تمريرة حريرية رائعة من السنجأ، يستلمها الكاستن ليسكنها في شباك ثابت البطل حارس مرمى الأهلى ، هتافات الجماهير تهز المدرجات ، أفضل صانع الالعاب مع صاحب الأهداف القاتلة .
فتعالت أصوات الجماهير بالهتافات قائلين : “السنجأ لمها ومسعد حطها.. وثابت قال لهاني والله ما شفتها”.
المايسترو صالح سليم قال عنه أفضل صانع ألعاب فى مصر، مهاراته الفردية عالية، موهبته فائقة، ذو نظرة ثاقبة ورؤية واضحة فى الملعب، اسطورة القلعة الخضراء فى السبعينات، أنه السنجأ نجم النادى المصرى .
“السنجأ والكاستن” ،ثنائى شهير بالكرة المصرية ، ترك بصمات كبيرة في الملاعب ، فدائما ما يقترن إسم اللاعب بلاعب اّخر، يساهم في صنع شهرته.
شهرتهما الكبيرة صاحبتهما منذ نعومة أظافرهما ، فذاع صيتهما، وأصبحا الأشهر، فتربعا على عرش القلعة الخضراء، ولمعا بريقهم ، فأصبحا أحد مكامن الخطورة بالقلعة الخضراء.
فلك أن تتخيل “السنجأ” أفضل صانع ألعاب ، عندما كان يلتقي مع صاحب الأهداف القاتلة “الكاستن” الذي كان يفهمه جيدا، وكان يتواجد في المكان والوقت المناسب، فيتلقى تمريرات ” السنجأ” ليحولها إلى أهداف.
فجر ابناء بورسعيد مفاجأة من العيار الثقيل بالفوز على النادى الاهلى فى استاد بورسعيد بهدف للنجم الكبير مسعد نور، جاء من تمريرة حريرية رائعة من السنجأ ليسكنها الكاستن شباك ثابت البطل حارس مرمى الاهلى .
فقد كان السنجأ يلعب كصانع العاب، وكان مسعد نور يفهمه جيدا، وكان يتواجد فى المكان والوقت المناسب ويتلقى تمريرات السنجأ ليحولها إلى اهداف، لهذا لفت السنجأ اليه الانظار بشدة ، حتى أن الراحل صالح سليم اعتبره فى منتصف السبعينيات افضل صانع العاب فى مصر.
وحاول المايسترو ضمه الى النادى الاهلى ، بناء على طلب من هيديكوتى المدير الفنى للأهلى مقابل عشرة الاف جنية ، لكن ادارة النادى المصرى رفضت الاستغناء عنه.
حزن “السنجأ” لرحيل توأمه الروحى “الكاستن” حزنا شديدا ، وبعد مرور خمسون يوما على وفاة “الكاستن” ، أصيب “السنجأ” بأزمة قلبية ، ليلحق برفيق دربه فى نفس العام 2011.
يحيي المصري البورسعيدي الذكرى السنوية الثانية عشر لوفاة محمد عبود “السنجأ” ، نجم وقائد المصري خلال حقبة السبعينيات، رحم الله الفقيد بقدر ما أسهم في إسعاد جماهيرنا العظيمة لسنوات وسنوات.
تستعرض بوابة “وطنى” أبرز محطات حياة السنجأ في ذكراه الـ 12.
محمد محمد عبود السيد وشهرته “السنجأ” والمركز “صانع ألعاب” .. ولد في الخامس عشر من مارس عام 1947 ببورسعيد، بدأ في مداعبة كرة القدم منذ نعومة أظافره، فلفت أنظار الجميع إليه بتحكمه البارع في كرة “الطزة” التي كان يروضها بسهولة ويسر ، فذاع صيته منذ الصغر، وصار الفريق الذي يضم “السنجأ” هو الأشهر بحي المناخ.
