عزيزي القاريء تحدثت معك في المقال السابق عن الجزء الاول من لحن أبيت جيك إيفول مرد الكاثوليكون السنوي، واليوم اريد أستكمل حديثي معك عنه في الجزء الثاني.
يبدأ الجزء الثاني من اللحن إذ يأتي مختلفاً عن الجزء الأول.فالجزء الأول كان متميزاً بالميلسما والنغمات الكثيرة لكلمة الكامل (أبيتجيك إيفول).
أما الجزء الثاني فيأتي بأسلوب الدمج بدون ميلسما. الجزء الأول جاء نشيطاً مبهجاً، أما الجزء الثاني فيجئ وقوراً داكناً فهو يعبر عن المعنى “بركة أبيه … الكلمة الذي تجسد كأنسان كامل” لذا فالناقوس والمثلث يسكتان برهة امتثالاً لحول البركة بالكلمة الذي تجسد.
الكلمة التي ليس سهلاً أن يقبلها الانسان وليس سهلاً حفظها في القلب. ولعل الشاب الغني هو مثالاً لذلك لأنه “لما سمع الشاب الكلمة مضى حزيناً لأنه كان ذا أموال كثيرة (مت 22:19).
وكلمة الله هي منذ البدء. فـ “في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله” (يو1:1)، “والكلمة صار جسداً جاء وحل بيننا ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملؤاً نعمة وحقاً” (يو 14:1).
لذلك يحدث حوار موسيقي جميل في جملة تتكرر بنفس اللحن: إنجي بي اسمو… تولوغوبفيوت، ثم يعقبها جملة ثالثة تحمل المعنى “تجسد كإنسان” ثم يربطها بذكاء موسيقي حاد بالجزء الثالث من اللحن والمشابه تماماً للجزء الأول الذي يبدأ به اللحن إذ يشتمل ليعبر عن نفس كلمة الكاملمرة أخرى ولكن بمرادف آخر هو (أنتي ليوس) ومعناها “الكامل” أيضاً.
يبدأ بعد ذلك الجزء الرابع من اللحن والمشابه في أسلوب صياغته وجمله الموسيقية للجزء الثاني. في هذا يُقال:
ذوكسابتري كي أيو كي أجيو ابنفماتي
ومعناها: المجد للآب والابن والروح القدس.
وذوكسابتري من وجهة نظري هو مرد صغير من أهم المردات في الكنيسة القبطية قد تم صياغته موسيقياً بأشكال عديدة ومختلفة ليتناسب مع جميع المناسبات التي يُرنم فيها.
وهذا ليس غريباُ أن تصير الجملة “المجد للآب والابن والروح القدس” ملازمة لجميع الصلوات والطلبات.
فمعلمنا بولس الرسول في رسالته الأولى إلى تيموثاوس كتبعن مجد الآب قائلاً ((وملك الدهور الذي لا يفنى ولا يُرى، الاله الحكيم، وحده له الكرامة والمجد إلى دهر الدهور. آمين)) (1 تي 17:1)
وكذلك كتب عن مجد الابن قائلاً: “بالإجماع عظيمُ هو سر التقوى الله ظهر في الجسد، تبرر في الروح، تراءى لملائكةٍ، كُرز به بين الأمم، أومن به في العالم رُفع في المجد”. (1 تي 16:3)
كذلك يشرح معلمنا بولس الرسول في رسالته الثانية لأهل “كورونثس” مجد الروح فيقول:-
“ثم أن كانت خدمة الموت المنقوشة بأحرف في حجارة قد حصلت في مجدٍ حتى لم يقدر بنو اسرائيل أن ينظروا إلى وجه موسى لسبب مجد وجهه الزائل، فكيف لا تكون بالأولى خدمة الروح في مجدٍ” (1كو 8،7:3).
فمن الآية “ملك الدهور.. وحده له المجد” يتضح مجد الآب.
ومن الآية “رُفع في المجد” يتضح مجد الإبن، ومن الآية “خدمة الروح في مجد يتضح مجد الابن لذلك فالمجد للآب والإبن والروح القدس هو إيمان كتابي صار في كنيستنا القبطية إنشودة مرنمة. دعانا إليها داوود النبي، ففي مزموره يحثنا على أن نرنم للرب ترنيمة جديدة فيقول “حدثوا بين الأمم بمجده” (مز 3:96)
أي أننا يجب أن نحدث دائماً بمجد الرب بين الأمم. والكنيسة تُحثنا على أن نعط دائماً المجد لله حتى لا نكون كهيرودس الذي لبس الحُلة الملوكية وجلس على كرسي المُلك وصرخ الشعب هذا صوت إله لا صوت انسان “ففي الحال ضربه ملاك الرب لأنه لم يُعط المجد لله” (أع 23:12).
لذلك الكنيسة القبطية تسعى دائماً أن تعطي المجد لله الآب وذلك بأن تتخلل صلواتها وألحانها المرد “المجد للآب والابن والروح القدس”
– فيقال مرات عديدة في كل يوم بين قطع الأجبية في صلوات السواعي بلحن بسيط قصير.
– ويقال بعد دورة الحمل وقبل صلاة الشكر في بداية القداس الإلهي بلحن بسيط ولكن أطول قليلاً في نهاياته.
– ويُقال ضمن الصياغة الميلودية للحن آجيوس (الثلاثة تقديسات) في جميع ألحانه الفرايحي والحزايني والسنوي.
– ويُقال ضمن لحن التوزيع في المزمور الـ 150 (سبحوا الله) في جميع ألحانه السنوي والكيهكي والصيامي…
– ويُقال في لحن ختام الصلوات الاجتماعية بلحنه السريع جداً المدمج.
– ويُقال ضمن لحن غولغوثا يوم الجمعة العظيمة بلحنها الشهير والذي قال عنه فيلو المؤرِخ أنه ذو أصل فرعوني.
عزيزي القارئ سوف أكتفي بهذا القدر من شرح لحن ابيت جيك إيفول، وإلى اللقاء في المقال القادم والجزء الثالث منه، فإلى أن التقى بك أتركك تستمتع بالنغمات العذبة لهذا اللحن.
رابط اللحن: