تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مثل هذا اليوم بتذكار 1 من الشهر المبارك طوبة من سنة من سنة 20 للشهداء ( 304م ) بتذكار استشهاد القديسين ديوسقوروس وأخيه سكلابيوس .
كان هذان القديسان ابنيّ أرخن محب لله من مدينة أخميم يدعى أمونيوس، وكان غنياً جداً وقد اهتم بتربية ولديه. ولما بلغا سن الشباب مضيا إلى جبل أخميم، وتتلمذا على يديّ عابد قديس يدعى القس مويسيس كان يقيم بجوار عين ماء. وبعد قليل إذ شعر القديس بقرب نياحته استدعاهما وأوصاهما بالثبات على الإيمان وحفظ وصايا الرب، ثم باركهما وفاضت روحه الطاهرة. فكفَّناه بإكرام جزيل وعاشا بعده في جهاد روحي ونسك وصلاة ومقاومة لحروب الشياطين.
ونزل القديسان يوماً إلى مدينة أخميم ليبتاعا ما يحتاجان إليه، فأمسكهما أهل المدينة ومضوا بهما إلى الأسقف فرسم ديوسقوروس قساً وسكلابيوس شماساً ولما عادا إلى الجبل اجتمع حولهما كثير من الإخوة ليتتلمذوا على أيديهما، كما أقاما كنيسة صغيرة بالجبل تحوَّلت إلى مركز روحي حي. ووهبهما الله موهبة شفاء الأمراض وإخراج الشياطين. وقد عاش هذان القديسان في هذه البرية نحو خمس وأربعين سنة مع الإخوة بفرح شديد يمارسون حياة التسبيح كأنهم في الفردوس.
وزار الأنبا أوضاكيوس أسقف أخميم البرية واجتمع بهما، فشجعهما أن يثبتا على الإيمان واحتمال الاضطهاد الذي سيحل بهما بفرح.
وبعد نياحة الأنبا أوضاكيوس بشهر واحد حضر إريانوس والي أنصنا وعرض على المسيحيين عبادة الأوثان فظهر رئيس الملائكة ميخائيل للقديسين ديوسقوروس وسكلابيوس ودعاهما للنزول من الجبل ليشهدا للسيد المسيح في أخميم وينالا إكليل الشهادة ففرحا بهذه الدعوة وأقاما رئيساً للإخوة يدعى بطرس عوضاً عنهما. وبعد نزولهما ظلا يشجعان المسيحيين على تحمُّل الآلام، فسمع الوالي خبرهما واستدعاهما وأمر بسجنهما وفي الصباح عرض عليهما الوالي التبخير للأوثان فأجاباه قائلين ” نحن لا نُضَحِّى للآلهة ولا ننسى الذين قدّموا أرواحهم للسيد المسيح، فقد كنا نراها صاعدة أمامنا إلى السماء ونحن على استعداد أن نموت مثلهم، ومهما أردت أن تفعل فاصنع بنا لنلحق بإخوتنا “. فغضب الوالي وأمر بتعذيبهما، ثم وضعهما في حبس وكان يحرسهما أربعون جندياً على رأسهم أكوديوس وفليمون. وفي منتصف الليل ظهر ملاك الرب للقديس ديوسقوروس وقال له:
” قم صلِّ فإن أكوديوس وفليمون وجنودهما سوف يسبقونكما ويصيرون تقدمة لك في هذه المدينة” فظن القديس أن أحد الإخوة هو الذي يكلمه فقال له ” كيف أقدر على القيام الآن؟ ” فأجابه الملاك: ” قم وصَلِّ لأن الرب يحل المقيَّدين “. وللوقت انحلت القيود التي كان مقيَّداً بها وكذا قيود جميع المعترفين. فقاموا جميعاً وسبّحوا الله وكان نور سماوي يضيء على أكوديوس وفليمون. فلما شاهد الجنود هذا كله ذهبوا إلى إريانوس واعترفوا بالسيد المسيح فأمر بقطع رؤوسهم جميعاً، وبعد ذلك أمر الوالي بقطع رأسي القديسين ديوسقوروس وسكلابيوس فنالا إكليل الشهادة. ويوجد دير باسميهما في جبل أخميم ويشتهر باسم دير الشهداء.
دير الشهداء بأخميم
♥ دير الشهداء شرق اخميم سوهاج بصعيد مصر..
♦ يقع بأخميم ـ مركز أخميم ـ محافظة سوهاج على بعد ٢ كم شمال دير السيدة العذراء مريم العامر بأخميم (الحواويش)، وهو بجوار دير العذراء شمالاً ولايفصلهما عن بعض إلا منطقة الجبابين، ويوجد مدخل خاص إلى باب الدير من الطريق الخلفى الموصل للمشروعات .ويعتبر دير الشهداء الدير الأوسط فى برية أخميم فبعده دير الملاك ودير العذراء ، وجنوب دير الملاك ميخائيل بالسلامونى بـ ١ كم.
