– وضع خارطة طــريــق للتحـول نحـو العمــران الأخـضـر والمدن المستدامة
– قطاع البناء ثاني أكبر مصدر للغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم ويحتل المرتبة الثانية بعد الصناعة بنسبة 16٪
– ســن تـشـريعات لربـط المـشــروعــات الخـضـراء وكود البناء بالـتـصـريح
– تشجيع القطاع الخاص بحوافز ضـريـبـية للتـوســع في العمارة الخـضراء وميكنة الإجــراءات
يـتـجــه العالم نحــو إرســـاء مـفـاهـيــم التعـافـي الأخـضــر، لمواجهة التغيرات المناخية والاحتباس الحراري على كوكب الأرض، وتعد تقنية العمارة الخضراء صديقة البيئة، أحد المحاولات لتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة والميثان والأوزون وأكسيد النيتروز والغازات الفلورية، ومحاربة تلوث الهواء؛ للحفاظ على البيئة وعمر الأرض والكائنات الحية، ومع تزايد التلوث البيئي وتـفـاقـم آثار التغيرالمناخي، أعادت وزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية النظــر في ترتيب أولوياتها، حيث وجهت بالاهتمام بالعمارة الخـضـراء وإرساء مفاهيم الاستدامة الذي تسعى إلى تقليل الضرر الملحق بالبيئة والمحافظة على مواردها واتخذت الإسكان خــطــوات جــادة في طريقها لصنع تجربتها الخاصة في مجال الإسكان الأخـضــر، حيث أطلق صندوق الإسكان الاجـتـمـاعـي بالتعاون مع البنك الدولي ومركز بحوث البناء والإسكان مبادرة العمارة الخضراء في عام 2020، لبناء وحدات سكنية خضراء للمواطنين محدودي الدخل، حيث تعد التجربة المصرية في مرحلتها الأولى، والتي تنتهي بنهاية عام 2024، وتهدف للوصول إلى 25 ألف وحدة سكنية بنظام تصنيف الهرم الأخضر للإسكان الاجتماعي،وبـدأت بالفعل في تشييد كـم كبير من هـذه الوحـدات،لم تـكـن المنازل المستدامة تشغل بال كثيرين،ولكن الآن ومع مواجهة العالم هجمة من التحديات مثل أزمة المناخ، واستنفاذ الموارد الطبيعية،وغيرها…
حلمًا كبيرًا على المستوى المحلي
في البدايـة قالت مـي عبـد الحميـد، الرئيس التنفيذي لصندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري: إن بناء وحدات سكنية خضراء صديقة للبيئة كان حلمًا كبيرًا على المستوى المحلي، نظرًا للفائدة الكبيرة لها في توفير الطاقة وتحسين جودة الحياة للمواطنين، مضيفةً أن بناء مثل هذه الوحدات السكنية يرفع من تكلفة البناء بنسبة تتراوح من 5 :10% ولكن فوائده على المدى المتوسط تفوق بكثير تلك التكلفة؛ نظراً للوفرة الكبيرة التي سيشعر بها المواطن في تكاليف استخدام المياه والكهرباء نتيجة للاعتماد على الطاقة الشمسية والمصادر المتجددة، وأن نسبة التوفير قد تتجاوز الـ20% في فاتورة استهلاكات المواطن الشهرية.
وأضافت: أن دعم المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية، ساهم في تحويل هذا الحلم إلى حقيقة ملموسة على أرض الواقع خلال الفترة الماضية في ضوء المعونات الفنية التي قدموها، معربة عن تطلعها للمزيد من التعاون المثمر مع المؤسسات الدولية، خصوصًا على الجانب التقني مع مؤسسة التمويل الدولية، وتجربة البناء الأخضر في كولومبيا، قالت مي عبد الحميد: إن مصر في طريقها لصنع تجربتها الخاصة في مجال الإسكان الأخضر، حيث أطلق الصندوق بالتعاون مع البنك الدولي ومركز بحوث البناء والإسكان مبادرة “العمارة الخضراء” في عام 2020، لبناء وحدات سكنية خضراء للمواطنين محدودي الدخل، موضحة أن التجربة المصرية في مرحلتها الأولى، والتي تنتهي بنهاية عام 2024، تهدف للوصول إلى 25 ألف وحدة سكنية بنظام تصنيف الهرم الأخضر للإسكان الاجتماعي، وتم بالفعل البدء في البناء خلال المرحلة الماضية.
كما أضافت: نهدف إلى أن تتحول جميع الوحدات السكنية التي يتم بناؤها للمواطنين منخفضي الدخل إلى النموذج الصديق للبيئة في العمارات الخضراء، وهو ما سوف يؤثر بصورة إيجابية على مستقبل الإسكان في مصرويخلق مزيدا من الفرص أمام القطاع الخاص المصري سواءً لشركات المقاولات أو شركات مواد البناء أو مؤسسات التمويل التي تتطلع للتوسع في منح التمويل الأخضر في الفترة القادمة.
وأشارت إلى أن مصر لديها مشروع طموح للإسكان الاجتماعي، يهدف إلى الانتهاء من مليون وحدة سكنية للمواطنين منخفضي الدخل بنهاية عام 2024، ويحظى البرنامج بشعبية كبيرة داخليًا، حيث تم الانتهاء من أكثر من 600 ألف وحدة سكنية حتى الآن، كما نجح البرنامج في تحقيق خطوات فعالة في مجال التمويل العقاري، حيث يتعامل المستفيدون منه مع البنوك للمرة الأولى، وهو ما ساهم في استدامة البرنامج والتوسع فيه بشكل أكبر، حيث تجاوز التمويل الممنوح من 31 جهة تمويل 52 مليار جنيه منذ إطلاق البرنامج في 2014.
