ثروت الزيني : لابد من الإفراج الفوري عن كميات كافية لتوفير الذرة والصويا والأعلاف للمزارع
فريد إستينو : ارجو عدم مناقشة النقاط طويلة الأمد مثل الزراعة فى السودان الشقيق وخلافه
بعد عرض الفيديوهات الخاصة بإعدام “الكتاكيت” من أصحاب مزارع الدواجن بمصر ، أثيرت أزمة الأعلاف لهذه الثروة الداجنة التي أصبحت تواجه مخاطر عديدة في ظل ارتفاع أسعار الأعلاف ومستلزمات الإنتاج عالميًا، وارتفاع تكاليف الشحن والنقل عالمياً، خصوصا أن مصر تستورد نحو 70% من الأعلاف والمواد الخام لـ صناعة الدواجن مقابل توفير نحو 30% فقط محليًا.
وقام عدد من أصحاب مزارع الدواجن بإعدام الكتاكيت بسبب عدم توافر الأعلاف مع صعوبة توفير الدولار لمدة 3 شهور وعدم وجود إفراجات حتى جاء اجتماع الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، لبحث حل مشكلة نقص الأعلاف في السوق المحلية الخاصة بصناعة الدواجن، وذلك بحضور السيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، والمهندس مصطفى الصياد، نائب الوزير لشؤون الثروة الحيوانية والسمكية والداجنة، وجمال نجم، نائب محافظ البنك المركزي، والمهندس محمود العناني، رئيس الاتحاد العام لمنتجي الدواجن، والدكتور ثروت الزيني، نائب رئيس الاتحاد وأسفر ذلك الاجتماع عن حل الأزمة بشكل جزئي بتوفير 44 مليون دولار سمحت بإدخال 62 ألف طن صويا مع تلقى وعود بتوفير سيولة دولارية.
ووجه رئيس مجلس الوزراء وزير الزراعة ونائب محافظ البنك المركزي، بأن يكون هناك تنسيق أسبوعي مع الاتحاد العام لمنتجى الدواجن على كمية محددة من الأعلاف يتم الإفراج عنها أسبوعيًا؛ حتى يتسنى إحداث الاستقرار المطلوب للأسواق، مع ضرورة وضع آلية لمراقبة توزيع الكميات التي سيتم الإفراج عنها أسبوعيًا.
حول هذه الأزمة ودور وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي والخبراء فى حلها كان لنا هذا التحقيق .
الزراعة : جهود مستمرة للحفاظ على الثروة الداجنة
في البداية صرح الدكتور محمد القرش المتحدث باسم وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، أننا عندما نتحدث عن الاستثمار الداجني في مصر، فنحن نتحدث عن ثروة كبيرة جدًا تصل إلى مئات المليارات من الجنيهات حيث توسعت الدولة في مشروعات الإنتاج الداجني لأهميتها في تحقيق الامن الغذائي للمواطن المصري، وتتضح هذه الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة لتنمية القطاع، بداية من تخصيص أراضي للاستخدام في القطاع الداجني بالإضافة إلى الحصول على عدد من المنشأت الخالية من الإصابات وهذا تغيير إيجابي في موقف مصر بالنسبة لأنفلونزا الطيور وهذا يجذب المزيد من الاستثمارات من الخارج ، حيث يتيح فرصة أن المنشآت الخالية من الإصابات تصبح قادرة على تصدير منتجاتها للخارج، وهذا حدث فى الفترة الاخيرة في صور مختلفة من التعاون مع عدد من دول المنطقة وكثير من الأسواق العربية.
ونحاول الآن التوسع فى الزراعة التعاقدية؛ لتوفير الأعلاف ولقد قمنا بتوفير التقاوي الخاصة بالذرة والفول الصويا وبإذن الله تكون مصر مقبلة على فترة أفضل في توفير مدخلات إنتاج الأعلاف محليًا، لدعم أكثر للفلاح والمصانع والمزيد من التقدم في الإنتاج الداجني.
وأكد أن هذه الجهود من الدولة أدت إلى تضاعف إنتاجنا من الثروة الداجنة خلال العشر سنوات الأخيرة ، حيث وصل الإنتاج إلى أكثر من ١.٤ مليار طائر سنويًا، ولدينا حجم كبير من الإنتاج اليومي من الدواجن وبيض المائدة، مما جعلنا نصل تقريبًا للاكتفاء الذاتي من احتياجات الإنتاج الداجني بنسبة كبيرة وتكاد تكون اكتفاء ذاتي تام.
