قام قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بإلقاء عظة شخص تحدث فيها عن ثلاث جوانب هامة في زيارة العائلة المقدسة في أرض مصر هم :
– الجانب التاريخي
– الجانب الجغرافى
– الجانب الروحي
وذلك خلال ترأسه لصلاة قداس عيد دخول العائلة المقدسة أرض مصر بكنيسة الشهيدين العظيمين سرجيوس وواخس “أبى سرجة” بمصر القديمة.
وبدأ قداسته العظة قائلاً:
نحتفل اليوم بأحد الأعياد السيدية الثابت تاريخها في ٢٤ بشنس هو “تذكار دخول العائلة المقدسة أرض مصر” هو احتفال قديم نحتفل به لأن على هذه الأرض ولدت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وهي واحدة من أقدم كنائس العالم فكرسي الإسكندرية هو أحد الكراسي الرسولية الأولى في تأسيس المسيحية عبر العالم كله بعد أورشليم جاءت الإسكندرية وأنطاكية وروما ثم القسطنطينية وفي التاريخ المصري المسيحي نحتفل بهذا الاحتفال الذي له جوانب كثيرة منها “الجانب التاريخي – الجانب الجغرافي – الجانب الروحي” أحدثكم عن هذه الجوانب الثلاثة:
– الجانب التاريخي لهذا العيد:
هذا الحدث وقع بين نقطتين هامتين في التاريخ: النقطة الأولى كانت قبل الحدث بحوالي ٧٠٠عام وهي في نبوءة أشعياء النبي في إصحاح ١٩ حين قال “مبارك شعب مصر” كما قال أيضاً “في” في ذلك اليوم يكون مذبح للرب في وسط أرض مصر وعمود عند تخومها” .
* المذبح الذي تأسس في وسط أرض مصر: هو الذي صار فيما بعد دير السيدة العذراء مريم الشهير بالمحرق بأسيوط
* وعمود عند تخومها : هو القديس مارمرقس الرسول “كاروز الديار المصرية” لأننا نطلق على الأباء الرُ سل أنهم “أعمدة الكنيسة”
الجانب الجغرافي في هذه الرحلة أو هذا الهروب لم يكن في مكان واحد دخلت العائلة المقدسة من الحدود الشرقية منه هي رفح والعريش ثم الفارما ثم الدخول لمنطقة الدلتا ثم فرع رشيد في وسط الدلتا ثم وادي النطرون إلى منطقة مصر القديمة التي نحن فيها الآن وامتدادا للمعادي ثم لمناطق القاهرة ثم إلى الصعيد و ذلك في بلاد كثيرة “سواء بري أو بحري” حتى وصلوا الى دير المحرق بجبل قسقام وظلت هناك 6 أشهر و كان الطفل ينمو على أرض مصر ثلاث سنوات يجول فيها وكأنه يبارك المدن والطرق والزرع والمياه والأنهار والهواء وكأنه أراد أن يشمل مصر ببركة خاصة، نحن نحتفل بهذا العيد من القرن الأول الميلادي، وذلك العيد رتبه الآباء من القرون الأولى وإن كان في الزمن الأخير بدأت مصر بأجهزتها أن تهتم مهتم بالمسار وايه هذا المسار شيء يميز مصر كبلاد كوطن وحضاره، وحينما زارت القديسة هيلانه هذه المناطق بنيت كنائس ومواضع مقدسة في محطات الرحلة واليوم ونحن في القرن الواحد والعشرين يقدم هذا المسار عند ونبك لأجهزتها و بقيادة الرئيس وكل السادة الوزراء بإظهار هذا العمل وهذا التاريخ وهذه الصفحه التاريخية التي تميزنا وتقدم مصر نفسها من خلال مسار العائلة المقدسة.
وكما نعلم أن الله هو ضابط التاريخ وكل ما يحدث في التاريخ هو من خلال ترتيب الله لأنه هو ضابط الكل.
– الجانب الجغرافي:
هذا الحدث هو هروب من وجه الشر هو هروب من وجه هيرودس العنيف الذي قرر في غضب أن يقتل كل الاطفال الذين التي كانت أعمارهم سنتين فما دون. لكي يقتل من بينهم الملك المنتظر “ملك إسرائيل” الذي هو شخص ربنا يسوع المسيح، وكان السيد المسيح يستطيع أن يواجه هذا الشر وكان السيد المسيح يستطيع وهو في مكانه ولكن كتاب قدم لنا هذا الحدث والكنيسة احتفلت به لكي تعلم الإنسان مبدأ من المبادئ الروحية وهو الهروب اهرب لحياتك.