الشهرة الكبيرة التي صاحبته منذ الصغر ،دفعت عدد من كشافي النادي المصري لاصطحابه إلى الراحل القدير حلمي مصطفى نجم المصري الدولي الأسبق، الذي ضمه على الفور لفرق الأشبال بالقلعة الخضراء، واستمر بصفوف فرق الأشبال حتى بلغ من العمر سبعة عشر عامًا، لم ينل خلالها فرصة التصعيد إلى الفريق الأول، الذي كان يذخر آنذاك بالنجوم.
شعر “السنجأ” أن فرصته في اللعب لصفوف الفريق الأول بالمصري صعبة للغاية، فطلب الرحيل في عام 1965 إلى صفوف فريق بورفؤاد ، الذي كان ينشط آنذاك في صفوف الدرجة الثانية.
وفي بورفؤاد ينال “السنجأ” الفرصة التي لم يفرط فيها على الإطلاق ، ورغم صغر عمره إلا أنه وبصحبة زميليه الناشئين سعد مبارك وعبد العزيز بدران ، كانوا من العناصر الأساسية لفريق الضاحية الهادئة الذي كان يضم آنذاك عدد من النجوم يتقدمهم الحارس الدولي، فيما بعد حسن مختار وقدري وفاروق عبد العزيز وابراهيم اسكندر وحسن أمين وغيرهم من النجوم.
واستمر “السنجأ” في التألق في صفوف بورفؤاد لمدة موسمين، تلقى خلالهما العديد من العروض للانتقال إلى عدد من أندية الدوري الممتاز، إلا أن تلك العروض قوبلت بالرفض من قبل نادي بورفؤاد.
وبعدما عرف “السنجأ” طريق النجومية، توقف النشاط الكروي عقب عدوان يونيو عام 1967 حتى عادت عام 1970 ، وبدأ في أداء خدمته العسكرية على الجبهة ، وتألق بشدة في دوري القوات المسلحة ، وصار حديث الجميع بمهارته الفائقة وقدرته الهائلة على التحكم بالكرة، وخلال تلك الفترة كان يسافر مع النادى الاسماعيلى الى البلدان العربية لخوض بعض اللقاءات الودية التى كان يخصص دخلها لصالح المجهود الحربى، وكان السنجأ يتدرب مع الدراويش اثناء فترة التهجير فى نادى الجزيرة بالقاهرة ، وقد حاول الراحل عثمان أحمد عثمان رئيس النادى الاسماعيلى.
فى ذلك الوقت ضمه إلى صفوف الفريق لكى يتمكن من المشاركة مع الدراويش فى بطولة الاندية الافريقية التى فاز بها الاسماعيلى عام 1970،ولكن محمد لهيطة رئيس النادى المصرى فى تلك الايام رفض انتقاله حتى لا تثور جماهير بورسعيد .
“السنجأ” كان أمهر من لعب فى مركز صانع الألعاب ، وتميز بالرؤية الواضحة للملعب ،والمهارة الفردية العالية، واكتشفه الكابتن على عمر مدرب الاسماعيلى القديم الذى سبق و اكتشف رضا و شحتة نجمى الاسماعيلى، فضمه على وجه السرعة الى نادى بورفؤاد ، بعد ان اعجب بادائه، وكان ذلك عام 1960ليتألق فى صفوف الناشئين بعدها شاهده الكابتن عادل الجزار، والكابتن جابر مرسى، واشادا بمستواه العالى، وكانا سببا فى انتقاله الى النادى المصري.
وفى عام 1966 انضم السنجأ إلى صفوف منتخب مصر للناشئين والذى كان يضم فاروق السيد، ومحسن صالح، وعزالدين يعقوب ،وكان يشرف على تدريبه المجرى سابو وومعه الكابتن عبده صالح الوحش، و الكابتن طه الطوخى.
