قالت الشرطة وزعماء مسيحيون في باكستان إن مجموعة من المسلمين هاجموا مسيحيين في شرق البلاد يوم الأربعاء الماضي وخربوا عدة كنائس واضرموا النار في عشرات المنازل، بعد انتشار اتّهامات لمسيحيين اثنين بتدنيس القرآن.
ويمثّل المسيحيون الذين يشكلون 2% من السكان تقريبا شريحة تعدّ من بين الأفقر في المجتمع الباكستاني.
وقال نافيد أحمد المتحدث باسم الشرطة إن الهجوم وقع في بلدة جارانوالا في منطقة فيصل أباد الصناعية. وذكر أن مسيحيين اثنين اتُهما بالتجديف، مضيفا أنهما وأفراد أسرتيهما فروا من منازلهم.
وقالت الشرطة إن القضية ضد المسيحيَين الاثنين متعلقة بصفحات من القرآن عُثر عليها وبها بعض التعليقات المهينة مكتوبة بخط أحمر وجدت بالقرب من مجتمع مسيحي.
اعتقال أشخاص وملاحقة آخرين
واندلعت أعمال العنف عندما اقتحمت حشود منطقة يشكّل المسيحيون غالبية سكّانها في ضواحي فيصل أباد. وقال وزير الإعلام في حكومة ولاية البنجاب أمير مير إنّ عدة آلاف من عناصر الشرطة أرسلوا إلى المنطقة وإن أكثر من 100 شخص اعتقلوا. وأضاف “يجري تحديد من هاجموا الكنائس من خلال مقاطع الفيديو”. واستنكر الوزير في تصريحاته التجديف المزعوم.
وأظهرت صور على وسائل التواصل الاجتماعي حشوداً مسلّحة بعصي وحجارة تقتحم الشوارع بينما تصاعد الدخان من كنائس. وفي تسجيل آخر، هتفت الحشود وطالبت بمعاقبة المتّهمين بالتجديف بينما تمّ إنزال صليب من على إحدى الكنائس. كما تمّ تخريب جدران مقبرة مسيحية ومكتب للحكومة المحلية.
وتُظهر مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي متظاهرين يهدمون مباني مسيحية، بينما يبدو أن الشرطة تراقبهم.
واستخدم زعماء محليون مكبّرات الصوت في المساجد لحض أتباعهم على التظاهر، بناء على تسجيلات مصوّرة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال ياسر باتي، أحد المسيحيين الذين فروا من منازلهم، لوكالة فرانس برس: “لقد حطموا النوافذ والأبواب، وأخرجوا الثلاجات والأرائك والكراسي والأدوات المنزلية الأخرى، لتكديسها أمام الكنيسة لحرقها. وحرقوا الأناجيل ودنسوها، كانوا قساة.”
إساءة استغلال التجديف
عقوبة التجديف في باكستان هي الإعدام، ورغم أنه لم يُعدم أحد بهذه التهمة فقد أعدمت حشود غاضبة عديدين دون محاكمة.
وتقول جماعات حقوقية إن الاتهامات بالتجديف يُساء استخدامها أيضا في تصفية الحسابات. وتضيف الجماعات أنه يتم احتجاز مئات الأشخاص لفترات طويلة في السجون بعد اتهامهم بالتجديف إذ أن القضاة غالبا ما يؤجلون المحاكمات خشية تعرضهم للانتقام إذا اعتبر العامة أحكامهم متساهلة للغاية.
ودعا أنوار الحق كاكار رئيس حكومة تصريف الأعمال إلى اتخاذ إجراء صارم ضد المسؤولين عن أعمال العنف التي وقعت اليوم الأربعاء. وقال “أنا مصدوم من المشاهد التي حدثت”.
وقال أكمل بهاتي، أحد الزعماء المسيحيين، إن الحشد “أحرق” خمس كنائس على الأقل ونهب ممتلكات ثمينة من منازل هجرها أصحابها بعد تحريض أئمة المساجد للحشد.
من جانبه قال مصدر حكومي إن الحشد ضم الآلاف بقيادة أئمة محليين تابعين بشكل رئيسي لحزب سياسي إسلامي اسمه حركة لبيك باكستان. لكن الحركة نفت التحريض على العنف وقالت إنها عملت مع الشرطة لمحاولة تهدئة الأمور.