♦ويُعد دير الشهداء من أديرة الصحراء التي تشمل على مميزات عديدة، ولعل أهمها وجود سور من الطوب اللبن من الجهات الأربع ويشهد الدير الآن تطويرًا كبيرًا، فقد تم بناء سور له على مساحة كبيرة، وبداخله مزرعة، كما تم أيضًا عمل مزار خاص بالدير لبقية أجساد الشهداء، والتي تم العثور عليها أثناء الحفر.
♦هذا الدير من ضمن أديرة برية أخميم فى أقصى شرق محافظة سوهاج، وهي من الجنوب إلى الشمال على الطريق والدخول إلى كل دير رتب الله أن يكون له مدخل خاص إلى باب الدير.
♦والكنيسة التي تتوسط مباني الدير تلاصق الحائط الشرقي، ويتكون من خمسة هياكل: الأوسط نصف دائري وتُزينه حنيات صغيرة، والصحن مقسم إلى خورسين به فتحة كبيرة في المنتصف ومُغطى بالقباب المنخفضة والقبوات من الطوب اللبن. وكان مدفونًا فى دير الشهداء بأخميم أكثر من ٨١٤۰ شهيدًا الذين إستشهدوا فى أيام عيد الميلاد المجيد عام ٣۰٤م بأخميم فى ٢٨ ، ٢٩ ، ٣۰ كيهك وأول طوبه.
♦حول الدير توجد مدافن اثرية كثيرة استخرج منها في زمن سابق كثير من النسيج القبطي الرائع المشهور الذي يملأ عددًا من متاحف العالم.
♦الكنيسة الأثرية: وبها خمسة هياكل:
+ هيكل للملاك ميخائيل.
+ هيكل للقديس ديسقورس والقديس إسكلابيوس.
+ هيكل للعذراء مريم.
+ هيكل لمارجرجس .
+ هيكل لمارمرقس والأنبا أنطونيوس.
هيكل القديس ديسقورس وإسكلابيوس من نظام الهياكل القديمة التي ترجعوإلى عهد الملكة هيلانه على نظام دير الشهداء بإسنا، لها بابان، الباب الأيمن للدخول والباب الأيسر للخروج والشباك لمراقبة الداخلين إلى الكنيسة من الأعداء، يعلوه أيقونات أثرية.
والهياكل الأخرى كالهياكل المعتادة ذات باب واحد.
والكنيسة مكونة من خورسان وليس ثلاثة كالمتبع بالكنائس، ولايوجد مقاعد، وفي الجهة البحرية من الخورس الأول توجد رفات القديس ديسقورس والقديس إسكلابيوس ورأس الشهيد أندراوس الأخميمي لا تزال باقية كما هي موضوعة داخل مقصورة زجاج ممكن رؤيتها بوجهه وبشعره وهى التي قام بتدشينها مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث عام ١٩٩۰م.
♦ تاريخ بناء الدير:
في سنة ٤۰۰م في مساء اليوم الأول من شهر طوبه ظهر القديس ديسقوروس والقديسون الشهداء للرجل الأمين بطرس، وهو الرجل الذى تركوه لحراسة قلايتهم، وقالوا له:
” لا تحزن لأن الإله العالم بخفايا القلوب تركك حيًا ولم يشأ أن تقدم نفسك شهيداً ولكن أعطاك هذه البرية ليكون لك فيها أبناء كثيرون وتصير أباً لرهبان كثيرين قريباً جداً، والآن قم وأخرج إلى الحاجر لنحدد لك الموضع الذي تبنيه على أجساد أخوتك الشهداء ويصبح عامرآ بالرهبان”.
ثم خرجوا به فى الرؤيا فى الليل إلى تل كبير وحددوا له ذلك المكان بطوله وعرضه وطلبوا منه أن يذهب إلى المعسكر فسيجد أجسادهم تحت جدار القصر من الجهة القبلية وطلبوا منة أن يقول لأهل المدينة بأن يجمعوا أجساد الشهداء مع أجسادهم و يأتوا بهم إلى هذا المكان الذى عايناه له لأن المسيح إلهنا سُر بمشيئته أن يُبنى هذا المكان على أسمائنا إلى يوم القيامة. وعند الانتهاء من هذا الحديث اختفوا عنه.
فانتبه بطرس رجل الله من نومه فأستنشق رائحة بخور ذكية فتحقق للوقتفى ذاته بأن القديسين قد استدعوه ليحمل أجسادهم فقام مبكرآ وذهب إلى المعسكر ووجد أجسادهم مطروحة بعضهم على بعض. وصعد الجميع إلى التل الذى عرَّفه القديسون لبطرس في الرؤيا، فوجدوا العلامات موضوعة كما حددوها، فنظفوا تلك البقعة وحفروا فيها مدافن لأجساد الشهداء، فعملوا عجلات من الخشب وحملوا عليها أجساد الشهداء ديسقوروس وأسكلابيوس والأثنين والعشرين راهبًا ودفنوهم بمكان منفرد.
