في إطار متابعتنا لفعاليات كأس العالم لكرة القدم التي تنظمها دولة قطر, صدمنا بمحاولات لتمرير دعاوي حقوق المثليين ما بين رفع أعلام المثلية ـ متعددة الألوان ـ أو ارتداء بعض المسئولين الأوروبيين شارات المثلية, وتباينت ردود الأفعال ما بين غض البصر عن ذلك أو استهجانه ومقاومته بكافة أشكال الاعتراض والعنف.. وكانت ردود الأفعال المؤسفة من جانب البعض ـ رياضيين أو مسئولين أو إعلاميين ـ أن المثلية باتت واحدة من حقوق الإنسان المعترف بها في العالم المتقدم(!!) ويجب علي العالم المتخلف القبول بها(!!)…
وأنا هنا لست في معرض الانسياق في مجادلة كلامية لترسيخ ثوابتنا الأخلاقية والإيمانية والمجتمعية إزاء دعاوي المثلية البغيضة, ففي إطار مصريتنا وعبر عروبة منطقتنا وسائر دولنا التي يصفونها بالنامية حينا وبالمتخلفة حينا آخر, موقفنا ثابت وراسخ ولا يتزحزح عن أن الأسرة هي أساس المجتمع, والأسرة هي رابطة تجمع بين المرأة الأم, والرجل الأب, والأبناء… وفوق ذلك تفخر وطني بأنها تصدت لقضية المثلية حيث لم تكتف بالشجب والإدانة إنما بتسليط الضوء علي مسار عدم إقصاء ونبذ ضحايا المثلية إنما إخضاعهم لبرامج العلاج وإعادة التأهيل بهدف عودتهم للمجتمع مواطنين صالحين أسوياء.
إذا… قناعتنا وثوابتنا لن تجدي لإثناء العالم الذي يصف نفسه بالمتقدم ويصنف عالمنا بالمتخلف عن بدعة المثلية التي ابتلينا بها… لكن لعل تسليط الضوء علي نماذج شجاعة تصدر عن مؤسسات تنتمي إلي ذلك العالم المتقدم يقدم رسالة بعنوان شهد شاهد من أهلها حتي لا يزعموا الحداثة ويعايرونا بالتخلف(!!):
** الشهادة الأولي تعود إلي يونيو 2016 ـ منذ ست سنوات ونصف ـ وهي خاصة بالحكم الصادر من المحكمة العالمية لحقوق الإنسان في ستراسبورج بفرنسا بإجماع 47 قاضيا يمثلون 47 دولة في المجلس الأوروبي في صورة بيان ذي أهمية بالغة يرفض الحق في زواج المثليين, وهو ما يطلق عليه الزواج من نفس الجنس ـ أي زواج الأنثي بالأنثي أو الرجل بالرجل ـ واستند الحكم الذي يتضمنه البيان والذي تم التعتيم عليه في حينه من جانب أجهزة الإعلام الواقعة تحت تأثير وضغوط المنابر السياسية ومراكز النفوذ, إلي عدد لا يحصي من الاعتبارات الفلسفية والإنثروبولوجية القائمة علي النظام الطبيعي للخليقة والدراسات العلمية والمنطق السليم والقانون الوضعي.. استند الحكم أيضا إلي المادة رقم (12) من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي تتوافق مع المعاهدات المتعلقة بحقوق الإنسان ولا سيما المادة رقم (17) من قانون سان خوسيه والمادة رقم (23) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية… وفي إطار هذه التشريعات قررت المحكمة أن مفهوم الأسرة لا يتركز فقط في المفهوم التقليدي الأزلي للزواج وهو اتحاد الرجل والمرأة, وإنما أيضا لا ينبغي أن يترك ذلك المفهوم للحكومات لدفعها لانتهاج سياسات تسمي بالزواج بين الأشخاص من نفس الجنس أو المثليين.
أما فيما يتعلق بما يثيره دعاة المثلية من ادعاء عدم التمييز بين المواطنين والذي تتخذه بعض الحكومات ذريعة لإقرار حق الزواج بين المثليين, فقد أقرت المحكمة أنه لا يوجد ثمة تمييز, لأن الدولة ينحصر حقها في إتاحة وإقرار الزواج من جنسين مختلفين وليس لها التدخل بتغيير ذلك تحت أي مسمي.
واختتمت المحكمة التي أصدرت هذا القرار في حينه بتوجيه نداء عام يدعو للأهمية القصوي لنشره علي أوسع نطاق لأنها كما أوضحت أن الحكومات وجماعات الضغط من أنصار المثلية لا تريد أن يعرف الناس شيئا من القرار وتحاول بكافة وسائل التأثير الحيلولة بين وسائل الإعلام وبين نشره وانتشاره.
** الشهادة الثانية جاءت علي لسان رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان في خطابه إلي المدافعين عن حقوق المثليين والمذاع في أغسطس الماضي ويقول فيه.
الأم هي المرأة والأب هو الرجل, اتركوا أطفالنا وشأنهم.. أقول ذلك علي خلفية التعديلات الدستورية التي أقرتها بودابست (عاصمة المجر) تحت مسمي حماية الأسرة وضمان حق الطفل في الأم والأب.. في المجر كان علينا أن نبني ليس فقط جدارا ماديا علي حدودنا وجدارا (ضمانا) ماليا حول عائلاتنا, إنما أيضا جدارا قانونيا حول أطفالنا لحمايتهم من الأيديولوجيات الجنسية التي تستهدفهم.. لنكن واضحين, إنهم يعتقدون أن علي الأهل اتباع الطريقة المتقدمة في التربية التي ابتدعوها حقوق المثليين, أما إذا رفضوا ذلك فيجب أن تجبرهم الدولة علي الانصياع… لكن الدستور المجري يحمي العائلات والأطفال إزاء كل ذلك, واسمحوا لي أن أقتبس بضع عبارات من قانوننا الأساسي: العائلة والأمة تشكلان الإطار الرئيسي لتعايشنا, ومؤسسات الدولة ملزمة بحماية الثقافة المسيحية في المجر وحماية مؤسسة الزواج باعتبارها اتحادا بين رجل واحد وامرأة واحدة, فالروابط الأسرية يجب أن تقوم علي أساس الزواج والعلاقة بين الوالدين والأبناء, وفي إطار ذلك سوف تظل الأم هي المرأة والأب هو الرجل… اتركوا أطفالنا وشأنهم.
*** هذه شهادات ناصعة من معقل من يزعمون الحداثة ويعايروننا بالتخلف!!