فى خطوة جديدة ربما تشعل شرارة الحرب العالمية الثالثة فى وقت تعاني فيه المنطقة من تداعيات حرب غزة ، شنت الولايات المتحدة وبريطانيا عدة ضربات جوية على أهداف تابعة للحوثيين فى اليمن فجر اليوم الجمعة .. وردًا على ذلك ، هددت جماعة الحوثى الولايات المتحدة وبريطانيا بدفع الثمن باهظًا ، وتتحمل العواقب الوخيمة كافة عدوانها السافر على اليمن .
وفى بيان، أكدت الولايات المتحدة وبريطانيا وثماني دول حليفة على أن الضربات التي استهدفت الجماعة المسلحة في اليمن تهدف إلى “خفض التصعيد” في المنطقة، بعد الهجمات التي شنها المتمردون على سفن النقل التجاري بالبحر الأحمر.
وجاء في بيان مشترك أيضًا لحكومة أستراليا والبحرين وكندا والدنمارك وألمانيا وهولندا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة والولايات المتحدة أن “هدفنا يبقى خفض التصعيد في التوترات وإعادة الاستقرار إلى البحر الأحمر، ولكن يجب أن تكون رسالتنا واضحة : لن نتردد في الدفاع عن الأرواح وضمان حرية حركة التجارة في أحد الممرات المائية الأكثر أهمية في العالم في مواجهة التهديدات المتواصلة.
وفى بيان نشرته وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون” عبر موقعها الإلكتروني، اليوم الجمعة، أكد وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن أن الهدف من الضربات العسكرية المشتركة ضد أهداف عسكرية يسيطر عليها الحوثيون في اليمن هو تعطيل وإضعاف قدرات الحوثيين لتعريض البحارة للخطر وتهديد التجارة العالمية في أحد الممرات المائية الأكثر أهمية في العالم.
وأضاف : في ضوء هجمات الحوثيين غير القانونية والخطيرة والمزعزعة للاستقرار المدعومة من إيران ضد السفن الأمريكية والدولية والسفن التجارية من العديد من البلدان التي تعبر البحر الأحمر بشكل قانوني، شنت جيوش الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، بدعم من أستراليا والبحرين وكندا وهولندا، ضربات ضد أهداف عسكرية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن.
وتابع أوستن : أن إجراء التحالف يبعث برسالة واضحة إلى الحوثيين مفادها أنهم يتحملون المزيد من التكاليف إذا لم ينهوا هجماتهم غير القانونية، موضحا أن ضربات استهدفت مواقع مرتبطة بالطائرات بدون طيار التابعة للحوثيين والصواريخ البالستية وصواريخ كروز وقدرات الرادار الساحلي والمراقبة الجوية.
وأكد وزير الدفاع الأمريكي أن بلاده تحتفظ بحقها في الدفاع عن النفس، وإذا لزم الأمر، ستتخذ المزيد من الإجراءات لحماية القوات الأمريكية .. مشيرا إلى أنه منذ 19 نوفمبر، شن الحوثيون أكثر من عشرين هجوما على السفن، بما في ذلك السفن التجارية، ما خلق تحديا دوليا يتطلب عملاً جماعيًا.
وتابع قائلا “واليوم، أظهر تحالف من الدول الملتزمة بدعم النظام الدولي القائم على القواعد التزامنا المشترك بالدفاع عن السفن الأمريكية والدولية والسفن التجارية التي تمارس الحقوق والحريات الملاحية من الهجمات غير القانونية وغير المبررة”.
وأضاف “لن نتردد في الدفاع عن قواتنا، والاقتصاد العالمي، والتدفق الحر للتجارة المشروعة في أحد الممرات المائية الحيوية في العالم”.
وفي تصريحات خاصة لقناة “الحرة الأمريكية ” اليوم الجمعة، قال مسؤولون أمريكيون : إنه تم استهداف منصات حوثية لإطلاق الصواريخ والمسيرات.. موضحا أن الضربات ضد الحوثيين تتم بطائرات وسفن وغواصات.
وتعليقا على ذلك قال الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إن الضربات التي استهدفت أهدافا حوثية في اليمن جاءت ردا على تهديد أمن الملاحة البحرية في البحر الأحمر وتمثل رسالة واضحة أننا لن نتسامح مع تهديد جنودنا أو الملاحة البحرية.
وأضاف الرئيس الأمريكي، في تصريحات صحفية أوردتها قناة “الحرة الأمريكية” اليوم الجمعة، أن واشنطن لن تتردد في اتخاذ أي إجراءات إضافية لحماية شعبها وحماية التجارة العالمية إذا دعت الضرورة، موضحا أن أكثر من 50 دولة مختلفة تضررت جراء 27 هجوما نفذه الحوثيون على السفن التجارية في البحر الأحمر وأكثر من 2000 سفينة اضطرت لتحويل اتجاهها بسبب الهجمات.
