الحب.. والزواج.. والأسرة..
عند المرأة الفرعونية؟!
تمتعت المرأة في الحضارة المصرية القدمة بمكانة ممتازة, ونالت حقوقا قريبة من حقوق الرجل.
كان للمرأة المصرية حق التملك وحق الإرث, وحق أن تتولي أمر أسرتها في غياب عائلها, وهي كابنة كانت ترث نصيبا يساوي نصيب الابن, وكزوجة تعتبر سيدة البيت.
ولكي يتضح تماما ما حققته الحضارة المصرية للمرأة من تقدير واحترام, نري لزاما أن نلقي نظرةعابرة إلي ما كان يجري في المجتمعات الأخري القديمة بالنسبة للمرأة, فقد امتهنت المرأة, وأهدرت حقوقها وآدميتها.
كان المجتمع اليوناني ينظر إليها علي أنها كائن أدني من الرجل أقل منه عقلا وأدني خلقا.
فأرسطو يري أن السيد محروم من ملكة الحكم تماما علي الأشياء, وأن هذه الملكة ضعيفة عند المرأة غير فعالة. كذلك لم يكن لها رأي في أخطر حدث في تاريخ حياتها وهو الزواج.. كما لم تعتبر أهلا للتملك ولا أهلا لتحمل المسئوليات فهي لا ترث حتي لو كانت وحيدة لأبيها, وتظل أمواله من غير مالك حتي تنجب طفلا ينسب إلي جده ويستولي علي ماله.
وليس أبشع مما كان يحدث في المجتمع الهندي عندما كان يحتم موت المرأة يوم موت زوجها وأن تحرق معه في موقد واحد.
وشريعة حمورابي في الحضارة البابلية كانت تعد المرأة في عداد الماشية المملوكة.
وهكذا نستطيع أن نقول إن الحضارة المصرية القديمة قد تفردت بإعطاء المرأة المصرية مكانة ممتازة ووفرت لها التقدير والاحترام.
الزواج عند المصري القديم
يقول الحكيم بتاح حتب إن الرجل يكون حكيما عندما يؤسس لنفسه بيتا ويحب زوجته هذه الحكمة تدل علي حرص المصري القديم علي تكوين الأسرة, وجعل الحب والمودة أساس العلاقة الزوجية.. لقد كانت العلاقة بين الزوج والزوجة تصور في جميع العصور بطريقة تنم عن الإخلاص والتعاطف.. فهما يقفان الواحد منهما إلي جانب الآخر أو يجلسان علي مقعد عريض تلف المرأة ذراعها في رفق حول زوجها أو تضع يدها علي إحدي كتفيه, أو تتشابك أيديهما معا..
وهي صورة قريبة من الأوضاع التي تتخذ حاليا في صور الزفاف عند الأسرة المصرية.
ولنتأمل سطور تلك الرسالة الدامعة التي بعث بها أرمل إلي روح زوجته المتوفاة ووضعها في مقبرتها.
يقول.. لقد كنت زوجت عندما كنت في سن الشباب.. لم أتخل عنك ولم أدخل علي قلبك أي هم.. وعندما كنت أرأس ضباط جيش فرعون وجنود العربات جعلتهم يحضرون ليخروا سجدا بين يديك.. لم أخف شيئا عنك طول حياتك.. ولم أفعل بلك سوء.. ولم أخنك.. وعندما مرضت بهذا المرض الذي اعتراك استحضرت كبير الأطباء.. وعندما وجب علي أن أرحل إلي الجنوب في رفقة فرعون كنت بأفكاري عندك… وقضيت الشهور الثمانية دون أن آكل أو أشرب كما يفعل الناس.. وعندما عدت إلي ممفيس استأذنت فرعون وحضرت إليك وبكيتك كثيرا مع أهلي أمام منزلي..
أقدم عقد زواج
ويرجع تاريخ أقدم زواج مصري إلي القرن الرابع قبل الميلاد.. وبالمتحف المصري عقد زواج يرجع تاريخه إلي عام 231 ق.م أبرم بين أمحوتب وتحاثر.. يقول امحوتب.. لقد اتخذتك زوجة, وللأطفال الذين تلدينهم لي كل ما أملك, وما سأحصل عليه كذلك يكون لهم.. ستضمنين طعامك وشرابك الذي سأجريه عليك شهريا وسنويا.. وإذا اتخذت لك ضرة وطردتك أعطيتك خمسين قطعة من الفضة…
هذا العقد يدل علي مدي حرص المصري القديم علي تأمين حاضر ومستقبل زوجته وأولاده.. وأن تعدد الزوجات لم يكن منتشرا.. وفي حالة الطلاق فلابد من تعويض.
المرأة المصرية.. ملكة
وصلت المرأة المصرية إلي العرش كفرعونة! لقد أشرك الملك تحتمس الأول ابنته حتشبسوت في الحكم قبل موته!. وفي هذا دلالة علي الثقة التي ليس لها حدود بقدرات المرأة… ثم تولي زوجها تحتمس الثاني العرش وشاركته أيضا الحكم ـ ثم تزوجت تحتمس الثالث الذي كان يصغرها, ولذلك قبضت علي ناصية الأمور بيد قوية, وكان طبيعيا أن ينتقم هذا الزوج بعد وفاة حتشبسوت للأيام التي كان يقوم خلالها بدور زوج الملكة! دفعه هذا الشعور لأن يصبح من أشجع الملوك الذين عرفتهم مصر…
واتجهت حتشبسوت إلي التشييد والبناء.. فشيدت معبد الدير البحري وهو من أفخم وأروع المعابد المصرية والمسلتين الشهيرتين اللتين يبلغ ارتفاعهما 29.5مترا…
قطعتا من محاجر أسوان وتم نقلهما علي مركب هائلة صنعت خصيصا إلي طيبة بمعبد الكرنك.
هكذا تميزت الحضارة المصرية القديمة بأنها أعطت للمرأة المصرية قدرها.. حقوقها.. وقامت هي من جانبها بدورها كشريكة للرجل في أفراحه وأتراحه, تساعده.. وتدفعه إلي العمل.. ترعي البيت وتربي الأولاد.. وتصل إلي ا لحكم إذا دعت الأمور إلي ذلك وتثبت كفاءة وجدارة وذوق فنان.