إذا أراد أحد أن يكون أولا فيكون آخر الكل وخادما للكل
(مر9:35)
* تحاجج التلاميذ بعضهم مع بعض فيما هم في الطريق عمن يكون الأعظم فيهم؟ من الممكن أن يدور هذا السؤال بين زوج وزوجة, أو بين اثنين من الخدام أو اثنين من الآباء في كنيسة واحدة, وهنا يكشف هذا السؤال عن خطية رابضة في قلب الإنسان, وقد يأتي السؤال في صورة: من هو الأقوي؟! أو من هو الأفضل؟!
أولا:ـ خطورة الكبرياء
1- غياب المسيح: كيف فكر تلاميذ السيد المسيح بهذه الطريقة؟ قد غاب عنهم شيء مهم جدا أن بينهم المسيح له المجد في شخصه المبارك وهو الأعظم منهم كلهم فلم يشعروا بوجوده.
2- غياب النعمة: الكبرياء يوقف عمل النعمة في الإنسان, فيعطل طريقه للملكوت, ويمنع الإنسان أن يكون له نصيب في السماء.
3- شعور بالاستغناء
ثانيا:ـ من الأعظم؟
1- قامة الملكوت
ليست العظمة بالرئاسة أو السلطان أو المناصب أو الألقاب, ولا هي بالقدرات والمهارات, ولا السن أو الغني, فليست هذه عظمة, العظمة أن يكون في حياتك قامة الملكوت.
2- اتضاع الطفولة
المسيح له المجد أقام طفلا في وسطهم واحتضنه, ليعلن محبته لهذه القامة الروحية قامة الطفولة.
3- خدمة الكل
إذا أراد أحد أن يكون أولا فيكون آخر الكل وخادما للكل (مر9:35). هذه هي العظمة, وأرجوكم يا إخوتي لا تتلوث عقولكم بمفاهيم العالم, فالعالم له مفاهيم أخري في العظمة: عظمة منظر, عظمة لقب, وعظمة مكانة, ولكن كل هذا لا يوجد في حياتنا المسيحية, العظمة في مسيحيتنا هي أن يكون الإنسان آخر الكل وخادما الكل.
ثالثا:ـ إجابة السؤال
المسيحية تجيب علي سؤال من هو الأعظم؟ بثلاث درجات
1- المسيح أولا: فإذا كنتم تأكلون أو تشربون أو تفعلون شيئا, فافعلوا كل شيء لمجد الله (1كو10:!3). اجعل المسيح أولا في كل أمور حياتك, في تكوين أسرة جديدة, في بداية عمل.. إلخ.
2- الآخر ثانيا: من أحب أبا أو أما أكثر مني فلا يستحقني (مت10:37).
3- نفسك ثالثا: إن أردت أن تكون عظيما وتكون الأول في عين المسيح, ليس مهما أن تكون أولا في عين الناس.. وتكون آخر الكل, وسيصنع معك المسيح كما فعل مع تلاميذه (أقام طفلا واحتضنه), وتسمع صوت المسيح كأنه يقول لك: هوذا فتاي الذي اخترته, حبيبي الذي سرت به نفسي (مت12:18).
رابعا:ـ طريق الاتضاع
1- قبول الذات: ادرس ذاتك التي تتمرد عليك, فقد تحرمك من أبديتك, قد لا تستطيع أن تقول أنا متأسف أو أنا أخطيت, مع أن قول أنا أخطيت يمكن أن يحل المشكلة.
2- غسل الأرجل: غسل الأرجل هو درس الاتضاع الذي قدمه ربنا يسوع المسيح قبل الصليب مباشرة, طبق المسيح بذاته أن يكون آخر الكل وخادما للكل (مر9:35).
* تعلم الانحناء بالاتضاع, وهذا لا يلغي شخصيتك أبدا, بل يحفظها ويحفظ كرامتك مصونة.
* تعلم أن تنحني بالاعتذار, وتعلم أن تنحني للآخر, وتعلم أن تخدم الآخرين حتي لو كانوا أصغر أو أقل منك.
3- وعود الكتاب: فهذا وعد من فم السيد المسيح (إذا أراد) الاختيار لك إذا أراد أحد أن يكون أولا فيكون آخر الكل وخادما للكل (مر9:35).
خامسا:ـ أمثلة للتواضع
1- أبو الآباء: علي الرغم من أن أبانا إبراهيم هو الأكبر عندما تنازع رعاته مع رعاة ابن أخيه لوط, إلا أنه تصرف بكل وداعة, وأحضر إبراهيم لوطا ليختار الأرض التي تناسبه أولا, هذا العظيم جعل نفسه آخر الكل.
2- العذراء مريم: من هي الأعظم؟ أمنا العذراء مريم التي حبلت بابن الله القدوس, أم أليصابات التي حبلت بيوحنا المعمدان؟
3- يوحنا المعمدان: كان يوحنا له مكانته ومهابته في المجتمع, لكن عندما يأتي إليه المسيح يقول له: لست أهلا أن أنحني وأحل سيور حذائه (مر1:7).
* العظمة فيها تواضع مع طاعة, إن أردت أن تكون عظيما ضعها قاعدة أمامك الإنجيل يقول: آخر الكل وخادما للكل (مر9:35), هذه هي العظمة المحسوبة لك في السماء.