قد يختلط على البعض معرفة الفرق بين بعض المصطلحات القانونية منها عدم معرفة الفرق بين حكم إيقاف تنفيذ العقوبة و حكم البراءة ولماذا يحكم القاضي على المتهم بالإيقاف ؟
حكم البراءة هو مصطلح قانوني يستخدم في الأحكام الجزائية إذا كان المتهم برئ من الجرم المسند إليه فالمقصود بحكم البراءة هو خلو ذمة المتهم أو المدعي عليه من حق للغير سواء كان حق مالي أو حق أو حق جزائي.
أما حكم إيقاف تنفيذ العقوبة معناها إن المتهم مدان والجريمة ثابتة عليه، إلا أن المحكمة راعت اعتبارات معينة مثل: أخلاق المحكوم عليه أو ماضية أو سنه أو ظروف ارتكاب الجريمة، فقضت بالحبس مع الإيقاف لمدة معينة يحددها القانون لذلك هو غير البراءة، فإذا لم يرتكب المحكوم عليه جريمة أخرى خلال هذه المدة يعفى نهائيًا من تنفيذ العقوبة ويعتبر الحكم الصادر بها كأن لم يكن ويسقط بكل اثاره الجنائية، وكذلك لا يعتبر سابقة من سوابق المحكوم عليه، وتعود صحيفة الشخص بياض، أما إذا ارتكب جريمة خلال المدة المذكورة ألغى وقف التنفيذ، وتنفذ فيه العقوبة المحكوم بها.
ما الغرض من الإيقاف طالما الشخص مدان؟
أن القاضي يشعر بأن المتهم لن يعود لارتكاب الجريمة مرة أخرى، فيحكم على المتهم بالحبس “مدة سنة أو أقل من سنة” مع إيقاف التنفيذ لمدة ثلاث سنوات طبقا للمادة ٥٦ من قانون العقوبات.
وخلال مدة الثلاث سنوات إذا ارتكب المتهم جريمة عقوبتها الحبس أكثر من شهر، تنطبق عليه العقوبة الأولى التي سبق للقاضي وأن أوقف تنفيذها، وذلك بالإضافة لعقوبة الجريمة الجديدة، لأن المتهم يكون قد أثبت للمحكمة أنه غير جدير بوقف التنفيذ. وأنه يميل لارتكاب الجرائم.
أما إذا اتضح أن المتهم سبق صدور حكم ضده قبل الايقاف، ولم تكن المحكمة تعلم به هنا يجب إلغاء وقف التنفيذ.
ويجب أن يؤخذ في الاعتبار أن إلغاء وقف التنفيذ يُعتبر تشديدًا للعقوبة حتى مع تخفيف مدة الحبس، ونذكر مثلاً للتوضيح إذا كان المتهم قد صدر حكم عليه بسنة مع الايقاف، فقام بعمل استئناف “والنيابة لم تستأنف” فلا يصح لمحكمة الاستئناف أن تلغي إيقاف التنفيذ، وذلك نفاذًا لقاعدة ألا يضار الطاعن بطعنه.
وقد نظم المشرع المصري مسألة إيقاف تنفيذ العقوبة في قانون العقوبات في خمس مواد
المادة ٥٥
يجوز للمحكمة عند الحكم في جناية أو جنحة بالغرامة أو الحبس مدة لا تزيد على سنة، أن تأمر في نفس الحكم بإيقاف التنفيذ.
إذا رأت من أخلاق المحكوم عليه أو ماضيه أو سنه أو الظروف التي ارتكب فيها الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود إلى مخالفة القانون
ويجب أن تبين في الحكم أسباب إيقاف التنفيذ، ويجوز أن يجعل الإيقاف شاملا لأي عقوبة تبعية ولجميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم.
المادة ٥٦
يصدر الأمر بإيقاف التنفيذ لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم الذي يصبح فيه الحكم نهائيا ويجوز إلغاؤه في الحالات الآتية:
١- إذا صدر حكم بالحبس ضد المحكوم عليه لأكثر من شهر عن فعل ارتكابه قبل الأمر بالإيقاف أو بعده.
٢- إذا ظهر في خلال هذه المدة أن المحكوم عليه صدر ضده قبل الإيقاف حكم ولم تكن المحكمة قد علمت به.
المادة ٥٧
يصدر حكم الإلغاء من المحكمة التي أصدرت إيقاف التنفيذ بناء على طلب النيابة العامة.
المادة ٥٨
يترتب على الإلغاء تنفيذ العقوبة المحكوم بها وجميع العقوبات التبعية الجنائية والآثار الجنائية المترتبة عليها.
المادة ٥٩
إذا انقضت مدة الإيقاف ولم يكن يصدر في خلالها حكم بإلغائه فلا يمكن تنفيذ العقوبة المحكوم بها ويعتبر الحكم بها كأن لم يكن.
أهمية نظام إيقاف التنفيذ.
إيقاف التنفيذ نظام إيجابي يستعين بفكرتي الجزاء التأديبي والمكافأة لخلق إرادة التأهيل التي تمثل توجيه للمحكوم عليه في المستقبل إلى سلوك طريق مطابق للقانون، ويبدو من ذلك أن إيقاف التنفيذ هو صوره للتفريد العقابي، فالمجرم يعامل المعاملة الملائمة لظروفه ومقتضيات تأهيله ولو كان من شأن هذه الملائمة العدول عن تنفيذ العقوبة أصلا. وأهمية هذا النظام في إنه :-
١- يساهم نظام إيقاف التنفيذ في تأهيل المحكوم عليه وحمايته من العودة إلى الجريمة مرة أخرى.
