- الدكتور زاهي حواس: الاعتراض لا يعني وجود العنصرية أو الرفض الأمر متعلق بتزييف الحقائق
- الدكتور وسيم السيسي: هذه الأكذوبة من أكاذيب أفريكا سنتريك، وهم سود شمال أمريكا
- الباحث وسيم عفيفي: المنصات ساعدت علي دس الأفكار المسمومة سياسيا وأخلاقيا
- الناقد طارق الشناوي: لا يعنينا اللون نعترض لأن هذا يجافى تماما الحقيقة التاريخية
- النائبة صبورة السيد: ترويج نتفيلكس لكليوباترا كملكة من ذوات البشرة السوداء يغذي أفكار حركة «الأفروسنتريزم»
بعد إعلان منصة نتفليكس عن فيلمها الوثائقي «كليوباترا» اثير غضب كثير من المصريين بسبب تجسيد الفيلم للمصريين القدماء باعتبارهم من أصحاب البشرة السمراء، كما وضح الشريط الإعلاني للفيلم تعمدهم اختيار لون بشرة كليوباترا، حيث يقول أحد المعلقين في الشريط صراحة “لا يهمني ما يقولونه لك في المدرسة كانت كليوباترا سوداء”.
وأطلق معارضون للفيلم عريضة حملت توقيع أكثر من 70 ألف شخص عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وموقع«Change.org» للمطالبة بإلغاء عرض فيلم «الملكة كليوباترا» المزمع إذاعته على منصة نتفليكس مايو المقبل، معبرين أنه «يزوّر التاريخ».
وأكد مدشنى العريضة: «الالتماس مقدم من الشعب المصري للشعب المصري!»، وأضافوا في العريضة: «المركزية الإفريقية هي علم زائف يزعم أن الحضارة المصرية وأهلها أفارقة»، وجاء نص العريضة كالتالي ” ولدت كليوباترا في الإسكندرية بمصر في عهد الأسرة البطلمية إلى أصول يونانية، لم تكن سوداء، هذا ليس بأي حال من الأحوال ضد السود، وهو ببساطة دعوة للاستيقاظ للحفاظ على تاريخ وسلامة المصريين واليونانيين “.
“من الواضح أن العرض مكمل للحركة الأفريقية التي تدعي أنها صاحبة الحضارة المصرية القديمة، ولتوطيد ما تروج له الحركة، لم تكن مصر سوداء ولم تكن بيضاء أبدًا، مصر هي مصر فقط، هناك العديد من الحضارات الأفريقية السوداء العظيمة، لكن مصر لم تكن واحده منهم، وقعوا على العريضة لوقف تزوير التاريخ! ” وفى السطور القادمة سنتعرف على أوجه الاعتراضات لكل من علماء وباحثين في الاثار والتاريخ ونقاد فن ونواب البرلمان.
_ “المصريين القدماء لم يكونوا من أصحاب البشرة السمراء “:
قال عالم الآثار الدكتور زاهي حواس، وزير الدولة لشؤون الآثار الأسبق، أن الفيلم الوثائقي عن الملكة كليوباترا – المنتج من قبل منصة نتفليكس- تزييف للتاريخ المصري، مفسرًا وجهة نظره بأن الفيلم عرض الملكة ببشرة سمراء، رغم أنها من أصول مقدونية، ومن المعروف أن الملكات والأميرات من هذه الأصول شقراوات.
ودلّل حواس على صحة حديثه، العملات التي تم العثور عليها داخل معبد تابوزيريس ماجنا غرب مدينة الإسكندرية، في رحلة البحث عن مقبرة الملكة كليوباترا، لم تتضمن أي سمات سمراء، كما أن الرسم الوحيد لكليوباترا مع نجلها قيصرون على واجهة معبد حتحور بدندره، لا يوجد فيه أية سمات تثبت أنها من أصحاب البشرة السمراء.
وأشار زاهي حواس، إلى أن الاعتراض على فيلم كليوباترا بسبب ظهورها سمراء اللون، لا يعني وجود عنصرية أو رفض لأصحاب هذه البشرة، لكن الأمر متعلق بتزييف الحقائق، مضيفًا أن المصريين القدماء لم يكونوا من أصحاب البشرة السمراء إطلاقًا، بدليل أن الرسومات الموجودة على المعابد، التي تجسد حروب الملوك المصريين القدماء ضد الأعداء من إفريقيا وآسيا، تظهر اختلاف شكل ملوك الحضارة المصرية عن الأفارقة من أصحاب البشرة السمراء.
