قد علمت يا إلهي أنك أنت تمتحن القلوب وتسر بالاستقامة
(2أخ29:17)
* الإنسان الروحي يجب أن يتميز بثلاث صفات أساسية هي: الاستقامة مع النفس, الأمانة مع الله, والسلامة مع الناس.
* واستقامة النفس كما يتكلم عنها سفر الأمثال هي الخط المستقيم, ونحن في كنيستنا القبطية الأرثوذكسية نفتخر أننا نحمل في اسم كنيستنا لفظ الاستقامة, كنيسة مستقيمة الرأي والفكر والسلوك والعقيدة.
أولا:ـ تحديات الاستقامة
1- التطرف: ليس فقط في حياتنا الاجتماعية, ولكن أيضا في حياتنا الروحية فلا نتطرف مثلا في أوقات أصوامنا أو صلواتنا أو قراءاتنا في الكتاب المقدس بل يسلك علي حسب قامتنا الروحية.
2- الكبرياء: طريق الجاهل مستقيم في عينيه (أم12:15). والجاهل هنا ليس الجاهل من جهة العلم والثقافة والمعرفة, وإنما الجاهل هو من يسيء استخدام عمره وأيامه ووقته.
* كبرياء الإنسان يطرح من حياته كل استقامة, ولذلك أمنا العذراء قالت في تسبحتها الخالدة: أنزل الأعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين (لو1:52), هذا الكبرياء أضاع أريوس, فالهرطقة التي ابتدعها وسقط فيها وأسقط آخرين كان منشأها الحقيقي هو الكبرياء: توجد طريق تظهر للإنسان مستقيمة, وعاقبتها طرق الموت (أم14:12), فجميع الهراطقة الذين ظهروا في التاريخ كانت بداية هرطقتهم من إحساسهم بذواتهم.
* خطية الكبرياء تعتبر أم الخطايا, وتعمل في الإنسان دون أن يشعر, لذلك أحيانا يدق الله جرس تنبيه ليفيقه من كبريائه.
3- الرياء: الشخص المرائي داخله غير مستقيم, ولكن خارجه يتظاهر بالاستقامة.
* ومن أمثلة المرائين في الكتاب المقدس يهوذا التلميذ, الذي كان خارجه تلميذا ومن داخله خائن.
* خطايا النفاق والمديح الكاذب, كل هذه وما يماثلها تفقد الإنسان استقامة قلبه.
* أيضا في كل يوم يا أحبائي نصلي مزمور التوبة قائلين: قلبا نقيا اخلق في يا الله, وروحا مستقيما جدد في داخلي (مز51:10). هذه طلبة يومية, لأنه ربما يأتي يوم يصنع فيه الإنسان ما لا يرضي الله, فتكون النتيجة انحرافا عن الاستقامة.
4- التهاون: يقال إن في حالات الإدمان أول مرة الإنسان يكسر فيها كلمة (لأ) يكون كسر 80% من الحاجز النفسي ضد الخطية, وتكون المرات التالية أسهل في السقوط.. فلا تتهاون.
ثانيا:ـ طريق الاستقامة
لكي تزرع الاستقامة في حياتك عليك الآتي:
1- اهتم: اهتم بالأمور الصغيرة: الوقت, نظرة عين, صداقة شخص, كلمة تقولها.
* اهتمامك بالأشياء الصغيرة يجعل لك ضميرا مستقيما أمام نفسك, في معجزة إشباع الجموع قال السيد المسيح: اجمعوا الكسر, والكسر هنا لها فائدتان, الفائدة الأولي أن يتركوا المكان نظيفا, والفائدة الثانية أن هذه الكسر ممكن أن يستفيد منها إنسان محتاج.
* القديس العظيم مارمرقس عندما جاء ليكرز في مصر لم يكن معه سوي صليب وعصا وإيمان ولكنه صنع عجائب في مصر.
* الأنبا باخوميوس أب الشركة كان جنديا في الجيش, وقدمت له امرأة مسيحية طبق طعام (كانت المرأة تقدم طعاما لجنود الجيش الذين لا تعرفهم وهذا عمل بسيط جدا), ولكن باخوميوس تأثر, فلما رجع من الحرب سالما تحولت حياته وصار قديسا عظيما وأبا للشركة ومؤسسا لحياة النظام الرهباني.
2- ارفض: ارفض الإغراءات.. يوسف الصديق رفضت الإغراء الذي أمامه وقال قوله المشهور: كيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلي الله؟ (تك39:9).
* في العهد القديم نتقابل مع الملكة وشتي والتي كانت امرأة وثنية, وعندما طالبها الملك لتستعرض جمالها باعتبارها الملكة فضت بشدة وكانت النتيجة أنه انتزع منها الملك.
3- احذر: احذر الانقسام.. احذر أن يكون لك وجهان وجه الملاك في العلن, ووجه الشيطان في الخفاء, ونذكر شاول الملك الذي كان يريد أن يقتل داود وفي نفس الوقت يتظاهر أمامه بأنه يقربه إليه.
* صل مع داود النبي: قلبا نقيا اخلق في يا الله (مز51:10).
4- احفظ: احفظ النقاوة.. أدرب نفسي ليكون لي دائما ضمير بلا عثرة من نحو الله والناس (أع24:16) أي ضمير مستقيم.
* اجعل قلبك شفافا, وقلبك لن يصير بهذه النقاوة إلا إذا عشت في حياة روحية, وفي وسائط النعمة وتمتعت بها وتلذذ بالرب فيعطيك سؤل قلبك (مز37:4).