وأوضحت أن مبادرة “العمارة الخضراء” التي أطلقها الصندوق تنافست مع 7 مبادرات من مختلف دول قارة إفريقيا،منها: مبادرة “منازل زيما” بكينيا، ومبادرة “سيترا” من جنوب أفريقيا، ومبادرة “كوبيك”من إثيوبيا ومبادرة نامبيا “، والتي عملت على تحويل حي سكني إلى حي حديث صديق للبيئة وهو ما جعل عملية التنافس شديدة،حيث تجاوزت مبادرة العمارة الخضراء مبادرة “سيترا” المقدمة من جنوب أفريقيا بفارق صوتين فقط، وهوما يوضح المستوى التنافسي الكبير للمبادرات المشاركة.
وأكدت مي عبدالحميد، أن هناك عددا من المعايير الواجب توافرها في بناء العمارات الخضراء، مثل زراعة أوجه وأسطح العمارات، وتركيب خلايا طاقة شمسية أعلى كل عمارة، واستخدام منظومة المياه الرمادية، واستخدام مواد صديقة للبيئة في التشطيبات، مثل استخدام المونة البيضاء بدلًا من المونة الأسمنتية.
وأشارت إلى أن تهدف إلى بناء وحدات سكنية صديقة للبيئة ميسورة التكلفة للمواطنين ومنخفضي الدخل، وستتم زيارة ميدانية لجميع المدن الذكية التي تم طرحها من مصر، وقد تم شرح السياسية الموجودة في برنامج الإسكان في مصر والتنمية العمرانية ومدن مستدامة يوجد فيها سهولة انتقال من مكان إلى آخــر، مشيرة الى أن التكلفة ليست باهظة التكالف، لكن الفرد سيجني ثمار”العمارة الخضراء” ســواء في فواتير المياه أوالكهرباء أو المياه هتكون والفرض مش هيعتمد لا على تكييف والاسعار في متناول محدودي الدخل ليعيش المواطن في بيئة نظيفة، موضحة ان المواطن ستكون نفسيته اكثر راحة بسبب هذا المشروع وفي الإنارة في كل شيء حواليه على أعلى مستوى متساعد في تقليل استهلاك الطاقة، بنسبة تتراوح ما بين 24-50%، وتقليل الانبعاثات الكربونية بنسبة تتراوح ما بين 33-39%، وتقليل استهلاك المياه لنسب تصل إلى 40%، وتقليل النفايات الصلبة إلى 70%، مشيرة إلى أن الصندوق يهدف إلى تعميم هذه المبادرة على جميع الوحدات التي يتم تنفيذها في المستقبل تدريجيًا، حتى تصبح وحدات سكن لكل المصريين في مصر مشروعات صديقة للبيئة,موضحة أن هذا المشروع توجه عالمي لبيئه نظيفه للمناخ, وجد لدينا تنوع في أكثر من مدينة سواء محافظات بحري أو قبلي مثل أسوان، موضحًا أن أسوان من المدن الجميلة التي توجد فيها الشمس طول السنة وهذا يساعد على بيئة جيدة، ويتم استغلالها على اعلى مستوى بين المباني الخضراء،موضحة أن التصميم مختلف من مكان إلى آخر حسب طبيعة كل مدينة.
وأكدت أنه تم إطلاق مبادرة “العمارات الخضراء” بالتعاون مع البنك الدولي ومركز بحوث البناء في عام 2020، والتي تهدف إلى بناء 25 ألف وحـدة سكنية معتمدة بنظام تصنيف الهرم الأخضر للإسكان الاجتماعي، صديقة للبيئة حتى عام 2024,، ويجري العمل حاليًا على بناء ألف وحدة سكنية صديقة للبيئة كنموذج، وإجراء الدراسات المتعلقة بالأثر البيئي لهذه الوحدات، موضحة إلى أن البرنامج الرئاسي “سكن لكل المصريين” والمبادرات التابعة له مثل مبادرة “العمارة الخضراء” حصلت على ثقة المؤسسات الدولية.
الحـد مـن الأضرار البيئية
ويقول سمير طـنـطاوي،استـشاري التغيرات المناخية، وعضو الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغيرات المناخية،إن العمارة الخضراء مصطلح يطلق على مسميات أخـرى مثل التصميم المستدام،الإنشاءات المستدامة، البناء الأخضر، وهي كلها مفاهيم أساليب وطرق جديدة في الإنشاءات من حيث تشغيلها وتنفيذها بما يسهم في الحد من الأضرار البيئية وخفض التكاليف وعلى وجه الخصوص تكاليف التشغيل والصيانة,ويشير إلى أن “الدولة المصرية أظهرت اهتماما بفكرة العمارة الخضراء من خلال جهاز تخطيط الطاقة حيث نظم ندوة عن العمارة الخضراء عام 1996 ثم نظم دورات تدريبية للمعماريين في هذا المجال خلال عامي 1997 و1998 وانتهى بإقامة مسابقة معمارية لتصميم مساكن منطقة توشكى, وأضاف:تتبنى هيئة المجتمعات العمرانية استراتيجية تعتمد على العمارة الخضراء وتنفيذ مشروعات تهدف لتحقيق الاستخدام الأمثل لمصادر الطاقة مثل إنشاء محطات لتوليد الطاقة الشمسية أعلى مباني أجهزة المدن الجديدة واستطرد قائلا:كذا استخدام السخانات الشمسية في بعض المباني السكنية، بجانب إضاءة بعض الـشـوارع بالطاقة الشمسية وتعميم إنارة الطرق بالكشافات الموفرة للطاقة، وتخصيص مسارات خاصة للدراجات بمسافة حوالي 26 كم كمرحلة أولى بعدد من المدن الجديدة، بما سيعمل على المساهمة في تخفيض الانبعاثات والحفاظ على البيئة,وأحد مبادئه هو التكيف مع المناخ البيئي المحيط به فلا يؤثر عليه سلبا ويصبح جزا منه, تقليل استخدام الموارد: فيتم في تصميمه تقليل استخدام المواد الغير متجددة واستخدام مواد مستدامة عن طريق تدويرها. مثل إعادة تدوير النفايات وبقايا المباني .
