عمانوئيل مخلصنا الصالح
خطوة جديد في مد جسور التعاون بين الكنيسة الأرثوذكسية والعالم الخارجي، وتشجيع الشباب من العالم للتفاعل مع الكنيسة المصرية وزيارة مصر، افتتح قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية والرئيس الأعلى لمعهد الدراسات القبطية، معرض للأيقونات البرونزية للفنان الليتواني إليكساندر إليكسييفاس، بالتعاون مع سفارة جمهورية ليتوانيا بالقاهرة، بقيادة السفير أرتوراس جايليوناس، وذلك يوم الجمعة 14 يناير بقاعة المؤتمرات بمعهد الدراسات القبطية بالقاهرة.
وإلى جانب افتتاح معرض الأيقونات البرونزية، تم عرض محاضرة عن تاريخ الأيقونات البرونزية للفنان الليتواني، وسيتم انعقاد محاضرة عملية مساء يوم الاثنين القادم بالمعهد.
ومن المقرر استمرار هذا المعرض بمعهد الدراسات القبطية حتى يوم 18 يناير من هذا العام، ثم ينتقل المعرض إلى مركز الأنافورا من يوم 19 يناير حتى 26 يناير، برعاية نيافة الأنبا توماس.
حضر الافتتاح لفيف من الأحبار الأجلاء أساقفة الكنيسة الأرثوذكسية منهم نيافة الأنبا أرميا الأسقف العام ورئيس المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي ونيافة الأنبا مكاري أسقف عام شبرا الجنوبية ونيافة الأنبا توماس أسقف القوصية ومير وراعي مركز الأنافورا ونيافة الأنبا سيداروس أسقف عزبة النخل.
كما حضر مجموعة من السفراء منهم السفير داتاكاران جوبوردهون – سفير موريشوس، والسفير هاكان إمسجارد – سفير السويد، والسفير إدوارد سولو – سفير ألبانيا، والسفير رامون جيل كازارس – سفير أسبانيا، والسفير مانويل موراليس – سفير الدومنيكان، وحضر أيضًا مندوبين عن سفارة مالطه وسفارة البوسنة وسفارة بولندا.
تعاون بين الشعوب والثقافات المختلفة
بدأ الحفل بكلمة افتتاحية من عميد معهد الدراسات القبطية الدكتور إسحق إبراهيم عجبان، حيث رحب بالحضور من الأساقفة والسفراء والفنان الليتواني سبب وجود هذا الحفل وجميع الحضور.
واستهل كلمته بشكر قداسة البابا الذي علمنا بناء الجسور، جسور المحبة والتعاون بين الأفراد والشعوب، وتبادل الخبرات والمعرفة والعلوم والفنون.. يعلمنا ثقافة الحوار والتعاون ويعلمنا أن نبتعد عن ثقافة الجدار والعزلة وثقافة الشجار والصراع.
ووضح أن معهد الدراسات القبطية تأسس عام 1954م ويضم حالياً 13 قسمًا، أهمهم قسم الفن القبطي، ويقوم بتدريس وإنتاج منتجات فنية وتراثية قبطية، أيقونات وموزاييك وفريسك ونسجيات ومشغولات خشبية وزجاجية وفخارية وغيرها من الفنون. ويهتم هذا القسم بمختلف أنواع الفنون والثقافة وبه ستوديو صوتيات بأحدث التقنيات وتم افتتاحه العام الماضي.
ثم تكلم الدكتور عجبان عن المعرض شارحاً أنه يضم أيقونات برونزية لقديسين وشهداء مشهورين عند الأقباط ومذكورين بالسنكسار القبطي منهم القديس الأنبا أنطونيوس والقديس مكاريوس الكبير والقديس مارجرجس وسانت كاترين، ويوجد أيضا أيقونات للسيد المسيح والعذراء مريم والقديس يوحنا المعمدان وإيليا النبي ورئيس الملائكة ميخائيل وقديسين آخرين.
وقدم الدكتور إسحق الفنان الليتواني إليكساندر إليكسييفاس، أنه فنان وأستاذ جامعي ليتواني يعيش ويعمل في لندن، وحصل على الدكتوراة من المملكة المتحدة عام 2018 وهو عضو بالجمعية البريطانية لراسمي الأيقونات منذ عام 2008 وهو يعمل بخامات متعددة ولكن المفضل لديه هو البرونز، وشارك بمعارض في روسيا وليتوانيا وأسيتونيا والمملكة المتحدة وفي كثير من بلاد العالم.
