راودها حلم الأمومة منذ أن كانت طالبة في المرحلة الثانوية، فتطوعت للعمل بإحدى دور الأيتام، وبعد أن تزوجت سارت في خطوات جادة لتحقق حلمها، ولكن واجهتها بعض الصعوبات التي تسببت في تأخر تحقيق الحلم لمدة عشر سنوات، إنها لمياء محمد.
رحلتها مع الكفالة
لمياء محمد تسرد لـ”وطني”، رحلتها مع ابنها عمر مُنذ أن كان عمره 6 أشهر إلى أن أصبح عمره عامًا، فهي تبلغ من العمر 32 عامًا، تزوجت مُنذ عشر سنوات، وحاولت أن تكفل طفلًا ولكنها لم توفق؛ لأن الشروط حينها كانت: توافر شقة تمليك، مرور من 3 لـ5 سنوات على الزواج، وكذلك حدا أدنى للراتب، وبعد أن انفصلت عن زوجها حاولت مرة أخرى، ولكن واجهتها صعوبات أخرى، أهمها شرط بلوغ الأم البديلة سن الـ45.
بدأت رحلة “لمياء”، لتحقيق حلمها، بعد أن وجدت إحدى الأمهات البديلات صغيرة في السن تحكي عن تفاصيل الكفالة عبر منصة التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، وبالفعل توجهت إلى مديرية الشؤون الاجتماعية ببورسعيد التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي، أغسطس 2020، واكتشفت حينها تطابق الشروط عليها، من حيث توافر السكن المستقل، والراتب الثابت وبلوغ سن الثلاثين.
مرونة القوانين
أكدت “لمياء”، أن القوانين سهلت كفالة الأطفال بشكل كبير، ولكن بعض الموظفين يتعسفون في تطبيقها، مما يُعطل سير الخطوات بسرعة، موضحة أنها قدمت من خلال ثلاث لجان – الأسر بديلة – واستلمت عمر بعد 9 أشهر من تقديمها الطلب بعد أن تواصلت مع 25 دار أيتام للحصول على طفل صغير، فكانت ترغب في كفالة طفل ولد، بينما تمت الموافقة لها على كفالة بنت، ولكنها لم تيأس وقدمت مرة أخرى إلى أن تمت الموافقة.
أمه بالرضاعة
أرضعت “لمياء” عُمر خمس رضعات، فهي أمه بالكفالة وأمه بالرضاعة أيضًا، موضحة أنها توجهت لاستشاري رضاعة، وتم التعرف على التاريخ المرضي لعائلتها وفحص حالتها الصحية، وتم صرف بعض المكملات الغذائية ونصحتها الاستشارية بتناول بعض الأطعمة واستخدمت جهاز شفطت اللبن، كل هذه الوسائل محفزة للبن وتعمل على دره، فبعض الأمهات يُرضعن الصغار لمدة طويلة ولكنها اكتفت بالخمس رضعات (الشرعية) لأنها استلمت عُمر في سن الـ9 شهور.
وعن مشاعرها، أكدت “لمياء”، أن رضاعتها لعمر جعلتها تشعر بقوة الرابط بينهما، وبأن جزء من دمها ولحمها يسري فيه. ولفتت “لمياء”، إلى أن مبادرة الاحتضان في مصر بقيادة الأستاذة يُمنى دحروج توفر هذه الخدمة مجانًا (توافر استشاري الرضاعة) لمن ترغب في الاحتضان.
خانة الأم
وأشارت “لمياء”، إلى أن القوانين أتاحت لها الآن وضع اسمها في خانة الأم للطفل، ووضع الاسم الأول من الزوج (إن وجد)، وذلك حتى لا يتعرض الطفل للتنمر في المدرسة.
درست “لمياء” مشوار الأم البديلة قبل الإقدام عليه، واهتمت بحضور الورش (ورش مبادرة الاحتضان في مصر) التي تعمل على الحفاظ على الحالة النفسية للطفل وتربية طفل تربية سوية وسليمة، ومن أهمها العمل على اللاوعي لدى الطفل منذ صغره، موضحة استيعابها لضرورة إبلاغ الطفل بأنها ليست أمه الحقيقية منذ سن مبكر، عن طريق العمل على اللاوعي بطريقة بسيطة لا تسبب شروخ نفسية لديه.
تفرغها لتربيته
درست “لمياء”، التجارة ولكنها قررت التفرغ لتربية عُمر في السنوات الأولى من عمره، متكئة على معاش والدها في توفير حياة كريمة له، موضحة أنها تعيش في حالة مادية متوسطة، ولكن لعمر ومتطلباته الأولوية في كل شيء الآن.
وأشارت إلى أنها مستقلة في حياتها منذ 8 سنوات، مما جعلها قادرة على تدبير أمورها.
لم يفتني سوى يوم ولادته
عبرت “لمياء”، عن سعادتها بكل تطور يحدث في حياة عمر وهو في حضنها، قائلة: “أول سنة كانت معايا، أول مرة يمشي كان معايا، أول مرة يقعد كان حضني، أول كلمة نطقها كانت ليا، كل هذه التفاصيل تسعدني، لم يفتني عن أي أم طبيعية غير يوم ولادته فقط”.
كما أشارت إلى سعادتها البالغة عند مناداتها بـ”أم عُمر”، منذ لحظة استلامه، فقد شعرت بأنها أمه الحقيقية وبأنها أصبحت أمًا بالفعل.
مواجهة المجتمع
رفضت “لمياء” أن يرى أحد عمر معها إلا بعد أن أتمت رضاعتها، مشيرة إلى أنها تواجه صعوبات مجتمعية وتعليقات سلبية كثيرة، لأنها قررت كفالة طفل ذكر وليس أنثى.
وعن زواجها مرة أخرى، أكدت لمياء أن الأولوية الآن في اختيارها لشريك حياة، هو أن يصبح الشخص مناسبًا لأبوة عمر، لأنها تدرك مدى احتياج الطفل للأب في سن المراهقة تحديدًا.
ابني البكري
وأكدت “لمياء”، أن عمر سيظل ابنها البكري حتى لو رزقها الله بأطفال من دمها، موضحة أنه أخذ حبها وشوقها للأمومة ومشاركتها أوقاتها وتفاصيلها (عُمر أخذ حلو الأمومة كله)، ففي نظرتها الأولى له شعرت بارتياح وحب كبير.
وتُطالب “لمياء” الموظفين، التعامل بشيء من المرونة مع الأمهات العازبات، لأنهن يحاولن تشويشهن وحثهن على البعد عن الفكرة، مؤكدة أن القوانين أصبحت تسهل كل شيء بينما المجتمع يُعسف كل شيء.