العاصمة الإداريـة .. أول مـديـنـة خـضــراء
فيما قال د.سيف فــرج، خبير التطوير العمراني: إن المبانى الخضراء مصطلح جديد تحقق على أرض مصر، ممثلة فى وزارة الإسكان، التي قامت بإنشاء عــدد من المبانى الخضراء داخل مدن الجيل الرابع، فى اتجاهها للتحول نحو الأخضر، وعلى رأسها مدينة العاصمة الإدارية الجديدة، حيث صممت المدينة بأعلى التقنيات في إدارة البنية التحتية، والعناية بـ اللاند سكيب، وري المناطق الخضراء، واستخدام إضاءة موفرة في جميع الشوارع والميادين، ما جعلها من المدن الأكثر جذباً للاستثمارات حول العالم، وذلك لدورها في التقدم الاقتصادى لأنها الأكثر استدامة، لما تمتلكه من توفير الطاقة، والاستغلال الأفضل للبنية التحتية.
وأشار إلى أن مدينة العاصمة الإدارية الجديدة هي أول مدينة خضراء في مصر تدار، وفقاً لأحدث التكنولوجيات العالمية، ويتلافى تصميمها جميع الأخطاء بالمدن الجديدة، حيث تضم المدينة السكنية بالعاصمة الإدارية أطول محور أخضر في العالم، وهو النهر الأخضر أو طرق الحدائق المركزية، الذي يشتمل على حدائق ترفيهية وحدائق نباتية.
وأوضح أن العاصمة تتميز بمنظومة كاملة لإعادة تدوير القمامة تحت الأرض، من خلال 3 مراحل، وهي إنشاء شبكة لجمع المخلفات، ومصانع تدوير المخلفات، وتصميم مدافن صحية، وليست مدينة العاصمة الإدارية وحدها، بل تُعد مدينة العلمين الجديدة واحدة من المدن الجديدة الذكية الخضراء، حيث تشمل بنية تحتية ذكية، بهدف استغلال الطاقة من كهرباء ومياه وطاقة شمسية وطاقة رياح، والاعتماد على (العمارة الخضراء)، وهي منازل ذكية بها تهوية أفضل، وإضاءة طبيعية، وتصميم للفراغات.
إدماج الطاقة المتجددة
تقول د.هـنـد فــروح، أستاذ العمارة بمركز بحوث الإسكان والبناء- عضو المجلس المصرى للعمارة الخضراء والمدن المستدامة، وأحد المشاركين في إعداد نظام الهرم الأخضر: بــدأ الأوانة الأخيرة يظهر توجه عالمي بالتوازى مع توجه للقيادة السياسية ناحية المدن المستدامة وإدماج الطاقة المتجددة، وذلك بسبب الأزمات العالمية التي فُرضت علينا، وبالتالي كان لا بد أن يتم تفعيل فكرة المباني الخضراء أكثر, وترتبط بالرغبة فى تفعيل المباني الخضراء، مشيرة إلى ضرورة وجود معايير لهذه المبانى.
وأضافت: عند وضع هذه المعايير كان أمام مصر إما أن تأخذ النظام الأمريكى المطبق فى أنحاء كثيرة من العالم، أو أن نقوم كما فعلنا، بعمل مقارنات ما بين كل نظم التقييم العالمية والخروج بنظام تقييم محلى يستجيب للتحديات والاحتياجات المصرية واستكملت من هنا يقوم نظام الهرم الأخضرالمصرى،على(7) معايير للتقييم، تشمل:معيار الموقع المستدام – معيار كفاءة استهلاك الطاقة والطاقات المتجددة، – معيار كفاءة استهلاك المياه، – معايير تتعلق بجودة البيئة الداخلية ودرجات الحرارة والصوت والضوضاء، والانبعاثات الموجودة،والمركبات العضوية المتطايرة- المعايير المتعلقة بمواد البناء والموارد بشكل عام- المعايير التي لها علاقة بإدارة المبنى، لأنه إذا بنيت مبنى أخضر ولم تتم إدارته جيداً فإنه سيتدهور، ثم يأتي المعيار السابع المتعلق بالابتكار.
وأوضحت أن هذه المعايير لها أوزان نسبية مختلفة في التقييم، حسبما توضح الدكتورة هند فروح، حيث حظيت كل من الطاقة والمياه بأكثر من 50% من إجمالي درجات التقييم، وذلك لأن مصر لديها تحدٍ فيما يتعلق بالمياه، وخاصة بعدما أعلن وزير الري أننا أصبحنا تحت خط الفقر المائي المحدد بـ 1000 متر مكعب للفرد، ووصل نصيب الفرد لـ 570 متراً مكعباً سنوياً، وبالتالى لم تعد لدينا حلول غير التوفير في المياه وخصوصاً فى كل ما له علاقة بالمبانى,ونفس الأمر بالنسبة للطاقة،وتضيف أستاذ العمارة:إننا نريد جذب استثمارات وإعطاءها الطاقة المتوفرة لدينا، وبالتالى ينبغى التقليل من استهلاك الغاز الذي تستهلكه في إنتاج الكهرباء، وهو الأمر الذي أكده مؤخراً رئيس الوزراء،خصوصاً أنه وفقاً للشركة القابضة للكهرباء فإن 46% من استهلاك الكهرباء يذهب للمباني.
وأكدت أستاذة العمارة، أن نظام الهرم الأخـضر جاء بالدرجة الأولى استجابة لتحديات محلية أصبحت موجودة على أرض الواقع، وهي تحديات اقتصادية وفى نفس الوقت بيئية،وذلك نظراً لأن لدينا نسب تلوث موجودة وعدداً من الأمراض التنفسية التي باتت مزمنة، وغيرها، بالإضافة للتحديات الاجتماعية، في الوقت الذي نريد فيه أن نخلق “جودة حياة” وكل ذلك مرتبط بأن ينتقل المواطن من البناء التقليدي إلى البناء الأخضر.