أما عن مشاركة سفارة ليتوانيا، وضح الدكتور عميد معهد الدراسات، أن السفارة قامت بطبع كتيب به صور الأيقونات البرونزية وبوستر عليه صورة أيقونة الأنبا أنطونيوس أب رهبان العالم. وذلك لتسجيل هذا الحدث الهام وحتى يمكن للجميع الاحتفاظ بصورة من هذه الأعمال الجميلة.
الأنبا أنطونيوس.. أب الرهبنة في العالم
رئيس الملائكة الملاك ميخائيل
سانت كاترين الإسكندرانية
القديس مارجرجس الروماني
تراث زاخر بقديسين وشهداء نحتذي بهم
وجاءت كلمة السفير الليتواني أرتوراس جايليوناس، والذي نوه عن يوم 13 يناير الذي كان الذكرى الواحد والثلاثين لـ 14 شهيد ليتواني والذين وقفوا دون سلاح أمام الدبابات السوفيتية للدفاع عن استقلال المؤسسات الليتوانية في يناير عام 1991م، موضحاً أن هذا الحفل المقام الأن في مصر وهنا في معهد الدراسات القبطية بالقاهرة يعرض فيه أيقونات تجسد بعضها شهداء ومن القديسين الأوائل والأباء الذين نتأثر بذكراهم حتى يومنا هذا، وكل واحد منهم كان له قصة بذل وتاريخ يحتذى به.
وقال سفير ليتوانيا: أتشرف بإفتتاح هذا المعرض للأيقونات، للفنان الليتواني إليكساندر إليكسييفاس، والذي يتضمن أيقونة والدة الإله والأنبا أنطونيوس والأنبا مكاريوس الكبير، هذا التراث المسيحي الزاخر الذي يربط بين شعوب ليواتنيا ومصر.
وفي نهاية كلمته، شكر معهد الدراسات وعلى رأسه قداسة البابا تواضروس، والدكتور اسحق عجبان، لقبول استضافة هذا المعرض في مقر معهد الدراسات وحرصهم على التواصل والتعاون لاتمام هذا اليوم الفني والثقافي.
القديس بطرس الأثوني
السفير الليتواني يلقي كلمته
هدية لقداسة البابا من السفارة الليتوانية
الأيقونات.. صفحات من تاريخ الكنيسة
وتكلم قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، عن الأيقونات وقال: الحقيقة أن التاريخ المصري والتاريخ القبطي ملئ بصور ومشاهد عديدة تحول إلى أيقونات منذ فجر التاريخ، فكلنا نتذكر أيقونات ووجوه الفيوم وهي وجوه مشهورة وتدرس في كل كليات الفنون.
ورحب بالحضور وبالفنان إليكساندر إليكسييفاس الذي أقام هذا المعرض، وبهذا التعاون الموجود بين ليتوانيا والكنيسة القبطية في مجال الأيقونات.
ووضح قداسة البابا أننا نعتبر أن الأيقونات هي وسائل تعبيرية قوية عن الحياة المسيحية ونرى أن الأيقونات هي بمثابة صفحات من التاريخ تحكي التاريخ العميق للكنيسة القبطية.
وهذه الأيقونات عبارة عن وسائل تخاطب الجميع من الكبار والصغار والمتعلمين وقليلي التعليم وتقدم لهم صورة القداسة القوية التي نعيشها في التاريخ.
وأنهى كلمته بشكر السفير الليتواني الذي بادر برغبته لإقامة هذا المعرض، وأكد أن الفن هو وسيلة جيدة للتقارب بين الشعوب وبين الأمم، وتمنى من خلال هذا المعرض والمحاضرات العلمية التي ستقام أن نعرف وجه من وجوه الفن المسيحي.
زيارة العذراء مريم لأليصابات
قداسة البابا تواضروس يلقي كلمته بالحفل
هدية من قداسة البابا تواضروس لسفير ليتوانيا
إقامة المعرض تدبير من الرب
وفي كلمة ألقاها الفنان الليتواني إليكساندر إليكسييفاس، شكر البابا على إتاحة هذه الفرصة لإقامة هذا المعرض، وشكر الحضور من السفراء والأحبار الأجلاء من الأساقفة، الفنانين ومحبي الفن.