ثم ذهبوا إلى بيعة أب سوتير فوجدوا أجساد الشهداء مطروحة بعضها على بعض وجسدى الأرخنين أبي أجفا وأبي ونين فكفنوهم ودفنوهم تحت جدار بيعة أب سوتير القبلي، وصار الشعب يأخذ بركة هؤلاء الآباء إلى يومنا هذا.
ثم عملوا توابيت من خشب تشبه الصناديق على العجلات الخشب وحولوا عليها أجساد الشهداء المطروحة فى الشوارع والذين قتلوهم أيضآ بالمعسكر وكذلك العظام المحروقة بالنار وظلوا يحولون أجساد الشهداء إلى الجبل سبعة أيام متوالية ودفنوهم فى صحن الدير المُنشَأ على أجساد الشهداءإلى يومنا هذا.
وبعد دفن الشهداء تم بناء كنيسة على أسم الشهداء وطلب الأب بطرس رئيس الدير من الأب ديوجانس الحضور إلى كنيسة آبائنا الشهداء لتكريسها على أسمائهم، وكان مقيمآ ببلدة أبصوته غربى المدينة لترميم كنيستها التى هدمت أيام أضطهاد دقلديانوس، وكانت هذه الكنيسة قد بنيت فى أيام الآباء الرسل. فأستأذن ديوجانس الأب أنبا مويسيس أسقف كرسى فاو وأبا هرمين أسقف كرسى أبصاي ودعاهم إلى تكريس كنيسة الشهداء، وحضر معهم فى أخميم فى اليوم الثامن والعشرون من شهر كيهك وقت عيد الميلاد المجيد في بيعة أبسوتير، ثم هيُّأ لها الأب بطرس كل ما هوضروري لتكريس البيعة بدير الشهداء في ٣۰ كيهك.
فذهب الأب ديوجانس والأساقفة وجماعة الشعب والكهنة والأكليروس على أقدامهم وكانوا يرتلون المزامير والأبصاليات حتى وصلوا إلى الحاجر، فخرج الأب بطرس والأخوة الرهبان ودخلوا جميعآ الدير وهم جميعآ فى تمام الفرح والسعادة.
ثم يقول الأب ديوجانس أنه وجميع الأخوة تفقدوا أرجاء الكنيسة وزينوها ووسعوا صحن الدير و طافوا بالقلالي وموضع المائدة وحصون الدير، ثم صلوا وابتدأوا بتكريس الكنيسةالمقدسة، وقرأوا الفصول المناسبة حتى باكر اليوم الأول من شهر طوبة ورشموا الكنيسة بأسم الثالوث القدوس الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد آمين على اسم الثمانية ألاف ومئة وأربعين شهيدًا، وألبس الأب المكرم بطرس رهبانًا كثيرين الأسكيم المقدس في ذلك اليوم.
♦ الاكتشافات الحديثة لأجساد شهداء أخميم:
في شهر مارس ١٩٩۰ أثناء الحفر لغرس شجر زيتون بدير الشهداء تم العثور على رأس لشهيد في العشرينات من عمره، وشعر الرأس كما هو لم تسقط شعرة واحدة منه، وجلد الوجه لم يُصيبه الجفاف، وأسنانه ناصعة البياض وكاملة العدد، وأذنه اليسرى ولسانه مقطوعان كما يوجد خابور خشبي مدكوك أسفل الحاجب الأيمن، وهو موجود حتى الآن بدير الشهداء. فيما بعد عُرف الشهيد بأن اسمه “أندراوس”، وذهب أمين الدير بالرأس لقداسة البابا شنوده الثالث، فقام بتكريسها، وأثماء تصويرها انبعث نور وهاج من رأس القديس، وكلما يقومون بتصويرها كان يظهر هذا النور.
وفيما بعد توالت اكتشافات أجساد القديسين شهداء أخميم، وحاليًا موضوعة فى مزار بدير الشهداء بأخميم، حيث توجد أجساد الشهداء موضوعة فى صناديق زجاجية يراها كل الناس وهذه الأجساد ظاهر بها آثار عذابات الرومان واضحة عليها، وأجزاء لشهداء تنزف دمًا حتى الآن، وشعر الشهيدة “أدروسيس” ينمو ويطول كأنها على قيد الحياة لم تمت، وأيضًا وجدت شعر رأس وذقن الشهداء كما هو، ولم تسقط شعرة منه.
المصدر : عن كتاب شهداء أخميم الأطهار للمتنيح القمص إشعياء ميخائيل، وكتاب صادر عن دير الشهداء بأخميم عن تاريخ ووصف الدير،