أثارت المستشارة جيهان الحسيني، المستشارة القانونية ببريطانيا -من أصل مصري- خلال مداخلة هاتفية ببرنامج “حديث القاهرة”، مع الإعلامي خيري رمضان، على قناة القاهرة والناس، قضية فى غاية الخطورة وهي أن عدد القطع الأثرية المصرية في المتحف البريطاني تصل لـ100 ألف قطعة وأهمها حجر رشيد وجزء من تمثال رمسيس الثاني.
وقد تقدمت بعريضة للبرلمان يحق فيها لأي بريطاني أن يطالب بتعديل القانون بما يسمح بإعادة الإثارة المصرية إلى مصر ونشرت على الموقع الرسمي للبرلمان البريطاني للحصول على التوقيعات المطلوبة والمطلوب 100 ألف توقيع حتى تناقش العريضة في البرلمان ليحدث تعديل على القانون.
وفي ضوء ذلك يشيد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار بهذه الخطوة القانونية وهو التحرك القانوني الأول في هذا الاتجاه لاسترداد الآثار ويطالب بتشكيل لجنة عليا من متخصصين في القانون الدولي وخبراء في الآثار لدراسة كافة الجوانب القانونية والأثرية لأسباب وجود 100 ألف قطعة أثرية مصرية بالمتحف البريطاني، وكذلك كافة الجوانب القانونية الخاصة بخروج حجر رشيد لوضعها أمام الحكومة المصرية لاتخاذ ما تراه مناسبًا للمطالبة بعودة هذه الآثار طبقًا للقوانين والمعاهدات الدولية المنظمة وفي ضوء وجود رأي عام قوي لكل المصريين داخل مصر وخارجها لعودة حجر رشيد وكافة الآثار المصرية بالمتحف البريطاني.
وعن حجر رشيد يشير الدكتور ريحان، إلى أنه اكتشف بقلعة رشيد الأثر رقم 44 الذي يقع على الشاطئ الغربي لفرع رشيد شمال المدينة بحوالي 6 كم وبعد دخول الحملة الفرنسية إلى مصر أرسل نابليون فرقة من حملته على مصر عام 1798 إلى قلعة قايتباي نجحت في دخولها واستمرت بها حتى عام 1800 وأطلق الفرنسيون عليها اسم جديد هو “حصن سان جوليان”، وفي أغسطس عام 1799 ، حيث كان القائد الفرنسي بوشار مكلفًا بالعمل في ترميم قلعة قايتباي عثر على حجر مبنى في جدار قديم كان لابد من هدمه لوضع أساس “قلعة سان جوليان” وسرعان ما علم قنصل الإسكندرية المستر هاريس بذلك إلا أن الجنرال مينو قد أمر بإحضار الحجر إلى منزله بالإسكندرية بعد أن نظفوه واعتنوا به ونقلوه إلى القاهرة وألقى عليه نابليون نظرة إعجاب وسرعان ما أذيع خبره فى العالم
ويتابع الدكتور ريحان بأنه مع مغادرة نابليون بونابرت مصر أصبحت قوات الحملة الفرنسية تحت ضربات العثمانيين والإنجليز وفي مارس 1801 نزلت القوات الإنجليزية في خليج أبي قير فأخذ الجنرال مينو قواته إلى شمال مصر وأخذ معه كل الآثار التي حصل عليها علماء الحملة الفرنسية ولكنه هزم في معركة أبي قير البحرية وتقهقرت القوات الفرنسية إلى الإسكندرية حاملين معهم الآثار المصرية.
وعقب ذلك تم نقل الحجر إلى الإسكندرية ووضع في مخزن باعتباره من ممتلكات القائد الفرنسي مينو وحوصرت القوات الفرنسية في الإسكندرية وأعلن مينو الهزيمة في 30 أغسطس 1801 وتم توقيع معاهدة الاستسلام وبموجب المادة 16 من الاتفاقية تم تسليم الآثار التي في حوزة الفرنسيين إلى الجانب البريطاني.
ويشير الدكتور محمد عطية محمد هواش مدرس بقسم الترميم بكلية الآثار جامعة القاهرة وباحث دكتوراه في القانون الدولي الخاص إلى اتفاقية العريش في 24 يناير 1800 بين الفرنسيين والعثمانين والخاصة بإخلاء مصر من الفرنسيين والتي تضمنت في المادة 9″ ترجيع الأموال والأملاك المتعلقة بسكان البلاد والرعايا من الفريقين أم دفع مبالغ أثمانها لأصحابها وكانت شروط اتفاقية العريش 16 شرط ولكن تم نقض الاتفاقية بسبب إصرار الإنجليز على خروج الفرنسيين كأسرى حرب وتسليم أنفسهم وأسلحتهم، وبالتالى فإن التنازل عن حجر رشيد كان بإصرار من الجانب الإنجليزي بعد حصار الإسكندرية ودمياط وتفاوض الإنجليز والفرنسيين على شرط التسليم في 30 أغسطس 1801 .
وينوه الدكتور محمد عطية، إلى دور الخلافة العثمانية فى خروج حجر رشيد حيث كانت انجلترا وروسيا والخلافة العثمانية في حلف واحد لمنع توسعات بونابرت في أوروبا، وأمام إصرار إنجلترا على تسليم الجيش الفرنسي كأسري حرب حتى لا يقاتل الجيش الفرنسي الخارج من مصر في الحرب الدائرة في أوروبا انتهت بالاتفاق على خروج الجيش الفرنسي من مصر على سفن انجليزية وعدة سفن أخرى تدبرها الخلافة العثمانية، ونظرًا للحلف القائم بين الخلافة العثمانية وإنجلترا في هذا الوقت يعتبر إصرار إنجلترا على أخذ حجر رشيد من الفرنسيين أمرًا مقبولًا من قبل الخلافة العثمانية التي تعتبر مصر إحدى أقاليمها وبالتالي فإن الخلافة العثمانية أعطت الإذن الضمني بالموافقة على أخذ الأسلاب والغنائم المتحصلة من الجيش الفرنسي المغادر لحساب الإنجليز وخرج حجر رشيد من مصر .
وينوه الدكتور ريحان إلى بداية دراسة الحجر عام 1805 عندما بدأ العالم الفرنسى شامبليون في مصاحبته 17 عامًا حتى أعلن للعالم نجاحه في فك رموزه في 27 سبتمبر 1822، ولم يخرج بعد ذلك من المتحف البريطانى إلا مرة واحدة ولمدة شهر فى أكتوبر عام 1972 حيث انتقل إلى متحف اللوفر بباريس بمناسبة مرور 150 عامًا.
ويؤكد الدكتور ريحان، أن القوانين والاتفاقيات الدولية تكبلنا فى المطالبة بعودة حجر رشيد ولكن هناك طرقًا دبلوماسية ووسائل ضغط ثقافية وإرادة شعبية والعمل العربي المشترك للبحث عن صيغة قانونية لإدراج التراث الثقافى المادي ضمن اتفاقية الملكية الفكرية “الويبو” والذى ييسر علينا استرداد آثارنا مع حقوق معنوية ومادية نتيجة عرضها بالمتاحف العالمية لحين استردادها فهي في النهاية تعرض بالمتاحف العالمية ويتم التربح منها على أنها آثار مصرية وتباع في المزادات العلنية على أنها آثار مصرية.