يقال في صوم الرسل وأعياد الرسل
عزيزي القارئ دعنا نستكمل اليوم تأملاتنا في لحن الآباء الرسل “أوندوس”. وكما عرفنا في المقال السابق أن لحن أوندوس يقال فى صوم الرسل وفى أعياد الرسل كمرد للكاثوليكون. وعرفنا حكمة الكنيسة في أن تصوم للرسل وأن تعيد للرسل وأن ترتل للرسل. وإن حكمتها هذه مبنية على نصوص كتابية. كما عرفنا أيضاً أن كلمات الربع الأول من اللحن التي تقول:
أنه حقاً هكذا يتمجد اسمكم على الأرض
Ontoc `al30wc jar `kcal0in paci t3n j3n .
يا جميع مختاري الإله أبائنا الرسل.
ke `f0onikon ton 0eon ton `apoctolon
مفعمة بالوقار والتكريم والتمجيد لأبائنا الرسل، ويليها تبدأ دقات الناقوس المبهجة والمثلث المفرحة في رسم فرحة الشعب بالمسيح الممجد فى قديسيه بجملة موسيقية معبرة مؤثرة تستعرض فيها الكنيسة جهادهم وآلامهم حتى الشهادة.
لكن بعد هذه الجملة مباشرة، يتوقف الناقوس والمثلث فجأة، وتبدأ جملة جديدة ليس فيها دف أو تريانتو أو إيقاع. جملة أدليبية الطابع أي ذات إيقاع حر بطئ، مثل جمل الطرب التي يسترسل فيها المطربين فى الغناء بها حينما تتملكهم حالة موسيقية يسمونها “سلطنة” من جمال اللحن. ومن الموكد أن الأصل في هذا الاسلوب هو ألحان الكنيسة القبطية الأدليبية والتي من بينها لحن “أوندوس” الذي من فرط جمال الطرب فيه، صار نموذجاً يُحتذي ويحاكيه المطربين خارج الكنيسة.
لكن دعنا نفكر سوياً لماذا هذه الجملة ،هي التي تم صياغتها بهذا الأسلوب الادليبي؟
يا جميع مختاري الإله أبائنا الرسل.
ke `f0onikon ton 0eon ton `apoctolon
ألا ترى معي عزيزى القارئ أن عملية إختيار السيد المسيح للرسل، وإعدادهم للرسالة الكرازية القوية، قد تم بعناية شديدة وتأنى؟ ففي الكتاب فى سفر الأعمال يقول:
“فقال له الرب اذهب لأن هذا لي إناء مختار
ليحمل اسمي أمام أمم و ملوك و بني اسرائيل” (اع 9 : 15)
ويقول فى إنجيل معلمنا لوقا البشير:
“و لما كان النهار دعا تلاميذه
و اختار منهم اثني عشر الذين سماهم أيضا رسلاً”(لو 6 : 13)
وهو ما يعني أنه كان للسيد المسيح تلاميذ كثيرين، دعاهم وظلينتقى منهم ويختار الذي يصلح أن يكون إناء مختار، ليستطيع أن يحمل إسمه أمام أمم وملوك. ولعلك تلاحظ معي عزيزي القارئ أيضاً أن عملية دعوتهم واختيارهم، لم تكن وليدة اللحظة. ففى رسالة معلمنا بولس الرسول الى أهل غلاطية يقول:
و لكن لما سر الله الذي افرزني من بطن أمي و دعاني بنعمته (غل 1 : 15)
فلابد لنا أن ندرك إن عملية الإختيار والدعوة للتبشير يمكن أنتكون برؤية إلهية مثل ما حدث مع بولس الرسول حينما ظهر له رجل مكدونى يطلب اليه و يقول له “أعبر الى مكدونية و أعنا”. يقول الكتاب فى سفر الأعمال:-
“فلما رأى الرؤيا للوقت طلبنا أن نخرج الى مكدونية
متحققين أن الرب قد دعانا لنبشرهم (اع 16 : 10)
ويقول الكتاب المقدس فى رسالة القديس بطرس الأولى:
“و أما انتم فجنس مختار و كهنوت ملوكي امة مقدسة شعب اقتناء
لكي تخبروا بفضائل الذي دعاكم من الظلمة إلى نوره العجيب” (1بط 2 : 9)
وهذه هي الآية التي اختارتها الكنيسة ضمن كلمات قسمة القداس الإلهى التي تقال فى صوم الآباء الرسل.
ودعوة السيد المسيح لآبائنا الرسل كانت معها قوة وسلطان ، فيقول إنجيل معلمنا متى البشير:-
“ثم دعا تلاميذه الاثني عشر و أعطاهم سلطاناًعلى أرواح نجسة،
حتى يخرجوها و يشفوا كل مرض و كل ضعف” (مت 10 : 1)
ولهذا كان لابد للحن “أوندوس” فى هذه الجملة التي تقول :
يا جميع مختاري الإله أبائنا الرسل.
ke `f0onikon ton 0eon ton `apoctolon
أن يكون أدليبى متحرر من القيود الإيقاعية المرتبطة بالزمن المقيد، حتى يبين التأني في عملية الإختيار هذه والإعداد لها منذ أن كان هؤلاء الرسل فى البطن، حتى تم أعدادهم كإناء مختار، لهذا لا يوجد لهذه الجملة إيقاع نشط.
إنني عندما بدأت التأمل فى هذا اللحن وفي كلماته، واجهتنيبعض الكلمات التي لا أعرفها، فنحن نعرف إن اللحن كلماته باليونانى، فهل هذه الكلمات قبطية؟ و