ونوه على صعوبة السفر وصعوبة التواجد في مثل هذا اليوم بسبب كوفيد 19، ولكنه أكد أنه على يقين من قوة الروح القدس وتدبير الرب لإتمام هذا اليوم بنجاح.
الفنان الليتواني يلقي كلمة
جولة بمعرض الأيقونات البرونزية
جولة بالمتحف
جولة بالمتحف
متحف أيقونات برونزية
في حوار لوطني مع الفنان الليتواني إليكساندر إليكسييفاس
كيف جاءت فكرة وجود معرض لك بمصر؟
أعتبر وجودي هنا في مصر بمثابة معجزة وترتيب من الروح القدس.. بوجود وباء كورونا وتزايد الأعداد وصعوبة السفر كانت تعوق أحلامي. أيضًا السفر بكل هذه الأوزان كان مشكلة كبيرة ويحتاج ترتيبات خاصة لأن البرونز وزنه ثقيل. ولذا أنا ممنون للسفارة الليتوانية لأنها ساعدتني في كل الإجراءات، وهي التي توجهت لمعهد الدراسات القبطية وقدمت الطلبات لقداسة البابا تواضروس ولعميد المعهد، وقامت السفارة بالمتابعة والاتفاق على كل الترتيبات. وأشكر أيضًا معهد الدراسات لأنه أتاح لي هذه الفرصة للتواجد في هذا المكان المشرف والمبارك، والذي تظهر فيه روحانية وتراث عميق.
لماذا اخترت صناعة الأيقونات؟
في الواقع أنا نحات وأعمل بخامات عديدة لإنتاج تماثيل، لكنني أفضل العمل بخامة البرونز.
في عام 2008 أصبحت عضو في الجمعية البريطانية لرسامي الأيقونات، وكان دائما يستهويني فكرة الأيقونة وما تحمله من قصص روحية وكيف يعبر الفنان أثناء عمله في الأيقونة للتعبير عن حياة هذا القديس برموز كثيرة.
وأحب القراءة عن القديس ودراسة حياته بعمق روحي قبل البدء في رسم أيقونة له، حتى تعبر عن حياته ورسالته لكل مؤمن يحتذي به.
قطع رأس القديس يوحنا المعمدان
نشاهد المعرض الخاص بك ونرى قديسين أقباط كثيرين.. كيف عرفت عنهم ولماذا اخترت هؤلاء على رغم أن كنيستك في ليتوانيا أو إنجلترا معروفة بقديسين من الغرب كثيرين؟
هناك قديسين كان لهم تأثير في المسيحية بمختلف طوايفها، ودائما كنت أقرأ عنهم مثل أب الرهبنة في العالم القديس الأنبا أنطونيوس.. رسالتهم وحياتهم تخطت حواجز الطوائف أو الكنائس، بل الأهم كان كيف عاشوا وأين وماذا حدث لهم.. ومن هنا اخترت العديد من القديسين المصريين لتأثري بعمق حياتهم الروحية إلى جانب الكثير من قديسين الغرب أيضًا.
أنا استكمل دراستي اللاهوتية الآن في معهد سانت سيرج اللاهوتي في باريس، وهذا يجعلني اقرأ بعمق أكثر في حياة هؤلاء القديسين ويساعدني لأكون صورة أوضح في ذهني قبل البدء في رسم أي أيقونة.
أنبا مكاريوس الكبير
القديس ماما القيصيري
كم من الوقت يستغرق لانتاج أيقونة من البرونز؟
صناعة الأيقونات من البرونز ليست مهنتي بل هوايتي، فأنا أعمل كدكتور في الجامعة وأدرس في مجالات عديدة.
بدأت بعمل أول أيقونة من البرونز منذ حوالي 20 عاماً، وكانت أول أيقونة للقديس نيكولاس، وبعدها بدأت أدرس كل شخصية قديس وأرسمه وأحدد كل الرموز والشكل النهائي للأيقونة ثم أنفذها بالبرونز.
وخلال العشرون عامًا الماضية أنتجت مجموعة كبيرة من الأيقونات البرونزية منها بعض المعروض اليوم.
بعد تحديد شكل الأيقونة النهائي، تنفيذها لا يستغرق وقت كبير، فأنا أنتهيت من جزء كبير من أيقونات هذا المعرض خلال هذا العام.