وفيما يخص مشكلة نقص الأعلاف واعدام الكتاكيت أوضح متحدث الزراعة، أن العالم كله يمر بأزمات وقد يكون لمصر نصيب منها ومواجهة الآثار الناتجة من الأزمات العالمية في الآونة الأخيرة وإن كنا استطعنا مواجهة الكثير منها ، فنحن نستورد معظم مدخلات الأعلاف مثل الذرة وفول الصويا من الخارج ، ونتيجة الأزمة بين روسيا وأوكرانيا تأثرت حركة الإمدادات للحبوب بشكل كبير و التي مازالت تداعياتها تؤثر على العالم أجمع ولكننا استطعنا توفير العملة الاجنبية لاستيراد هذه الاعلاف والحصول على إفراجات مؤخرًا بعد أن عقد السيد رئيس مجلس الوزراء اجتماعًا مع مختلف الجهات المعنية في هذا الشأن، حيث تم مؤخرا تخصيص 44 مليون دولار وبالتالي يكون قد تم توفير 122 طن صويا في الفترة ، فكل ما يطلبه المنتجين نحاول توفيره .
وأوضح الدكتور محمد القرش، أن صناعة الدواجن في مصر من الصناعات الكبيرة والعريقة ولدينا طفرات وجهد كبير لتنمية هذا القطاع والاستثمار فيه وما يؤكد ذلك اجتماعات رئيس الوزراء مع وزير الزراعة واتخاذ قرارات جريئة من شأنها دعم هذا القطاع ويوضح جدية الدولة في مساندة المستثمرين وتنمية هذا القطاع وتجنب أي مخاطر تتعرض لها القطاعات الإنتاجية في مصر خاصة بعد الأزمات العالمية التي يمر بها العالم منذ أكثر من عامين منذ انتشار فيروس كورونا، ثم جاءت الحرب الروسية الاوكرانية والذين أثروا على حركة التجارة العالمية ووجدنا كثير من الدول التي وضعت شروط للتجارة بل وهناك دول كبرى أخذت بعض القرارات لعدم إتاحة المنتجات.
في حين أننا بمصر لم نواجه نقص في المنتجات، وهذا يدل على الجهود المصرية الاستباقية التي اتخذت لعدم تعرضنا لهذه المخاطر والتي جاءت نتيجة الأزمات العالمية المتتالية .
أما عن دور الوزارة في الدعم أكد أن الوزارة تعمل بشكل كبير على مساندة الاستثمار بشكل عام والإنتاج الداجني بشكل خاص وهذا يبدأ من تخصيص قطاع الأراضي بنظام حق الانتفاع ويكون بسعر رمزي لكي يستطيع المنتجين توفير استثمار لهم بدلًا من شراء أراضي وما إلى ذلك وبالإضافة إلى إنشاء مصنع إنتاج اللقاحات البيطرية تضم لقاحات الدواجن وتوفير جرعات تكفي الإنتاج المحلي، بالإضافة إلى السهولة في استخراج التراخيص الخاصة بمزارع الدواجن لجذب الاستثمار وتحفيز المستثمرين فما تقدمه الدولة ووزارة الزراعة في الإنتاج الداجني كبيرة جدًا .
إفراجات بنكية وحلول جزئية
في حين أكد الدكتور ثروت الزيني نائب رئيس الاتحاد العام لمنتجي الدواجن إن صناعة الدواجن صناعة حيوية، مليونية العمالة، مليارية الاستثمارات، تجاوزات استثماراتها المصرية والعربية والأجنبية المباشرة مائة وخمسين مليار جنيه، فصناعة الدواجن المصرية على كثرة ما مر بها من أزمات منذ ٢٠٠٦م، مرت مؤخرا بأزمة غير مسبوقة، وهي ليست فقط أزمة ارتفاع سعر الأعلاف والتي تضخمت منذ مارس الماضي، ولكن في ندرة الخامات والمحاصيل العلفية، المصرية و لقد أصبحت الذرة تباع في السوق السوداء بحوالي 3000 جنيه فوق سعرها الطبيعي أما الصويا فلم تعد متوفرة ، ما أدى لندرة الأعلاف، واندفاع منتجي الدواجن لبيع قطعانهم بأبخس ثمن خوفا من موتها جوعا، تم ذبح قطعان أمهات وبياض بنسبة مؤثرة، ولو استمرت هذه الوتيرة لواجهت مصر عجزا في دواجن التسمين وبيض المائدة. وهو عجز لن يكون تعويضه بالاستيراد متاحا، نظرا لارتفاع الأسعار العالمية المتوقع في ظل الظرف الدولي الراهن.