ولفت عالم المصريات، الشهير إلى أن مصر لم يحكمها ملوك من أصحاب البشرة السمراء، إلا في العصور المتأخرة، وبالتحديد عندما أسس ملوك كوش الأسرة الخامسة والعشرين، وحكموا مصر لعدة سنوات، وهذه الأسرة ليست لها أي صلة بالحضارة الفرعونية إطلاقًا، بدليل أن المباني التي بنيت خلال هذه الحقبة كانت عبارة عن تلال وليست الأهرامات المصرية، وهو ما ينفي صلة السود في الولايات المتحدة بالحضارة الفرعونية مثلما يعتقدون.
ورجّح حواس، سبب تقديم الفيلم للملكة كليوباترا على أنها من أصحاب البشرة السمراء إلى أن بعض السود في الولايات المتحدة يريدون ربط أنفسهم بالحضارة المصرية القديمة؛ لأنها حضارة صاحبة تاريخ، إلا أن هذا لا يدفعهم للادعاء على الملكة بأنها كانت سمراء، مضيفًا أن بعض التقارير الإعلامية ذكرت أن زوجة الممثل العالمي ويل سميث هي منتجة الفيلم، وأنها تريد الترويج لهذا الادعاء.
مع اعتراضه الشديد على فيلم كليوباترا، يرفض زاهي حواس، وقف عرضه لإيمانه بأنه لا يجب أن يتم وقف عرض أي عمل فني إطلاقًا، مهما كان يتضمن من أخطاء تاريخية؛ لأن الحرية متاحة للجميع لإبداء رأيه ووجهة نظره، على أن يتم الرد عليه بعمل فني مثله بجودة أفضل تظهر حقيقة الأمر، وتضع أمام المشاهدين ليحكم بنفسه.
_ فاتنة الدنيا وحسناء الزمان:
قال الدكتور وسيم السيسي عالم المصريات عن كليوباترا السوداء، هذه الأكذوبة من أكاذيب أفريكا سنتريك، وهم سود شمال أمريكا، أدوات الصهيونية العالمية التي تريد طردهم من أمريكا، فتدَّعى- على ألسنتهم- أنهم أصحاب الحضارة المصرية، وأننا نحن المصريين أحفاد الغزاة الذين غزوا مصر وطردوهم، وأن من حقهم احتلال مصر، تمامًا كما فعلوا مع يهود أوروبا وأمريكا واحتلوا فلسطين.
وأوضح السيسي، كليوباترا صاحبة الجمال الصاروخي، ابنة الواحد والعشرين عامًا، جعلت أتباعها يلفونها فى سجادة ثمينة، وفردوها أمام يوليوس قيصر، صاحب الـ٥٢ سنة عمرًا، فانتصبت كأجمل جنية من العالم الآخر، شهق القيصر، وكانت توابع الزلزال ليلة من أجمل ليالي العمر، كان من ثمارها قيصرون أو بطليموس الخامس عشر، وكان ذلك سنة ٤٨ ق.م.
وأستطرد عالم المصريات، كليوباترا التي تغنّى بها عبد الوهاب فى رائعته «كليوباترا»: وهفا كل فؤاد/ وشدا كل لسان/ هذه فاتنة الدنيا/ وحسناء الزمان.. هل من المعقول أن فاتنة الزمان هذه التي فتنت قيصر روما تكون بهذا الشكل؟! كليوباترا الساحرة الذكية المطربة التي كانت تجيد تسع لغات، منها المصرية القديمة التي عشقتها وأطلقت على نفسها اسم إيزيس الجديدة، إلى جانب اسمها، الذي معناه مجد أبيها «كليوباترا»!! يبدو أن الكذب لا يتقيد بلون!
