“كركشنجى دبح كبشه يا محلى مرقه لحم كبشه” هي من اشهر أغاني المطرب الشعبي أحمد عدوية، والتي ارتبطت في اذهاننا بعيد الأضحى، ولكن الذي لا يعلمه الكثير أن تللك الاغنية تحكي قصة واقعية لشخص مصري بسيط أسمه “عم كركشنجي”.
“كركشنجى” هو رجل بسيط يمر على المحال بمبخره يبخر بها محلاتهم، وكان رجلاً عفيف النفس لا يقبل المساعدة ويختفى من السوق ايّام عيد الأضحى حتى لا يعطف عليه اصحاب المحلات، وبسبب فقره وكثرة عياله فكر تجار وأهالي الحى في تجميع ثمن خروف له عند قدوم العيد، وكان وقتها ثمن الخروف ٧ جنيهات، ففرح أولاده وجيرانه بخروفه الصغير وانتهوا من صلاة العيد وذهبوا إليه يغنوا وقالوا، “كركشنجى دبح كبشه .. يا محلى مرقة لحم كبش”.
ولفقر الكركشنجى وضيق حاله، فهو لأول مرة في حياته يحتكم على خروف، لذا يوضح الشاعر مأمون الشناوي مؤلف الأغنية إنه يُحاول أن يسيطر على الخروف “عكشو” لكنه يُفلفص منه “فركش” – “عكشه .. فركش” ، لم يستسلم الخروف الضحية لمناكشة الكركشنجى حتى “قلشه” وهرب منه يجرى في الشارع.
والناس يضحكون على الخروف الذى يجرى ويجرى ورآه كركنشنجى واولاده يبكون حزنا على هرب الخروف، فألتقط مأمون الشناوي المشهد “سبع سلاطين استسلطناهم من عند المستسلطنين”، إذ يُندب كركشنجى حظه على الخروف الذى هرب، والـ ٧ سلاطين الذين اشتراهم ليضع بهم مرقة ولحم الكبش، “تقدر يا مسلطن يا مستسلطن تستسلطلنا.. سبع سلاطين زي ما استسلطناهم من عند المستسلطنين” ، أي تقدر يا من تسخر من كبشى الذى هرب أن تأتى لي به أو بغيره لأضع لحمه بالسلاطين؟
– حكاية السبع دبابيس و السبع لحاليح:
“سبع دبابيس استدبسناهم من عند المستدبسين” يعنى هذا أن عم كركشنجى أتى بسبع دبابيس، لكي يدبّس بهم فروة الخروف من أطرافها بعدما يدبح.
ثم تختم الأغنية بجملة” سبع لحاليح استلحلحناهم من عند المستلحلحين” وتعني سبعة جنيهات عطف علينا التجار بهم، “تقدر يا ملحلح يا مستلحلح تستلحلحلنا.. سبع لحاليلح زى ما استلحلحلناهم من عند المستلحلحين”، ومعناها ” أي حد من اللي نازل سخرية يقدر يجيبله ٧ لحاليح غيرهم؟.
– “الشناوي” و أغنية كركشنجي:
والجدير بالذكر أن الأغنية في حد ذاتها تعبر عن حالة التعاطف مع الغلابة، وحالة الرجل الفقير التعيس بعد ان ضاع رزقه، والاغنية من تأليف الشاعر الكبير مأمون الشناوي والذي صرح في حوار له انه شاهد قصة عم كركشنجي وخروفه بعينيه ومن تأثره بها اراد ان يحولها الي أغنية، وقد وجد في صوت وشخصيةاحمد عدوية مقصده، وما زاد من نجاح الاغنية وسرعة انتشارها هو تلحين الراحل حسن ابو السعود، والذي تعمد ان يتم صنعها كلحن راقص لكي تستمر وتعيش لأجيال عديدة، كما ارتبط غناؤها بعيد الأضحى واصبح الاطفال تتغني بها في العيد.
وقد ظهرت الكثير من الشائعات التي تقول بأن مأمون الشناوي لم يقم بكتابة أغاني للمطرب الشعبي أحمد عدوية، ولكن هذا الكلام لا يتعدى كونه شائعة، فالحقيقة أكدها عدوية في أكثر من حوار، لافتا إلى أن مأمون وقف إلى جواره في بداية مشواره في وقت كان يحاربه عدد كبير من أهل الفن، وقدم مأمون لعدوية ”سيب وأنا سيب”، وموال ”الزحمة”، وأغنية ”كركشنجي” أحد أشهر وأجمل أغاني عدوية. وعن أغنية كركشنجي يروي عدوية في حوار قديم أن الفنان عبدالحليم حافظ كان معجبا بالأغنية وكان دائما يسمع الأغنية ويسأله كيف حفظتها.