ومن المؤثرات التي تساهم في عامل الوقت لأي أيقونة، هي تأثر الفنان بالقديس نفسه ووصوله للصورة الذهنية النهائية لشكل العمل الذي سينتجه، فقد يستوقف الفنان أيام تعبير وجه أو زاوية رأس مريحة أو مكان اليدين بالأيقونة.. كذلك يتحكم في الفنان أيضا حالته المزاجية وهل يكون في حالة هدوء أم يكون مشتت بأحداث وأفكار من حوله.
عملياً تنفيذ أي أيقونة لا يستغرق أيام، لكن فعلياً بكل تلك المؤثرات قد تستغرق شهور وأحياناً يضطر الفنان لترك العمل غير منتهي بعض الوقت ثم يعاود التفكير فيه بعين مختلفة حتى يستكملها ويكون راضي عنها.
كيف يتم العمل أيقونة من البرونز؟
يتم تشكيل الفكرة وشكل الأيقونة بمادة لينة مثل الصلصال في أول الأمر، حتى يظهر الشكل النهائي المقنع للفنان، ثم يتم عمل قالب يظهر فيه كل التفاصيل النهائية ومنه تخرج الأيقونة البرونز النهائية. وهذا القالب يتيح إمكانية انتاج الأيقونة أكثر من مرة.
هل تؤمن بقيمة العمل الفني الفريد أم تفضل انتاج عمل فني متكرر؟
لو فكرت كفنان أقدم أي عمل فني، سأفضل العمل الفني الفريد الذي لا يتكرر منه اثنين. لكن مع الأيقونات الهدف يختلف تماماً، لأن هنا تختفي مصلحة الفنان ويظهر الهدف الأهم وهو انتشارية العمل الفني بشكل أوسع لنشر رسالة أو قصة حياة قديس هذه الأيقونة.. وهذا يستدعي أهمية وجود قوالب لتصنيح أكثر من أيقونة بنفس الشكل.
لا أحبذ فكرة وجود الأيقونات المقدسة مطبوعة على ملابس ومنسوجات أو ورق أو حتى على ورق الحلوى، لأنها تتهالك وتتلاشى مع الوقت. قدسية هؤلاء الشخصيات تتطلب منا احترامهم أكثر من ذلك، لذا أفضل إنتاج الأيقونات بأي عدد مطلوب عن أن أجدهم مطبوعين على شئ يتلاشى.
القديس يوحنا القائد
السيد المسيح في القبر
محرر وطني أثناء الحوار مع الفنان الليتواني
محررة وطني أثناء الحوار وسط أعماله بالمعرض
“عجبان”: الفنان الليتواني قدم للمعهد فن الأيقونة البرونزية
صرح ل”وطني” الدكتور إسحق إبراهيم عجبان عميد معهد الدراسات القبطية، أنه من ضمن أهداف معهد الدراسات القبطية هو بناء جسور علاقات وخبرات علمية في الداخل وخارج مصر.
ففي الداخل يتعاون معهد الدراسات مع الجامعات المصرية ومع وزارات ومع هيئات ومؤسسات. أيضًا المعهد له تعاون خارجي، فله تعاون مع الجامعات الروسية ولنا بروتوكول معهم وكذلك مع جامعات إيطالية وسفارة إيطاليا ومع بولندا ودول أخرى متعددة.
وفي نفس سياق التعاون، جاءت الفكرة أن فنان ليتواني قد حصل على الدكتوراة من بريطانيا في مجال الأيقونات البرونزية وهو مقيم في لندن، يأتي إلى مصر لعرض أيقونات من البرونز لقديسين من الأقباط من إنتاجه، مجموعة مكونة من 24 أيقونة برونزية أضافت إلينا لقسم الفن خبرة جديدة، فبجانب المشغولات الخشبية والنسيج والفخار والعديد من الخامات التي تناولها قسم الفن بالمعهد، لم نعرف العمل بالبرونز، لكن بوجود هذا الفنان وسطنا يمكن إضافة البرونز ودراسة كيفية التعامل به ودراسته عملياً.
ومن خلال وجود الفنان الليتواني في مصر وتقديم لنا هذا الفن المختلف، حدث تواصل وتبادل ثقافي وإضافة جديدة ثرية للمعهد.
وجه السيد المسيح من الكفن المقدس
صلب السيد المسيح