واستكمل دكتور وسيم، عندما طلب حلف مارك أنطونيو مساعدة كليوباترا، ترددت أولًا، ثم أرسلت إليهم أربع فرق عسكرية، انتصر حلف مارك أنطونيو، أرسل إليها أن تحضر إليه حتى يحاسبها على ترددها فى مساعدته، ذهبت إليه، وقع فى هواها، ترك أسرته وأولاده فى روما، وعاش معها فى مصر، وبعد أن ماتت زوجته تزوجها، وأعلن أن ابنها قيصرون هو الوريث الشرعي لملك مصر، فأصبح حليفه أكتافيوس عدوًّا له، وكانت معركة أكتيوم فى غرب اليونان سنة ٣١ ق. م نهاية حكم البطالمة وبداية حكم الرومان.
وأضاف السيسي، كليوباترا التي اتخذها شكسبير بطلة لأعظم مسرحياته، كما اتخذها أمير الشعراء أحمد شوقي ملكة لمسرحية: «مصرع كليوباترا»، كما اتخذتها السينما العالمية- إنتاج الولايات المتحدة وبريطانيا- بطلة لأعظم أفلامها ١٩٦٣ بطولة إليزابيث تايلور أجمل جميلات عصرها.. هل كان كل هؤلاء «عميان» عن سواد وجهها حتى اكتشفه سود أفريكا سنترك.
وأكد الدكتور وسيم السيسي، كليوباترا مقدونية الدم، مصرية الهوى، عشقت مصر للمنتهى، لعظمة قانونها الذي ساوى بين الرجل والمرأة، وجعل المرأة تحكم منذ الأسرة الأولى «الملكة ميرت نيت» – آثرت الانتحار بعد هزيمتها فى أكتيوم، وقالت على لسان أمير الشعراء: أَيُوطَأُ بالمناسم تاجُ مصر، وثمة شعرة فى مفرقِيًّا! وبعد.. أيها الصديق: لا تُبالِ بحاسد وعدو/ آية الفضل أن تُعادَى وتُحسد! إنها عقدة اليهود الأزلية من الحضارة المصرية القديمة «سيجموند فرويد».
_”قوة مصر الناعمة”:
وقال وسيم عفيفي الباحث في التاريخ، المشكلة في فيلم كليوباترا تكمن في نقطتين الأولى هو الغلط التاريخي الصرف، والنقطة الثانية تكمن في صناعة فيلم وثائقي من قواعده الأساسية أن يكون حقيقي والا يتضمن حبكة من خيال المؤلف، اما ان تطرح القصة كما حدثت أو قضية بشقيها المؤيد والمعارض، وهذا يقودنا للشق الأول وهو الشق التاريخي الصرف، واذا كان يوجد بعض الآراء أن كليوباترا لم تكن بيضاء فهذه الآراء ليس لها دليل وليس لها تاريخ فكلها اراء حديثه مثل كتاب “سالي اشتون” كانت قد كتبت عن كليوباترا وقالت “لا نستطيع القول أو القطع برأي جازم في لونها أسود كان أم أبيض”.
وأكد عفيفي، علي وجه اليقين كليوباترا لم تكن سوداء هي من أصول مقدونية يونانية، ولو أخذنا خلفية أصول كليوباترا هل هي مصرية بنسبة 40% أو ٥٠% أو يونانية بنسبة 50 أو ٦٠ % فهي أما ستكون بيضاء شقراء مثل بنات اليونان، أو ستكون بيضاء قمحاويه مثل المصريات لكن على وجه اليقين ليست سوداء كما ظهرت في الفيلم، وهنا كارثة الفيلم انه لم يعرض القضية للطرح لأن بعض الموتورين يقولون أن علينا تقبل ما جاء في الفيلم، وهذا غير صحيح وغير مقبول فالفيلم منحاز والفيلم الوثائقي لا يجب أن يكون منحازا.