لذا جاءت القضية الرئيسية فى توفير النقد الأجنبي لتغطية شحنات المحاصيل العلفية ، وذلك لقلة أو انعدام الافراجات عن هذه الخامات من الموانئ.
وقال “الزيني”، إن المنتجين قدموا استغاثات لرئيس الوزراء و محافظ البنك المركزي بالإفراج الفوري عن جزء من خامات تصنيع الأعلاف لإنقاذ هذه الصناعة التي هي الأمل الوحيد لإمداد المصريين بالبروتين الحيواني، مشيرًا إلى أن هناك أولويات حاكمة لاستغلال الحصيلة الدولارية للدولة ولكننا ننبه إن صناعة الدواجن هي كائنات حية ومعرضه للهلاك وتحتاج أولويه قصوي في تدبير التمويل لمستندات الخامات، لافتًا إلى أن إرباك دورة الإنتاج من الصعب إصلاحها.
كما أوضح أن الخامات اللازمة لإنتاج الأعلاف متوفرة فقط للمستورد الذي لديه تمويل آجل، مؤكداً أن إنتاج الدواجن في خطر حقيقي، مضيفًا أنهم يحتاجون إلى 25 ألف طن من الذرة والصويا يوميا حتى تستطيع كل مزرعة إطعام الدواجن بالمزارع.
وطالب “الزيني”، بضرورة اعادة تشكيل اللجنة العليا للدواجن بحيث يكون المنتجين والمربين لا تقل نسبتهم داخل اللجنة عن 50% من تشكيلها وباقي الأعضاء من ذوي الخبرة ومسؤولي الحكومة ومتخذي القرار علي أن تتبع رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، لافتًا إلى أنه علي اللجنة بعد تصحيح وضعها أن تقوم بالاجتماع ووضع رؤية شاملة للإصلاح والحفاظ على الإنتاج الداجني .
وشدد على أن الدواجن تعد سلعة استراتيجية تخص الأمن الغذائي وليس سلعة رفاهية وأن أساس الإنتاج بها هو المربي الصغير قبل الكبير، حيث يمثل صغار المربين 60% من هذه الصناعة وهم الأكثر تأثرا وخروجًا نتيجة أية تداعيات لها انعكاسات مباشرة على الإنتاجية والتكلفة.
وأضاف أن صناعة الدواجن يعمل بها 3 مليون عامل وأن استثماراتها تجاوزت 100 مليار جنيه وأن هناك صغار مربين في القطاع الريفي وأسر معيلة تعتمد اعتماد كلي على تربية الدواجن والبيض .
كما أشار إلى أن هناك مجموعة من الخطوات العاجلة الواجب اتخاذها عقب الإفراج الفوري عن الخامات لامتصاص جزء من ارتفاعات الأسعار والتكلفة أهمها تقليل حلقات التداول بين المزرعة والمستهلك وإنشاء عدد من منافذ التسويق التابعة للاتحاد للبيع مباشرة من المزرعة، و ضرورة التفعيل التدريجي لقانون 70 لسنة 2009 والمتعلق بمنع التداول الحي والذي يجب أن يتم تطبيقه مرحليًا على خمس سنوات، وذلك حتى يتم التداول بشكل صحي وحضاري أسوة بكافة الدول حولنا التي لا يوجد بها أي تداول حي ، مشيرًا إلى أنه من خلال تفعيل ذلك القانون سيتم عمل توازن في الإنتاج وحجم المعروض من الدواجن من خلال ذبح الفائض في الأوقات التي يتزايد بها الانتاج وتجميده أو تبريده ثم عرضه للبيع خلال الأوقات التي يتواجد بها عجز بدلا من الاستيراد وهو الأمر الذي من شأنه ان يحقق استقرار في الأسعار .
وذكر “الزينى”، أن ازمة صناعة الدواجن تصاعدت بصورة بالغة خلال الأسابيع الأخيرة الماضية مع نفاذ المخزونات من الأعلاف وعدم قدرة المصانع إدخال مستلزماتها من الذرة والصويا وان هذه الأزمة بدأت فقط منذ ثلاث شهور .