وأضافت: من المنتظر أن تعـود فـوائـد عديدة على كل من الدولة والمجتمع، من وراء تطبيق هذا النظام على المبانى،فيما يتعلق بالدولة فإنها ستوفر فى مواردها خصوصاً المياه والطاقة، أما بالنسبة للمواطن , فإنه سيمثل حلاً بالنسبة له لمواجهة الارتفاع المضطرد في أسعار فاتورتي الكهرباء والمياه، هذا فضلاً عن أنه سيوفر له حياة صحية، وألا تكون لديه مشاكل فى نوعية الهواء الموجودة داخل المبنى، كما ستوفر له مساحات خضراء “يشم شوية هواء فيها”، وهى كلها أشياء مهمة وتعود على المواطن بالنفع.
وأكدت أن الخطوة التي اتخذتها الدولة مؤخراً لتفعيل المجلس المصرى للبناء الأخضر والمدن المستدامة هى خطوة مهمة على طريق تفعيل تطبيق “نظام الهرم الأخضر”، وذلك بعد صدور قرار وزارى فى مايو 2022،بإعادة تشكيل هذا المجلس، ليشمل 11 وزارة معنية،وعضوية 4وزراء،هم (الإسكان- التخطيط – والبيئة- الكهرباء) ،بالإضافة لمجموعة من الخبراء,وتؤكد أن أحد الأهداف الرئيسية لهذا المجلس هو وضع خارطة طريق لكيفية التحول نحو العمران الأخضر والمدن الخضراء المستدامة،هذا فضلاً عن تفعيل كودات الهرم الأخضر المصرى،حيث يجرى تشكيل لجان فرعية داخل المجلس من أجل ذلك، كما يجرى دراسة وضع منظومة حوافز لتشجيع البناء الأخضر, وكشفت أستاذ العمارة،عن أنه جارٍ حالياً اعتماد 25 ألف وحدة سكنية ضمن الإسكان الاجتماعى الأخضر، فضلاً عن اعتماد عدد من المباني المهمة ومنها على سبيل المثال المتحف المصري الكبير، وسيكون من المشروعات الرائدة في هذا المجال.
75 مليار دولار للاستثمار الأخضر
فيما كشف المهندس محمد البستاني،رئيس جمعية مطوري القاهرة الجديدة والعاصمة الإدارية، أن الجمعية بصدد إعداد مقترح حول البناء الأخضر، وذلك لتطبيقه على المشروعات التي تمتلكها الجمعية داخل العاصمة الإدارية الجديدة،مؤكداً أنه فور الانتهاء من المقترح وصياغته،سيتم تقديمه للشركة العاصمة الإدارية الجديدة،لمناقشته،لتطبيقه وتعميمه على مشروعات أعضاء الجمعية من الشركات التي تمتلك مشروعات داخل العاصمة,وأوضح أن الدولة خصصت 75 مليار دولار للاستثمار الأخضر،حيث إن قضية المناخ ليست قضية رفاهية، وتحتاج تكاتف المجتمع الدولي، وشدد على ضرورة إدخال جانب تعليمي خاص بالعمارة الخضراء في كليات الهندسة، كما طالب بالاهتمام بالجانب التشريعي في مواجهة التغيرات المناخية، موضحا أن الفترة الحالية تحتاج إلى تشريعي إلزامي للتوسع في الأراضي الخضراء، وضرورة تعديل قانون البيئة، لأن آخر قانون للبيئة صدر سنة 1994 وكان يخص التلوث، ولا يوجد قانون البيئة حاليا يحمل لفظ الاحتباس الحراري”.
وأضاف:نحتاج تشريعات لربط المشروعات الخضراء،ونحتاج إلى بيئة قانونية لدعم العمارة المستدامة ودعم مواجهة التغيرات المناخية، وربط كود البناء بتصريح البناء، وسن قانون تشجيع القطاع الخاص بحوافز ضريبية للتوسع في العمارة الخضراء، وسهولة وميكنة الإجراءات للحصول على رخصة خضراء، وتوعية المواطن بأنه قد يدفع نفس الفلوس أو أقل مقابل بيت صحي ويعيش لفترة زمنية أطول, وأشار إلى أن مصر لديها محاولات لخفض أثر القطاع العقاري على التغير المناخي، ويوجد حاليا 23 مبنى حاصلا على شهادة الريادة في مجال الطاقة والتصميم البيئي، ونتوقع ارتفاع العدد خلال السنوات المقبلة، خاصة في تشغيل العاصمة الإدارية الجديدة ومدن الجيل الرابع.
وقال:إن اتباع أنظمة البناء الذكية، وتقنيات الطاقة المتجددة وخفض استهلاك الطاقة والمياه في المشروعات، والبحث والتطوير وتكنولوجيا البناء المتطورة في مجال المباني الخضراء ومواد بناء مستدامة، دورًا حاسمًا في المساعدة على خفض الانبعاثات من عمليات البناء والتشييد. ودعا رئيس جمعية مطوري القاهرة الجديدة،إلى أهمية إقرار برامج تحفيزية لتشجيع الشركات على اتباع معايير الاستدامة في مشروعاتها،لاسيما أن تلك المعاييرتمثل تكلفة إضافية على المطورين،في وقت يتسبب التضخم في الضغط على ميزانيات الشركات،تكاليف تنفيذ المشروعات،وتقديم تسهيلات بنكية لتمويل مشروعات الاستدامة بالجنية المصري وبفائدة ميسرة،وتيسيرات تتعلق بأقساط الأراضي وإلغاء الفوائد المحتسبة عليها في حال التزام المشروع بالقواعد المطلوبة،وبعض الإعفاءات الضريبية،ما يشجع المطورين على اتخاذ إجراءات جادة تجاه تبنى أحدث التكنولوجيا في البناء والاعتماد عليها في إدارة المشروعات.
