على هامش انعقاد منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ “أبيك” والذي عقد في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة الأمريكية اجتمع كلا من الرئيس الأمريكي جو بايدن مع نظيره الصينى شى جين بينج لأول مرة منذ عام 2017 عندما التقى حينها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، يأتي هذا الاجتماع بهدف تخفيف حدة التوتر بين أكبر اقتصادين في العالم، والذي لطالما انتظرته الأسواق بين رئيسي أكبر اقتصادين في العالم.
وبحسب وكالة شينخوا فإن بايد وشي يدركان أن العلاقات المعقدة بين البلدين لها تأثيرات عالمية كبيرة، وكان اجتماعهما في جزء منه، محاولة لإظهار للعالم أنه على الرغم من كونهما منافسين اقتصاديين عالميين، فإن الولايات المتحدة والصين ليسا خصمين بشكل كامل، وقد اتفق الرئيسان خلال الاجتماع على تعزيز وتقوية الحوار والتعاون بين البلدين في مختلف المجالات، بما في ذلك إجراء محادثات بين الحكومتين الصينية والأمريكية بشأن الذكاء الاصطناعي وإنشاء مجموعة عمل بشأن التعاون في مجال مكافحة المخدرات، كما اتفقا على الالتزام بالعمل نحو زيادة كبيرة في عدد الرحلات الجوية المنتظمة للركاب أوائل العام المقبل، وتوسيع نطاق التبادلات في مجالات التعليم والطلاب والشباب والثقافة والرياضة والتجارة.
وشدد الرئيس الأمريكي على أن الولايات المتحدة والصين في منافسة، منوها أن بلاده ستواصل الاستثمار في مصادر القوة الأمريكية في الداخل والتوافق مع الحلفاء والشركاء حول العالم، وأن الولايات المتحدة ستدافع دائما عن مصالحها وقيمها وحلفائها وشركائها، وأعاد التأكيد على أن العالم يتوقع من الدولتين إدارة المنافسة بشكل مسؤول لمنعها من التحول إلى صراع أو مواجهة أو حرب باردة جديدة، معربا عن مخاوف مستمرة بشأن السياسات التجارية غير العادلة التي تنتهجها جمهورية الصين الشعبية وممارساتها الاقتصادية غير السوقية و إجراءاتها العقابية ضد الشركات الأمريكية، والتي تضر بالعمال والأسر الأمريكية. وشدد الرئيس بايدن على أن بلاده ستواصل اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع استخدام التكنولوجيات الأمريكية المتقدمة لتقويض أمننا القومي، وذلك بدون تقييد التجارة والاستثمار بشكل غير مبرر، مشيرا إلى أن للعالم مصلحة في السلام والاستقرار في مضيق تايوان، ودعا إلى حل الخلافات عبر المضيق بالوسائل السلمية.
من جانبه قال الرئيس الصيني إن الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المربح للجانبين هي الدروس التي تعلمها الجانبان من العلاقات الصينية-الأمريكية على مدار خمسين عاما وكذلك من الصراعات بين الدول الكبرى على مر التاريخ، موضحا أنه بالنسبة للصين والولايات المتحدة، فإن إدارة ظهريهما لبعضهما البعض ليس خيارا، مضيفا أنه من غير الواقعي أن يعيد أحد الجانبين تشكيل الآخر، لافتا إلى أن الصراع والمواجهة لهما عواقب لا تطاق بالنسبة للجانبين، ودعا إلى وضع تصور صحيح بشكل مشترك في إدارة الخلافات بشكل فعال ويدفعان التعاون المفيد للطرفين بشكل مشترك ويتحملان مسؤولياتهما كدولتين رئيسيتين لحل المشكلات التي تواجه المجتمع البشري بشكل مشترك ويعززان معا التبادلات الشعبية.
وخلال لقائه مع قادة الأعمال الأميركيين على هامش القمة قال شي: “إن الصين تسعى إلى تحقيق تنمية عالية الجودة، كما تعمل الولايات المتحدة على تنشيط اقتصادها، وهناك مجال كبير للتعاون بين البلدين”، مضيفاً: “نحن قادرون تماماً على مساعدة بعضنا البعض على النجاح وتحقيق نتائج مربحة للجانبين”.