٢- يجنب المحكوم عليهم بعقوبة سالبة للحرية قصيرة المدة، وبصفة خاصة المجرمين بالمصادفة وبعض المجرمين المبتدئين دخول السجن والاختلاط بمن هم أشد منهم خطورة، وبالتالي يكفل تفادي الآثار السيئة لهذا الاختلاط.
٣- يجعل الإعفاء من تنفيذ العقوبة غير نهائي خلال مدة معينة تمثل فترة اختبار للمحكوم عليه ينبغي أن يكون سلوكه حسنًا خلالها.
ما هي شروط إيقاف التنفيذ.
هناك ثلاثة أنواع من الشروط التي يجب توافرها في الحكم المفروض على المدان حتى يمكن إيقاف تنفيذه، منها يتعلق بالجاني وأخرى متعلقة بالجريمة، وثالثة متعلقة بالعقوبة، وتعلل هذه الشروط بالرغبة في حصر إيقاف التنفيذ في النطاق الذي تقتضيه وظيفته العقابية، و إستبعاده حيث تتطلب اعتبارات العدالة والردع العام ذلك.
١- الشروط المتعلقة بالجاني .
تجعل هذه الشروط في غلبة احتمال التأهيل دون حاجة إلى تنفيذ العقوبة، لذلك يجب أن يجري فحص دقيق لحالة المتهم قبل منحه إيقاف التنفيذ، كما يجب أن تتم دراسة ظروف ارتكابه للجريمة لملاحظة مدى استحقاقه لإيقاف تنفيذ العقوبه، بل أن هذا البحث ينبغي أن يمتد إلى الظروف التي يتوقع أن يعيش فيها بعد إيقاف تنفيذ العقوبة فيه، وبالتالي يستطيع القاضي في ضوء سلطته التقديرية أن يستخلص إيقاف التنفيذ.
٢- الشروط المتعلقة في الجريمة
يشترط المشرع المصري في المادة ٥٥ من قانون العقوبات أن تكون الجريمة المرتكبة هي جناية أو جنحة لكي يجوز للمحكمة أن تأمر بإيقاف التنفيذ، ومؤدى ذلك، أنه لا يجوز وقف تنفيذ العقوبة في المخالفات.
كما يستبعد المشرع بعض الجنايات والجنح من نطاق إيقاف التنفيذ نزولًا على اعتبارات الردع العام. ومن أمثلتها الجرائم المنصوص عليها في المواد ٧٧ – ٧٧/ ب – ٧٧/ج – ٧٧/د من قانون العقوبات إذا وقعت من موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة، كذلك تنص المادة ٤٦ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٢ في شأن مكافحة المخدرات على أنه لا يجوز وقف تنفيذ الحكم الصادر بعقوبة الجنحة على من سبق الحكم عليه في إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون.
٣- الشروط المتطلبة في العقوبة.
وفقًا للمادة ٥٥ من قانون العقوبات المصري ينبغي أن تكون العقوبة التي يجوز الأمر بإيقاف تنفيذها هي الغرامة أو الحبس الذي لا تزيد مدته على سنة، وبالتالي فإن إيقاف التنفيذ تجنب المحكوم عليهم بعقوبة سالبة للحرية قصيرة المدة أضرار الاختلاط بالمجرمين الأشد منهم خطورة داخل السجن.
ما آثار إيقاف التنفيذ ؟
تختلف الآثار التي تترتب على إيقاف التنفيذ خلال مدة الإيقاف عن تلك التي تترتب عليه عند انقضاء هذه المدة دون إلغاء الإيقاف.
إذا توافرت شروط إيقاف التنفيذ يجوز للمحكمة أن تأمر به، وذلك في نفس الحكم الصادر بالعقوبة ويجب عليها أن تبين في الحكم الأسباب التي دعتها إلى ذلك طبقا للمادة ٥٥ من قانون العقوبات.
وقد حدد المشرع المصري مدة إيقاف التنفيذ في المادة ٥٦ من قانون العقوبات التي نصت على أنه:“يصدر الأمر بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات، تبدأ من اليوم الذي يصبح فيه الحكم نهائيًا”، وفي خلال هذه المدة يعفي المحكوم عليه مؤقتًا من تنفيذ العقوبة.
إما إذا عاد المحكوم عليه إلى مخالفة القانون يلغي وقف التنفيذ وتنفيذ فيه العقوبة المحكوم بها ضده.
وقد أجازت الفقرة الثانية من المادة ٥٦ من قانون العقوبات إلغاء إيقاف تنفيذ العقوبة في حالتين
– إذا صدر ضد المحكوم عليه خلال مدة الإيقاف حكم بالحبس أكثر من شهر عن فعل ارتكبه قبل الأمر بالإيقاف أو بعده.
– إذا ظهر في خلال مدة الإيقاف أن المحكوم عليه صدر ضده قبل الإيقاف حكم بالحبس أكثر من شهر ولم تكن المحكمة قد علمت به.
إما عن انقضاء مدة الإيقاف دون إلغائه
أما إذا انقضت مدة الإيقاف دون أن يصدر خلالها حكم بإلغائه، فلا يمكن، وفقًا للمادة ٥٩ من قانون العقوبات، تنفيذ العقوبة ، ويعتبر الحكم بها كأن لم يكن، أي يعفي المحكوم عليه من تنفيذ العقوبة بصفة نهائية، وتزول الآثار الجنائية للحكم الصادر بها بحيث لا يعتبر سابقة في العود، ولا يكون المحكوم عليه في حاجة إلى رد اعتباره، وذلك لأن رد الاعتبار في هذه الحالة يتم بقوة القانون.