وأوضح الباحث التاريخي ، تكمن أسباب الغضب انه منذ ظهور المنصات الفنية قد ساهمت بشكل كبير جدا في تطور صناعة السينما على مستوي العالم، ولكن ذلك ساعد علي دس بعض الأفكار المسمومة سياسيا وأخلاقيا مثل الدعاية للمثلية الجنسية من خلال افلام ديزني ونتفيلكس ثم دعم المركزية الإفريقية” الأفروسنتريك” وهذه حركة في منتهي الخطورة لأن هؤلاء يدعون أن المصريين لا شيء وأننا سرقنا الحضارة القديمة ونسبناها لأنفسنا، وهذه كارثة فقوة مصر الناعمة قلبها وقاعدتها هي التاريخ المصري القديم، وقد تكون وراء مثل هذه الادعاءات توجهات سياسية ومن الممكن أن تمس الأمن القومي، لذلك لابد من المواجهة بكافة الطرق، فالهجوم الذي حدث على السوشيال ميديا جميل جدا ولكن الأفضل ان يقول المختصين من أساتذة الاثار ممن لهم ثقل وسمعة في العالم أمثال دكتور “زاهي حواس” خوض رحلات خارجية ليؤكد الحقائق التاريخية وينفى مزاعمهم بحقائق واثباتات، وكذلك على الدولة أن تتجه لإنتاج أفلام وثائقية متقنه حتى نواجه هذه الأفكار.
وعن نجاح أو فشل حركة الأفروسنتريك” أضاف عفيفي، من وجهة نظري سوف تفشل ولكن سوف تستغرق وقت، لا أقول انه ليس هناك وعي، بالفعل هناك وعي وحالة من الغضب على مستوي العالم وليس على مستوى مصر فقط، ولدينا حائط دفاع ندافع بمعايير علمية وبتاريخنا وحضارتنا، ولكن ليس لدينا حائط ردع فلابد لابد من ردع مثل هذه الأفكار ولن تردع الا بمثلها كإنتاج افلام وثائقية، ومسلسلات، روايات افلام طويلة.
_ “ما بعد الحقيقة”:
وقال الناقد الفني طارق الشناوي، لا نعترض على مسلسل كليوباترا الذي ستقدمه نتفليكس بسبب لون الملكة الأسود، لا يعنينا اللون، نعترض لأن هذا يجافى تماما الحقيقة التاريخية، إلا أن هذه الاعتراضات وغيرها سينتهي بها المطاف إلى لا شيء، ستتلاشى سريعا وستبقى في النهاية الوثيقة الرسمية المتداولة (كليوباترا) السوداء بملامحها الإفريقية.
وأضاف الشناوي، نعيش حاليا في عالم يطلق عليه (ما بعد الحقيقة)، وأعنى به الحقيقة المتداولة الشائعة، ولا يهم بالضبط ما هو المقدار الصحيح للحقيقة في هذه الحقيقة التي تسيطر على المشهد، المهم أن تظل هي السائدة والمهيمنة.
وأكد الناقد الفني، ليس مهما أن تمسك بيديك الحقيقة، الأهم أن تتمكن من أدواتك وأسلحتك ومن خلالها تملك كل أسباب ذيوع الحقيقة، زمن الشجب والولولة انتهى، لا أحد لديه متسع من الوقت لكي يمسح دموعك، سنملأ الدنيا بالشكوى والصراخ بسبب تزوير تاريخ حضارتنا ثم لا شيء.
_”تحرك برلماني “:
تقدمت النائبة صبورة السيد عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة للمستشار الدكتور حنفي جبالي رئيس مجلس النواب، موجه إلى رئيس مجلس الوزراء ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات حول حظر منصة نتفليكس بعد الإعلان الترويجي للفيلم الوثائقي كليوباترا صاحبة البشرة السمراء.
وأضافت النائبة، الإعلان الترويجي للفيلم الوثائقي لمنصة نتفليكس عن الملكة كليوباترا تسبب في غضب كثير من المصريين بسبب تجسيد الفيلم للمصريين القدماء على أنهم من أصحاب البشرة السمراء، بينما أكد علماء الآثار أن الملكة كليوباترا من أصول مقدونية بما يعني أنها لم تكن سمراء.
وأشارت عضو مجلس النواب، إلى أن ترويج نتفيلكس لكليوباترا كملكة من ذوات البشرة السوداء يغذي أفكار حركة «الأفروسنتريزم»، التي تتبنى فكرة أن جميع حضارات العالم كانت تضم ذوي البشرة السوداء قبل تشتتهم، مشددة على أن الفيلم يحاول تغيير تاريخ مصر القديم ويقوم بتزوير المعطيات التاريخية الثابتة، وأطالب باتخاذ الإجراءات القانونية ضد القائمين على هذا العمل وضد إدارة المنصة، وذلك من منطلق الحفاظ على الهوية الوطنية من مجالات الطمس والتشويه.