يمد جونزالو بلاتا قميصه ويغطي وجهه حتى لا يظهر للعالم دموعه ، مويسيس كايسيدو يتعصر قلبه ألماً ويحاولون تغطيته قدر الإمكان بصدرة تحولت إلى رداء مرتجل لإخفاء مشاعره، بييرو هينكابيي يبكي أيضاً.
الإكوادور أقصيت للتو من بطولة قطر ٢٠٢٢، والإكوادوريون يواسون بعضهم البعض رغم المصاب الجلل ، إنها نهاية الحلم، فبينما كانت السنغال تحتفل بالتأهل على أرض ملعب خليفة الدولي، كانت الإكوادور تتجرع مرارة الإقصاء.
سجل فريق جوستافو ألفارو أسوأ أداء له في اللحظة الأكثر أهمية، فقد ارتكب الكثير من الأخطاء بعد مباراتين شبه مثاليتين، الهفوات كانت واضحة، لا سيما في الرأسية المنفردة للمدافع كاليدو كوليبالي الذي سجل بها هدف الفوز بعد ثلاث دقائق من هدف التعادل الذي وقع عليه مويسيس كايسيدو.
وقال ألفارو في المؤتمر الصحفي بعد الإقصاء: “إنها ضربة موجعة، وخيبة أمل كبرى. التفاصيل تحدث الفارق، وهذا ما حدث”.
عانت الإكوادور من غياب جيجسون مينديز، الغائب بسبب الإيقاف، وكان مينديز الذي تم إقحامه أساسياً في اللحظات الأخيرة بعد إصابة كارلوس جرويزو، أحد أفضل لاعبي لا تري في البطولة، وقد افتقدت كتيبة لا تري قدرته على بناء اللعب من الخلف ودوره كحلقة أولى في الأداء الهجومي. وفي ظل غياب الإبداع على أرض الملعب، فرضت السنغال شراستها وقوتها البدنية، وهما خاصيتان كانت قد تفوقت فيهما على كل من قطر وهولندا.
ومنذ البداية، عجزت الإكوادور عن مقارعة الخصم في النزالات الفردية، وظهرت أضعف من المنافس، وللمرة الأولى لم تكن في مستوى الحدث.
مع العلم أن التعادل كان يخدم مصالحهم، استهل الإكوادوريون بالدفاع عن مركزهم المتميز في المجموعة الأولى، لكنهم وجدوا أنفسهم متراجعين تماماً خلال الشوط الأول الذي سيطر عليه الأفارقة.
فقد صنعت السنغال فرصًا في 45 دقيقة أكثر من تلك التي صنعتها هولندا وقطر في مباراتين كاملتين، لكن قلة خبرة المهاجمين السنغاليين أبقت على النتيجة متعادلة. لكن مع اقتراب نهاية الشوط الأول، وعندما كانت فترة الاستراحة تلوح في الأفق كفرصة لإعادة ترتيب الأوراق، ارتكب هينكابيي خطأ داخل منطقة الجزاء، لينفذ إسماعيلا سار ركلة الجزاء بنجاح.
وقال ألفارو بعد المباراة إن “الفريق بذل كل جهد ممكن في الشوط الثاني”، وكان المدرب قد قرر تعديل الخطة واستبدال اللاعبين اللذين اختار إقحامهما عقب المباراة ضد هولندا ، جيريمي سارمينتو وخوسيه سيفوينتيس محلّ جرويزو وألان فرانكو للعودة إلى الخطة المعتمدة في المباراة الافتتاحية (4-4-2) مع سيفوينتيس وكايسيدو في وسط الميدان وسارميينتو على اليسار وبلاتا على اليمين.
وهكذا، عادت الإكوادور لتلعب بشراستها المعهودة بفضل أداء سارميينتو الذي يخطو خطواته الأولى في الدوري الإنجليزي الممتاز القوي.