وقال إن الضربات الأخيرة على الحوثيين جاءت بعد تحركات دبلوماسية دولية لإدانة تهديد الملاحة في البحر الأحمر.
و بحسب وكالة ” رويترز ” ، قال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، اليوم الجمعة، إن سلاح الجو الملكي البريطاني نفذ إلى جانب الولايات المتحدة، وبدعم غير عملياتي من 3 دول، ضربات ضد الحوثيين في اليمن.
وأضاف سوناك، أن البحرية الملكية ستواصل دورياتها في البحر الأحمر، ضمن العملية متعددة الجنسيات (حارس الازدهار) لردع المزيد من العدوان الحوثي، وأن المملكة المتحدة ستدافع دومًا عن حرية الملاحة وتدفق التجارة.
وفي السياق ذاته، أكد وزير الدفاع الأسترالي ريتشارد مارليس، اليوم الجمعة، أن بلاده قدمت دعما بالأفراد للولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة خلال ضرباتهما المشتركة التى تم توجيهها ضد أهداف للحوثيين فى اليمن، وذلك فى مقر العمليات.
وأضاف مارليس – في تصريحات نقلتها قناة “سي إن إن” الأمريكية – أن الضربات تهدف إلى الحفاظ على حرية الملاحة في أعالي البحار، وأيضا الحفاظ على التجارة العالمية والتي تعد من الأمور الأساسية لمصلحة استراليا الوطنية.. مشيرا إلى أن كانبيرا ستواصل دعم أي إجراءات تؤيد النظام العالمي القائم على القواعد.
هذا وتوالت ردود الأفعال الدولية بين الترحيب والتنديد والدعوات لوقف التصعيد، فقالت وكالة الأنباء السعودية، إن ” المملكة العربية السعودية تتابع بقلق بالغ العمليات العسكرية التي تشهدها منطقة البحر الأحمر والغارات الجوية التي تعرضت لها عدد من المواقع في الجمهورية اليمنية.
وأضافت: “إذ تؤكد المملكة على أهمية المحافظة على أمن واستقرار منطقة البحر الأحمر التي تعد حرية الملاحة فيها مطلباً دولياً مساسها بمصالح العالم أجمع، لتدعو إلى ضبط النفس وتجنب التصعيد في ظل ما تشهده المنطقة من أحداث.”
ودعت الصين وروسيا والأردن الجميع إلى ضرورة ضبط النفس، واعتبرتها بعض العواصم أن الغارات بمثابة “حرب جديدة” يشهدها العالم، فيما قالت قناة القاهرة الإخبارية، إن العاصمة الأمريكية واشنطن، شهدت اليوم الجمعة، تظاهرات أمام البيت الأبيض نظمها عدد من المحتجين على الضربات التي شنها الجيش الأمريكي على عدة مواقع في اليمن.
وذكرت وسائل إعلام أمريكية، أنَّ المحتجين طالبوا بوقف القصف الذي تقوده الولايات المتحدة على اليمن، وهتفوا “ارفعوا أيديكم عن اليمن”، فيما أظهرت فيديوهات متداولة المحتجين وهم يهتفون أيضًا بتحرير فلسطين ويرفعون أعلامًا فلسطينية.
أما إيران فنددت اليوم بالهجوم الأمريكي البريطاني على الحوثيين في اليمن وحذرت من أنه سيفاقم انعدام الأمن والاستقرار” في المنطقة.
ونقلت وسائل إعلام رسمية عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، القول في بيان الجمعة “ندين بشدة الهجمات العسكرية التي نفذتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة هذا الصباح على عدة مدن في اليمن.
وأضاف “نعتبر هذه الهجمات انتهاكًا صارخًا لسيادة اليمن ووحدة أراضيه، وخرقًا للقوانين الدولية.
وفي أعقاب الهجوم، حذر فادي الشمري مستشار رئيس الوزراء العراقي، من أن الغرب يُوسع الصراع بين إسرائيل حماس ويزيد التوترات في المنطقة، حسبما ذكرت وكالة الأنباء العراقية.
أما اليابان فرحبت بما حدث ، فمن جهته، قال يوشيماسا هاياشي كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني للصحفيين، الجمعة، إن اليابان تدعم تحركات الولايات المتحدة وبريطانيا لتأمين العبور الآمن للسفن بالقرب من شبه الجزيرة العربية. وتابع للصحفيين أن اليابان تندد بتصرفات القوات الحوثية التي تنتهك حرية عبور السفن في المنطقة.
