قالت إليان بطرس الباحثة السياسية في حديث خاص لوطني: “نحن الآن أمام حالة من الترقب الحذر فى العالم بينما انتظر منطقة أمريكا اللاتينية نتائج الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية لكولومبيا بعد أن حسمت جولتها الأولى استبعاد الحزب الحاكم أو التيار اليميني مقابل الصعود اليساري التاريخي في كولومبيا وصعود المرشح هيرنانديز أحد رجال الأعمال والذي تتقارب نسب التصويت له مع نسب تصويت المرشح جوستافو، وهو ما ستظهره نتائج الانتخابات بعد وقت قصير، وسط توقعات بأن يفوز المرشح جوستافو بترو ويعيش اليسار حالة من الانتعاش، وحتى وأن فاز المرشح هيرنانديز ستسطر كولومبيا عهدًا جديد بعيدًا عن التيار اليمينى وهو ما سيخلق مناخ جديد داخل كولومبيا.”
وتابعت: “نظرًا لاقتراب نسب التصويت بين المرشحين تظهر تخوفات بأن يطعن أحد الاطراف على نسب تصويت الطرف الاخر وهو ما يخلق حالة من الفوضى والتذبذب تحسبا لأعمال عنف وتعدي من طرف على الآخر، لذلك أمنت الحكومة الكولومبية الانتخابات بعدد كبير من الشرطة والجيش لتفادي التصادم بين أي من الاطراف.”
وكشفت إليان بطرس أن فشل الولايات المتحدة فى الإطاحة بالنظامين الفنزويلي والكوبي، بدأ في خلق مساحة أكبر للنمو اليساري في أمريكا اللاتينية، وهو ما تشهده اليوم كولومبيا التي تعد ثالث أكبر دولة فى أمريكا اللاتينية وواحدة من أهم حلفاء الولايات المتحدة، وبتقدم المرشح اليساري جوستافو بيترو في توقعات مؤشرات الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية 19 يونية 2022.
ولفتت أن ذلك قد يخلق حالة من توتر العلاقات مع الولايات المتحدة فى حالة حسم الأمر له لعدد من الأسباب من بينها أن المرشح اليساري ينوي إعادة العلاقات الثنائية مع فنزويلا وهو ما يضيق الخناق على الولايات المتحدة ويفشل من تحركاتها في المنطقة ويفقدها القدرة على الاستمرار في حصارها للمنطقة.
وقالت الباحثة بقسم العلاقات الدولية بمركز جسور للدراسات الاستراتيجية: “تعتبر هذه الانتخابات تاريخية ليس فقط بالنسبة لكولومبيا بل لمنطقة أمريكا اللاتينية بشكل عام فهي الأكثر أهمية فهي أول مرة قد تحظى على تقدم زعيم يساري ونائبة من أصحاب البشرة السمراء.”
وأشارت إلى أن هذه الانتخابات الثانية التى تجري بعد إتفاق السلام الموقع عام 2016 الذي أنهى رسميًا نصف قرن من الحرب الأهلية ويعول على الفترة القادمة بالرئيس الجديد فى الحفاظ على هذا الاتفاق. لافتة إلى أنها بعد 6 سنوات من إتفاق السلام بين حكومة كولومبيا والقوات المسلحة الثورية الكولومبية.
وأضافت إليان أن كولومبيا تعاني من توترات تزيد الانتخابات الرئاسية صعوبة بالرغم من أنها من الدول الأكثر نموًا فى أمريكا اللاتينية إلى أن هناك استياء من مواطنيها لعدم شعورهم بهذا النمو إلى جانب إرتفاع نسب التضخم، وهو ما يخلق حالة من التوتر الداخلي تزداد بتواجد حوالى مليونى مهاجر من فنزويلا يلزم التعامل معهم فى الوقت الذي تواجه فيه الدولة أيضًا مجموعة من المتمردين وتجار المخدرات وهو ما يخلق حالة من العنف المستمر والتوتر داخل الدولة.
ولفتت أن في هذا الإطار حاولت الشعوب اللاتينية إستيعاب الموجات اليمينية على مدار السنوات الماضية على أمل أن تتحسن الظروف المعيشية لشعوبها وأن تعاد ثرواتها وتواجه الفساد المتفشي، ولكن قد بدت الحركة اليمينية فى حالة ضعف وهو ما أتاح الفرصة لإعادة تواجد اليسار بشكل كبير فى وقتنا الحالي. مؤكدة أن الشعوب اللاتينية تختلف عن غيرها فهي دائما ما تخوض نضالاً سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا فلديها مخزون قوي يدل على هذا النضال الذي يجعلها بعيدة تمامًا عن فكرة الاستسلام واليأس فدائمًا ما تقاوم لتحقق استقلاليتها وتسعى للقضاء على الفساد وتستمر فى نضالها لمواجهة الحصار بشتى الطرق.