بـنـاء الأحياء البيئية
من جانبه أكد السفير مصطفي الشربيني,الخبير الدولي في الاستدامة والمناخ,ورئيس المبادرات الدولية سفراء المناخ و الحياد الكربوني ورواد الـبـصمـة المائية,فيما يتعلق بالمبنى الأخضر وأهميته في التخطيط الحضري المستدام,على عكس المدن التي كانت نتيجة للثورة الصناعية والتطور في القرن العشرين،فإن الاتجاهات الجديدة في التخطيط الحضري تشمل بناء الأحياء البيئية وهي مشاريع حضرية تهدف إلى تقليل التأثير على البيئة وتغيير العادات المعيشية للمواطنين لجعلهم أكثر مسؤولية تجاه محيطهم. يعتبر تشييد المباني والبنى التحتية الأخرى باستخدام التقنيات والمواد المستدامة هــو المفتاح لهذا النوع من المبادرات,وأضــاف: المبنى الأخضرأوالمستدام هو مبنى يمكنه، بسبب بنائه وميزاته ،الحفاظ على جــودة حياة البيئة التي يقع فيها أو تحسينها, للقيام بذلك،من الضروري تحقيق مستوى عالٍ من الكفاءة وتقليل استهلاك الطاقة والمياه والموارد الأخرى يقلل التلوث, وأوضح,أن وكالة حماية البيئة الامريكية المباني الخضراء قد عرفت المباني الخضراء بإنها ممارسة إنشاء الهياكل واستخدام العمليات المسؤولة بيئيًا وذات الكفاءة في استخدام الموارد طوال دورة حياة المبنى من تحديد الموقع إلى التصميم والبناء والتشغيل والصيانة والتجديد والتفكيك، توسع هذه الممارسة وتكمل اهتمامات تصميم المباني الكلاسيكية المتعلقة بالاقتصاد والمرافق والمتانة والراحة، يُعرف المبنى الأخضر أيضًا بأنه مبنى مستدام أوعالي الأداء,حيث يتم تصميم المباني الخضراء لتقليل التأثير العام للبيئة المبنية على صحة الإنسان والبيئة الطبيعية من خلال: تأثيرات البيئة المبنية:- جوانب البيئة المبنية- الجلوس، تصميم، بناء،عملية، صيانة،تجديد، التفكيك – الاستهلاك , طاقة، ماء، مواد، الموارد الطبيعية – تأثيرات بيئيه , تلوث الهواء،تلوث المياه، التلوث الداخلي، جــزرالحرارة، جريان مياه الأمطار،ضوضاء- التأثيرات النهائية:ضرر على صحة الإنسان،تدهور البيئة، فقدان الموارد, على سبيل المثال،قد تتضمن المباني الخضراء مواد مستدامة في بنائها وإعادة استخدامها،أوإعادة تدوير المحتوى،أومصنوعة من موارد متجددة إنشاء بيئات داخلية صحية مع الحد الأدنى من الملوثات وعلى سبيل المثال ، انبعاثات منخفضة للمنتج أومـيـزة المناظر الطبيعية التي تقلل من استخدام المياه,مشيرا الى تجــربة الولايات المتحدة الأمريكية من خلال معايـيـر وبرامج وكالة حماية البيئة برامج ومعلومات مكثفة حول المباني الخضراء، التي تشتمل علي سبعة بنود رئيسية وهي:كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة,كفاءة استخدام المياه,مواد البناء والمواصفات المفضلة بيئيًا,الحد من النفايات, تقليل السموم ,جــودة الهواء في الداخل , النمو الذكي والتنمية المستدامة , ويمكن تقييم استدامة المبنى،من خلال عمل نظام نقاط يعتمد على أقسام مختلفة , تتعلق بالتصميم والبناء , الموقع والنقل لا تقم بالبناء في مواقع حساسة بيئيًا وتوفيروسائل النقل العام لتقليل استخدام السيارات الخاصة, المواقع المستدامة حماية الموائل الطبيعية والمحافظة عليها وتقليل التلوث واستخدام الموارد الطبيعية وتسهيل التفاعل مع الطبيعة,كفاءة استخدام المياه قلل من استخدام المياه أثناء البناء ووفر آليات لتقليل البصمة المائية للمبنى الطاقة والجو تقليل استهلاك الطاقة واستخدام الطاقة المتجــددة وزيادة كفاءة الطاقة للحد من التلوث المواد والموارد قم بدمج أنظمة إعادة التدوير،واستخدم مواد مستدامة ووفّرأكبرعدد ممكن من الموارد أثناء البناء,جودة البيئة الداخلية,معالجة جودة المساحة لشاغليها،مثل نظافة الهواء والتحكم الحراري والتلوث الضوضائي,ابتكار التصميم – تنفيذ استراتيجيات الاستــدامة المبتكرة أثناء بنائه , الأولوية الإقليمية تحقيق التحسينات للمكان الذي يوجد فيه من حيث البيئة والعدالة الاجتماعية والصحة العامة.