واتفق الرئيسان على أن يقوم فريقاهما بمتابعة مناقشاتهما في سان فرانسيسكو من خلال دبلوماسية وتفاعلات مستمرة رفيعة المستوى، بما في ذلك في خلال الزيارات في كلا الاتجاهين والمشاورات المستمرة على مستوى العمل في المجالات الرئيسية، بما في ذلك المجالات التجارية والاقتصادية والمالية والخاصة بآسيا-المحيط الهادئ والحد من الأسلحة ومنع انتشار الأسلحة والمسائل البحرية وإنفاذ مراقبة الصادرات وتخطيط السياسات والزراعة وقضايا الإعاقة.
تأثير الاجتماع على السوق الصيني
من المتوقع، بحسب تقرير لـ”CNBC” الأميركية ارتفاع ثقة المستثمر بالسوق بعد الاجتماع، وهو ما يحتاجه الاقتصاد الصيني بشدة في الوقت الذي يكافح فيه لتحقيق التعافي بعد الوباء.
ووفقا لمحلل شركة Evercore ISI، نيو وانغ، فإن الاجتماع يمكن أن يكون مرحلة محورية بالنسبة للرئيس شي للترحيب بالاستثمار الأجنبي، مشيرا إلى أن وزير التجارة الصيني أكد مؤخرًا للرئيس التنفيذي لشركة “ميكرون” التزام الصين بتعزيز بيئة الاستثمار للشركات الأجنبية، في محاولة لإقناع الشركة الأميركية بتعزيز وجودها في البلاد.وقال وانغ إنه حتى في خضم جهود إعادة التوطين، تحافظ شركة “ميكرون” لتصنيع شرائح الذاكرة على وجود قوي في الصين وهي محورية لاقتصادها.
تخطط “ميكرون” لإنشاء أكبر مصنع للرقائق في تاريخ الولايات المتحدة في محاولة لإعادة إنتاج الذاكرة المتقدمة إلى موطنها الأصلي. وتهدف الشركة إلى زيادة حصة الرقائق التي تصنعها في الولايات المتحدة من 10% إلى ما يقرب من 60% في العقدين المقبلين.
ومن بين الأسهم التي ينظر إليها المستثمرون عقب عقد هذا الاجتماع المنتظر، أسهم التكنولوجيا تأتي في المقدمة من “أبل” إلى شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة (TSMC) و”سامسونغ” و”إنفيديا”.. كلها أسهم ستستفيد من إرخاء واشنطن للقيود المفروضة على تصدير التكنولوجيا للصين.
كما أدت قيود التصدير الأميركية الأخيرة إلى منع مبيعات رقائق “إنفيديا A800” و”H800″، والتي تم إنشاؤها للسوق الصينية للامتثال لقواعد التصدير السابقة، بالإضافة إلى الرقائق التي تصنعها شركة “AMD” و”إنتل”، وأيضاً أسهم الصناعات المتعلقة بالطاقة الخضراء مرشحة للاستفادة وبقوة من عودة العلاقة بين بكين وواشنطن، ويرى متابعون السوق أن مصنعي السيارات الكهربائية وبطارياتها من بين الأكثر تفاؤلا بنجاح هذا الاجتماع.
واستفاد سهم “بوينغ” مسبقا من هذا اللقاء، بعد أن تواردت أنباء عن نية الصين التقدم بطلبات لشراء طائرات 737 ماكس، وفيما يتعلق بقطاع الزراعة أقدمت الصين على شراء أكثر من 3 ملايين طن من حبوب الصويا من أميركا الأسبوع الماضي.
أما شركة “هواوي” الصينية، فهي تخضع منذ العام 2019 لعقوبات وتدقيق من قبل السلطات الأميركية، ما حد من قدرة الشركة على الوصول إلى التكنولوجيا التي تحتاجها من الموردين العالميين، لكن اليوم استطاعت الشركة إنتاج أول هاتف ذكي لها يعتمد على معالج 5G مصنوع في الصين، وهي خطوة قد تغير من قواعد اللعبة وتؤهل الشركة الصينية للاستفادة بقوة من تحسن العلاقات بين واشنطن وبكين.