ما أجد كتب مهمة بأسعار بسيطة مما جعل لدي مكتبة زاخرة بالنوادر التاريخية، حتى أن بعض أساتذتي يتعجبون مما أملك من مجلدات وموسوعات، وأكثر ما يساعدني في إيجاد ما أريد أنا وعدد كبير من الباحثين هو تعاون الباعة الموجودين داخل السوق، أحيانا أقوم بطلب كتاب معين يظل البائع يبحث لي عن ما أريد حتى يجده وهذا يوفر الكثير من الجهد والوقت.
كما يقول عمرو سيد – أحد البائعين الموجودين داخل سوق ديانا : السوق تطور جدا عن الوقت السابق ، الأن اغلب البائعين لهم صفحات عبر موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك و يقوموا بعرض ما لديهم من كتب ومجلدات وموسوعات، ويقوم الزبائن بحجز ما يريدون ثم يتسلموها يوم السبت في محيط السوق .
وعن مصدر الكتب يقول “عمرو” نشترى الكتب من الأسواق الكبرى ، وأحيانا من بائعى ” الروبابكيا” لأن العديد من الأشخاص لا يعرفون قيمة الكتب والمجلدات القديمة، على سبيل المثال هناك أشخاص ترث مكتبات ضخمة عامرة بنوادر وأمهات الكتب، وعلى الرغم من قيمتها التاريخية الكبيرة يحاولوا التخلص منها سريعا وهنا يأتي دور التاجر الذي يعرف قيمة هذه الكنوز، كما أن هناك من يعرف أهمية وقيمة ما لديه من كتب ولكنه يبحث عن المكسب المادي ، ونحن كتجار نحاول دائما توفير كل ما يحتاج زبون السوق من كتب وموسوعات في مختلف المجالات بأسعار بسيطة .
ويقول فتحي عادل- باحث بكلية الآداب قسم الوثائق والمكتبات :
سوق ديانا للكتب وغيرها من الأسواق الشعبية التي تحتوي على نوادر المؤلفات والموسوعات تعتبر سلاح ذو حدين، فهى توفر مصادر تاريخية و كتب علمية في مختلف المجالات، كما توفر كتب اللغات والترجمة والأدب وغيرها، وبالتالي تسهل على الباحث أو القارئ الحصول على المعلومة، لكنها من ناحية أخرى قد تتسبب هذه الأسواق في أزمة كبيرة للتراث العلمي والثقافي، فقد تتسبب في ضياعه أو تلفه، لأن الكتب العلمية والتراثية يجب أن توضع في مكان آمن ، وأن يكون هناك إجراءات دقيقة للحفاظ عليها من التلف ، لكن داخل الأسواق نجد الكتب على الأرض وفوق الأرصفة ، لذلك يجب أن يكون هناك رقابة على هذه الأسواق للحفاظ على التراث الثقافي والعلمي في مصر .