ونجح مويسيس كايسيدو، النجم الجديد لكتيبة لا تري، وأحد اللاعبين القلائل القادرين على مقارعة الأداء البدني للاعبين السنغاليين، في تعديل النتيجة بعد تمريرة عرضية نحو منطقة الجزاء استغل على إثرها خطأ قاتلا لدفاع السنغال.
وقد أيقظت المواجهة جماهير بلد كان متحمسا مرة أخرى لتجاوز الدور الأول، لكن أحلامهم تبخرت بعد ثلاث دقائق فقط: ردّت السنغال على الفور عن طريق كاليدو كوليبالي، الذي استغل كرة مرتدة داخل منطقة الجزاء ليسددها في مرمى هيرنان جالينديز.
حلّل ألفارو قائلاً: “افتقرنا إلى الخبرة في التعامل مع الفترة ما بعد الهدف”، إنها التفاصيل ، هدف السنغال الثاني أثّر علينا لأن الفريق كان يلعب بشكل جيد على أرض الملعب “.
رد الفعل الفوري للأفارقة أقبر روح الفريق الذي بدأ يشعر أنه ليس في يومهم، وهذا ما كان السنغال قاومت حتى آخر رمق وحجزت التذكرة الثانية خلف هولندا المتصدرة.
داخل منتخب الإكوادور، لا يبدو أن هذا هو الوقت المناسب لإجراء تحليل يجب إجراؤه خارج الأبواب، والذي تطرق إليه ألفارو، الذي لم يؤكد استمراريته.
في المؤتمر الصحفي عقب المباراة: “إنه جيل شاب من اللاعبين، فريق ينتظره مستقبل أفضل من الحاضر. ونأمل أن يستفيد من هذه المباريات. ليس لدي أدنى شك في أن هؤلاء الرجال سيأخذون بثأرهم في المستقبل”.
بالنسبة لكتيبة لا تري، رابع أصغر فريق في هذه البطولة، يمكن أن تكون قطر ٢٠٢٢ مجرد بداية الطريق. صدمة بلاتا وكايسيدو وهينكابيي منطقية، لكن في عام ٢٠٢٦ سيكون بمقدورهم أن يروا، بإلقاء نظرة إلى الوراء، أنه على الرغم من النتيجة المحزنة، كانت مغامرتهم الأولى في كأس العالم جيدة، لقد كانت هذه المشاركة بمثابة تقديم لجيل أظهر، مع تحول اللاعبين الشباب الثلاثة إلى نجوم، أنه يمكن أن يكون في مستوى أفضل المنتخبات في العالم.
ما بين الأمل والإنكسار: ردود أفعال اللاعبين بعد مباراة الإكوادور والسنغال والتي ضمنت للسنغال التأهل للدور القادم بعد الفوز بهدفين مقابل هدف.
من لا يعرف ما إذا ما كانت ستتاح له فرصة أخرى هو إينر فالنسيا، صاحب ثلاثة من الأهداف الأربعة التي سجلها منتخب بلاده في قطر.
حيث قال في المنطقة المختلطة والدموع تنهمر على خديه: “أنا آسف. لسوء الحظ، لم نكن في مستوى تطلعات شعب الإكوادور. لقد مررنا بوقت عصيب للغاية، ولم نكن نتوقع ذلك. كنا سعداء ومتحمسين للغاية لما كنا نفعله. نعتذر لكل الإكوادوريين”.
بدورهم، طلب اللاعبون الآخرون الاعتذار بعد عبور المنطقة المختلطة للخروج إلى الجماهير على حافة ملعب خليفة الدولي حيث كان في انتظارهم أقاربهم وحتى بعض المشجعين.
لقد مرت أكثر من ساعة وما زالوا في الإكوادور يحاولون تجرع مرارة هذه الهزيمة التي لن يتمكنوا من الثأر منها إلا بعد مرور أربع سنوات، لأنه، باستثناء كارثة غير متوقعة، سيكون هذا الجيل الإكوادور حاضراً في كأس العالم 2026.