“توسع مجلس التعاون الخليجي” ليشمل دول شمال إفريقيا ومنها مصر .. الأجدى بالمتابعة
مد آجال الديون والاستثمار والتشغيل والتصدير .. هو الحل لمشكلة سعر الجنيه بمصر
تمويلات ومزايا تجارية واستثمارية كثيرة تمكن مصر من مواصلة الإصلاح الاقتصادي
أمام قمة مجموعة الـ “ بريكس” التى انعقدت بـ “جوهانسبرج” بجنوب إفريقيا ، تم الإعلان عن دعوة 6 دول جديدة للانضمام إلى تجمع “بريكس” للاقتصادات الناشئة، وهم : الأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران والسعودية والإمارات، ليكونوا أعضاءاً كاملي العضوية بالمجموعة التى تأسست فى يونيو 2009 بمشاركة كل من البرازيل وروسيا والهند والصين .. ومع حلول عام 2024 ستتسلم مصر رسميًا مقعد عضويتها في مجموعة “بريكس” التي تشهد توسعها الثاني في تاريخها، بعد انضمام جنوب أفريقيا إليها في 2010 .. نتحدث فى هذا التحقيق بموقع جريدة ” وطنى” مع الدكتور شريف الدمرداش الخبير الاقتصادى الذى شمل حديثه أسئلة وأجوبة ، حول الفوائد المباشرة التى ستعود على المواطن المصرى جراء سريان الإنضمام إلى تجمع دول “بريكس” ، كما نستعرض وجهات نظر اقتصاديين لهم رؤية مُختلفة فى نتائج إنضمام مصر للـ “بريكس” على الاقتصاد ..
حول الفوائد التى ستعود على مصر بعد انضمام مصر رسميًا لتجمع الـ ” بريكس ” .. أوضح الدكتور شريف الدمرداش الخبير الاقتصادى أن هناك اتفاقيات تبادل تجارى ستكون بين دول تجمع ” بريكس ” خارج نطاق التعامل بالدولار، وفى ظل أزمة نقص الدولار سيتم تخفيف حدة عملية البحث عن الدولار لإجراء عمليات التبادل التجاري والاستيراد للكثير من السلع الرئيسية، كما أن التعاون المشترك مع مجموعة الـ “بريكس” يفتح آفاق جديدة للاستثمار، واحتمالات أوسع لفتح أسواق جديدة لتصدير المنتجات المصرية نتيجة زيادة التعاون بين دول مجموعة ” بريكس “، وذلك غير الأسواق التقليدية التى نُساهم فيها بدرجة ما والتى يُمكن أن نتوسع بها أكثر، كما أن هناك فائدة أخرى فى غاية الأهمية ألا وهى الانتماء لكيان قوى، حيث تُزيد من ثِقل مصر، نظراً لأن الحجم الاقتصادى لـ ” بريكس” يصل إلى حوالى 23 – 24% من الاقتصاد العالمى، وكما تتمتع بتكتل سكانى كبير يتخطى ربع سكان العالم، فالصين والهند وحدهما حولى 3 مليار نسمة، لذلك فالإنضمام لهذا التكتل فى حد ذاته له ثِقل فى الموازين السياسية كدولة، غير المزايا الاقتصادية المباشرة السابق ذكرها، مع إتاح فرص استثمارية أكبر وجذب لرؤس الأموال من دول مجموعة الـ ” بريكس ” .
