تحدت الصعاب، وحرصت على تحقيق حلمها رغم ظروف نشأتها الصعبة، فلم تبكِ على الطلل، ولكنها حرصت على أن تُصبح كيانًا غير مهمش.. إنها أمل جابر – اسم مستعار- إحدى فتيات دور الأيتام (كريمي النسب)، تتحدث إلى “وطني” وتسرد تفاصيل معاناتها ونجاحاتها منذ طفولتها حتى بلغت الـ29 من عمرها.
درست “أمل” في معهد الإدارة والسكرتارية بكلية البنات – رمسيس، وحصلت على درجة البكالوريوس، وتعمل ( H.R)؛ أي موظفة موارد بشرية، في إدارة شؤون العاملين بنفس الدار الذي نشأت فيه بالمقطم، مارست الرياضة منذ العاشرة من عمرها حتى أصبحت الآن مدربة كرة قدم وسباحة بنادي المقطم.
تسرد أمل لـ”وطني”، تفاصيل نشأتها في دار الأيتام، قائلة: “أنا لا أدرك متى انضممت وكيف انضممت، ولكني أعي تمامًا كيف نشأت، فكانت الطفولة قاسية إلى حد ما؛ ويرجع ذلك لعدم تأهيل الأمهات في ذلك الوقت للتربية فكن يعتقدن أن الضرب وسيلة علاجية للتنشئة السليمة، بينما كان سن المراهقة مليئًا بالشغف والإقبال على الحياة، فقد اهتمت الدار بتوفير سبل الراحة النفسية والترفيه لنا، ومن هنا كانت بداية تحقيق حلمي في أن أصبح لاعبة كرة قدم”.
ذكرت أمل أنها بدأت في ممارسة رياضة السباحة بنادي الأبطال في سن العاشرة، ليس هي فحسب بينما اهتمت الدار بإتاحة فرصة ممارسة الرياضة لها ولجميع أشقائها وشقيقاتها بالدار، ولكن لم تهتم الفتيات الأخريات بممارسة الرياضة.
ذهبت أمل مع الدار في رحلة ترفيهية ثقافية إلى نادي الجزيرة، وهي في الـ13 من عمرها، وهنا بدأ اهتمامها بكرة القدم، حينما رأت الفتيات يمارسن تلك الرياضة على أرض الواقع، وبالفعل بدأت أمل تمارس الرياضة مع الفريق بنادي الجزيرة، بعد أن أبلغت الدار بشغفها وقاموا بسداد قيمة اشتراك النادي حتى تستطيع ممارسة اللعبة، وظلت بالنادي لمدة 7 سنوات، وشاركت معهم في بطولة الدوري الممتاز وبطولة كأس مصر، وانتقلت بعد ذلك إلى أكثر من نادي، منها: المؤسسة، الطيران، دجلة، الفسطاط، ومستقبل وطن، ويرجع انتقالها من نادي الجزيرة إلى ارتفاع قيمة الاشتراك.
عبرت أمل عن شغفها بكرة القدم ومشاركتها منذ سن صغيرة، بأنها لم تعني يومًا بالفوز أو تحقيق ألقاب بقدر ما اهتمت بأن تمارس اللعبة التي أحبتها.
*دعم
أكدت “أمل”، أن الدار دعمتها ماديًا ومعنويًا حتى تخرجت من الجامعة، ثم بعد ذلك بدأت تهتم هي بدفع اشتراك النادي، ما دفعها إلى العمل شيفتين، بل أنها لجأت في بعض الأحيان إلى العمل في أكثر من مكان حتى تستطيع تغطية التكلفة المادية لممارسة الرياضتين.
بدأت “أمل” رحلتها مع التدريب (العمل كمدربة) منذ أربع سنوات، وذلك بعد إصابتها عام 2015 بالرباط الصليبي في القدم اليسرى وتلك المرة تكفلت الدار بمصاريف العملية والعلاج، وطلبوا منها التوقف عن اللعب خوفًا عليها، ولكنها رأت أن الحياة لم تنتهي بالإصابة، وأصرت على استمرارها في اللعب حتى أصيبت عام 2017 برباط صليبي في القدم اليمنى وفي تلك المرة تكفلت أمل بمصاريف العملية والعلاج وكان لذلك معاناته المادية فترة ليست قليلة.
وأوضحت أنها لجأت للعلاج المائي أثناء الاستشفاء من الإصابة وتقوية الأربطة، وتألقت في ممارستها لرياضة السباحة ما أهلها بعد ذلك لأن تكون مدربة للأطفال والسيدات بالنادي (نادي المقطم).
حصلت أمل على أكثر من ميدالية، في رياضتي كرة القدم والسباحة، ولكنها عبرت عن سعادتها الكبيرة لممارستها ما تحبه وتحقيق أحلامها، مشيرة إلى أن تحقيق الألقاب ليس المهم، بينما المهم هو أن يسعى الإنسان خلف حلمه مهما كلفه الأمر.
*جانب آخر من حياة أمل
توقفت أمل عن ممارسة الرياضة بسبب ظروف زواجها وحملها، مؤكدة أنها ستعود مرة أخرى لممارسة الرياضة والتدريب بعد الوضع، ولفتت إلى أنها ستحرص على دفع أولادها إلى تعلم الرياضة.
وأشارت “أمل”، إلى أنه على الرغم من عدم اقتناع زوجها بممارستها رياضة كرة القدم، إلا أنه احترم رغبتها وشغفها بالاستمرار في ممارسة ما تحبه.