البصمة الكربونية للمباني
اما بخصوص البصمة الكـربــونـيـة للمباني ,أعلنت دول باتفاق باريس عن التزامها بصافي انبعاثات صفرية، التى تغطي 88٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحــراري العالمية،وقد انضم العديد من بواعث الانبعاثات الكبيرة أوالبلدان الصناعية حديثًا إلى صفوف الإعلان عن أهداف صفرية صافية ، بما في ذلك أستراليا والولايات المتحدة ، روسيا والهند والبرازيل وأكثرمن 20 دولة أخرى من حيث انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري, ومصر إحدى هذه الدول التي أطلقت الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية ٢٠٥٠ ,حيث يستهلك قطاع البناء كمية كبيرة من الطاقة وهو ثاني أكبرمصدر للغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم 16٪ ، ويحتل المرتبة الثانية بعد الصناعة ،وإذا تمكنت المباني من تحقيق صافي انبعاثات صفرية، فستساهم بشكل أكبرفي الحد من غازات الاحتباس الحراري العالمية 25٪ ،متفوقةً بذلك على قطاعي الصناعة والنقل,وقد ظل إجمالي استهلاك الطاقة النهائي في قطاع البناء العالمي عند نفس المستوى في عام 2019 مقارنة بالعام السابق،لكن انبعـاثات ثاني أكسيد الكربون من عمليات البناء زادت إلى حوالي 10 جيجا طـن من ثاني أكسيد الكربون،وهو ما يمثل 28٪ من إجمالي الطاقة العالمية, وأوضـح أنه,عندما يتم تضمين الانبعاثات من قطاع البناء،تزداد هذه النسبة إلى 38٪ من إجمالي ثاني أكسيد الكربون المرتبط بالطاقة في العالم وأنه لا يمكن تجاهل صناعة البناء إذا كان العالم يقلل انبعاثات الكربون في كتل مهمة,حيث تمثل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون السنوية للصناعات المرتبطة بالبناء 30٪ من إجمالي انبعاثات البلاد,ومن منظور مساهمة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن احتراق الطاقة في مختلف القطاعات ،عند حساب الحصة القطاعية لاستهلاك الكهرباء,إذا أخذنا نسبة استهلاك الكهرباء لأنواع المباني المختلفة ، فقد استحوذ استهلاك الكهرباء للمباني السكنية والمكاتب التجارية والفنادق والمتاجر والمدارس والمستشفيات وأنواع المباني الأخرى على 48.5٪ و 9.2٪ من الكهرباء السنوية, حيث بلغ استهلاك القطاع السكني والتجاري بأكمله 2.0٪ ، 4.3٪ ، 3.1٪ ، 3.2٪ ، 28.1٪ على التوالي، من بينها،تستهلك المباني السكنية والتجارية المزيد من الطاقة ، وبالتالي فإن النقاط الساخنة الرئيسية لخفض الكربون, إن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون للقطاعين السكني والتجاري تأتي بشكل أساسي من الانبعاثات الناتجة عن استخدام الكهرباء،فإن أحد الأهداف الرئيسية لتقليل الغازات المسببة للاحتباس الحراري في القطاع السكني والتجاري هوتقليل استهلاك الكهرباء ، ودرجة حرارة غرف التبريد،والاستهلاك من خلال الإضاءة,وفيما يتعلق بمصر،حددت الحكــومة أهــدافًا طويلة الأجل للتخفيض للقطاعات الرئيسية الستة وهي الطاقة والتصنيع والنقل والإسكان والتجارة والبيئةوالزراعة،من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2050,أن الحكومة ستقوم بمراجعة شاملة للسياسات المتعلقة بانبعاثات الكربون من المباني والحفاظ على الطاقة في المباني ، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة في المباني الجديدة من خلال الجمع بين التقنيات الرئيسية ، مثل الطاقة المتجددة وتخزين الطاقة، واستخدام الأنظمة والشبكات الذكية ، وتعزيز كفاءة استخدام الطاقة للمباني بقوة،مما يضمن توافق الموارد المالية والإدارية الكافية مع اللوائح ذات الصلة المعمول بها حتى تتمكن مصر من تحقيق هدفها المتمثل في عدم وجود انبعاثات كربونية بحلول عام 2050, لذلك،فإن كيفية حساب وتقدير وتوقع وإنشاء قائمة جرد لانبعاثات الكربون للمباني الجديدة بكفاءة هي قضية ملحة،تتطلب طريقة تشغيل تصميم المباني الجديدة اعتبارات أكثر توجهاً ،مما يخلق فرصة لتكامل التصميم المعماري وتقييم الكربون للمباني, إنه اتجاه حتمي للمباني المستقبلية للتحرك نحوهدف صفر كـربـون،وسيصبح حساب وتوقع انبعاثات الكربون للمباني الجديدة تدريجياً مطلبًا جديدًا في الصناعة,فـكـيـف يمكن تصميم المباني الخضراء المستدامة فأصبحت دورة حياة تقييمات انبعاثات الكربون رابطًا لا غنى عنه في التقييم البيئي للمباني،ولكن لم يتم استخدامها على نطاق واسع في التصميم المعماري,وأضاف:يمكن إنشاء أداة رقمية لحسابات البصمة الكربونية للمباني لتغييرالوضع الحالي لحسابات بصمة الكربون في تقييمات ما بعد التصميم ،والجمع بين انبعاثات الكـربـون واستهلاك الطاقة في تقييمات الأثر البيئي مع غيرها من العوامل التي لابد من أخذها في الاعتبار في المراحل الأولى من عملية التصميم المعماري هى أطارعمل الحـوسبــة وذلك بناءً على نطاق تعريف دورة الحياة لكل بلد وقيمة انبعاثات الكربون لمواد المنتج ، حيث تختلف كل منطقة بسبب الانبعاث المفرط لتوليد الطاقة،لتحديد نطاق حساب دورة حياة انبعاثات الكـربـون المحلية،حيث يمتد خطاب الاعتماد الخاص بالمبنى على الفترة من بداية المنتج إلى التخلص منه.
حسن فتحي وفلسفة العمارة المراعية للبيئة والأرض
– ولد المهندس المعماري الرائد حسن فتحي في الثالث والعشرين من مارس 1900 في مدينة الإسكندرية،لأسرة أرستقراطية,وفي سن الثمانية انتقل إلى القاهرة،حيث سكن مع أسرته في منطقة حلوان، وكان يهوى الرسم، مما أهله لدخول مدرسة المهندسخانة لدراسة العمارة، والتي تخرج فيها عام 1926.
