وسط إجراءات احترازية ووقائية، احتفل دير الأنبا أنطونيوس بمركز ناصر ( بوش ) بمحافظة بني سويف بعيد القديس العظيم الأنبا أنطونيوس أبو الرهبان مؤسس الرهبنة في العالم، حيث رأس القمص فام الانطونى وكيل دير الأنبا أنطونيوس ومجمع رهبان الدير القداس الأول للعيد والقمص باسليوس الأنبا بولا وكيل دير الأنبا بولا بناصر ومجمع رهبان دير الأنبا بولا وكهنة كنيسة مار جرجس بناصر قداس آخر.
وأكد القمص فام الأنطوني وكيل دير الأنبا انطونيوس بناصر، أن هذا تقليد متبع منذ زمن كبير بحيث يصلي رهبان دير الأنبا بولا عيد القديس الأنبا أنطونيوس ويصلي رهبان دير الأنبا أنطونيوس قداس عيد القديس الأنبا بولا، مما يؤكد عمق العلاقة الأزلية بين ديرا الأنبا بولا والأنبا أنطونيوس، وبحضور أعداد غفيرة من محبي القديس من شتى أنحاء المحافظة والمحافظات المجاورة، والقديس الأنبا أنطونيوس آب الرهبان في العالم ولد في قرية قمن العروس بمركز الواسطي بمحافظة بني سويف عام 251 ميلادية وبعد انتقال والده وفي أحد أيام الآحاد دخل الكنيسة ووقف في خشوع ليسمع الإنجيل فسمع الشماس يقرأ كلام الرب للغنى، قائلًا: إن أردت أن تكون كاملاً فاذهب وبع أملاكك وأعط للفقراء وتعال واتبعني فيكون لك كنز في السماء.
فخرج مسرعاً وأودع أخته في بيت للعذارى وخرج القديس أنطونيوس للصحراء ليتفرغ للعبادة والنسك وسكن على شاطئ نهر النيل عند قرية الميمون وعاش بهذا المكان حوالي 20 عام حتى جاءت امرأة لتستحم في النهر، فقال لها القديس: يا أمرآة أما تستحين أن تستحمي أمامي وأنا رجل راهب فإجابته، قائلة: لو كنت راهبا لدخلت إلى الجبل في البرية الجوانية فأخذ القديس هذه الكلمات بجديه، وقال: حقًا هذا صوت الله لي على فم هذه المرأة وارتحل الأنبا أنطونيوس من مكانه إلى الصحراء الداخلية وتوغل في الجبال وسكن في مغارة يقتات من ثمر النخل الموجود بجوار عين الماء لم يهدأ الشيطان منذ أول خطوة اتخذها القديس أنطونيوس فكان يحاربه بالأفكار ويشككه في هذا الطريق وفي مصير أخته وعندما فشلوا في كل هذا ورأوه يتعمق في الصحراء فاجتمعت الشياطين عليه فظهر أحدهم بشكل أسد والثاني بشكل سبع والثالث بشكل نسر ضخم وأخر بشكل أسد وجسم ثعبان وآخر بشكل وحش ضخم يخرج من فمه لهيب نار وبالرغم من كل هذا إلا أن القديس ظل صامتاً وفي اتضاع شديد كان يقول للشياطين أيها الأقوياء ماذا تريدون مني أنا الضعيف المسكين وما هي قوتي حتى تجمعتم كلكم على وكانت الشياطين تهرب عندما ترى اتضاع القديس.
وفي مرة أخرى، اجتمعت الشياطين وضربوه ضربا شديداً، وبعد أن أعطاه الله النصرة على الشياطين، قال له: ( تشدد يا كوكب البرية أنك سوف تكون آبا لجميع الرهبان الذين يأتون بعدك وأن ذكراك ستظل في هذه البرية إلى المنتهى وسوف تكون يا انطونيوس سراجاً موضوعاً على المنارة ليضيء لكل المسكونة وستمتلئ هذه البرية من أولادك، وفي نهاية حديث الرب له ألبسه القلنسوة بيديه الطاهرتين قائلاً يا انطونيوس تاج النعمة هذا إكليل السماء وإلى وقت آخر أتوجك الإسكيم المقدس.
وكان وجود الأنبا أنطونيوس في هذا المكان الخالي شيئًا جديدًا على الناس لقد أذهلهم من هذا الذي يعيش في أعماق الجبل وحده حيث الوحوش والحيات والعزلة المخيفة وظلوا يقرعون طالبين أن يبقوا معه في هذه الحياة المرتفعة عن شهوات العالم فأحبوا الرهبنة وهكذا استطاع أن يحول الأرض إلى سماء وامتلأت البرية من الرهبان.
وبالرغم من حبه العميق للبرية والسكون إلا أنه عندما سمع أن الكنيسة في خطر وأن البدع الأريوسية تنتشر ترك وحدته ونزل للإسكندرية وقضى ثلاثة أيام وكان لوجوده تأثير عجيب وأرعب الهراطقة، لقد خطر ببال الأنبا أنطونيوس أنه أول من سكن البرية أتاه صوت من السماء، قائلاً: هوذا واحد يسكن البرية وهو مختار بالأكثر والعالم كله لا يستحق موطئ قدمه الواحد ولأجله يبارك الله الأرض وتعطي ثمارها ودبرت العناية الإلهية أن يتقابل هناك بالأنبا بولا ليعرف سيرته وفضائله وليكفن جسده ويتبارك منه.
وفي عام 356 من الميلاد وبعد رحلة طويلة قضاها بالبرية اشتهى أن يخرج من هذا الجسد وعلم ساعة انتقاله فزار تلاميذه وأخبرهم، قائلاً إن هذه آخر زيارة أقوم بها لكم ولم تروني مرة أخرى في هذه الحياة فها أنا أشرفت على المائة وخمسة أعوام وهنا بكى التلاميذ وعانقوا الأنبا أنطونيوس وقبلوه أما هو فنصحهم بألا يتكاسلوا ولا يخوروا في تدبيرهم وأوصاهم أن يدفنوا جسده تحت الأرض ولا يظهروه وسجدوا ليصلوا وفي الحال قاضت روحه إلى السماء.
وأما جسد الأنبا انطونيوس فقد قام تلاميذه بدفنه مخبئين إياه تحت الأرض كما أوصاهم وهو موجود الآن أمام باب الهيكل القبلي في الكنيسة التي تحمل اسمه بديره العامر بالبحر الأحمر وقد سمح الله للقديس أن يظهر في هذا المكان أكثر من مرة؛ ليؤكد أن جسده مدفون في هذا الموضوع المقدس، ويعيد للقديس يوم 22 طوبة من كل عام، بركة صلاته تكون معنا.