.. وكيف يستفيد تجمع البريكس من انضمام مصر؟
إن انضمام 6 دول لتجمع الـ ” بريكس ” وهم الأرجنتين وأثيوبيا والجزائر ومصر والإمارات والسعودية بالتأكيد سيكون لهم إضافة ومُساهمة ، ومصر – بدون مُبالغة أو تهويل – تمثل سوق كبير الحجم ولها ثِقل سياسى وسيادى وتُعد رُمانة الميزان فى المنطقة، ولها تاريخ حضارى كالصين والهند ولكن هناك فروق اقتصادية كبيرة بينها وبين دول بتجمع الـ ” بريكس “،
.. هل هناك شروط يجب علينا اتباعها بعد الإنضمام ؟
لم أرى شروط مُعلنة ، لكن كل ما نعلمه أن الإنضمام الكامل سيتم فى 1 يناير 2024 ، فهناك فترة تمهيدية من الآن حتى بداية العام الجديد، فلم يُعلن عن قيود أو شروط للإنضمام لتجمع الـ ” بريكيس” ، لكن من المؤكد أن هناك ميثاق وبالتالى قواعد ، كما لو أن شخص ما ينضم لنادى اجتماعى أو رياضى فعليه أن يلتزم بقواعد هذا النادى، وهذه القواعد ستتكشف مع الوقت .
.. وهل الإستفادة ستكون ملموسة للمصريبن أم إنها تنعكس فقط على السياسات والمؤشرات ؟
الفيصل فى الموضوع هو “التحسن فى المستوى المعيشى للمواطن المصرى”، بمعنى أنه بمستوى دخل معين يُمكن للمواطن أن يُلبى قدر أكبر من احتياجاته الأساسية، هذا هو المعيار الأساسى للحُكم على إتيان ثمار الإنضمام للـ “بريكس” – وأى كلامة غير ذلك سيكون إنشائى وليس له قيمة – فما يحقق الفرق مع المواطن المصرى هو التحسن فى مستوى المعيشة وتلبية احتياجاته الأسياسية بجانب قدر من الاحتياجات الغير أساسية، وهكذا يُمكن للمواطن أن يشعر بتغيير فى مستواه المعيشى، وأى شئ غير ذلك سيكون فشل، فإذا تحدثنا عن التضخم والأسعار فإن، العالم كله تأثر خلال الفترة الماضية ومعدل التضخم الأمريكى خلال الشهر الماضى وصل لـ 2%، ولكن ما حدث فى مصر من تضخم وارتفاع للأسعار خلال الشهور الثلاث الماضية بمثابة جنون، فالمستوى المعيشى للمواطن المصرى هو ترجمة للوضع الاقتصادى، ولا يُمكن الحديث عن تحسن فى المستوى الاقتصادى طلما هناك تدنى فى مستوى المعيشة .
بعد سريان الإنضمام .. كيف ستتم عمليات التبادل التجارى بين إعضاء تجمع الـ ” بريكس ” ؟
هناك مدفوعات بعملة ما لأى عمليات تخص التصدير والإستيراد، وهكذا سيكون التبادل التجارى مع الدول أعضاء “بريكس”، فقد تختلف شكل العُملة التبادلية .. المهم أنها فى النهاية ستخفف من الطلب على الدولار ، ومسألة ايجاد عُملة موحدة بين أعضاء المجموعة قد يستغرق الأمر وقتاً ، مثلما هو الحال مع عُملة ” اليورو ” فالأمر ليس سهلاً بل يشوبه قدر كبير من التعقييد، فالمطلوب أولاً وضع قواعد لتوحيد الأسواق قبل توحيد العُملة، وهنا تصبح فكرة توحيد العُملة قابلة للتنفييذ، حيث قام الاتحاد الأوروبى قبل توحيد العُملة بإنشاء السوق الأوروبية المشتركة وهذا الأمر يستغرق من 4 إلى 7 سنوات، فالقضية قضية خلق قواعد لسوق مشتركة لتمهيد الطريق لإيجاد عُملة مٌشتركة، وبالتالى الموضوع ليس بالسهولة المطروحة على الساحة .
ماذا عن العُملة المستخدمة وإمكانية إنشاء عُملة رقمية مشتركة بين أعضاء “بريكس ” ؟
أوكد مرة أخرى أن الأمر يتوقف على القدرة على إنشاء سوق مشتركة وليس عُملة مشتركة ، ومن هُنا سيكون المؤشر، هل سيكون التبادل التجارى بعُملة مشتركة رقمية كانت أو غير ذلك ، فهذه فى النهادية مجرد أدوات، وهى ليست المُعضلة ، فالمُعضلة الحقيقية فى إنشاء سوق مشتركة .