– عاش فتحي حياة رغدة وسهلة، لذلك عندما رأى الفلاحين صُدِم بفقرهم وسوء حالهم، فوهب نفسه لمساعدتهم وأراد أن ينشئ منازل إنسانية لفلاحي النيل. لذا يمكن القول إن قوته تكمن في أفكاره وليست في المباني التي قام بتصميمها، حيث لم يقدم طيلة حياته العامرة إلا ثلاثين مشروعاً من أشهرها “قرية القرنة”، ولم يكن يمل من حث المهندسين المعماريين على إعطاء البعد الإنساني في المقام الأول عند وضع التصميمات،إن هم أرادوا منجزاتهم العمرانية أن يُكتَب لها البقاء والصمود.
– منذ عام 1963 حتى وفاته عام 1989 عمل في العديد من اللجان في وزارة البحث العلمي المصرية والأمم المتحدة ومنظمة أغا خان,كما شارك في العديد من المؤتمرات الدولية والعربية، ومنذ ذلك الحين أصبح شخصية عالمية ويتردد اسمه في أنحاء العالم أجمع، حيث كان أول معماري من العالم النامي يحصل على جائزة أغاخان للعمارة عام 1980 والميدالية الذهبية للاتحاد الدولي للمعماريين في باريس عام 1984،وجائزة المعيشة السلمية المعروفة بجائزة نوبل البديلة,أما محليا حصل على جائزة الدولة التشجيعية عام 1959،والتقديرية للفنون عام 1969.
– يوافق اليوم 30 نوفمبر الذكرى الثامنة والعشرين لوفاة المعماري حسن فتحي,ومازال صدى فكر حسن فتحي ومشاريعه العمرانية تتردد في الآفاق، لطالما طالب بحق الفقراء في مسكن آدمي، فطالب بضرورة عودة التراث المعماري والعربي الأصيل إلى مكانته الصحيحة، والتخلي عن ذلك التقليد الأعمى للعمارة الغربية التي قد لا تناسب البيئة العربية في بعض حالاتها.
– في عام 1946 تم اختياره لتنفيذ مشروع القرنة الجديدة في مدينة الأقصر،لكن تم إيقاف المشروع قبل انتهاء الأعمال فيه بسبب دمار ناجم عن فيضان نهر النيل، وتمت إثارة قضية حول الموضوع،واتضح أن هناك جهات لم تكن ترغب أن يمضي المشروع بناءً على فكر حسن فتحي. يتحدث فتحي عن زيارته لقرية القرنة لأول مرة في منتصف الصيف،وكيف أنه اضطر للجوء إلى الظل ليحتمي من الشمس الحارقة فدخل مضيفة قريبة، وفوجئ داخل مقصورتها بتيار بارد منعش من الهواء انبرى في البحث عن أسراره وتفسيره,واكتشف أن هذا التيار كان سببه بناء المقصورة وظهرها إلى الريح الشمالية الباردة. وقد فتح بناؤها التقليدي العبقري البسيط للريح فتحات صغيرة في صفين في أعلى الجدار. كانت تلك اللمحة تخالف الشائع في التطبيق المعماري الذي يجعل الفتحات الكبرى في مواجهة الريح لاصطياد أكبر قدر من الهواء.
– سافر فتحي إلى اليونان في أواخر الخمسينيات بعد أن قوبلت مشروعاته في مصر بالرفض من قبل المسؤولين، وخاصة مشروع تطوير القرية المصرية.
– في اليونان أنشأ معهداً باسم “دوكسياريس”أوعلم الاستيطان،وعمل بالشراكة مع مهندس معماري شهير في مشاريع عدة كان أهمها مشروع مدينة المستقبل ومشروع نظام البنى التعاوني القائم على فكر فتحي حول نظرية تقول إن شخصًأ واحدًا لا يمكن أن يبني بيتاً بمفرده لكن عشرة أشخاص يستطيعون بناء عشرة بيوت.
فيلسوف علم الاجتماع المعماري .. ومهندس الفقراء
– المهندس المعماري حسن فتحي، مهندس الفقراء، وصاحب فلسفة العمارة العربية المراعية للبيئة والأرض , بنى حسن فتحي بيوتاً بالطوب اللبن،وسقفها بقباب صبغها بجمال معماري بديع، فلم يصممها كمهندس، يهتم بحساباته العلمية ومعاييره الهندسية في المتانة والتصميم فقط، لكنه طعّمها بروح فنان يرتبط ببيئته ويعشقها، ليضع لمساته الفنية الجمالية على المباني لتتجاوب مع البيئة المحيطة، بتكلفة اقتصادية بسيطة. ولم يكن البحث عن الأشكال المحلية مبعثه رغبة عاطفية للاحتفاظ ببعض من تذكار القرى القديمة، وإنما استعادة الإرث.
– يقول فتحي:كنت أود أن أمد جسراً على الفجوة التي تفصل المعمار الشعبي عن معمار المهندس التقليدي، وأن أوفر صلة متينة مرئية بين هذين المعماريين في شكل ملامح مشتركة بينهما معاً”. – كان المهندس فتحي يرى أن استخدام مواد عالية التقنية،مثل قوالب الخرسانة المسلحة والحوائط الزجاجية، جرياً وراء التحديث، قد أدى بنا إلى كارثة مادية وإنسانية , ولقد نما في فكر حسن فتحي استخدام الطوب اللبن والطين في البناء؛ بناء على شواهد أثبتت قوة ومتانة هذه الخامة في البناء, فبعد بحوث علمية أجراها على النمط ذاته من المباني التاريخية، التي تعود لأكثر من 2500 عام، استنتج قوة خاماتها وتناسب تصاميمها. ومن تلك المباني مخازن قمح “الرامسيوم”في مدينة الأقصر والمبنية بخامة الطوب اللبن و مسقوفة بالقباب.