خطاب إلى الوزير
يُذكر أنه سبق هذه الأزمة خطاب من الأستاذ الدكتور / فريد كمال رمزي إستينو أستاذ تربية دواجن والحاصل على شهادة الدكتوراه في تربية الدواجن من جامعة جورجيا الأمريكية، ومستشار وزارة الزراعة في لجنة الأعلاف ومكوناتها ولجنة استيراد الحيوانات والدواجن، إلى وزير الزراعة واستصلاح الأراضي عارضا الأزمة والحلول في نقاط كالأتي:-
– تتعرض صناعة الدواجن المصرية حاليًا إلى كارثة كبرى حيث لا يتوفر في السوق المحلية مكونات علف الدواجن الرئيسية من ذرة صفراء {تمثل حوالي ثلثي مكونات علف الدواجن} وكسب بذرة فول الصويا {يمثل حوالي من 20 الي 30٪ من مكونات علف الدواجن وتختلف على أساس نوع العلف إذا كان للكتاكيت أم للدجاج البياض}.
– نتج عن ذلك ارتفاع شديد في أسعار هذين المكونين الرئيسيين بواسطة تجار السوق السوداء حيث تضاعفت أسعارها من الضعف إلى ثلاثة أضعاف خلال الأشهر القليلة الماضية.
– تلا ذلك ارتفاع كبير في أسعار الدواجن والبيض، حيث وصل ثمن البيضة الواحدة حوالي ثلاث جنيهات بينما كان ثمنها حوالي جنيه واحد اوائل هذا العام وكذلك ارتفعت أسعار لحوم الدواجن والتي كانت تعتبر الملاذ الاًمن للعديد من المصريين للحصول على البروتين الحيواني الذي يحتاجون إليه بتكلفة معقولة.
– والآن بدأ منتجي الدواجن فى التخلص من طيورهم بإعدام الكتاكيت، حيث لايوجد لها علف أو بذبح الأمهات المنتجة لكتاكيت التسمين او كتاكيت الدجاج البياض.
– سوف يلي ذلك كارثة كبرى تحل بمصر، حيث أنه إذا توقف إنتاج الدواجن والبيض المصري وتم أغلاق المزارع المنتجة سيتم تسريح أكثر من ثلاثة ملايين عامل يعملون مباشرة في تربية وإنتاج الدواجن او في الصناعات المكملة مثل النقل والذبح وتجارة الأدوية والمكملات الغذائية وخلافه.
– هؤلاء الثلاثة ملايين فرد يعولون ما لا يقل عن أربعة أفراد فى أسرة كل عامل من العاملين أي أن تربية الدواجن وملحقاتها يتعايش منها حوالي 12 مليون مصري وهذا رقم يمثل أكبر من 10 ٪ من الشعب المصري.
– هؤلاء الـ 12 مليون مصري إذا لم توفر لهم الدولة مصدر رزق فورى فسوف يحدث ما لايحمد عقباه من الانقلاب على باقي الشعب المصري وتحدث سرقات ونهب ولا يمكننا أن نتوقع ماذا سيحدث لمصر.
– كل هذه الكوارث حدثت فى نظرى من سوء ادارة البنك المركزي، حيث أصبح لا يمكن فتح أي اعتماد مستندي إلا من خلاله وذلك بحجة الحفاظ على قيمة الجنيه المصري وعدم تعويمه حتي لا يصل سعر الدولار إلى 24 او 25 جنيه مصري.
– الآن وفى ظل هذه السياسة الخاطئة للبنك المركزي وعندما يشتري منتجي الدواجن الذرة الصفراء بمبلغ 14500 جنيه للطن وكسب فول الصويا بمبلغ 21500 جنيه مصري للطن فإن تجار السوق السوداء أصبحوا في الحقيقة يحاسبون منتجي الدواجن على أن سعر الدولار 32 جنيه مصري وليس 24 أو 25 جنيه مصري.
– برجاء مخاطبة القيادة السياسية لتوضيح هذه الأمور لهم وتوضيح خطورة الوضع الاقتصادي والأمني للبلاد.
– يجب عدم اعتبار أن مكونات أعلاف الدواجن مثلها مثل استيراد أكل القطط والكلاب أو استيراد الكافيار أو استيراد الحديد أو الأسمدة، لأنه إذا لم تتوفر مكوانات الأعلاف ستموت الدواجن وتنتهي صناعة الدواجن المصرية، وأرجو عدم مناقشة النقاط طويلة الأمد مثل الزراعة في السودان الشقيق وخلافه، حيث أن الوضع كارثي.