صدر مؤخرًا عن دار “روافد مصرية”، رواية إمام المرج للكاتب الصحفي تامر صلاح الدين. تعتبر رواية “إمام المرج”، رواية متعددة الأبطال، الذي يلعب كل منهم دورًا موازيًا، أثناء صراع المقارنات والمقاربات في عقل البطل الراوي، الذي يجسده في الحبكة الروائية صحفي سكندري، اختار المؤلف اسمه بعناية،
فأطلق عليه نضال عبد الواحد، وهو الذي يتتبع خيوط الشخصيات في حاضرها وماضيها، وصولًا تارة إلى عهود الاحتلال، وما قدمه المصريون من فداء لتحرير وطنهم، خاصة صعاليك القاهرة وفتواتها، كما يرسم صورة ساخرة للمحتل، الذي جسده حضور طيف نابليون بونابرت في أحد فصول الرواية؛ ليكشف أمام أطياف أخرى مغزى خطط احتلاله للشرق وأهدافه منها.
كما تدور أحداث الرواية بين دلتا مصر ووجهها البحري، وعاصمتيها القاهرة والإسكندرية، في تشريح دقيق وممتع لخصائص البشر وكفاحهم، لا فرق بين راقصة أو رجل شهير. كما يمر الراوي بعدد من الأحلام التي يفسرها بطريقة شيقة، قد تبهر القارئ ليعيد تصورها في عقله مرات عديدة.
الرواية من القطع المتوسط، وتقع في أكثر من 570 صفحة، أما الغلاف فهو لوحة مملوك باي التي رسمها المستشرق الإنجليزي فريدريك لويس، التي تم اختيارها لأناقة الأمير المملوكي وسيفه المعبر عن القوة في براح الصحراء، دلالة على سخرية كل من القدر والمصريين والفرنسيين من تخلف وسائل الدفاع عن مصر قبل عصر محمد علي.
ومع ذلك يظل “إمام”، هو البطل الرئيس الذي يدور حوله محتوى القصة الرئيسية، وبسببه يتتبع نضال ماضيه وتاريخ أسرته التي قيل إنها وفدت إلى مصر مع بداية عهد محمد علي، وكيف بنت هذه الأسرة ثرواتها، في أحد المروج الخصبة في الدلتا، وإلى أي مدى نجح أبناؤها في إدارة صراعاتهم، حتى مع اغتيال أحد كبارهم ذات صباح، بسبب خلاف سياسي، وتكشف الرواية سر نجاح إمام النيلي وازدهار تجارته ومصانعه، وعلاقته بأحد رؤساء وزراء مصر في عهد مبارك، ومدى تعلقه بالحياة وبالأمل ليجتاز مرضًا عضالًا أنقذه منه مصرع شاب أمريكي ذات صباح مشمس، وعلاقة هذا المرض بالفقر والفقراء وكيف يداوون أنفسهم بالطرق الرسمية وغير الرسمية.
أخيرًا ثمة خيط واحد يربط أكثر من 40 شخصية في متوالية الظهور والإخفاء، اللذين ربطهما المؤلف بالمكان والزمان والألم والفرح، والريف والحضر، كما يربط هذا الخيط ويقارن في آنٍ واحد بين مصر في عهود مختلفة، وبينها وبين عدد من دول المنطقة، وكذلك كل من أوروبا والولايات المتحدة، كل ذلك بحثًا عن إجابة سؤال واحد، يطرحه أكثر من بطل في الفصل الأخير من الكتاب