تعيد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مثل هذا 10 من الشهر المبارك كيهك بتذكار نياحة القديس البار نيقولاوس أسقف مورا .
كان من مدينة مورا ، اسم أبيه ابيفانيوس وأمه تونة، و قد جمعا إلى الغنى الكثير مخافة الله. و لم يكن لهما ولد يقر أعينهما ويرث غناهما . و لما بلغا سن اليأس ، تحنن الله عليهما و رزقهما هذا القديس ، الذي امتلأ بالنعمة الإلهية منذ طفولته . و لما بلغ السن التي تؤهله لتلقي العلم ، وأظهر من النجابة ما دل على إن الروح القدس كان يلهمه من العلم أكثر مما كان يتلقى من المعلم . ومنذ حداثته وعي كل تعاليم الكنيسة . فقدم شماسا ثم ترهب في دير كان ابن عمه رئيسا عليه ، فعاش عيشة النسك والجهاد والفضيلة حتى رسم قسا و هو في التاسعة عشرة من عمره . و اعطاه الله موهبة عمل الآيات و شفاء المرضى ، حتى ليجل عن الوصف ما أجراه من آيات و قدمه من إحسانات و صدقات. و منها انه كان بمدينة مورا رجل غني احني عليه الدهر و فقد ثروته حتى احتاج للقوت الضروري و كان له ثلاث بنات قد جاوزن سن الزواج و لم يزوجهن لسوء حالته فوسوس له الشيطان أن يوجههن للعمل في أحد المواخير ، و لكن الرب كشف للقديس نيقولاوس ما اعتزمه هذا الرجل ، فاخذ من مال أبويه مائة دينار ، و وضعها في كيس وتسلل ليلا دون إن نشعر به أحد وألقاها من نافذة منزل الرجل، و كانت دهشة الرجل عظيمة عندما وجد الكيس وفرح كثيرا واستطاع إن يزوج بهذا المال ابنته الكبرى . و في ليلة أخرى كرر القديس عمله و القي بكيس ثان من نافذة المنزل ، و تمكن الرجل من تزويج الابنة الثانية . إلا إن الرجل اشتاق إن يعرف ذلك المحسن ، فلبث ساهرا يترقب ، و في المرة الثالثة حالما شعر بسقوط الكيس ، أسرع إلى خارج المنزل ليري من الذي ألقاه ، فعرف أنه الآسف الطيب القديس نيقولاؤس ، فخر عند قدميه و شكره كثيرا ، لأنه أنقذ فتياته من فقر المال وما كن سيتعرضن له من الفتنة . أما هو فلم يقبل منهم أن يشكروه ، بل أمرهم إن يشكروا الله الذي وضع هذه الفكرة في قلبه . و منها انه طرد شياطين كثيرة من أناس و شفي مرضي عديدين ، و كان يبارك في الخبز القليل فيشبع منه خلق كثير ، و يفضل عنه أكثر مما كان أولا . و قبل انتخابه لرتبة الأسقفية رأي ذات ليلة في حلم كرسيا عظيما و حلة بهية موضوعة عليه و إنسانا يقول له : البس هذه الحلة و اجلس على هذا الكرسي ، ثم رأي في ليلة أخرى السيدة العذراء تناوله بعضا من ملابس الكهنوت و السيد المسيح يناوله الإنجيل.
و لما تنيح أسقف مورا ظهر ملاك الرب لرئيس الأساقفة في حلم و اعلمه بان المختار لهذه الرتبة هو نيقولاوس و اعلمه بفضائله ، و لما استيقظ اخبر الأساقفة بما رأي فصدقوا الرؤيا ، و علموا أنها من السيد المسيح ، و أخذوا القديس و رسموه أسقفا علي مورا . و بعد قليل ملك دقلديانوس و آثار عبادة الأوثان ، ولما قبض علي جماعة من المؤمنين و سمع بخبر هذا القديس قبض عليه هو ايضا و عذبه كثيرا عدة سنين ، وكان السيد المسيح يقيمه من العذاب سالما ليكون غصنا كبيرا في شجرة الإيمان . و لما ضجر منه دقلديانوس ألقاه في السجن ، فكان و هو في السجن يكتب إلى رعيته و يشجعهم و يثبتهم . و لم يزل في السجن إلى أن أهلك الله دقلديانوس ، و أقام قسطنطين الملك البار ، فأخرج الذين كانوا في السجون من المعترفين . و كان القديس من بينهم ، وعاد إلى كرسيه . و لما اجتمع مجمع نيقية سنة 325 م لمحاكمة اريوس كان هذا الاب بين الآباء المجتمعين . ولما أكمل سعيه انتقل إلى الرب بعد أن أقام علي الكرسي الأسقفي نيف و أربعين سنة . و كانت سنو حياته تناهز الثمانين .