أما باريس، فقد جددت إدانتها لهجمات الحوثيين على سفن تجارية في البحر الأحمر، ودعت إلى وقفها فورا في أعقاب الضربات المشتركة.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان “بهذه الأعمال المسلحة يتحمل الحوثيون مسؤولية بالغة الخطورة عن التصعيد في المنطقة.
تطالب فرنسا التي أرسلت فرقاطة إلى المنطقة “أن يوقف الحوثيون فورا” هجماتهم مشيرة إلى أن من حق” الدول التحرك على ما جاء في بيان لوزارة الخارجية.
ويرى المراقبون أن الضربة الجوية وحدها لن تحقق نتائج ضد الحوثيين ولن تحد من تهديداتهم لأنه تم الحديث عنها منذ أيام واليوم تم تحديد زمنها. وهذا أفقد العملية عنصر المفاجأة وإعطاء الحوثيين الفرصة لسحب أسلحتهم من الموقع.
وأضاف المراقبون أن جماعة الحوثى لابد وأن ترد وهذا سيدخل المنطقة فى صراع جديد وطويل أيضًا ، والرد سيأتى إما باستهداف مواقع أمريكية عسكرية أو سفن فى البحر الأحمر .
ويخشى المراقبون من تداعيات هذه الضربات على المنطقة ، لأن الصراع سيكون طويل وسيؤثر على الإقتصاد العالمى .
وفى تصريحات خاصة لموقع وطنى ، قال الدكتور أيمن سلامة أستاذ العلوم السياسية وخبير القانون الدولى أن دعم جماعة الحوثي للمقاومة الفلسطينية ضد اسرائيل سببت خسارة سياسية وأمنية واقتصادية كبيرة لإسرائيل حين منعت السفن الإسرائيلية والغربية المتجهة إلى ميناء إيلات إضافة إلى الخسارة الكبيرة التي يتكبدها جيش الإحتلال منذ الـ 7 من أكتوبر 2023 .
وأضاف : ضربات الحوثى التى تستهدف جنوب اسرائيل وتحديدًا ميناء إيلات شتت التقدير الإستراتيجي للموقف من جانب إسرائيل ، ولكن تعوق الملاحة العالمية خلال المضايق والممرات الملاحية العالمية يمثل انتهاك للقانون الدولي للبحار .
وتابع سلامة : الزعم الأمريكى بأنها فى حالة دفاع عن النفس حين قامت بقصف مواقع الحوثيين اليوم ولأول مرة هو شىء غير صحيح ، لأن شروط ومعايير الدفاع عن النفس من جانب الدول حين يعتدى عليها عسكريًا من دولة أو جماعات غير محققة ، لا فى حالة إسرائيل فى قطاع غزة ولا فى حالة القصف الأمريكي لجماعة الحوثي ، في المادة 51 من ميثاق منظمة الأمم المتحدة والمعنونة بـ ” حالة الدفاع عن النفس ” هي استثناء من مبدأ عام وراسخ فى القانون الدولى هو عدم التهديد وعدم اللجوء للقوة المسلحة لتسوية النزاعات.
جماعة الحوثى ليست دولة مستقلة وإنما جماعة مسلحة متمردة مسيطرة على اليمن، لذلك شروط الدفاع عن النفس التي تدعيها الولايات المتحدة لا تتحقق فى هذه الحالة .
كما أن الحوثي لم يقم باستهداف داخل الولايات المتحدة ولا الشعب الأمريكى ، إذن في التفسيرين الأمريكى والإسرائيلى فى الدفاع عن النفس غير شرعى .
ولا يعتقد الدكتور أيمن سلامة ضابط الإتصال السابق فى حلف الناتو وعضو المجلس المصرى للشؤون الخارجية أن المواجهات المسلحة الأخيرة بين جماعة الحوثى من جانب والولايات المتحدة وبريطانيا من جانب آخر ستجر المنطقة إلى صراع إقليمي كبير ، حتى وإن قامت جماعة الحوثى ببعض الهجمات ضد الولايات المتحدة وبريطانيا فى البحر الأحمر ومضيق باب المندب وبحر العرب ، فالولايات المتحدة ست ضبط النفس فى كل الأحوال لأنها تدرك التداعيات الكارثية التى ستحيق بالمنطقة وتحديدًا اليمن .
الولايات المتحدة وأيضا المملكة العربية السعودية لا تريد أن يتصاعد الصراع لأن ذلك يفاقم الأوضاع فى اليمن ومعه سيستحيل إرساء السلام فى اليمن .