ومع عودة النشاط الكروي عام 1970، انطلقت مباريات الدوري العام وكأس مصر ، وكان النادى المصرى يمتلك فريقا قويا، يضم مجموعة من اللاعبين المتميزين، كان على رأسهم السنجأ و معه النجوم مسعد نور، و سمير التفاهنى ، و محمد شاهين، وصابر حسين ، وسمير الغزناوى ، و السيد عبداللاة ونظمى وغيرهم ، وذلك بعد ما نجح الراحل القدير محمد لهيطة مدير الكرة التاريخي بالنادي المصري، في اقناع مسئولي نادي بورفؤاد بالاستغناء عن “السنجأ” وبرفقته النجوم مسعد نور ، عبد العزيز بدران ، حسن الفلاح ، سمير ياسين، للانضمام للمصري مطلع موسم 1972/1971 ، وهو الموسم الذي شهد بزوغ نجم “السنجأ”، والذي كان آنذاك هو النجم الأوحد للنادي المصري، في ذاك الموسم الصعب الذي تم الغاءه مبكرًا، بعد أحداث الشغب التي حدثت خلال مباراة الأهلي والزمالك الشهيرة.
وفى موسم 1973/1972 ، شهد نجاح المصري في ضم مسعد نور من صفوف ناشئي الزمالك ، ليشكل مسعد نور والسنجأ ومعهما الناشئ سمير التفاهني ثلاثيًا للهجوم لا يشق له غبار ، وكان لهذا الثلاثي فضل كبير في نجاح المصري في الحفاظ على تواجده وسط الكبار، رغم الصعوبات الهائلة بسبب ويلات التهجير.
شهد موسم 1972 / 1973 بطولة الدورى العام، حيث أدى فريق المصرى مباريات قوية أبرزها ، التعادل مع نادى الزمالك بهدفين لكل منهما فى الاسبوع الرابع عشر ، وجاء الفريق فى المركز العاشر، وفى هذا الموسم سجل السنجأ هدفان الأول كان فى مباراة المحلة فى الاسبوع الرابع، وجاء من ضربة ركنية سكنت مباشرة شباك فؤاد بخيت حارس مرمى المحلة ، ولكن المصرى خسر اللقاء بثلاثة اهداف لهدف اما الهدف الثانى، فكان هدف فوز فريقه على البلاستيك فى الاسبوع الخامس .
وفى نفس الموسم، قاد السنجأ النادى المصرى للوصول الى الدور قبل النهائي لبطولة كأس مصر، ليلتقى مع النادى الأهلى فى استاد القاهرة.
وشهد موسم 1974 / 1975 لمسابقة الدورى العام ، تألق فريق المصرى البورسعيدى، حيث حل فى المركز السادس وسجل السنجأ فى هذا الموسم أربعة أهداف فى مرمى كل من البلاستيك و الشرقية و الطيران والاوليمبي، واستطاع ان يقود فريقة لتحقيق نتائج طيبة، أبرزها الفوز على نادى غزل المحلة بجيلة الذهبى بثلاثة اهداف مقابل هدفين.
ورغم تألق السنجأ بشهادة الجميع، الا انه لم يلعب سوى مباراة دولية واحدة مع منتخب مصر الاول، وكانت امام المنتخب السعودى فى ملعب نادى الزمالك، ويومها فازت مصر بسبعة اهداف نظيفة، رغم ان السنجأ كان عضوا دائما فى منتخب مصر فى الفترة من 1970 حتى 1973، وكان معه عمالقة جيل السبعينيات فى هذا الوقت ومنهم محمود الخطيب و حسن شحاتة وطه بصرى وعلى ابو جريشة وشحتة الاسكندرانى وهانى مصطفى وفاروق جعفر .
من المباريات التي لا تنسى لنجمنا الراحل محمد عبود “السنجأ” ، مباراة المصري والأهلي بكأس مصر والتي جرت في الحادي عشر من مايو عام 1973 وهي المباراة التي كان نجمها الأوحد هو “السنجأ” ، فبعد تأخر المصري بثلاثة أهداف نظيفة ، ينجح السنجأ في احراز هدفين متتاليين للمصري أشعل بهم المباراة التي ظلت جماهير المصري تتندر كثيرًا، بأن حكم المباراة ، قد أنهى المباراة مبكرًا عن موعدها بعد احراز المصري لهدفيه، قبل انتهاء الموعد ١٣ دقيقة.