– كما يقول فتحي عن فلسفته في بناء القباب:حينما انتقل العرب إلى مرحلة الاستقرار، بادروا بإسقاط فلسفتهم في استعارات معمارية، تعكس رؤيتهم للكون، وهكذا ظهرت السماء كقبة تدعمها أربعة أعمدة..هذا المفهوم الذي يعطي قيمة رمزية للبيت تصغير للكون, لكن المنتقدين كانوا يستشهدون في نقدهم لهذا الأسلوب في البناء بيوت الفلاحين المبنية بالطوب اللبن،والتي قد يصيبها العطن والظلام.
– لكن بعد دراسته لتلك البيوت وجد فتحي أن العطن والظلام ليسا راجعين لكونها من الطين، بل يرجعان إلى الطريقة العشوائية التي يبني بها الفلاح بيته من دون مرشد، بعد أن انقطع عن تراثه. كما أن العلوم المعمارية لم تقدم حلولاً ترشده في بناء بيته في حدود اقتصادياته وإمكانات بيئته، ولم يدرك الفلاح المصري الفقير بخبرته البسيطة، أن يتغلب على مشكلة سقف منزله المبني بالطوب اللبن. فكان إما أن يضع على سقفه خوصاً، ما يتسبب في إحداث مشكلات كثيرة، أو يترك السقف عارياً,غير أن السقف باستخدام الخشب لم يكن متوفراً إلا للأغنياء الفلاحين، ولم يمتلك هؤلاء الفلاحون الفقراء مهارات بناء أسقف المباني باستخدام الطين,وقد حلّ المهندس حسن فتحي مشكلة تسقيف المباني،باستخدام القبو ذي المنحى السلسلي، وبذلك امتنعت كل جهود الشد والانحناء والقص، واقتصرت على جهود الضغط على السقف.
مـدرســة حسـن فـتـحـي في العمارة
– مؤسس ومصمم قرية الساحة التراثية في بيروت، جمال مكة إن مذهب حسن فتحي المعماري تفوق على كل معماري العالم وفكره يدرس حاليا في أرقى جامعات العالم، وبالأخص في الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا, وأن فلسفة فتحي قائمة على أن أي بناء يجب أن يراعي البيئة والأرض اللتين يبنى فيهما،تماماً كما النبتة التي لا تعيش إلا في الجبال، فلا يمكن لذات النبتة أن تعيش في الصحاري على غرار النخيل,وإن مادة “العمارة المستدامة”هي روح تعاليم حسن فتحي وهي تعني أن تبني منزلاً من الطبيعة باليد مستفيداً من الطوب واللبن والتراب من دون استيراد مواد مصنعة من اسمنت وغيرها , وطبيعة عمارة فتحي تراعي معدل البرد في الشتاء ومعدل الحرارة في الصيف فتعفي المواطن من تركيب مكيف للتبريد ومصاريفه الباهظة, فهو يفرض أن يكون اتجاه المنزل جنوبياً –غربياً مع مراعاة ضرورة وجود فناء أمام المنزل بشرط أن يكون هذان الاتجاهين المذكورين مسوّرين بكل أنواع الشجر يخفف حرارة الشمس في العصر ولتخفيف البرد في الشتاء.
– يقول فتحي:كمهندس،طالما أملك القدرة والوسيلة لإراحة الناس، فإن الله لن يغفر لي مطلقاً أن أرفع درجة الحرارة داخل البيت 17 درجة مئوية,وكان حسن فتحي يسخر من دول الخليج العربية عندما يتباهى معمارية ببناء الأبراج وإنه يريدون بناء “تاور”(برج) وإنه من علامات النهضة الغربية, فكان جوابه لهم “إن العرب بنوا الأبــراج من اللبن والطين والخشب منذ حوالي 700 سنة في تشبام وهي قرية تراثية في محافظة حضرموت شرق اليمن”.
العمارة موسيقى مجففة
– إن العمارة موسيقى مجففة نقلاً عن أحد الفلاسفة الألمان، وعندما أتأمل وأرصد مسببات ومحركات العنف في المجتمع والدولة المصريين، أرى أن نمط العمارة والعمران السائد هو عنف مجفف وصلب,وإن محدودية الحيز والكثافة السكانية داخله تبدوان أحد مسببات العنف، وذلك في ظل فوضى معمارية, العمارة الاسمنتية خالية من أي روح,
– نحن الآن نعيش في عصر”جمهورية الباطون” كما عنوان كتاب المهندس فيليب سكاف الذي اعتبر أن الاسمنت أو الباطون صار صورة للفوضى في البناء الذي ينتشر في لبنان, في بلداننا أضحت صورة من صورة العمارة السيئة التي تنتج تلوثاً فكرياً، وتلوث بصرياً، وعدم تركيز، وتوتراً عصبياً،وتشتتاً ذهنياً مفروضاً عليك من خلال الإعلانات الملّونة بألوان غير منسجمة والكثيرة التي تستقبلك وأنت على الطريق,باختصار شديد جمهورية الباطون لا تنتج إلا طاقة سلبية حيث من حق المواطن الطبيعي أن تكون الى جانب منزله جبال يتسلقها أو غابة خضراء وسهول خضراء أو كهوف لكي يفرغ كل الطاقة السلبية التي يكتسبها بالعمل من خلال الجلوس أمام شاشات الكمبيوتر والهاتف والتلفاز والإضاءة القوية .. وغيرها.
– كان فتحي مهندس الفقراء لا يبحث عن رجال أعمال أغنياء يصمم لهم قصوراً ومباني فخمة، بل كان يبحث عن هذا الفقير الذي قال عنه:العميل الذي يعنيني هو من تمثله الإحصائيات التي تشير إلى أن هناك 800 مليون من البشرفي العالم الثالث يموتون موتاً مبكراً بسبب الإسكان المشوّه غير الصحي .
– الحضارة لا تقاس بالملابس والعطور والسيارات الفخمة لكنها تقاس بهندسة المنازل،بعرض الشوارع وعلى الأشجار والحدائق الملونة والمدى الذي يهتم فيه الشعب بمساحة عيشه وتراثه وتاريخه
“.