* أهرب من الشر وأصحاب الشر: يوجد أشخاص سمحت لنفوسهم أن يكونوا أشرارا “أهرب لحياتك”
هذا مبدأ من المبادئ الروحية وهو الهروب “اهرب لحياتك” ونحن نقرأ في صلاة الشكر ونقول ” كل حسد كل تجربة كل فعل الشيطان قيام الخفيين والظاهرين انزعها عنا”
الهروب من الشر حكمه والهروب هنا اختيار مهم جدًا للإنسان “اهرب من الشر الظاهر وغير الظاهر اهرب من الناس التى تميل إلى عمل الشرور المتعددة. ولا تقف قدام الشر لكى لا تكون خسران في النهاية وهذا ما فعله السيد المسيح والقديس يوسف النجار أن يأخذ العائله المقدسه “خذ الصبي وامه واهرب إلى مصر” .
* اهرب من الخطية بكل اشكالها:
إن الخطية تتسلل إلى الإنسان دون أن يدري، يمكن أن يكون الإنسان سائرًا في مخافة الله والخطية تتسلل إليه، أخطر خطية تصيب الإنسان السائر في طريق الله هي خطية الذات التي تشعر الإنسان أنه الأفضل، وهذه هي الخطية التي أوقعت هيرودس حيث كان يظن أنه لن يموت، اهرب أيها الحبيب من الخطية، الخطايا الذاتية أخطر أنواع الخطايا، لذلك من ترتيبات الكنيسة أنها جعلت سر التوبة والاعتراف ليضبط البوصلة الروحية للإنسان، الخطية تجعل الإنسان يبعد عن مساره الروحي ثم تطرحه خارجًا، والخطية كل قتلاها أقوياء، دائمًا تشغلنا الخطايا الكبيرة لكن الأصعب هي الخطايا الصغيرة، لأن الخطايا الصغيرة تربط الإنسان بخطايا أكبر “لَهُمْ صُورَةُ التَّقْوَى، وَلكِنَّهُمْ مُنْكِرُونَ قُوَّتَهَا.” (٢ تي ٣: ٥). لذلك اهرب من الشر كما فعل السيد المسيح واهرب من الخطية بكل صورها، ومن التعاليم الديرية “ليس أفضل بالإنسان من أن يرجع بالملامة على نفسه في كل شيء” بداية التوبة أن يلوم الإنسان نفسه ويعيش حياة جديدة لأن التوبة هي تغيير المسار، اهرب من الشر والخطية.
* اهرب من الغضب:
“لو أقام الغضوب إنسانًا ميتًا فليس مقبولًا أمام الله” غضب هيرودس جعله يقتل كل الأطفال، الغضب أعماه عن نتائج هذا الشر، اهرب من الغضب، الغضب فعل إنساني يمكن أن يوقع بالإنسان في أشياء لا يمكن إصلاحها، أقنع نفسك أن الغضب لا يصنع حلًا ولا يقدم إجابة وعندما تكلم السيد المسيح كنز الفضائل قال: “تَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ.” (مت ١١: ٢٩). ليكن الإنسان بطيئًا في الغضب… انتبه لحياتك، علم نفسك أن تخرج من الغضب والانفعال.
الخلاصة يا إخوتي ونحن نحتفل بفرح هذا العيد ونحن في أيام الخمسين المقدسة…
نذكره تاريخيًّا ونشكر الله على هذه النعمة الكبيرة.
نذكره جغرافيًّا ونشكر الله أننا في بلادنا وأننا في أرض مصر.
نذكره روحيًّا في حياتنا اليومية.
الله اختصنا وأعطانا هذه النعمة أن يتم هذا الحدث على أرض بلادنا ونعيشه ونفرح به ونحن اليوم موجودون في محطة من محطاته الهامة هذا يجعل الإنسان يفكر في مقدار النعمة الكبيرة التي يعطيها الله لنا، نحن اليوم فرحين في هذه الكنيسة المقدسة وهذه المنطقة بكل أديرتها المقدسة والآباء الأساقفة والآباء المطارنة والآباء الكهنة والأمهات الراهبات ووجودنا في هذا المكان وفي هذا العيد مع نيافة الأنبا يوليوس كلنا نفرح، وهذا العيد ثابت ويكون في وسط السنة ويكون سبب فرح ونعمة وبركة لنا كلنا، ويجب أن نذكره من سنة إلى سنة وأن بلادنا تشرفت بهذه النعم العظيم وبوجود السيد المسيح وأمه والقديس يوسف النجار على أرضها، ومن هذا الحدث الجميل حياتنا تتهلل وتفرح بلادنا وأرضنا بوجود المسيح في بلادنا، بلا شك هي بركات متفاضلة في حياتنا كلنا، يباركنا مسيحنا بكل بركة روحية ويعطينا أن نفرح على الدوام.
لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد. آمين.
جدير بالذكر أنه يشارك في الصلاة لفيف من الآباء المطارنة والأساقفة منهم:
– الأنبا مرقس مطران شبرا الخيمة
– الأنبا دانيال سكرتير المجمع المقدس وأسقف المعادي
– الأنبا يوليوس أسقف مصر القديمة
– الأنبا ديمتريوس أسقف ملوى وانصنا
– الأنبا اكلمندس أسقف الهجانة وألماظة
– الأنبا رافائيل أسقف عام كنائس وسط القاهرة
– الانبا ميخائيل أسقف حدائق القبة والوايلى ومنشية الصدر