وظل “السنجأ” ذلك النجم القصير المكير خلال فترة النصف الأول من السبعينيات أحد مكامن الخطورة في النادي المصري لذا تم ضمه للمنتخب الوطني والمنتخب العسكري في تجمعات عديدة ظهر خلالها “السنجأ” بمستوى فني وبدني طيب للغاية.
ونجح “السنجأ” خلال تلك الفترة في احراز أربعة عشر هدفًا للمصري بالدوري الممتاز ، بالإضافة إلى أهدافه كذلك ببطولة الكأس .
وتلقى “السنجأ” العديد من العروض سواء داخل مصر أو خارجها ، إلا أن مسئولي المصري رفضوا بشكل تام التفريط في نجمهم الذي صار أحد أهم نجوم القلعة الخضراء خلال تلك الفترة الذاخرة بالنجوم.
ورغم تأثر “السنجأ” بإصابته المتتالية، إلا أن كافة المديرين الفنيين الذين تولوا تدريب المصري، خلال النصف الثاني من السبعينيات، كانوا حريصين تمامًا على قيده بقائمة الفريق ايمانًا منهم بموهبته الفائقة، وقدرته على صُنع الفارق رغم تخطيه الثلاثين عامًا.
فى مطلع الثمانينيات أعلن “السنجأ” اعتزاله لكرة القدم بعد مشوار كبير مع الكرة ، لتستعين به كافة مجالس إدارات النادي المصري للعمل مستشارًا كرويًا نظرًا لعينه الخبيرة ورؤيته الثاقبة.
حزن كثيرًا لرحيل توأمه الروحي كاستن بورسعيد مسعد نور في الثالث والعشرين من أبريل عام 2011 ، وبعد عدة أيام أصيب “السنجأ” بأزمة قلبية حادة ، ووافته المنية في الأول من يوليو عام 2011 عن عمر يناهز الثالثة والستين عامًا ، ليلتحق برفيق دربه مسعد نور والذي رحل قبله ب50 يوما فقط، فخرجت جماهير بورسعيد عن بكرة أبيها لتشيع هذا النجم إلى مثواه الأخير ، وسط حالة من الحزن الشديد على نجمهم القدير الذي أجزل العطاء لناديه فاستحق أن يكتب اسمه ضمن أساطير القلعة الخضراء.
وعن أسوأ موسم للنادي المصري كانت سنة 1973، عندما كان النادي المصري مهدد بالهبوط ، لولا نتائج أخر ثلاث مباريات عندما تعادلنا مع نادي غزل المحلة ، وفزنا على نادي الترسانة ونادي الاتحاد السكندري.
وعن أفضل مباراة في حياتي، قال كانت مباراة المصري مع النادي الاهلي في قبل نهائي كأس مصر ، عندما أحرزت هدفين فى مرمى الاهلى، لكننا خسرنا تلك المباراة بنتيجة 3-2 ، وتم إلغاء المباراة قبل نهايتها ب 13 دقيقة.
وعن أفضل مباراة دولية ، قال كانت مع منتخب السعودية عام 1975 فى ملعب الزمالك، والتي فاز فيها منتخب مصر بسبعة أهداف وكانت تلك الأهداف السبعة من صنعي.
وعن حكاية اسم السنجأ الذي اطلق علي هذا النجم الكبير، فكلمة السنجأ هى كلمة تركية كانت تطلق على قائد السرية أو قائد الكتيبة فى الجيش العثمانى فى القرن التاسع عشر، وقال السنجأ أن سبب تسميته بهذا الاسم يعود إلى أنه كان يقود اللاعبين الصغار فى الملعب ، اى الكابتن حينما كان يلعب ، كما أن شكله ولون بشرته الابيض في الاحمر، يشبه الاتراك فاطلقوا عليه السنجأ.