www.focusonthefamily.me
في الآونة الأخيرة، نعيش كلنا أزمة اقتصادية عالمية ومحلية، حتى أن العيش ضاق بالكثيرين؛ وأصبحت حواراتنا وجلساتنا مليئة بالشكوى، والانزعاج، والخوف من المستقبل، وضبابية الرؤية.. وأصاب البعض اليأس والإحساس بانعدام الحيلة.
وكما نحن اليوم، كان تلميذاً عِمواس (لوقا ٢٤: ١٣- ٣٥)،بالرغم من سماعهما الخبر أن القبر فارغ، وأن يسوع حي، يملأهماالإحساس باليأس والخسارة، والخوف ملأهما بسبب الأحداث التي جعلت العالم يبدو في نظرهما وقد جن جنونه، وأن الأسس الأخلاقية للمجتمع قد اهتزت بسبب ظلم الحكام وخيانة الأصدقاء، وقد أصبحت حياتهما مهددة بالخوف من أن يُقبض عليهما أو يُقتلا. لا شك أن الرعب الذي صاحب الصلب، وصدمة موت يسوع قد طغيا على كل رجاء كان لديهما في شخصه؛ مما جعلهما في حيرة بشأن ما قد أكده من قبل: «أنتم تحزنون الآن، ولكني سأعود فأراكم، فتفرح قلوبكم فرحًا لا ينزعه منكم أحد».. «سلامي أعطيكم… سلامي أترك لكم». تُرى هل للفرح مكان بالرغم من صعوبة الظروف؟ وهل من سلام حتى مع عدم وضوح الرؤية لما هو آت؟
الإجابة تكمن فيما حدث على الطريق في ذلك اليوم!
بينما كان التلميذان يتحدثان ويتجادلان، اقترب منهما الرب يسوع المقام بنفسه، ومشى معهما، وسألهما عن سبب حزنهما؛ ثم شرح لهما أنه كان لا بد أن يعاني الآلام قبل أن يتمجد. ولما تمسكا به ليمكث معهما في تلك الليلة، قَبِل دعوتهما، ودخل إلى بيتهما.. ولما جلسوا للطعام، أخذ خبزًا وبارك وكسّر وناولهما؛ فانفتحت أعينهما فعرفاه! عندئذ لم يعد ما يحدث في العالم بالنسبة لهما مصدر رعب أو يأس؛ وتَجدّد الرجاء في قلبيهما، اللذين التهبا بالكلمة المقدسة التي ذكّرهما بها الرب.. فقاما في الحال، ورجعا مسرعين إلى ساحة المعركة.. إلى أورشليم.. إلى العالم المجنون. وهناك وجدا الأحد عشر رسولاً ورفقاءهم مجتمعين، وكانوا يقولون: «الرب قام.. حقًا قام!»
اليوم لم يتغير في الأمر شيء.. كل ما هنالك أننا نحن الذين نسير في الطريق!
لقد كان للكلمة المقدسة دور محوري للتحول في موقف تلميذي عِمواس تجاه الظروف القاسية وغير المتوقعة التي أحاطت بهم في الأسبوع الذي سبق القيامة.. فهل نسمح نحن لما يقوله الروح القدس في الإصحاح الثامن من رسالة رومية أن يفعل معنا نفس الشيء؛ فيُخرجنا من حيرتنا عندما نرى ما يحدث حولنا ونعاني من أزمات طاحنة في العالم: «فإننا نعلم أن كل الخليقة تئن وتتمخض معًا إلى الآن، وليس هكذا فقط (أي ليس هي وحدها تتوجع)، بل نحن الذين لنا باكورة الروح نحن أنفسنا أيضًا نئن في أنفسنا… فماذا نقول لهذا؟ إن كان الله معنا فمَنْ علينا؟» حقًا إنه على الطريق معنا!
على المستوى الشخصي.. يسوع المسيح الذي قام من الأموات لايزال يأتي إلينا حيث لا نتوقعه، ويقترب منا، حتى في الأوقات التي يختفي فيها الرجاء وراء غيمة الأزمة، ويغرق الأمل في تحسن ظروف حياتنا في بحيرة الضيق والاحتياج.. فكل مَنْ يؤمن بقيامة المسيح يمكن لقلبه أن يتشدد بالرجاء إذا أدرك أنه معه على الطريق الذي يسلكه اليوم إلى “عِمواس” الخاصة به.
يسوع المسيح الذي قام من الأموات يمكن أن يلهب قلوبنا داخلنا بنفس الطريقة التي فعلها منذ ألفي عام مضت مع كليوباسورفيقه.. فقط إذا سمحنا له بأن يدخل إلى حياتنا وبيوتنا ليمكث معنا، وعندما نصغي لصوته يكلمنا كل صباح ومساء من خلال الكلمة المقدسة؛ فنفهم ما يحدث في حياتنا، ومعنى ما يجري من أحداث حولنا.
يسوع المسيح الذي قام من الأموات يمكن أن يفتح أعيننا فنعاين حضوره حيًا في كل مرة نقترب منه لنتناول من جسده ودمه.. ولن نختبر هذا الحضور إلا عندما نثبت أنظارنا عليه هو، بدلاً من أن ننشغل في تلك اللحظات المقدسة بخطايانا وعدم استحقاقنا.
يسوع المسيح الذي قام من الأموات يسير على الطريق معك.. واليوم، يمكنك أن تبقى في “عِمواس”؛ وتعيش بقية حياتك هناك في يأس، وحيرة، وعدم استقرار، وخوف.. أو أن تقوم وتسرع إلى “أورشليم” حيث الكلمة العليا للرب ضابط الكل.. لأن المسيح قام، بالحقيقة قام! «وإن كان روح الذي أقام يسوع من الأموات ساكنًا فيكم، فالذي أقام المسيح من الأموات سيحيي أجسادكم المائتةأيضًا بروحه الساكن فيكم» (رومية ٨: ١١).