لا أثر يُذكر للبريكس
هذا ويرى هانى توفيق الخبير الاقتصادى أنه لا أثر يُذكر للبريكس، أو غيرها من الإجراءات والاتفاقات الدولية على قيمة الجنيه .. فإصلاح المنظومة الاقتصادية مع مد آجال الديون ، والاستثمار ، والتشغيل ، والتصدير .. سيكون هو الحل لمشكلة سعر الجنيه ، ولاشئ آخر.
وقال هانى توفيق : “مش عاوز أصدم أللى بيقولوا إن الحل هو البريكس، وأكرر: مالم تستقطب الاستثمارات اللازمة لننتج أكثر مما نستهلك، ونُصدر أكثر مما تستورد، فإننا فقط سنتحول من مدين بالدولار إلى مدين باليوان و الروبل والريال ” .
البريكس ومنظمة التعاون الخليجي
وتحت عنوان ” البريكس و منظمة التعاون الخليجي ” … قال الدكتور هانى جنينة أستاذ الاقتصاد والمُحاضر بالجامعة الأمريكية : إن التطور الذي كان يتطلب احتفالاً كبيرًا هو توسع منظمة مجلس التعاون الخليجي – وليس توسع بريكس – لتشمل دول شمال إفريقيا ومنها مصر نظرًا لتشابك التاريخ والجغرافيا واللغة والثقافة الدينية والعادات والتقاليد والعلاقات الاقتصادية الممتدة عبر عقود مُمثلة في حركة سلع وخدمات وحركة عمالة وحركة رؤوس أموال ضخمة في صورة قروض وحقوق ملكية، بالإضافة إلى المصير المشترك .
وأضاف ” جنينه ” سيظل من عجائب الاقتصاد أن الإعلام العالمي و نقلاً عنه المحلي يتم الحتدث يومياً عن عملة بريكس الموحدة بالرغم من أن “بريكس” لم تولد بعد كمنظمة لأنها ما زالت “تجمع غير رسمي” ليس له عقد تأسيس أو سكرتارية أو مقر دائم، بالإضافة إلي عدم وجود أي تجانس في السياسة النقدية المطبقة في الدول الخمس ناهيك عن التجانس الفكري والثقافي والتاريخي الذي لا وجود له .. بينما لا يتم الإشارة مطلقًا إلي إمكانية إطلاق عملة خليجية موحدة بالرغم من أن منظمة التعاون الخليجي هي منظمة رسمية . فى حين أن السياسة النقدية و سياسات سعر الصرف في الدول الست الأعضاء واحدة، مما يجعلها أكثر تجانسًا من منطقة اليورو نفسها.
يُزيد الصادرات ويخفف الضغط على الدولار
من جانبه، أكد الدكتور عمرو السمدوني سكرتير عام شعبة النقل الدولي واللوجستيات بغرفة القاهرة التجارية، أن وجود مصر ضمن تحالف البريكس سيُخفض الضغط علي الدولار خاصة بمجموعة “بريكس”، وبالتالي يمكن زيادة الصادرات المصرية اعتمادًا علي هذه الميزة في التعامل بالملفات المحلية بدلاً عن الدولار، كما ستسهم في تعزيز التبادل التجاري مع الدول الأعضاء بالعملات المحلية، الأمر الذي سيسهم في التخفيف من الضغط على الدولار.
وأوضح أن إنضمام مصر لمجموعة البريكس يتيح لها الحصول علي تمويلات ومزايا تجارية واستثمارية كثيرة تمكنها من مواصلة الإصلاح الاقتصادي وتنفيذ المشروعات القومية في كافة المجالات، منوهاً أنه سيكون أمام مصر فرصة للحصول على قروض ميسرة بفائدة منخفضة من بنك التنمية التابع للتكتل بما يتيح قنوات جديدة لمصر بخلاف صندوق النقد والبنك الدولي.